من الحاجات اللي لفتت انتباه العبد لله
ان كتير منا نحن معشر المسلمين مُبتلى بحب الاستماع الى الموسيقى
مع ان أهل العلم اتفقوا على تحريم الموسيقى بالإجماع .. ولم يشذ عن هذا الإجماع سوى المبتدعون
وتلاقي ناس محترمين وملتزمين ومحافظين على الصلاة ومواظبين على قراءة القرآن .. ومع ذلك لديهم حب للموسيقى
زي العبد لله مثلا
قعدت أفكّر شوية .. لقيت ان الموضوع يلزمه فكّ اشتباك وتوضيح
مبدئيا , من الحاجات اللي بتعمل لبس في موضوع الموسيقى انها نشأت تاريخيا وانسانيا في ظروف وملابسات حامت كلها حول الترفيه واللهو والمجون والعبث , فجاء كلام العلماء كله منصبا على هذا النوع من الموسيقى , وبنى العلماء تحريمهم لها على أساس انها تؤدي الى الفحشاء والمنكر وده طبعا كان صحيح في زمنهم ولا زال صحيح اليوم في بعض انواع الموسيقى . وبناء على هذا التطابق بين نوع الموسيقى وحجة التحريم , لم تنشأ عن فتاوى العلماء وقتها اية مشاكل فقهية او استنكارات جماهيرية لأن عوام الناس كان غير منشغل بالمجون واللهو وكان الناس يصفون اصحاب المعازف بالزنادقة وبصفات تحطّ من النخوة والرجولة وتلصق بهم كل اشكال المعايب والنقائص .
طب فين المشكلة ؟؟
المشكلة ان في العصر الحديث ظهرت انواع جديدة من الموسيقى لا علاقة لها بالمجون واللهو , زي السيمفونيات والموسيقى الكلاسيكية .. وطبعا موسيقى الأفلام . وأصبح للموسيقى أشكال أخرى غير العبث الرخيص , حيث تجاوزت ذلك الى مناطق اخرى كتهدئة الأعصاب وتصفية الذهن وضبط الحالة النفسية ... أو ... رفع الحالة المعنوية وتنشيط الجسم وتحفيز العضلات وزيادة الحماس مثلا في الرياضة .
ده دفع بعض الناس لإعادة النظر في مسألة الموسيقى على اعتبار ان هناك انواع من الموسيقى لا يشملها التحريم حيث انه لا تعتريها نقائص الأنواع الاخرى من الموسيقى اللي حرّمها الشرع .
لما اعدت النظر في المسألة , اكتشفت ان فعلا كل انواع المعازف وكل أشكال الموسيقى حرام , لكن مش عشان المجون واللهو .. وانما للتشابه الكبير بين الموسيقى وبين المخدرات . ايوة المخدرات
زي ما انتم عارفين , المخدرات بتشمل انواع كتير جدا بعضها معمول خصيصا للمتعة الرخيصة , وبعضها معمول انك تشرب جزء صغير جدا يدفيك في الشتا ولا يؤثر على وعيك اطلاقا , ده غير بعض الانواع التي تستخدم كمقبلات وفواتح للشهية واخرى تستخدم للطبخ وتسوية الطعام ... ومع ذلك كلها حرام وفقا للقاعدة الفقهية ( ما أسكر كثيره فقليله حرام ) .
ولو انتقلنا من المخدرات ككحول الى المخدرات كعقاقير , هنلاقي ان العقاقير والكيميائيات مش كلها حشيش او بانجو او هيرويين . وإنما هناك منشطات يتعاطها الناس بغرض رفع الكفاءة البدنية وزيادة النشاط وتحفيز الجسم . فضلا عن انواع اخرى يتعاطها آخرون لأغراض جنسية , واخرى لتهدئة الأعصاب وضبط الحالة النفسية . وان ضرر العقاقير وتحريمها مش نابع فقط من تغييبها للعقل , لكنه مُنسحب ايضا على ضررها كمُدخل صناعي على الجسم يستبدل مكوناته الطبيعية ويُتلف قدرته على الافراز المنتظم لهرمونات وانزيمات عديدة خاصة بالسعادة والنشاط والانتباه واليقظة والنوم والغضب والسرور والحزن ... الخ
أي حد معتاد على السماع للموسيقى المحفزة او المنشطة او المهدئة للأعصاب .. هيلاقي جزء من اللي انا بقول عليه ده , فهو أصبح معتاد عليها في ضبط انفعالاته وتنظيم حالته النفسية . هو عاجز عن ممارسة الرياضة بالصورة المُثلى وبالأداء الـ ultimate بدون موسيقى قوية, وهو عاجز عن الاسترخاء والهدوء بدون موسيقى كلاسيكية , وهو عاجر عن الاتزان نفسيا وروحيا بالشكل المطلوب بدون موسيقى مُلهمة او رومانسية . يعني باختصار فيه تشابه كبير بينها وبين المنشطات . وكونك بعيد عن الانواع الرخيصة من المخدرات ( الموسيقى الهايفة او الخليعة ) لا يجعلك في مأمن شرعا , لأنك بتتعاطى نوع آخر من العقاقير هو المنشطات ( الموسيقى الراقية بأنواعها :- كلاسيكية - رومانسية - epic ).
ده فضلا عن تأثير هذا النوع من العقاقير الروحية على ما يفرزه الجسم أصلا من هرمونات عند سماع ايقاع آيات القرآن . فلو تأملتم حضراتكم في كتب السيرة والأثر هتلاقوا ان بعض كبار العرب كمتخصصين في اللغة والشعر كانوا بيُسلموا بمجرد استماع القرآن الكريم , لما فيه من ايقاع لغوي خاص يحتاج الى روح سليمة الإفراز لم تُفسدها اي عقاقير روحية اخرى من اي نوع . اي ان لإيقاع القرآن ولغته وقع خاص في النفس السوية السليمة المحتفظة بكامل وعيها الروحي . الى حد ان بعض زعماء قريش كان بيمنع عبد الله بن مسعود من مجرد تلاوة القرآن في مكة ( من قوة الايقاع ) الى حد انه رضي الله عنه اضطر الى الصعود الى شجرة وقراءة القرآن هربا منهم .
الخلاصة
انا بدعو جميع المسلمين ( واولهم نفسي ) بالتوقف عن تعاطي المنشطات الروحية ( الموسيقى ) بأنواعها , وان نستغل شهر رمضان المبارك في الاقلاع عنها . خصوصا وانا عارف ان فيه اعضاء كتير كويسين لكن عندهم المشكلة دي . واخص بالذكر اخونا Nazeeh لأنه باين عليه غاوي زي حالاتي
والسلام ختام