بعيداً عن المجاملات المتبادلة بين الشعب المصري والجيش المصري وترحيب كل منهما بالآخر بالكلمات المعسولة والمنمقة، يرى خبراء الجيوش الحقائق على أرض الواقع مختلفة تماماً ويؤكدون ان الجيش المصري ديناصور مرعب يمتد نفوذه بشكل قوى داخل ميادين السياسة والمؤسسات الإقتصادية الهامة في مصر.
بينما يعلق المصريون آمالا كبيرة على أن تدفع المؤسسة العسكرية بعجلة الإصلاح الديمقراطي في البلاد. لكن الخبير الألماني “توماس ديمل هوبر” يرى حسبما نشر موقع “ديوتشه فيلا” أن المؤسسة العسكرية المصرية تسعى إلى الحفاظ على امتيازاتها المادية والاقتصادية وإن أي تغيير في اتجاه الديموقراطية قد يشكل تهديدا لمصالحها.
بشكل عملي كانت المؤسسة العسكرية هي التي تحكم مصر منذ ثورة يوليو 1952 بثلاثة رؤساء هم الحقيقة كانوا ضباط في الجيش وهم جمال عبد الناصر وأنور السادات وحسني مبارك واستطاعت في اكثر من نصف قرن أن تصبح مملكة قوية تسيطر على السياسة والأقتصاد في مصر.
وبعد بيانات المجلس العسكري المتتابعة والتي أكد فيها الجيش المصري أنه سوف يحمي ويساعد في ترسيخ الحكم المدني وكأن هناك عصر جديد للحكم الديمقراطي لا يعتقد من لديهم بعد نظر في السياسة أن الجيش سوف يتخلى عن دوره السياسي والإقتصادي ويتفرغ لدوره في الدفاع عن الوطن وهو الدور التقليدي للجيوش عادة.
وهذا مايراه الخبير الألماني توماس ديمل وبر (أستاذ خبير في شؤون الشرق الأوسط في جامعة إرلانجن الألمانية) في حوار لدويشته فيله حيث قال: “إنه بخلاف الآمال التي يعقدها كثير من المصريين على دور المؤسسة العسكرية في تحقيق الإصلاحات السياسية والدستورية، ستُغلب هذه المؤسسة مصالحها وامتيازاتها حتى بعد الثورة التي أطاحت بالرئيس حسني مبارك”.
اكثر من خبير عسكري غربي من ألمانيا توماس ديمل وبر والبروفسير “روبيرت سبرينجبورج” من الولايات المتحدة والخبير “نوسباومر” من النمسا أكدوا هذه الحقيقة ألا وهي “إستبعاد تخلي الجيش المصري عن الإمتيازات الإقتصادية التي اكتسبها خلال نصف قرن حتى بعد حقبة الرئيس حسني مبارك”
الجيش المصري الذي يجب ان ينحصر دوره في حماية حدود مصر من الأخطار الخارجية من الدرجة الأولى وحماية النظام السياسي الديمقراطي من الدرجة الثانية في الحقيقة خرج عن دوره وأصبح “دولة داخل الدولة” فهو يمتلك حوالي نصف مليون جندي ولديه إمكانيات عظيمة ويمتلك مزارع خاصة ومصانع في مختلف القطاعات الإقتصادية في مجالات الغزل والنسيج والملابس وقطاع التغذية وصناعة السيارات وشركات الخدمات وشركات البنية التحتية ومنها بناء الجسور وهي كلها تخضع لإدارة عسكرية كاملة ويعمل بها بعض العسكريين المجندين.
الجيش المصري زادت سطوته على المجال الإقتصادي خاصة بعد معاهدة كامب ديفيد للسلام مع إسرائيل وتقع تحت سطوته قطاعات إقتصادية تمثل اكثر من 25 في المائة من الإقتصاد المصري.
ذراع الجيش المصرية إمتدت أيضاً للسياحة حيث ان المؤسسة العسكرية المصرية يمتد نشاطها إلى مجال السياسحة وكثيرمن المناطق السياحية الواقعة على البحر الأحمر تولت إلى قطاع إقتصادي للجيش يتربح منها بعد أن كانت مناطق عسكرية مغلقة.
الاكثر فساداً في مؤسسة الجيش أن عدد كبير من الضباط المتقاعدين أسسوا شركات كبرى وأصبحوا من أكبر رجال الأعمال وأرباب العمل في مصر ، وكبار الضباط الذين في الخدمة يتقاسمون الثروة فيما بينهم بينما القاعدة السفلى من الهرم العسكري مستبعدة من هذه الأرباح ومن هذه الثروة
ثروة الجيش المصر وميزانيته لا تخضع أبدا لأي نوع من مراقبة الميزانية سواء من وزارة المالية أو مجلس الشعب أو أي جهة رقابة ولذلك لا يعرف أحد بالتحديد حقيقة ميزانية هذا القطاع وحقيقة ثرواته وأرباحه.
وكلنا نعلم أن السادة الذين يمثلون المجلس العسكري الأعلى ويصدرون البيانات للشعب لم يكونوا ابداً من الديموقراطيين او الإصلاحيين فهم رجال عسكريين يحكمهم الاسلوب العسكري الابوي الذي لا يعترف بأي حق من حقوق الديموقراطية والأساس في الجيش “نفذ الأمر وبعد كده أتظلم”.
إن قيام الجيش بإرساء أسس الديموقراطية في مصر يمثل خطراً على مصالح الجيش وإمتيازاته ، فهل سيقوم الجيش بخطوات تعرض إمتيازاته المادية والثروات التي تحت سيطرته إلى التساؤلات والحسابات؟
المصدر