الإخــــوان ....... والسلطة هي الحل !
بقلم الكاتب الصحفي / محمود عبدالله الباز
أثار خبر إعلان جماعة الإخوان المسلمين ترشيح المهندس خيرت الشاطر نائب المرشد العام للجماعة لخوض إنتخابات الرئاسة ضجة في الشارع المصري، وتوالت ردود الأفعال الغاضبة من كافة الأوساط السياسية المصرية إنتقادا لهذا القرار الذي فاجأ الكثيرين وخلق حالة من الإرتباك الشديد علي المشهد السياسي في مصر، ويعود ذلك إلي (حالة فقدان الثقة ) مابين القوي السياسية المختلفة في مصر سواء ما بين الأحزاب ذات المرجعية الأسلامية من ناحية والأحزاب المدنية من ناحية أخري والشارع الذي بات مشاركاً وبقوة في كل ما يحدث ، ويتفاعل معه
. فالبرغم من تأكيد الجماعة أكثرمن مره علي لسان المرشد العام والمهندس خيرت الشاطر نفسه بعدم دفعهم بمرشح لخوض الإنتخابات الرئاسية من الإخوان وقيامهم بفصل الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح عضو مجلس شوري الجماعة السابق من عضوية الجماعة عندما أعلن نيته خوضه الإنتخابات الرئاسية وخروجه عن قرار الجماعة وقال حينها المرشد العام للجماعة (( لم يكن سهل علي الإخوان وعليّ شخصياً إتخاذ مثل هذا القراروقلت للإخوان يومها إنني كمن يقطع أصابعه ، لكن قطع أصابعي أهون عندي من نقض العهد مع الله)) . وأكد عصام العريان ، نائب رئيس حزب الحرية والعدالة في أغسطس2011 في تصريحات صحفية أن الإخوان غير طامعين في الرئاسة ولا الحكومة ! ورغم إعتراض الكثيرمن أعضاء شوري الجماعة علي هذا القرار إلا أن الجماعة أكدت تمسكها بترشيح الشاطر وأبدي شباب الإخوان أيضا إعتراضهم علي ذلك , فقالوا ـ علي لسان أسامة عبدالهادي إن ترشيح الشاطر ظلم للإخوان والوطن, لأنه لا يعقل أن يتحمل فصيل واحد مسئولية الوطن كاملة في مثل تلك الظروف, وتري الجماعة أن تراكم مجموعة من الاحداث هي التي دفعت الجماعة لتقديم مصلحة مصرالعليا على مصالح الجماعة !! وتحقيق أهداف الثورة وأن الجماعة هي أحرص الناس علي أمن وإستقرار مصر والحفاظ علي مؤسسات الدولة !
فلماذا تراجع الإخوان عن هذا الإلتزام الذي أصاب مصداقية الجماعة بضرر شديد في الشارع المصري ؟ ومغامرة الجماعة بمستقبلها وتاريخها السياسي وإهتزازتماسكها من الداخل بعد الإنشقاقات المحدودة التي شهدتها الجماعة في الأونة الأخيره وعلي رأسهم د الهلباوي ود حبيب قبل ذلك ! فهل غاب الوعي السياسي في هذا القرار ؟ أم أنها صفقة توافقية محسومة مع المجلس العسكري ؟ أم الإستحواذ علي رأس السلطة التنفيذية هي الحل كما قال د حلمي الجزار عضومجلس شوري الجماعة ؟
ولا يستطيع أحد أن ينكر أن جماعة الإخوان طرفاً مباشراً وقوياً في العملية السياسية ومن حقهم القانوني والسياسي أن يقدموا مرشحاً للرئاسة ولكن هذا ليس معناه أن الجماعة قادرة بمفردها علي حكم دولة كبري في كيان مصر وأن تستحوذ علي كافة سلطاتها ومؤسساتها التشريعية والتنفيذية ومنظامتها المدنية والإستقواء علي كافة القوي السياسية الأخري بحجة أنهم أصحاب الأغلبية البرلمانية فهل توهموا أن ذلك سيتيح لهم إصلاح حال مؤسسات الدولة وقطاعاتها وأنهم قادرين علي وضع أسس بناء الدولة بمفردهم !
فلقد تحققت هذه الأغلبية البرلمانية لهم بأصوات الملايين من أبناء الشعب المصري الذين قرروا لأول مره وبكل حرية وديمقراطية إنتخاب أعضاء البرلمان لكي يكونوا قادرين علي تحقيق أمالهم وواضعين حد لآلامهمالتي عانوا منها علي مدار 30 عاماً علي يد الحزب الوطني المنحل الذي إستأثربحكم مصر منفرداً و مارسوا حينها كافة أنواع العزل السياسي لكل الأحزاب والقوي السياسية بحجة أنهم الأغلبية ! ولكنها كانت ديكتاتورية الحزب الواحد في صنع القرارمن أجل مصالحهم الشخصية وفسادهم السياسي ، فالمواطن العادي يريد أن تتحقق المصالح العليا لمصر وللشعب بأكمله وليس مصلحة حزب أو جماعة ما وهذه الملايين من الشعب قادره أيضا علي تغيير موقفها والتعبير عن رأيها ثانية بعد أن فقدوا المصداقية فيمن وثقوا بهم نتيجة لمواقفهم وأرائهم المتغيرة بين الحين والأخر من أجل إرضاء وإستمالة كفة الحكم والسلطة لصالحهم والإستحواذ علي كل شيء وبدا ذلك مؤكدا للجميع عندإختيارهم لأعضاء الجمعية التأسيسية للدستورمن الأغلبية البرلمانية وأصبح الإستعداء السياسي للإخوان هو سمة الأساسية للمرحلة الحالية وربما المقبلة وهذا لا يمنع أن نتهم القوي الليبرالية والسياسية ، التي تنادي بالمدنية والديمقراطية أنها أساءت التخطيط لهذه المرحلة العصيبة التي تمر بها مصر وبدلاً من أن يشغلوا أنفسهم بالعمل الجاد والتوافق الوطني بين القوي الشعبية إستخدموا منابر الأعلام للتعبيرعن أرائهم كما يقولون( بكل شفافية) وأصبحوا قوي أقوال لا أفعال !! لا تحرك ساكناً وحجزوا مقعدهم في قوائم المتفرجين للبكي والحسره والإستعطاف علي حال الثورة ومسارها وتركوا الملعب للاعبيه ،وشغل الثوار أنفسهم وأنهمكوا في عمل إئتلافات وحركات وحملات وتفتت الجمع وإنخفض صوت الثوارالحقيقيون بين الأصوات الصاخبة وإنسحب الجميع من كل شيء ولم يتبقي شيء غير أن يختار الشعب بإراداته إن إستطاع يوماً الإختيار!
[email protected]