من قصة الإعداد الطويل لتأميم قناة السويس - منتديات المطاريد
بسم الله الرحمن الرحيم
وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَٰهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَٰهٌ ۚ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ (84) وَتَبَارَكَ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَعِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (85) "الزخرف"

منتديات المطاريد | الهجرة الى كندا | الهجرة الى استراليا

 


DeenOnDemand


BBC NEWS

    آخر 10 مشاركات

    Arabic Discussion Forum with a Special Interest in Travel and Immigration

    Immigration to Canada, Australia, and New Zealand

    Egypt and Middle East Politics, History and Economy

    Jobs in Saudi Arabia, USA, Canada, Australia, and New Zealand

    العودة   منتديات المطاريد > تاريخ مصر والعالم > تاريخ مصر > تاريخ مصر الحديث > شهود على العصر

    شهود على العصر

    من قصة الإعداد الطويل لتأميم قناة السويس


    الهجرة إلى كندا والولايات المتحدة واستراليا

    مواقع هامة وإعلانات نصية

    إضافة رد
     
    أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
    قديم 2nd December 2020, 06:07 AM د. يحي الشاعر غير متواجد حالياً
      رقم المشاركة : 1
    شاهد على العصر
     






    د. يحي الشاعر has a reputation beyond reputeد. يحي الشاعر has a reputation beyond reputeد. يحي الشاعر has a reputation beyond reputeد. يحي الشاعر has a reputation beyond reputeد. يحي الشاعر has a reputation beyond reputeد. يحي الشاعر has a reputation beyond reputeد. يحي الشاعر has a reputation beyond reputeد. يحي الشاعر has a reputation beyond reputeد. يحي الشاعر has a reputation beyond reputeد. يحي الشاعر has a reputation beyond reputeد. يحي الشاعر has a reputation beyond repute

    افتراضي من قصة الإعداد الطويل لتأميم قناة السويس

    أنا : د. يحي الشاعر




    من قصة الإعداد الطويل لتأميم قناة السويس



    فى أوائل سنة 1953 كلف مجلس قيادة الثورة الدكتور مصطفى الحفناوى رسميا بإنشاء مكتب لشئون قناة السويس يكون تابعا لرئاسة الوزراء، وقد أوضح التكليف أن مهمة المكتب هى إعداد دراسات قانونية هدفها -تصفية شركة قناة السويس- كما يقول الدكتور الحفناوى فى مذكراته. وقد طلب السيد مجدى حسنين، الذى نقل هذا التكليف إلى الدكتور الحفناوي، أن يكون مقر المكتب إما رئاسة مجلس الوزراء أو مبنى مجلس الشيوخ.

    شرع الدكتور الحفناوى فى إنشاء المكتب فى مبنى مجلس الشيوخ وكان أول عمل له هو الطلب من رئاسة الوزراء أن تأمر بوضع محفوظات قصر عابدين الخاصة بقناة السويس بما فيها الأوراق التى خلفها الخديو إسماعيل باللغة التركية لترجمتها رسميا، وذلك توطئة لإنشاء دار محفوظات رسمية خاصة بقناة السويس، وقد استجابت رئاسة مجلس الوزراء لطلب الدكتور الحفناوي، طلبت من المهندس محمود يونس، الذى كان يعمل آنذاك حارسا على القصور الملكية ومستشارا فنيا بمجلس الوزراء، أن ينفذ هذا الطلب وقد تولى مكتب مندوب الحكومة لدى شركة قناة السويس الأمر فيما بعد.

    بيد أن الدكتور الحفناوى لم يتابع مهام المكتب المذكور، ويبدو أن عبدالناصر قد قرر، كجزء من عملية الخداع التكتيكى للشركة، التضحية بمكتب شئون قناة السويس وبعلاقته بالدكتور الحفناوى مؤقتا، لأنه كان معروفا بأنه العدو الأول للشركة فى مصر.

    فالدكتور الحفناوى كان يقود بجانب رئاسته لمكتب قناة السويس حركة دعائية واسعة ضد شركة قناة السويس، وأنشأ جريدة خاصة للدعاية ضد الشركة. وقد بلغت قوة الحملة أن كافري، السفير الأمريكى فى القاهرة، اتصل بالمسئولين بالحكومة المصرية ليشكو من الحركة الدعائية التى يقودها الدكتور الحفناوي، وليؤكد أن هذه الحركة تهدد رؤوس الأموال الأجنبية فى مصر، ويطلب باسم حكومته، وضع حد لتلك الحملة. كذلك اتصل شارل رو رئيس مجلس إدارة شركة قناة السويس بالمسئولين، وطلب إنهاء نشاط الدكتور الحفناوي.

    يبدو أن خطة عبدالناصر فى التضحية بعلاقته بالدكتور الحفناوى من أجل خداع الشركة نجحت.
    فبعد التأميم تبين من وثائق الشركة أن أحد مخبريها قد أخطرها أن الحكومة المصرية تجمع الأوراق الخاصة بالشركة من المصالح المختلفة، وأن شيئا ما يجهز ضد الشركة، وقد رد المسئولون بالشركة بأن أية دراسة لن تكون شيئا بجانب الجهود التى بذلها الحفناوي، وأنه قد تم إخماد حركته الدعائية.

    بيد أن عبدالناصر ظل يستشير الدكتور الحفناوى فى شئون شركة قناة السويس ويتلقى منه التقارير بصفة غير دورية، ففى 28 يونيو سنة 1954 قدم الدكتور الحفناوى إلى عبدالناصر تقريرا يتضمن تحليلا لمساعى شركة القناة لمد امتيازها بعد سنة 1968، وأوضح فى التقرير أن الشركة تسعى لتشكيل لجنة دولية تتولى الإشراف على القناة بعد انتهاء الامتياز، واقترح مجموعة من الإجراءات الكفيلة بإحباط مساعى الشركة. ويضيف الدكتور الحفناوى أنه كان يعقد لقاءات شخصية مع عبدالناصر فى منزل عبدالناصر بمنشية البكري. وفى منزل محمود عبداللطيف عبدالجواد المستشار بإدارة قضايا الحكومة آنذاك، فيقول إنه فى يوليو سنة 1955 التقى معه فى منزل محمود عبداللطيف تحت ستار حضور حفل أقامه الأخير تكريما لوالد عبدالناصر بمناسبة عودته من الحج. وأن عبدالناصر قد أوضح له أنه رتب هذا اللقاء لكى يتحدث معه فى موضوع قناة السويس، وأنه قد سأله عمن يمول حملته الدعائية ضد شركة قناة السويس، وأنهى الحديث قائلا -سوف أؤممها سنة1960 إن شاء الله، وحتى هذا التاريخ لا تفعل شيئا. وحينما يجيء الوقت المناسب سنجلس معا ونقوم بواجبنا فى هذا الخصوص- وأضاف عبدالناصر -إنك يا مصطفى يا حفناوى تسبب لنا أزمات-، مشيرا بذلك إلى حملته الدعائية ضد الشركة.

    وعندما شرع عبدالناصر فى اتخاذ قرار تأميم شركة قناة السويس استدعى الدكتور الحفناوى للتشاور حول القرار، ثم عينه عضوا فى أول مجلس إدارة لهيئة قناة السويس فى يوليو سنة 1956، وبعد ذلك عينه عضوا فى وفد المباحثات الذى تكون فى سنة 1958 برئاسة الدكتور عبدالجليل العمرى للتفاوض مع إدارة الشركة حول التعويضات.

    وابتداء من منتصف سنة 1955 كلف عبدالناصر المخابرات الحربية بالحصول على معلومات عن شركة قناة السويس، ففى أغسطس سنة 1955 كلف اللواء طه فتح الدين قائد منطقة القناة وشرق الدلتا، بالحصول على معلومات عن الدخل الحقيقى للشركة. وقد اتضح من تلك المعلومات أن الدخل الحقيقى للشركة يزيد كثيرا على دخلها المعلن.

    فى مايو سنة 1956 طلب عبدالناصر من الصاغ فؤاد هلال، قائد مخابرات القناة آنذاك، إعداد تقرير عن الاحتمالات التى ستنشأ إذا تم تأميم قناة السويس، وفى نفس الشهر طلب من ثروت عكاشة بصفته نائبا لمدير المخابرات العامة آنذاك، إعداد دراسات عن شركة قناة السويس.

    وقد تم تكليف إدارة الأبحاث بوزارة الخارجية بجمع معلومات عن شركة قناة السويس، وعلاقاتها الدولية، وكانت إدارة الأبحاث بإشراف السفير إبراهيم صبرى تعمل بالتنسيق مع مكتب قناة السويس برئاسة مجلس الوزراء، وقد قامت الإدارة بأبحاث سياسية وقانونية عن شركة قناة السويس.

    وكانت وزارة التجارة والصناعة تضم قسما يسمى -مصلحة الشركات-، ويختص هذا القسم بالتعامل مع الشركات المصرية ويتابع أنشطتها. ونظرا لأهمية الشركة العالمية لقناة السويس أنشئ قسم فرعى فى إطار مصلحة الشركات يسمى -إدارة قناة السويس- وكان هذا القسم يتولى متابعة تنفيذ الاتفاقات المعقودة بين الحكومة المصرية والشركة ويقوم بالتفتيش على أنشطتها وكان يرأس هذا القسم برهان سعيد الذى تولى منصب مندوب الحكومة لدى شركة قناة السويس فيما بعد، وقد قام هذا المكتب بالعديد من المهام الرقابية على الشركة، وذلك بالتنسيق مع مكتب مندوب الحكومة، فقد قام بمتابعة اتفاق مصر مع الشركة سنة 1949 بشأن تمصير وظائف الشركة، وأوضح مدى تلاعب الشركة فى تنفيذ الاتفاق، وأعد تقارير عديدة فى هذا الصدد رفعت إلى الأجهزة العليا المختصة.

    وابتداء من أواخر سنة 1954 طلب عبدالناصر من اللواء أنور الشريف مدير عام إدارة التعبئة بالقوات المسلحة جمع معلومات عن شركة قناة السويس، مع التركيز على امكانياتها الفنية ونوعيات العاملين فيها. على أن يكون ذلك تحت إشراف مكتب قناة السويس برئاسة مجلس الوزراء.

    عندما شرعت الإدارة فى جمع المعلومات عن العاملين بالشركة وعن امكانيات ورشها الفنية رفضت الشركة الإدلاء بتلك المعلومات لأنه لا يوجد ما يلزمها. نتيجة لذلك تم إصدار قانون التعبئة سنة 1955 والذى يلزم كل الشركات العاملة فى مصر بإعطاء إدارة التعبئة المعلومات التى تطلبها، وكان الهدف من هذا القانون فى الواقع موجها إلى شركة قناة السويس، كما يقول على صبرى وفيما بعد تم إنشاء جهاز التعبئة العامة والإحصاء تحت ستار تجميع الاحصاءات العامة للدولة لكن محمد فائق يقول إن الهدف الحقيقى منه كان جمع معلومات عن شركة قناة السويس. نتيجة لذلك قامت إدارة التعبئة بجمع معلومات كاملة عن القدرات الفنية لشركة قناة السويس، والعاملين فيها بحيث توفر لدى مكتب قناة السويس بالرئاسة معلومات كاملة عن الورش الفنية للشركة.

    وقد لخصت إدارة التعبئة نتائج أعمالها فى شكل ملف بعنوان -مذكرة عن الشركة العالمية لقناة السويس-، وكانت المذكرة تتكون من 55 صفحة موقعة من اللواء الشريف، وأعدها الصاغ البحرى قاسم سلطان بناء على بيانات مشروع الحصر الصناعى الذى أجرته إدارة التعبئة والمعاينات التى قام بها الضابط المذكور، وقد أوضحت المذكرة أن الهدف من إعدادها هو الاستعداد لتسلم المرفق ومعداته بحالة جيدة وإدارته بكفاءة تامة بواسطة الحكومة. واستعرضت المذكرة كل أقسام الشركة وأماكنها الحساسة، وأوضحت أن الشركة تتجه إلى استهلاك معداتها قبل انتهاء عقد الامتياز سنة 1968 وإلى الإضرار بمصالح مصر عن طريق تخفيض رسوم العبور. وأشارت المذكرة إلى ضرورة التحضير لتسلم المرفق بحالة جيدة، وفى حالة رفض الشركة، فإنه يجب الاستيلاء على المرفق ومعداته وتشغيله بواسطة إدارة مصرية وحددت المذكرة الأماكن المهمة التى يجب أن تتجه الجهود إلى وضع اليد عليها بسرعة.

    ومن الجدير بالذكر أن هذه المذكرة هى التى سلمها عبدالناصر إلى المهندس محمود يونس عندما أخطره فى 24 يوليو بعزمه على تأميم الشركة وكلفه بالتنفيذ، وأن المهندس يونس قد استند إليها إلى حد كبير فى تنفيذ عملية التأميم.

    ابتداء من سنة 1956 بدأت إدارة التعبئة فى نشر نتائج بعض دراساتها فى المجلة الشهرية التى كانت تصدر باسم الهدف فى شكل سلسلة من المقالات ذات عنوان موحد هو -القناة التى نملكها- ففى عدد مايو سنة 1956 مثلا نشرت المجلة مقالا بتوقيع أ. عبدالعاطى والذى تحدث فيه عن التاريخ الاستعمارى لشركة قناة السويس، وأهمية إيراداتها بالنسبة لمصر، كما أشارت إلى تأميم المكسيك لبترولها سنة 1938 فى إشارة ضمنية منه إلى تأميم شركة قناة السويس، وفى عدد يونيو سنة 1956 كتب جمال عسكر مقالا بالعنوان ذاته تحدث فيه عن امتياز الشركة وأصوله التاريخية، وعلاقة مصر بالشركة منذ اتفاقية سنة 1949.

    وبعد التأميم بأيام نشر اللواء أنور الشريف مقالا فى -الهدف- أوضح فيه أن إدارة التعبئة تعرف كل تنظيمات شركة قناة السويس وأوجه مخالفاتها لاتفاقية سنة 1949 ونسبة تمثيل المصريين فى مختلف الوظائف، كذلك تحدث اللواء الشريف إلى مجلة التحرير التى كانت تصدرها إدارة الشئون المعنوية للقوات المسلحة بعد التأميم بقليل موضحا أن إدارة التعبئة قامت بطبع كتب باللغة العربية قبل التأميم عن إشارات وتعليمات الملاحة والحركة، وقد نقلت تلك الإشارات والتعليمات عن آخر النظم والمراجع بالشركة والتى كانت مكتوبة بالفرنسية ومحظور تداولها إلا فى نطاق ضيق بين الفرنسيين.

    وكانت شئون قناة السويس فى الحكومة المصرية تدار تقليديا من وزارة التجارة والصناعة، وذلك من خلال مصلحة الشركات بالوزارة، ومن خلال مكتب مندوب الحكومة لدى شركة قناة السويس، وكان هذا المكتب موجودا منذ تأسيس شركة قناة السويس، وتولاه الأستاذ على الشمسي، والأستاذ محيى الدين عابدين وإلياس أندراوس فى أواخر الأربعينيات وأوائل الخمسينيات.

    وفى أكتوبر سنة 1954 طلب عبدالناصر من الدكتور حلمى بهجت بدوى تطوير مكتب مندوب الحكومة بحيث يتم تطعيمه بكفاءات مختلفة تقوم بدراسة جميع أوضاع شركة قناة السويس، وذلك لكى تكون الحكومة المصرية على علم بجميع شئون الشركة، وقادرة على اتخاذ أى قرار بشأنها، وفى 2 نوفمبر سنة 1955 صدر القرار الخاص بتشكيل مكتب مندوب الحكومة برئاسة الدكتور حلمى بهجت بدوي، والذى أعطى صلاحيات تكوين هيئة المكتب، وقد أعطى المكتب استقلال مالى وإدارى كاملين وأعفى من كل القيود الحكومية على أعماله، كما نقلت تبعيته إلى مجلس الوزراء ونقل مقره إلى مجلس قيادة الثورة بالجزيرة.

    شكل الدكتور حلمى بهجت بدوى المكتب من عدد من الكفاءات القانونية وكان منهم محمد على الغتيت، وبرهان حسين سعيد، ومحمد نبيل دكروري، وعلى محمد جمال الدين، وعلى البيومى وسعد أبوعوف وحسين حامد عوض ومعظمهم جاءوا من مجلس الدولة. هذ بالإضافة إلى بعض الكفاءات القانونية والسياسية والاقتصادية التى قدمت استشارات للمكتب كالدكتور حامد سلطان، والدكتور توفيق شحاتة والدكتور عاطف صدقى والدكتور فؤاد عبدالمنعم رياض والدكتور إبراهيم صقر والسيد أحمد زندو، والسيد فتحى الحفني، وبعد قليل اختير الدكتور حلمى بدوى عضوا فى هيئة تحكيم أرامكو وتفرغ للقضية، فقام الأستاذ محمد على الغتيت برئاسة المكتب نيابة عنه.

    عهد عبدالناصر إلى مكتب مندوب الحكومة بمهمة رسمية وهى إعداد الدراسات القانونية عن شركة قناة السويس، وأوضاعها المالية والتزاماتها الدولية، ولكن المهمة الحقيقية للمكتب كانت دراسة أوضاع الشركة وطبيعة امتيازها استعدادا لاتخاذ قرار بإنهاء الامتياز فى أى وقت. وكان مفهوما أن القرار سيتخذ عقب جلاء القوات البريطانية فى يونيو سنة 1956.

    بناء على ذلك قام المكتب بمجموعة من الأنشطة التفتيشية والبحثية لجمع معلومات عن شركة قناة السويس، فقام بعض أعضائه بالتفتيش على الشركة للوقوف على جميع أنشطتها، وأقسامها، وأسلوب عملها ومدى التزامها باتفاقية سنة 1949 ويقول برهان سعيد الذى شارك فى تلك الأنشطة بوصفه عضوا فى المكتب آنذاك إن الأنشطة التفتيشية كانت تتم بتوجيه من الرئيس عبدالناصر وبالتنسيق معه، وأنه كان يخطر الرئيس بنتائج أنشطته.

    ويضيف برهان سعيد أنه أثناء لقاءاته مع ممثلى الشركة طلبوا منه تحديد أوضاع العاملين الأجانب فى الشركة بعد انتهاء امتيازها، وأن الرئيس عبدالناصر طلب منه ألا يتحدث مع الشركة فى هذا الموضوع.

    كذلك قام المكتب بعمل سجل لكل وثائق الشركة منذ عقد الامتياز الأول حتى سنة 1955 كذلك تمت مراجعة ملفات مصلحة السكك الحديدية المتعلقة بالقناة وترجمتها إلى العربية، وحصر قواعد العلاقة بين الحكومة والشركة فيما يتعلق بالعوائد على الأملاك المدنية ورسوم الحفر، ورسوم البلديات، كذلك تم بحث الوضع القانونى للشركة بالنسبة لأحكام التشريعات الجديدة اللاحقة على اتفاقية سنة 1949 وتصوير الوثائق المحفوظة عن النقد الأجنبى للشركة.

    يعتبر مكتب قناة السويس برئاسة الوزراء من أهم المكاتب التى قامت بالتحضير لقرار التأميم وذلك لأنه أولا كان بمثابة المكتب الرئيسى المنسق لكل أعمال المكاتب الأخري، ولأنه ثانيا كان تابعا مباشرة لعبدالناصر وخاضعا لإشرافه المباشر، ولأنه ثالثا كان يعمل على أساس واضح وهو تأميم شركة قناة السويس بمجرد جلاء القوات البريطانية، ولأنه أخيرا كان مكتبا سريا لا يعلم أحد عنه شيئا، بما فى ذلك معظم أعضاء مجلس قيادة الثورة آنذاك.

    بمجرد توقيع اتفاقية الجلاء فى أكتوبر سنة 1954 اتخذ جمال عبدالناصر قرارا سريا بإنشاء مكتب قناة السويس تابعا لرئاسة مجلس الوزراء وخاضعا لإشرافه المباشر والشخصى وكان الهدف من إنشاء المكتب هو:
    أ- تجميع المعلومات عن شركة قناة السويس بهدف تبين إمكانية تأميم الشركة وإدارتها بكفاءة وتحديد الموعد المتوقع لإمكان اتخاذ مثل هذا القرار.

    • ب- الإشراف على الأجهزة العاملة فى ميدان علاقة مصر بشركة القناة، والتنسيق بين تلك الأجهزة وتوجيهها نحو جمع المعلوات المطلوبة عن الشركة. ومن ثم فقد كان هذا المكتب يشرف على أعمال مكتب مندوب الحكومة، وإدارة الأبحاث بوزارة الخارجية والمخابرات وإدارة التعبئة بالقوات المسلحة.

    • ج- الإشراف غير المباشر على المفاوضات الدائرة مع الشركة.

    كان مكتب قناة السويس يعمل فى سرية كاملة ولا يعلم أحد بوجوده وأهدافه سوى عبدالناصر ومدير مكتبه للشئون السياسية على صبرى الذى كان يشرف على المكتب شخصيا ويحتفظ بدراساته. ولم يكن أعضاء المكتب يعلمون بالهدف من التكليفات التى تطلب منهم عن قناة السويس. ومن أهم الذين عملوا فى المكتب اللواء أنور الشريف مدير التعبئة بالقوات المسلحة انذاك. والمهندس محمود يونس الذى قام بدراسات عن الجوانب الهندسية لأعمال شركة قناة السويس والمسشار محمد فهمى السيد مستشار الرئيس للشئون القانونية.

    كان مكتب قناة السويس مكتبا سريا إلى حد أن معظم أعضاء مجلس قيادة الثورة لم يعرفوا بوجوده، كما أن أعضاء الأجهزة والمكاتب الأخرى لم يكونوا على علم بإشرافه عليهم، وإن كان الأستاذ الغتيت قد ذكر لنا أنه كان يشعر بأن هناك من يتابع أعمال مكتب مندوب الحكومة من رئاسة مجلس الوزراء. كذلك حينما أراد برهان سعيد بصفته مندوبا للحكومة أن يبلغ المسئولين عن بعض استنتاجاته عن أنشطة الشركة وأهمها تعمد الشركة عرقلة تسليم القناة لمصر عند انتهاء الامتياز فإنه قد أحيل إلى جمال سالم باعتبار أنه هو الذى يتولى موضوع قناة السويس فى مجلس قيادة الثورة، وكان ذلك جزءا من محاولة تغطية الجهاز الحقيقى المختص بالموضوع ويقول برهان سعيد إنه قد التقى جمال سالم ونقل إليه معلوماته وأنه قد شعر بأن جمال سالم ليس لديه معلومات كاملة عن الشركة.

    قام مكتب قناة السويس بأنشطة متعددة فى مجال تجميع المعلومات عن الشركة والإعداد لقرار التأميم، وكانت تلك الأنشطة تتم فى سرية كاملة تحت شعار إجراء دراسات عامة عن الامكانات الصناعية والبشرية لمختلف أجهزة الدولة، ومن تلك الأنشطة قيام المهندس محمود يونس بدراسة عن عملية الإرشاد البحرى فى قناة السويس، وقد شملت تلك الدراسة تحديد طبيعة عملية الإرشاد فى قناة السويس، وامكانية تيسير العملية بحيث يمكن استعمال عدد أكبر من المرشدين البحريين المصريين فى عملية الإرشاد والمؤهلات المطلوبة فى المرشد، وعدد المصريين من أعضاء المدرسة البحرية التجارية الذين تتوافر فيهم تلك المؤهلات. وانتهت الدراسة إلى وجود عجز فى عدد المصريين الذين يمكنهم العمل بالإرشاد، ولكن تبين أيضا أن عملية الإرشاد يمكن تيسيرها بتقسيم القناة إلى قطاعات صعبة وأخرى سهلة، وبحيث يمكن توظيف العدد المحدد من المرشدين الأكفاء فى القطاعات الصعبة ثم إرشاد السفن فى القطاعات السهلة بالمرشدين المصريين المبتدئين، وهذا ما تم فى إدارة القناة حين انسحب المرشدون الأجانب.

    كذلك قام المكتب بمتابعة المفاوضات التى دارت بين الحكومة المصرية، ويمثلها مكتب مندوب الحكومة، وشركة قناة السويس، وتوجيهها فى الاتجاه الذى يحقق إحكام عملية الخداع الاستراتيجى لإدارة شركة القناة، وذلك قبل تأميم الشركة بشهور قليلة، وفى هذه المفاوضات استفسرت إدارة الشركة عن المطالب الحقيقية للحكومة المصرية. ويرجح على صبرى أن الشركة كانت تريد أن تتلمس نوايا الحكومة المصرية، وأنه ربما تسربت لها معلومات عن أنشطة المكتب وقد رد على صبرى على جورج بيكو بأن الحكومة المصرية لا تطلب أكثر من دفع الإتاوات السنوية المفروضة على الشركة طبقا لاتفاقية سنة 1949 مع استثمار بعض احتياطياتها المودعة فى الخارج فى الصناعة المصرية، وقد أعطى هذا اللقاء دفعة قوية للمفاوضات التى كانت تجرى مع الشركة وانتهت باتفاقية 30 مايو سنة 1956 ونقل بعض الأرصدة إلى مصر، كما أنه أدى إلى ارتياح جورج بيكو إلى نوايا مصر وتأكده من عدم وجود أى اتجاه لدى الحكومة للاستيلاء على الشركة.

    والخلاصة أن عبدالناصر كان يمهد منذ أوائل سنة 1953 لتأميم شركة قناة السويس، وأنه كان قد حدد موعدا لذلك ما بعد جلاء القوات البريطانية. وتحقيقا لهذا الهدف، فقد شرع فى جمع المعلومات عن الشركة بحيث يتم تنفيذ التأميم متى حانت اللحظة المناسبة، وقد لجأ إلى العديد من الأجهزة العلنية والسرية لجمع تلك المعلومات دون أن يعلم أى منها ما عدا المشرف على مكتب قناة السويس بالهدف النهائى من جمع تلك المعلومات، وأن سحب عرض تمويل مشروع السد العالى لم يكن إلا المناسبة التى وجدها ملائمة لإعلان القرار.



    د. يحى الشاعر

     

    الموضوع الأصلي : من قصة الإعداد الطويل لتأميم قناة السويس     -||-     المصدر : منتديات المطاريد     -||-     الكاتب : د. يحي الشاعر

     

     


     
    رد مع اقتباس


    Latest Threads By This Member
    Thread Forum Last Poster Replies Views Last Post
    بالأرقام.. هذا ما خلفته ستة أشهر من الحرب على غزة غزة العزة د. يحي الشاعر 0 514 6th April 2024 09:41 AM
    فيديو عن ناتنياهو يستحق ألتمعن غزة العزة د. يحي الشاعر 1 1898 9th March 2024 11:11 AM
    حرب الاستنزاف .. ارقام وحقائق حرب الإستنزاف 1956-1970 د. يحي الشاعر 1 929 25th February 2024 01:03 PM
    ستبقي غــزة حـــرة إن شــاء ألله غزة العزة د. يحي الشاعر 1 441 7th February 2024 06:27 AM
    من هم المسؤولون عن "ملفات حرب غزة" في إدارة... غزة العزة د. يحي الشاعر 0 368 29th January 2024 01:31 PM

    إضافة رد

    مواقع النشر (المفضلة)

    الكلمات الدلالية (Tags)
    لتأميم, السويس, الإعداد, الطويل, قناة



    الانتقال السريع

    Currency Calculator
    Your Information
    RSS RSS 2.0 XML MAP HTML


    Powered by vBulletin® Version 3.8.8
    .Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
    (جميع الأراء والمواضيع المنشورة تعبِّر عن رأي صاحبها وليس بالضرورة عن رأي إدارة منتديات المطاريد)
    SSL Certificate   DMCA.com Protection Status   Copyright  


    تنبيه هام

     يمنع منعاً باتاً نشر أى موضوعات أو مشاركات على صفحات منتديات المطاريد تحتوى على إنتهاك لحقوق الملكية الفكرية للآخرين أو نشر برامج محمية بحكم القانون ونرجو من الجميع التواصل مع إدارة المنتدى للتبليغ عن تلك الموضوعات والمشاركات إن وجدت من خلال البريد الالكترونى التالى [email protected] وسوف يتم حذف الموضوعات والمشاركات المخالفة تباعاً.

      كذلك تحذر إدارة المنتدى من أى تعاقدات مالية أو تجارية تتم بين الأعضاء وتخلى مسؤوليتها بالكامل من أى عواقب قد تنجم عنها وتنبه إلى عدم جواز نشر أى مواد تتضمن إعلانات تجارية أو الترويج لمواقع عربية أو أجنبية بدون الحصول على إذن مسبق من إدارة المنتدى كما ورد بقواعد المشاركة.

     إن مشرفي وإداريي منتديات المطاريد بالرغم من محاولتهم المستمرة منع جميع المخالفات إلا أنه ليس بوسعهم إستعراض جميع المشاركات المدرجة ولا يتحمل المنتدى أي مسؤولية قانونية عن محتوى تلك المشاركات وإن وجدت اى مخالفات يُرجى التواصل مع ادارة الموقع لإتخاذ اللازم إما بالتبليغ عن مشاركة مخالفة أو بالتراسل مع الإدارة عن طريق البريد الالكترونى التالى [email protected]