على وقع تزايد التوترات مع إيران،وتصاعد الحديث عن تعرض طهران لمزيد من الضغط الدولي، وحتى من روسيا، لإرغامها علىسحب قواتها من سوريا، تثار تساؤلات عن حقيقة موقف النظام السوري من هذه المسألة،وما إذا كانت مصلحته تتطلب بقاء إيران ومليشياتها، أو رحيلها.
وفي هذا الإطار، أجمع مراقبون تحدثتإليهم "عربي21" على أن "مصلحة النظام الفاقد للقرارات، هي أمرثانوي لدى الأطراف الخارجية صاحبة القرار الفعلي في سوريا"، رغم تباين آرائهمحول ما إذا كان النظام يريد بقاء إيران أم خروجها.
من جانبه، اعتبر رئيس أركان"الجيش الحر" سابقا، العميد الركن أحمد بري، أن خروج إيران التي ساندتودعمت النظام، يتعارض مع مصلحة الأسد، لطالما أن الأمن في البلاد لازال غيرمستتبا.
وقال بري لـ"عربي21"، إن "منمصلحة النظام خروج كل الأطراف الخارجية، وعلى رأسها إيران، وهو يتمنى أن تعودسلطته كما كانت، لكن في حال كان قادرا على السيطرة وفرض الأمن على كل أنحاء البلاد"،مؤكدا أن "هذا الأمر مستحيل، لأن الشعب الذي قدم مليون شهيد في سبيل إسقاطالنظام، لن يسكت دون إزالة النظام"، كما قال.
الأسد ينتصر بإيران
وأضاف بري أنه "لولا مساندةإيران أولا ومن ثم روسيا للأسد، لكانت الثورة منتصرة"، مستدركا: "النظاماليوم منتصر بروسيا وإيران، ما يعني أن المعادلة بينهما متكاملة، والنظام لم ولنيستشار من أحد بشأن تواجد إيران".
وتابع بأن "ما يجري من اجتماعاتبين أطراف دولية لمناقشة وجود إيران في سوريا، دون دعوة الأسد، دليل قاطع علىفقدان النظام للشرعية والمكانة السياسية والسيادة".
وهو الأمر الذي أكد عليه أيضا،المحلل السياسي والكاتب الصحفي، أحمد كامل، مضيفا لـ"عربي21"، أنه"إن كان مقرر دوليا إخراج إيران من سوريا، فسيتم ذلك"، وفق تقديره.
اقرأ أيضا: قمة أمنية بإسرائيل تقر طرد إيران من سوريا.. ما موقف روسيا؟
وأردف قائلا: "إذا قرر الإيرانيالبقاء فسيبقى بناء على مصلحته، وليس وفقا لمصلحة الأسد، وإذا وافقت روسيا أو رفضتإخراج إيران من سوريا، فذلك سيكون وفق حساباتها، بمعنى أن لا أحد يلتفت إلى مصلحةالنظام السوري".
وبسؤاله، هل تكمن مصلحة الأسد فيبقاء أو انسحاب إيران، رد كامل بقوله "بالتأكيد إن ما تبقى من النظام السوريهو بحاجة بقاء إيران"، مضيفا أن "لا أحد يستطيع اليوم إجبار إيران علىالخروج من سوريا ببساطة، لأن طهران استثمرت ودفعت الكثير في سوريا".
ومتفقا مع الآراء السابقة، استبعدالكاتب الصحفي نادر جبلي، أن يكون لنظام الأسد مصلحة بخروج إيران.
فقدان السند
ودلل على ذلك بقولهلـ"عربي21"، إن "خروج طهران، أو تهميش دورها، يعني أن الأسد فقدسنده الحقيقي الصلب، وأصبح بيدقا صغيرا بيد اللاعب الروسي"، على حد وصفه.
وقال جبلي "صحيح أن الروسيدعمون النظام بكل قوة، وجهودهم السياسية والعسكرية هي من أبقاه في سدة الحكم،لكنهم جاهزون للتخلي عنه عند أي تسوية مع الغرب، وعند توفر أي سيناريو بديل يناسبمصالحهم".
وأضاف جبلي أن "إيران هي الداعمالحقيقي الأكبر لنظام الأسد، وهي من تريد هذا الرئيس بالذات دون غيره"، وذلكفي إشارة من الكاتب الصحفي إلى بنية النظام السوري الطائفية (العلوية).
أما الكاتبة الصحفية السورية، هندبوظو، فذهبت إلى وصف الأسد، بأنه "ورقة من أوراق الضغط الإيراني فيالمنطقة"، وقالت لـ"عربي21"، إن "بقاؤه الآن مجرد قنبلةموقوتة، حيث بات مصدرا رئيسيا ممسوكا من إيران للتهديد بتفجير المنطقة والمواقعالاستراتيجية بأعمال إرهابية"، ما يعني بحسب الكاتبة أن إيران هي المستفيدةمن بقاء النظام السوري، وليس العكس.
وعلى النقيض من كل القراءات السابقة،أعرب الخبير في الشأن الإيراني الدكتور نبيل العتوم، عن اعتقاده بأن مصلحة النظامالسوري اليوم تقتضي خروج إيران من سوريا.
اقرأ أيضا: القمة الثلاثية الأمنية في إسرائيل.. دوافع وتداعيات
وفي حديثه لـ"عربي 21"أوضح أن "خروج إيران، يعني تجنيب سوريا عمليات عسكرية قادمة، ربما تم التفاهمحولها في الاجتماع الثلاثي الأمني (الأمريكي، الروسي، الإسرائيلي) الذي عقد بالقدسمؤخرا".
وكانت الولايات المتحدة الأمريكيةوروسيا، قد ناقشتا سيناريو "إخراج القوات الإيرانية من سوريا"، خلالاجتماع أمني شارك فيها مستشار الأمن القومي الأمريكي جون بولتون، مع نظيريهالاسرائيلي مئير بن شابات، والروسي نيكولاي بيتروشيف.
وخلال الاجتماع، دعا بولتون روسياإلى الانضمام للموقف الأمريكي بشأن إيران، وقال: "نعتقد أنه ينبغي أن يكونلدى روسيا مخاوف وقلق، تماما مثلنا، من التوسع النووي؛ وفي حالة إيران، رغم أنروسيا وقعت الاتفاق النووي، فإننا نرى شواهد مستمرة على انتهاكات إيران، ليس فقطالاتفاق النووي وإنما المعاهدات الدولية".
وتابع بولتون: "تحدثنا إلى الروس في كل مرةالتقينا فيها عن إيران، وسنواصل ذلك طالما استمر التهديد الإيراني".
رؤية ومرحلة جديدة
وبموازاة ذلك، أشار العتوم، إلى أنروسيا بدأت تفكر برؤية جديدة في الملف السوري، محورها خروج القوات الإيرانية منسوريا، لأن وجود قوات ومليشيات الأخيرة، بات يشكل عقبة أمام البدء بمرحلة إعمارسوريا، والتوصل إلى تسوية سياسية للملف السوري.
وأكد أن "نيل روسيا حصتها منالكعكة السورية، بات مرتبطا بخروج إيران في سوريا".
وإلى جانب ذلك، أشار العتوم إلى عدماتفاق روسيا مع سياسات إيران في سوريا، وتحديدا فيما يتعلق بطريق إيران البريالممتد من إيران إلى العراق إلى سوريا وصولا للبحر المتوسط، وكذلك المشاريعالإيرانية (الاتفاقيات الاقتصادية والتجارية) التي تنافس مصالح روسيا.
وأكد أن "روسيا تخشى ما تخشاهأن تعيد إيران تجربة العراق في سوريا، حيث بات من الواضح لموسكو أن المليشياتالإيرانية باتت تنخرط في جيش النظام، لتعويض الفاقد من المكون السنّي، وتحويلالجيش إلى جيش طائفي، وهذا سيكون بالتأكيد على حساب المصالح الروسية".
وبالبناء على ما سبق، ليس صعبا، منوجهة نظر العتوم، القول إن "استقرار نظام الأسد، وإعادته إلى الحاضنةالعربية، بات مقرونا بخروج إيران".
لكن القائم بأعمال النظام السوري فيالأردن، أيمن علوش، أكد أن سوريا لن تضحي بعلاقاتها مع إيران مقابل العودة إلىمقعدها في الجامعة العربية.
اقرأ أيضا: هكذا تسعى إسرائيل لضرب النفوذ الإيراني في سوريا
وقال في تصريح لوكالة"سبوتنيك" الروسية قبل يومين، "لقد وثّقنا علاقاتنا مع إيران بعدانتصار الثورة بسبب مواقفها المشرفة تجاه القضية الفلسطينية، وتوثقت هذه العلاقاتمع وقوف إيران مع سوريا خلال الحرب عليها".
وتساءل: "كيف يمكن أن نضحّي بمنوقف مع سوريا والعرب لصالح الأنظمة التي تآمرت على سوريا، وتذهب إلى إقامة علاقاتمع المحتل وتعتبره الصديق الصدوق، في حين تعتبر من يقف ضد هذا المحتلبالعدو".
وتابع علوش: "حتى تستحق الجامعةالعربية اسمها، لا بدّ أن تعود لثوابتها في الأمن القومي العربي ومواقفها السابقةتجاه المحتل الصهيوني، وليس المهم عودة سوريا إلى الجامعة العربية، بل استعادةالجامعة دورها في أن تمثل إرادة شعوبها".
مزيد من التفاصيل