بدأت بعض الشخصيات السياسية المصرية المعارضةالعام 2018 بحضور قوي، إلا أنها اختفتنهاية العام، وكان مصيرها الاعتقال والمحاكمة والسجن بقضايا مسيسة، بحسب مراقبين.
وفي رسالة تكشف عن توجه وأسلوب قائد الانقلاب عبدالفتاحالسيسي، بمواجهة معارضيه، قال في كانون الثاني/ يناير الماضي: "يبدو أنكم لاتعرفونني، وما حدث منذ 8 سنوات لن يتكرر مجددا بمصر"، في إشارة إلى ثورةكانون الثاني/ يناير 2011".
وترصد "عربي21" أهم تلك الشخصيات التيغابت عن المشهد بفعل قمع النظام العسكري الحاكم.
الفريق سامي عنان
على الرغم من أن رئيس أركان الجيش السابق بدأ 2018،بالعزم على خوض انتخابات الرئاسة في 26 آذار/ مارس، بمواجهة السيسي، بمقولته الشهيرة"الشعب السيد بالوطن السيد"، إلا أنه تم استبعاده وجميع المرشحينوتوقيفه في 26 كانون الثاني/ يناير، وإحالته لمحاكمة عسكرية بتهم عدم استئذانالجيش والتحريض ضده، وما زال قيد الحبس باتهامات فساد مالي.
الفريق أحمد شفيق
بعدما مُلأت الصحف ضجيجا نهاية 2017، حول عودته منالإمارات التي غادر إليها إثر خسارته الانتخابات الرئاسية أمام الرئيس محمد مرسي في2012، إلا أنه عند عودته للقاهرة بنية الترشح للانتخابات لمواجهة السيسي تم وضعهرهن الإقامة الجبرية، وعدل عن ترشحه وظهر بمشهد واحد فقط لانتخاب السيسي، ليختفيعن الأنظار طوال 2018.
محمد أنور السادات
أحد نواب البرلمان المعارضين للنظام والذي أسقطتعضويته في 2017، وانسحب من السباق الانتخابي بداية 2018، لتعرضه وحملته الانتخابيةومؤيديه لـ"مضايقات وتهديدات وإرهاب"، ليختفي عن المشهد السياسي في 2018.
العقيد أحمد قنصوة
أحد ضباط الجيش الذين قرروا الترشح بمواجهة السيسي،نهاية 2017، عبر مقطع فيديو حمل عنوان "هناك أمل"، ليتم اعتقاله وليشهد2018، الحكم عليه بالسجن 6 سنوات ويصبح طي النسيان.
المستشار هشام جنينة
القاضي، ورئيس الجهاز المركزي للمحاسبات الأسبق، بدأ2018، كونه نائبا للمرشح الرئاسي سامي عنان، وبعد أن تعرض لاعتداء بلطجية في 27كانون الثاني/ يناير، تم اعتقاله منتصف شباط/ فبراير، بعد حوار صحفي أكد فيه وجودمستندات مع الفريق عنان تدين قيادات عسكرية، ليتم الحكم بحبسه 5 سنوات في نيسان/ أبريل.
عبدالمنعم أبو الفتوح
رئيس حزب مصر القوية والمرشح الرئاسي السابق، الذيشارك بأحداث 30 حزيران/ يونيو 2013، إلا أن تصريحاته المناهضة للنظام العسكري كانتسببا باعتقاله منتصف شباط/ فبراير، بتهم "قيادة جماعة إرهابية"، وما زالرهن الاحتجاز لليوم.
حازم عبد العظيم
ناشط سياسي، قاد لجنة الشباب بحملة السيسي الرئاسية2014، ونظرا لكتاباته المعارضة للنظام تم اعتقاله في أيار/ مايو، بتهم نشر أخباركاذبة والانضمام لجماعة إرهابية.
الفريق صدقي صبحي
الرجل الثاني بالانقلاب العسكري، أقاله السيسي، في14 حزيران/ يونيو، بالتغيير الحكومي عقب فوزه بولاية ثانية، متجاوزا نصا دستوريا يحصن منصب وزير الدفاع من الإقالة 8 سنوات، ليختفي صبحي، تماما ولم يظهر بأي منمؤتمرات واحتفالات السيسي والجيش.
معصوم مرزوق
سفير سابق، واصل حراكا سياسيا مدنيا خلال 2018، ودعالإجراء استفتاء على استمرار السيسي بالحكم، ليُعتقل في 23 آب/ أغسطس، مع عضو حزبالكرامة رائد سلامة، والأكاديمي يحيى القزاز.
وحول تغييب تلك الشخصيات، قال الباحث السياسي عزت النمر: "هكذا تعيش الشعوب بظل الاستبداد وهذه النتيجة الحتمية التي عمي عنها كل منشارك بإجرامه باستدعاء العسكر عن قصد، أو تورط بدعمهم عن عمى وجهالة وقلة وعي".
وأوضح النمر لـ"عربي21"، أن "مصر منذالانقلاب تعيش أسوأ صور استبداد فاشية عسكرية متوحشة، وطبيعة الانقلابات العسكريةأنها لا تقبل ظهور أي رمز وواجهة بالشعب حتى لو كان من شركائه وداعميه، فضلا أنيكون معارضا له حتى لو كانت معارضة أليفة مستأنسة".
وأكد الناشط بمجال حقوق الإنسان أن "الاعتقالاتوالمحاكمات والإقصاء والقتل؛ ليست أبدا ولن تكون خطوات تثبيت أركان النظام، حتى لوكانت نظما انقلابية واستبدادية، فالقبضة الأمنية والقهر السياسي والدبابة ليست إلامسكنات شكلية تمنح المستبد شعورا زائفا بالاستقرار والتمكن، لكنها بحقيقتها غلاف هش يتهاوى حينما يتحرك مارد الشعوب؛ التي ربما تتحمل وتختزن حينا حتى تنفجر بلحظةتفاجئ فيها الجميع وتدوس على الاستبداد والمستبد".
اقرأ أيضا: رسالة استغاثة مسربة: ضابط مصري يحول سجنا عموميا لمقبرة
وقال الكاتب والمفكر إن "ماضينا القريب يحملإشارات واضحة لمن كان له وعي؛ أين ذهب الطغاة؟! أين (القذافي) و(علي صالح) و(بنعلي) وغيرهم؟! ولعل بمشهدنا المعاصر رسائل شديدة الدلالة لسطوة الشعوب حينماتتحرك، لكن جرت العادة أن الطغاة يتلحفون بالغباء ولا يستيقظون من العمى إلا تحتأقدام الجماهير، ربما لا يدرك هذا الحقائق كثيرون، لكنها وشيكة تنذر بها الأياموالليالي ونسعى إليها وننتظرها وإن غدا لناظره قريب".
من جانبه، قال المنسق العام للتجمع الحر من أجلالديمقراطية والسلام، محمد سعد خيرالله إن "القادم أسوأ بكثير، بعد الحجر علىكل قيادة سياسية وشعبية وناشط وصاحب دور سياسي محتمل بتعبئة الشارع؛ بالسجنوالمنفى الاختياري والاختفاء القسري والقتل خارج القانون".
وأضاف السياسي المصري لـ"عربي21" أن "الأمورستمضي لتعديل الدستور دون مقاومة إلا بمواقع التواصل الاجتماعي، فالمصريون قيدحالة (موت سريري)، لم تعرفها الشعوب ولا بد لعلماء الاجتماع دراسة الأمر وتحديدأسباب وصولنا لهذه الدرجة"، وفق رأيه.
ويعتقد خيرالله، أن تخلص السيسي من تلك الشخصيات ثبتأركان حكمه ولو تركهم ما نعم بهذا الاستقرار، قائلا: "تلك الشخصيات النشطةكانت تمثل خلخلة لنظام يتوجس بكل شيء"، مشيرا إلى أن "الفضيحة العالميةبمنع بيع السترات الصفراء بمصر خير دليل".
وتابع قائلا: "لنا أن نعترف بأن ذلك بالفعل قدمكن السيسي لأقصى درجة، فيما يخص رجال السمع والتنفيذ والتملق وأحلام سعادتكأوامر؛ ولكن الكارثة الكبرى التي أصبحت دون قصد تؤرق السيسي جدا هي وجود بدائلللحكم خلف القطبان أو بالمنفي"، بحسب قول خير الله.
مزيد من التفاصيل