عام 2008 الأبرد منذ عقد
هشام محمد
لا نينا تبرد مياه الهادي وترطب الأرض كلها.
أكدت البيانات التي أصدرتها هيئة دولية للأرصاد الجوية حول العالم أن النصف الأول من عام 2008 شهد أقل درجة حرارة للكوكب الأرضي منذ عام 2000، الأمر الذي يعني بحسب علماء الهيئة أن درجات الحرارة آخذة في الانخفاض؛ ما أثار تساؤلات حول التحذيرات التي يطلقها بين الحين والآخر خبراء حول زيادة مطردة في درجة حرارة الأرض تهدد الحياة والبيئة عليها.
وعزا الخبراء بمركز هادلي للأرصاد الجوية -الذي يتخذ من المملكة المتحدة مقرا له- هذا الانخفاض الملحوظ في درجة حرارة الأرض إلى ظاهرة جوية تنشأ أساسا في المحيط الهادي، لكنها تؤثر في أجواء الكوكب كله، ويطلق على هذه الظاهرة لا نينا.
وبحسب جون كينيدي -العالم المتخصص في مراقبة المناخ بالمركز- فإن "أكبر شيء حدث هذا العام أن لا نينا خفضت درجات الحرارة بشكل ما"، وفق ما ذكره لهيئة الإذاعة البريطانية في تقرير نشره موقعها الإلكتروني 21-8-2008.
ورغم ما يشهده المحيط الهادي هذا العام من تيارات لا نينا القوية، فإن كينيدي أضاف قائلا: "إن لا نينا آخذة في التلاشي خلال الشهرين الماضيين، والظروف في المحيط الهادي تعد متعادلة الآن".
لا نينا أصغر من إل نينو وتضاده
ويقول العلماء إن ظاهرة لا نينا الجوية التي تتسبب في انخفاض درجة حرارة الأرض بشكل عام تتعاقب في دورة طبيعية مع ظاهرة أكبر تتسبب في ارتفاع درجة حرارة الكوكب أيضا، وهي الظاهرة المعروفة باسم إل نينو، والتي تنشأ أيضا في المحيط الهادي.
ويعني هذا أن لا نينا وإل نينو ظاهرتان متقابلتان، حيث تؤدي إل نينو إلى تدفئة كوكب الأرض، بينما تتسبب لا نينا في خفض درجة حرارته بدءا من شرق المحيط الهادي، ثم ما يلبث تأثيرها أن يشمل الكوكب كله.
وأكد أيضا خبراء في الأرصاد بالأمم المتحدة أن درجة حرارة الأرض ستكون أقل انخفاضا في 2008 من العام السابق 2007 بسبب الظاهرة الجوية المعروفة بـ"لا نينا" في المحيط الهادي، وعزز هذا التأكيد ما ذكره خبراء مركز هادلي، وأعلنوا أن عام 2008 هو الأقل حرارة في القرن الحالي، الأمر الذي طرح تساؤلات حول حقيقة التغير المناخي.
وذكر الأمين العام لمنظمة الأرصاد العالمية "مايكل جارواد" لـ"بي بي سي" أنه من المحتمل أن تستمر ظاهرة لا نينا إلى فصل الصيف المقبل.
المفاجأة أن هذا يعني -بحسب جارواد- أن درجات الحرارة العالمية لم ترتفع منذ عام 1998؛ مما يدفع البعض إلى إثارة التساؤل حول نظرية التغير المناخي.
هل ارتفاع حرارة الأرض حقيقة؟
جددت هذه البيانات الجدل الثائر بين مؤيدي نظرية التغير المناخي من العلماء والخبراء ومناهضي هذه النظرية القائلين بأن الكرة الأرضية تشهد تعاقبا طبيعيا في ارتفاع وانخفاض درجات الحرارة، وبأن الهلع الذي يروج له ليس إلا لأغراض تخدم مصالح خاصة.
ورغم ما سبق ففي المقابل تنبأ بعض الخبراء أيضا بحدوث ارتفاع كبير في درجة حرارة الأرض خلال السنوات الخمس المقبلة.
يذكر أن ظاهرة لا نينا الطبيعية قد أسهمت في الأمطار الغزيرة التي شهدتها أستراليا، وفي درجات الحرارة شديدة البرودة المصحوبة بتساقط الثلوج التي شهدتها أجزاء من الصين.
ويتوقع امتداد تأثير لا نينا لفصل الصيف المقبل، ما سيسفر عن خفض درجة الحرارة عالميا بمعدل 0.1 من الدرجة المئوية، بحسب جارواد.
ويرى قليل من العلماء في هذا الشأن أن ارتفاع درجة حرارة الأرض قد بلغ مداه وأن الكوكب يبرهن الآن على مقاومته لظاهرة الاحترار العالمي الناشئة عن الاحتباس الحراري.
--------------------------------------------------------------------------------
كاتب في الشأن العلمي، ويمكنك التواصل معه عبر البريد الإلكتروني الخاص بصفحة علوم وتكنولوجيا [email protected]