نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريرا لمراسلها في القاهرة ديكلان وولش، يقول فيه إنه عندما داهمت الشرطة المدنية ملهى ليليا الربيع الماضي، واعتقلت روسية ترقص رقصا شرقيا، فإن تحقيقها ركز على الزي الذي ترتديه للرقص، وماذا كانت تلبس تحته.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن السؤال كان عما إذا كانت الراقصة، التي تسمي نفسها جوهرة، والتي انتشر لها فيديو انتشارا واسعا، تلبس "الشورت" المناسب كما هو مطلوب رسميا؛ للحفاظ على الذوق العام، وهل كان الشورت بالحجم المناسب؟ واللون المناسب؟ أم أنها لم تكن تلبس الشورت تماما، كما خشي البعض.
ويذكر الكاتب أن جوهرة، واسمها الحقيقي أكاترينا آندريفا، أصرت على أنها بريئة، ومع ذلك تم اقتيادها إلى السجن، حيث زارها دبلوماسيون روس، ودافع عنها مديرها وزوجها من موسكو، مشيرا إلى أن آندريفا قامت بالرقص لنزيلات السجن، ومعظمهمن من المومسات وبائعات المخدرات.
وتنقل الصحيفة عن آندريفا، قولها: "لقد عاملتني تلك النساء معاملة جيدة، وطلبن مني أن أرقص، ثم رقصنا معا"، مشيرة إلى أنه بعد ثلاثة أيام، حيث بدا أنه سيتم تسفيرها، تدخل رجل أعمال ليبي له علاقات قوية في آخر لحظة، وتم إخراجها من السجن.
ويفيد التقرير بأن العملاء الألمان كانوا خلال الحرب العالمية الثانية يختلطون مع الضباط الإنجليز في كباريه مدام بديعة، وفي السبعينيات قامت فيه الراقصات بالأداء أمام الرؤساء الأمريكيين، لافتا إلى أن الناس في مصر اختلفوا في العقود الأخيرة حول الرقص الشرقي، فبعضهم يراه نوعا من الفن الراقي، وآخرون يرون فيه وسيلة ترفيه، فيما يراه البعض فرصة للاستعراض.
ويستدرك وولش بأن قضية آندريفا أبرزت أيضا قضية حساسة: فإن كانت
القاهرة هي عاصمة الرقص الشرقي، لماذا إذا تأتي نجمات هذا الفن كلهن من كل مكان في العالم غير مصر؟".
وتقول الصحيفة إن "راقصة أخرى ترقص حافية في حفل زواج على أرض مملوءة بالزهور، الشباب ببزاتهم يتزاحمون لرؤيتها بشكل أفضل، وفتيات في فساتين الفرح يهرولن في الخلف ويحاولن تقليد حركاتها، وعدد من النساء المنقبات على طاولة جانبية يصفقن لها، وتقول الراقصة ألا كوشنير (33 عاما) من أوكرانيا: (القدوم لمصر كان حلمي)".
ويلفت التقرير إلى أن الراقصات الأجنبيات سيطرن على مشهد الرقص الشرقي في مصر في السنوات الآخيرة -أمريكيات وبريطانيات وبرازيليات- لكن بالأخص راقصات شرق أوروبيات، مشيرا إلى أن كوشنير نشأت في مدينة نيكولاييف على البحر، وكانت تحلم بأن تصبح عالمة آثار، وتخرجت من كلية الحقوق، لكنها ظهرت في برنامج "يوكرينز غوت تالنت"، حيث قدمت رقصة شرقية، فكان ذلك البرنامج بداية لعملها في هذا المجال.
وينوه الكاتب إلى أن كوشنير انتقلت إلى القاهرة، عاصمة الرقص الشرقي، مشيرا إلى أنها تقوم أحيانا بالعرض خمس مرات في الأعراس والحفلات، حيث يكسب الفنانون المبدعون 1200 دولار أو أكثر، وحصل أحد فيدوهاتها على "يوتيوب" على 9 ملايين مشاهدة.
وتبين الصحيفة أن التقليديين يشتكون من الغزو الأجنبي، ويصفونه بتزييف الثقافة، ويتهمون الأجانب بالدوس على التراث العربي؛ بقصد التربح، ما يدفع بهذا الفن إلى توجه صارخ، لافتة إلى أنه حتى بعض الأجانب يتفقون مع وجهة النظر هذه.
ويورد التقرير نقلا عن ديانا أسبوسيتو، وهي خريجة جامعة هارفارد من نيويورك، وجاءت إلى مصر عام 2008، في بعثة فولبرايت حكومية، وبقيت لتشق طريقها في الرقص الشرقي، قولها: "في كثير من الحالات تنقصنا الدقة والخفة وجمال الأداء".
وأشارت أسبوسيتو ، التي تعمل في "لونا أوف كايرو"، إلى أنه لا تزال هناك آلاف الراقصات المصريات، لكن معظمهن يعملن في الآجزاء الأفقر من هذا القطاع، في كابريهات بالقرب من الأهرامات ومناطق سياحية على النيل، وتقول أسبوسيتو: "كأن الراقصة المصرية أصبحت صنفا مهددا بالانقراض، وهذا أمر حزين.. حزين للفن وحزين لمصر".
ويجد وولش أنه "مع ذلك، فإنه لا تزال للرقص في مصر ملكة لا يختلف عليها أحد، وهي راقصة تتميز عنهن كلهن، إنها دينا طلعت سيد، التي رقصت للأمراء والرؤساء والديكتاتوريون على مدى أربعة قرون من العمل".
وتختم "نيويورك تايمز" تقريرها بالإشارة إلى قول سيد عن نظرة المصريين الـ"منفصمة" للراقصات: "إنها حب وكراهية؛ وكانت دائما كذلك، فلا يستطيع المصريون أن يقيموا لهم عرسا دون راقصة شرقية، لكن أن يتزوج أخوك واحدة منهن فإن المشكلة كبيرة".
مزيد من التفاصيل