تزايدت مخاوف الأوساط الفنية والثقافية بمصرمع الإعلان عن عزم إسرائيل إطلاق باقة فضائيات باللغة العربية وعبر قمر "نايلسات" الذي يغطي المنطقة العربية.
وحذر رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون الأسبق أسامةالشيخ، من تأثير تلك الفضائيات على صناعة الدراما والسينما المصرية، باستقطاب المنتجينالمصريين لإنتاج مسلسلات وأفلام بميزانيات ضخمة لتلك الفضائيات.
وقال الشيخ، عبر صفحته بـ"فيسبوك"، تحت عنوان"ياسادة الإعلام انتبهوا"، مؤكدا إطلاق باقة إسرائيلية من 24 قناة متخصصةبالرياضة والسينما والدراما والأطفال والأخبار باللغة العربية وعبر أقمار عربية لميسمها.
وأعرب عن مخاوفه من "تحركات مريبة غير مصرية لشراءأرشيف الدراما من القطاع الخاص، وعروض مغرية لمنتجين مصريين متوقفين عن الإنتاج لتنفيذدراما تنتج حصريا للعرض بقنوات غير مصرية، وشبكات إقليمية تعتمد موازنات ضخمة لإنتاجأفلام ومسلسلات عربية".
حديث الشيخ يأتي بعد تغريدة للإسرائيلي إيدي كوهين، قال فيها:"في القريب العاجل سوف يتم بث 27 قناة إضافية باقة كاملة إسرائيلية على قمر نايلسات كلهم باللغة العربية، وسوف يتم بث قنوات رياضية تنقل كافة الدوريات العربية ومنهاالدوري السعودي مجانا وقنوات منوعة وعدة قنوات إخبارية ذات مهنية عالية واحترافية".
وكان المنتج محمد فوزي، قد كشف عن وجود عروض له منسماسرة لشراء إنتاجه الفني، وبين أنهم تواصلوا مع عدد كبير من المنتجين الذين اندفعبعضهم خلف العروض المالية، مضيفا لـ"المصري اليوم": "طلبوا مني نسبوأرقام وإحصائيات لكنني رفضت تماما وطلبت منهم معرفة مصدر التمويل وتحديد الحقوق وكلالتفاصيل الخاصة، خاصة بعد أن قيل لي أطلب أي رقم".
"لن نقبل"
ورفضت الفنانة والمنتجة المصرية سميرة أحمد، أن يكونلها أي تعامل مع مثل تلك الفضائيات أيا كانت المغريات المادية، قائلة: "لا يمكنأن أقبل أو أتفاوض على أي شيء من هذا القبيل لو لم يتبقى قناة واحدة بمصر ولو اشتروامليون قناة".
وحول تراجع الإنتاج الفني المصريوتوقف منتجين كبار وأن ذلك قد يكون سببا لقبول بعض المنتجين العروض الإسرائيلية، أكدتأحمد، لـ"عربي21"، أنها لا يمكن أن ترضخ لأية إغراءات مادية، وتعتقد أن أيامن المنتجين المصريين لن يقبل بالتعامل مع القنوات الإسرائيلية مهما كان نوع وحجم الإنتاج،وأي فنان مصري لن يخوض التجربة مع كيان معاد.
وفي المقابل رفض نقيب الفنانينالمصريين الدكتور أشرف زكي، التعليق على الموضوع، قائلا لمراسل "عربي21":"أرجوك إبعدني عن مثل هذه الموضوعات".
ورغم أن أسامة الشيخ رصد خطورة الأمر من جانب السينماوالدراما، لكن محللين تحدثوا عن تأثير ما ستبثه تلك الفضائيات على الشباب العربي، محذرينمن الغرض الذي تسعى إسرائيل لتحقيقه، في الوقت الذي خسرت فيه مصر كثيرا من قوتهما الناعمةعبر الدراما والسينما والمسرح.
"اختراقعكسي"
واعتبر الصحفي ضد التطبيع علاء مطر، أن تلك الفضائياتتمثل "اختراقا ليس جديدا ومحاولاتهم تتم منذ زمن"، مضيفا "سبق وأن سرقواأغاني عبدالحليم حافظ وأم كلثوم، ويحتفون بالأديب نجيب محفوظ"، مشيرا بحديثه لـ"عربي21"،إلى أنهم "حاولوا أيضا سرقة الأكلات الشعبية المصرية كالفول والطعمية والكشريعبر صفحة (إسرائيل بالعربية)".
وبشأن احتمال قبول شركة "نايل سات" هذا الأمر،قال مطر: "المفروض أن ترفض الشركة هذا الاختراق"، مضيفا "وأعتقد أنالإعلامي الكبير أسامة الشيخ، أطلق دعوته للتحذير"، موضحا أنه "حال قبول"نايل سات" سيكون اختراقا إعلاميا غير مسبوق".
وأضاف "من المفروض أن يحدثاختراق عكسي، حيث دشنت مصر بالستينيات إذاعة(كوول كاهير) أو (هنا القاهرة)، لمواجهة محاولات الاختراق والغزو المناوئ، وعمل بهاالإعلامي أحمد الحملي"، موضحا "كصحفيين ونقابة ضد التطبيع دائما، ونشر الوعيوالتنبية من خطورة الأمر فرض على جميع الإعلاميين، وليس الصحفيين فقط".
"سطو على العقول"
وقال الكاتب والمحلل السياسي عامر عبد المنعم إن أمرتدشين باقة فضائيات إسرائيلية "طبيعي"، موضحا أنهم "في الأصل لهم نصفالفضائيات الموجودة، ومعظم المشاهير الذين يظهرون بها يتبعونهم".
عبد المنعم، أكد لـ"عربي21"، أن "خطورةالأمر تتزايد على الشباب والأجيال غير المرتبطة لا بقضية وطن ولا احتلال ولا عروبةولا حتي إسلام"، معتقدا أنهم سوف يقومون "بجانب تحسين صورة اليهود؛ ببث أفلامإباحية، وتنفيذ حلم شباب العرب بنقل المباريات مجانا".
وحول اعتبار الخطوة الإسرائيلية فرض للتطبيع على العربوتأتي ضمن خطة إسرائيل التوسعية للسطو على العقول ومن ثم الأراضي، قال إن "كسبالعقول أهم من احتلال الأرض، بل إن كسب عقول العرب يزيد من مساحة الكيان الصهيوني ويوفرللصهاينة المزيد من الإمكانيات".
وأضاف: "للأسف هم تحركوا بينما نحن غارقون بموتسريري نشاهد ما يجري لنا ولا نستطيع الحركة، وظللنا نكتب عن أهمية الإعلام وضرورة التركيزعلى وجود منابر إعلامية تدافع عن الأمة وثوابتها، حتى أصبحنا أمة بلا رأس، وجسد ضخمبلا عقل يوظف امكاناته".
"ستكونالمخ"
من جانبه يرى الكاتب والمحلل السياسي، نبيل كشك، أن"إسرائيل تخطط لتصفية قضية فلسطين نهائيا وقيادة العالم العربي ليكون علمانياعبيدا للغرب، فنفكر بعقولهم، وننسى الأرض والمقدسات"، مضيفا لـ"عربي21"،أن "إسرائيل ستكون هى (المخ) و نحن العرب (عمال تراحيل) يحركهم العقل الصهيونىكما يريد".
مزيد من التفاصيل