تشكلت في إسرائيل أجيال جديدة تتميز بعدم احترامها ورفضها للإعتراف بأبسط حقوق الإنسان للفلسطينيين في الأرض المحتلة
الحلقة الحادية العاشرة من كتاب " فلسطين: السلام وليس الفصل العنصري".
المؤلف: جيمي كارتر الرئيس الأمريكي الأسبق.
إن إهتمامي بتطورات قضية الشرق الأوسط .. لم يقتصر علي فترة رئاستي ، فلقد راقبت الوضع بحرص خلال السنوات التالية .. وزرت المنطقة عدة مرات .. بغرض التباحث مع القادة السياسين والأكاديميين والمواطنين العاديين ، هذه النشاطات كانت جزءاً من برامج "مركز كارتر" .. وهو منظمة أنشأتها أنا وزوجتي "روزالين" للتعامل مع القضايا المهمة بالنسبة لبلدنا .. وبالنسبة للآخرين ، إن هذه المنظمة لديها الآن مشاريع في 65 دولة .. من بينها 35 دولة إفريقية وهي تتعامل مع شئون الصحة .. والزراعة .. وتحسين الديمقراطية .. وإحلال السلام.
لقد وجدت أن الوضع في الأراضي المقدسة قد تغير بطريقة درامية ، فخلال شهور قليلة بعد تركي للبيت الأبيض .. قام الإسرائيليون بهجمة جوية علي العراق لتدمير مفاعلها النووي ، وأعلنوا ضمهم لمرتفعات الجولان ، وتزايدت سرعة جهودهم في بناء المستوطنات الإسرائيلية في جميع أنحاء الضفة الغربية وغزة ، وقد أدان العالم العربي بشدة هذه الأفعال ، وانقسم الشعب الإسرائيلي حول مدي حكمة السياسة العسكرية.
الإسرائيليون قاموا بغزو لبنان في عام 1982 ، وخلال عام .. تم ترحيل قادة منظمة التحرير الفلسطينية من هناك وخلال العقد التالي من الزمن .. انتشر أعضاء المنظمة في الكثير من الدول العربية ، واستمروا في بناء علاقات سياسية مع مختلف دول العالم ، ونجحوا – مرة أخري – في الظهور علي أنهم الرمز السياسي الوحيد المتبقي للشعب الفلسطيني ولحقه في تقرير المصير.
خلال هذه الفترة .. لم تقم الولايات المتحدة بالكثير من الجهد تجاه الوصول لإتفاق سلام ، لكن الرئيس "ريجان" .. أراد أن يوضح – في خطاب – سياسته في الشرق الأوسط ، فقام بالإتصال بي وطلب مني أن أعمل مع مساعديه في الإعداد لهذا ، لقد كان من المفترض أن الخطاب سوف يعلن تأييده الكامل لتطبيق إتفاقيات كامب ديفيد .. وهو ما جعلني سعيداً بتقديم المساعدة .. في الجزء التالي من خطابه :
"إننا بنينا أسلوبنا في التعامل علي مبدأ .إن الصراع العربي الإسرائيلي يجب حله من خلال المفاوضات التي تتضمن مقايضة الأرض مقابل السلام ، وهذه المقايضة .. قد تم التعبير عنها من خلال قرار مجلس الأمن رقم 242 .. والذي اشترك في كل أجزائه مع إتفاقيات كامب ديفيد ، إن قرار الأمم المتحدة رقم 242 .. لا يزال – بأكمله – صالح التطبيق .. كأساس قوي لجهود أمريكا لإحلال السلام في الشرق الأوسط.
إن موقف الولايات المتحدة الأمريكية هو أنه في مقابل السلام .. فإن الإنسحاب المتضمن في القرار رقم 242 ينطبق علي كل الجبهات .. بما فيها الضفة الغربية وقطاع غزة."
لقد كان الرئيس "ريجان" يعلم أن الاستقرار في الشرق الأوسط لن يتحقق لإسرائيل .. إلا إذا تمتعت بسلام دائم مع جيرانها العرب ، وأن هذا غير ممكن إذا استمرت في احتلالها واستعمارها للأراضي المحتلة .
إن فريقنا في "مركز كارتر" .. استمر في مراقبته للأحداث المتداخلة في الشرق الأوسط .. بهدف الإبقاء علي جذوة الحياة مشتعلة في عملية السلام ، لكن حادثتين تسببتا في عرقلة جهود الولايات المتحدة الأمريكية المستمرة من أجل إحلال السلام في الشرق الأوسط ، في عام 1986 تعرضت القيادات السياسية في واشنطن للإحراج عندما تم الكشف عن وسطاء إسرائيليين ساعدوا الولايات المتحدة في تبادل الأسري الأمريكان في مقابل بيع أسلحة لإيران ، كان هؤلاء الأسري محبوسين في لبنان.. وكانت أرباح صفقة السلاح سوف تستخدم لتمويل "حرب مضادة " في "نيكارجوا" في أواخر عام 1987 .. تسببت سياسة حزب الليكود في بناء المزيد من المستوطنات .. في حدوث مواجهات كثيرة بين اليهود والعرب .. وفي معاملة أكثر قسوة للمعارضين ، وهو ما أدي إلي عنف مدني منظم .. فيما عرف بإسم "الإنتفاضة" ، إن هذه الأفعال القوية المستقلة والمستمرة للشباب الفلسطيني أدهشت كلا من الإسرائيليين ومنظمة التحرير الفلسطينية.
إن زيارتي الأولي لإسرائيل – بعد مغادرتي للبيت الأبيض – كشفت عن حجم التغيرات الكبيرة في المواقف والظروف ، عن الزيارة التي حدثت منذ 10 سنوات .. عندما كنت حاكماً لجورجيا ، وعن الزيارة التي قمت بها كرئيس .. في السنوات الأخيرة من عقد السبعينات ، فعندما وصلنا إلي القدس في ربيع 1983 .. قمنا – أنا و"روزالين" – للمرة الثالثة بزيارة "ياد فاشام " (النصب التذكاري لضحايا المحرقة النازية) ... حيث إستمعنا للكثير من العرفان بالجميل لأن مفاوضات كامب ديفيد أدت إلي السلام مع مصر ، بعدها بدقائق ... كنت في طريقي لمكتب رئيس الوزراء "بيجن" في مبني البرلمان الإسرائيلى.
كمواطن عادي .. فإنني توقعت أن علاقاتي الشخصية مع قادة إسرائيل – خاصة رئيس وزراء إسرائيل "بيجن" – ستكون مختلفة ، فبالرغم من أن دولتينا قد إشتركتا في الكثير من المعتقدات والأهداف السياسية .. إلا أننا كثيرا ما اختلفنا عبر طاولة المفاوضات ، فإنه ليس بالسر الخافي على أحد .. أن هناك خلافات عامة قوية بيني وبين "بيجن" .. بخصوص تفسير إتفاقيات كامب ديفيد .. والغزو الإسرائيلي الأخير للبنان ، ولسوء الحظ .. فإن الخلافات تسببت في حدوث خلافات شخصية بيننا .
فوجئت بالطريقة التي قابلني بها بيجن ببرود ولا مبالاة
مرة أخري جمعت بيننا الظروف .. ,كعادتي دائماً .. فإنني عبرت عن نفسي بصراحة .. فيما يتعلق ببعض القضايا محل الخلاف ، في البداية . هنأت "بيجن" علي الطريقة التي تمكن بها من احترام الشروط الصعبة في إتفاقية السلام فيما يتعلق بسحب القوات الإسرائيلية وتفكيك المستوطنات الموجودة في صحراء سيناء المصرية ، وبعدها .. وبينما كان يجلس معي دون أن ينظر إلي .. شرحت – مرة أخري – سبب اعتقادنا بأنه لم يحترم الإلتزام الذي تعهد به خلال مفاوضات السلام .. بسحب القوات الإسرائيلية والإمتناع عن بناء مستوطنات إسرائيلية في الضفة الغربية ، ووصفت له خيبة أملي .. بسبب عدم إستعداده لمنح الفلسطينيين أي درجة مقبولة من الاستقلال في الأراضي المحتلة ، وقمت بِحَثِه علي توضيح موقف إسرائيل للمصرين والأردنيين .. وأن إسرائيل سوف تحترم العناصر الأساسية في قرار الأمم المتحدة رقم 242 وهي إلتزامات هامة تعهدت أنا وهو بالالتزام بها أمام شعبينا.
توقفت للحظة .. متوقعاً من رئيس الوزراء أن يقدم تفسيراته القوية لسياسة إسرائيل ، لكنه رد بلا مبالاه وبكلمات قليلة روتينية تنقصها الحماسة .. مُظهراً بوضوح أن المناقشة قد انتهت.
لم أعرف ما إذا كنت قد أغضبته أكثر من المعتاد .. أم أنه أراد أن يحتفظ بمنطقه للرسميين الأمريكيين الحاليين .. أم أنه كان مشغولاً ، من المرجح .. أن كل الأسباب الثلاثة السابقة تسببت في هذا .
لقد كنا نجلس في غرفة صغيرة قليلة الأثاث في الدور الأرضي من مبني "الكنيسيت" ، وكان نقاشنا بارداً ومتباعداً وغير منتج ، في طريقي إلي الخارج .. لاحظت أن الغرف المجاورة لغرفتنا كانت كبيرة ومضاءة جيداً وجذابة ... وخالية ، ومن سخرية القدر .. إن رقمها كان 242.
أمضيت أنا "وروزالين" عدة أيام في إسرائيل والأراضي المحتلة ، وتقابلت مع بعض القادة وعامة المواطنين ، لقد كان كل شىء مختلفاً بشدة عن المكان الذي زرته منذ 10 سنوات ، لقد تلاشى الشعور بالتآلف والوحدة بين المواطنين اليهود ، وإختفي ذلك الإسترخاء والثقة ، فبالرغم من إنتصارهم العسكري في لبنان .. فإن الكثير من الإسرائيليين كانوا شديدي القلق من أن شعلة النصر .. قد تحولت إلي رماد ، وأن التفوق العسكري الذي كان ضروريا للدفاع عن الدولة .. لم يعد كافياً لإسرائيل حتي تتمكن من إخضاع جيرانها ، لقد كان ثمن النجاح فادحاً .. من الناحية المادية والبشرية أيضاً ، وبعدها كانت حرب .. تمر فترة قصيرة من السلام ... يغرق بعدها الجانبان في جولة جديدة من العنف.
أريل شارون دعا لإسقاط الملك "حسين" .. وإحلال نظام فلسطيني محله في الأردن ..
حتي ولو كان "ياسر عرفات" علي رأس هذا النظام
في هذه المرة . كان الرجال والنساء أصحاب الملابس الرسمية في كل مكان ، وكان التوتر بين مختلف الفئات واضحاً ، تلك الموجات المستمرة من الزائرين القادمين من الأردن توقفت وأصبح من النادر وصول قادمين من هناك ، أيضاً .. فإن الزيارات القادمة من مصر كانت معدومة تقريباً ، بالرغم من أن معاهدة السلام قد فتحت الحدود وسمحت بحرية التجارة بين البلدين ، وحتي أكثر المسئولين الرسميين تفاؤلاً . كان الأمل لديه ضعيفا في أي إتفاق دائم يوفر السلام والاستقرار ، وفي الواقع .. فإن الإسرائيليين كانوا متشككين في مواقف الحكومات الأجنبية ، فلقد كان هناك اختلافات حادة بين سياسات الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل .. كما ظهر هناك بوضوح من رفض إسرائيل الحاسم لمقترحات السلام التي قدمها وزير الخاريجية الأمريكي "جورج شولتز" لخطاب الرئيس "ريجان" الأخير الذي صدق على السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط .. والتي تفترض إنسحاب إسرائيل من أراض محتلة.
وعلي سبيل المثال .. فإن وزير الخارجية الإسرائيلي "إسحاق شامير".. وهو يتكلم بصفة رسمية بالنيابة عن كتلة الليكود .. أعرب عن اعتقاده بأن إسرائيل لا علاقة لها بجذور الصراع في الشرق الأوسط ، وأنه من المرجح أن حل الصراع العربي الإسرائيلي لن يؤثر علي إستقرار المنطقة ، لقد قلل من أهمية المشكلة الفلسطينية واعتبر أن اليهود هم الحكام الطبيعيون لإسرائيل والضفة الغربية وغزة .. وأن لهم الحق – بل الواجب – بأن يستمروا في إعمار وشغل هذه المنطقة ، وأن الوطن الطبيعي للفلسطينيين العرب هو الأردن ، وأن حدود إسرائيل ما قبل 1967 لا أهمية لها.
بل إن "أريل شارون" ذهب لأبعد من هذا .. حتي دعا لإسقاط الملك "حسين" .. وإحلال نظام فلسطيني محله في الأردن .. حتي ولو كان "ياسر عرفات" علي رأس هذا النظام ، بل إنه أضاف أن الضفة الشرقية لنهر الأردن هي ملك لإسرائيل عندما قال :"إنها ملكاً لنا .. لكنها ليست في يدنا ، مثلها في هذا مثل .. شرق القدس حتى إستعدناها في حرب الأيام الستة".
وبالرغم من أنهم استمروا في الحديث رسمياً عن أن .. أي محادثات سلام يجب أن تكون في حدود الإطار الذي رسمته محادثات كامب ديفيد ، إلا أن معظم الأعضاء في حزب "بيجن" الحاكم (حزب الليكود) .. لم يوافقوا علي التنازلات التي قدمها خلال المفاوضات المكثفة مع الرئيس "السادات" ومعي ، إن كلا من إسرائيل ومصر قد احترموا بنود معاهدة السلام فيما يتعلق بسيناء ، لكن المادة الأصلية في تلك الإتفاقيات ، والمتعلقة بأراضي أخري محتلة تم تجاهلها أو تعديلها بطرق رئيسية ، ولقد علق وزير الخارجية السابق "أبا إيبان" علي هذا بقوله :
-"لسوء الحظ .. فأنه من الواضح أن سياسة حكومة إسرائيل بعيدة جداً عن كامب ديفيد ... حتي إن المتحدث بإسم ليكود عندما يستشهد بالإتفاق .. يبدو في هذا مثله مثل "كازانوفا" وهو يستشهد بالوصية السابعة".
إن كل الحروب عجزت عن حل السببين الأساسيين اللذين تسببا في هذا الصراع :"الأرض" و" حقوق الفلسطينيين"
إن إتصالي الأساسي في إسرائيل كان مع "عزرا وايزمان" .. ولقد إستمتعنا بحوارات تليفونية مكررة وزيارات شخصية ، وعندما زرنا منزله الجميل الذي يطل علي الخليج في المدينة الرومانية العتيقة سيزيريا مارتينا قام "عزرا" وزوجته"ريوما" بدعوة عد من جيرانهم لمقابلتنا – جزئياً- بهدف إظهار أن بعض المثقفين الأثرياء الإسرائيليين .. قد نأوا بأنفسم – عن عمد – من الموقف الذي يضم الفلسطينيين في الضفة الغربية ، لقد طرد من حزب الليكود .. بسبب إدانته غير المتحفظة لانتهاكات حزب الليكود لبنود إتفاقيات السلام التي ساعد هو بنفسه في الوصول إليها ، وهو ما تسبب في أن "عزرا" بدأ يفكر في تشكيل حزب جديد تحت قيادته هو "وموشي ديان" وغيرهم مِن مَن إشتركوا معنا في مباحثات كامب ديفيد ، لقد أثار "عزرا وايزمان" عداوات قوية وإعجابا قوياً .. بسبب صراحته .. وتحرره من أي قيود سياسية ، وفي عام 1993 تم إنتخابه رئيساً لإسرائيل ، حتي وفاته .. ظل أقرب أصدقائي الشخصيين في الأرض المقدسة .. ومصدراً قيماً للمعلومات والنصائح .
بالإضافة لما يقرب من 100.000 فرد في الحروب المختلفة التي نشبت بين إسرائيل وجيرانها .. فإن هناك عدد كبير من المسيحيين والمسلمين العرب الذين شردوا وخرجوا من ديارهم .. أو وضعوا تحت حكم عسكري .. عندما تم إحتلال المزيد من الأراضي .. أو الاستيلاء عليها ، إن هذا "الترحيل الجبري" عزز من الخوف والكراهية والغربة بين الجانبين .. وجعل محاولات الصلح بينهما أكثر صعوبة ، إن كل الحروب عجزت عن حل السببين الأساسيين اللذين تسببا في هذا الصراع :"الأرض" و" حقوق الفلسطينيين".
خلال هذه الزيارة للقدس تعرفت شخصياً علي مذاق العلاقات الإسرائيلية الفلسطينية .. وكيف تغيرت عن المرات السابقة ، كالعادة قمت بالإستيقاظ مبكراً لأمارس رياضة المشي في شرق القدس وما حولها .. وهو طريق جذاب مملوء بالمزارات العتيقة والتلال المنحدرة ، كان في صحبتي أحد رجال الخدمة السرية الأمريكية .. واثنان من الجنود الشباب اللذين أصرا علي قيادة الموكب ، غادرنا فندقنا متجهين نحو "بوابة يافا" .. وبدها إتجهنا شمالاً حول الأسوار الخارجية العتيقة للمدينة ، بينما كنا نجري تجاه الشرق في "طريق أريحا" .. رأيت مجموعة من العرب المسنين يجلسون علي قارعة الطريق يقرأون جرائدهم ، وكان الرصيف خالياً تقريباً وواسعاً بما فيه الكفاية بحيث يسمح لنا بأن نمر ، لكن أحد الجنود إنحرف ناحية اليمين .. وضرب بعنف كل الجرائد حتي اصطدمت بوجوههم .. وسقطت بعض الجرائد علي الأرض ، وتوقفت في الحال .. لكي أعتذر لهؤلاء المسنين ... لكنهم لم يستطيعوا فهمي ، وقلت للجنود إن عليهم أن يتركوني أعدو بمفردي أو يتوقفوا عن معاملة أي شخص آخر بمثل هذه الطريقة العدوانية ، وافقا بعد تردد .. وهما يصران علي أنه من غير الممكن إدراك ما هو مخبأ خلف الجرائد .. إلا بإستخدام هذه الطريقة ، لقد كان هذا برهانا واضحا علي حجم الخلافات الموجودة بين مفاهيمنا .
إن الخلافات السياسية المحلية الموجودة بين الإسرائيليين أكثر قسوة مما كنت أظن .. ولم يكن هناك أي تأكيد علي نوع الحكومة التي يفضلها الشعب ، وحتي هؤلاء الذين كانوا أكثر استعدادا ،ً لأن الإحتلال العسكري .. ومنح الفلسطينيين حقوق المواطنة الأساسية ..و علي إستعداد لأن يحترموا بنود قرار الأمم المتحدة رقم 242 وإتفاقيات كامب ديفيد . وأن يعودوا لطاولة المفاوضات بدون شروط يستحيل الموافقة عليه.. حتي هؤلاء .. كانوا قادرين بصعوبة علي العثور علي أي علامات مشجعة من القادة في المعسكر العربي الفلسطيني ، بعض القادة في إسرائيل والبلاد العربية .. أظهروا قلقلهم من أن السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط – خلال السنوات الأخيرة – تتكون من سلسلة من التقلبات غير المنطقية أو المفهومة .. والتي تفتقر إلي العزم والتصميم علي تنفيذ إتفاقيات مكتملة بالفعل.
لقد أصبح من الواضح أن هناك إنقساماً في شخصية إسرائيل ، القسم الأول من الشخصية الإسرائيلية يشتمل علي الحضارة العتيقة والقيم الأخلاقية للشعب اليهودي كما هي معرفة في الكتابات العبرية التي إعتدت عليها منذ عهد الطفولة والتي تمثل الدولة الشابة التي يتخيلها معظم الأمريكان ، والشخصية الإسرائيلية الأخري .. هي التي تتواجد داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة .. , التي تتشكل سياستها من خلال عدم احترامها ورفضها للإعتراف بأبسط حقوق الإنسان لمواطني هذه الأرض المحتلة ، وحتي من هم أكثر تفاؤلاً .. يؤمنون بأن المسلحين سوف يصبحون – إن آجلاً أو عاجلاً – أكثر نشاطاً علي الجانبين .. عندما يتم التوسع في بناء المستوطنات ويبدأ التصارع بين اليهود والعرب علي نفس التلال والمراعي والحقول والمياه.
|