أسرار مصر في الدفترخانة دار المحفوظات العمومية تأسست منذ* 179* عاما وتكلفت* 50* ألف قرش
هي الدار التي تحتفظ داخلها بتفاصيل التفاصيل من تاريخ مصر اسمها دار المحفوظات العمومية مسجل بها كل المعلومات المتعلقة بتاريخ مصر في المجالات المختلفة سواء كانت الزراعة أو الصناعة أو البنية الأساسية بالإضافة الي الجيش وما يتعلق به من مؤسسات ومصانع*. مكتبة الإسكندرية كشفت عن تفاصيل ما تحتويه الدار في صفحات ضمها كتيب ذاكرة مصر المعاصرة*
. التفاصيل التي حصل عليها أيمن منصور في التعليم والثقافة والتنظيم الإداري للدولة أكدت أن من أهم إنجازات محمد علي وأكثرها بقاء هو مشروعه لإنشاء الدفترخانة المصرية وقد دفعه لذلك أن نظام حفظ الوثائق الرسمية ومستندات الدولة المتبع في مصر في العصر العثماني،* والقائم علي أساس احتفاظ كل مصلحة بدفاترها وأوراقها،* واحتفاظ النظار والكتاب والصرافين بأوراقهم بعد عزلهم أو نقلهم،* لا يحقق الهدف المرجو في بناء الدولة الحديثة التي أزمع محمد علي بناءها ولا يمدها بالمعلومات والبيانات،* فهداه تفكيره الي توحيد أماكن الحفظ في مؤسسة واحدة تكون مسئولة عن جمع السجلات والوثائق من كافة المصالح والدواوين والأقاليم،* وقد شجعه علي ذلك فقدان الكثير من الوثائق المهمة في أكثر من مناسبة*: فعندما ثار عليه الجنود الأرناؤؤد بعدما قام بتخفيض رواتبهم،* اضطر الي الهرب والإقامة بالقلعة،و فنهبت داره التي كانت بالأزبكية وفقدت الكثير من المستندات،* ومن بينها وثيقة المعاهدة التي وقعها مع الجنرال فريزر قائد الحملة المشهورة باسمه،
* كما كان الكتخدا* »نائب الباشا*« يحتفظ في ديوانه بكميات كبيرة من السجلات والوثائق،* وقد حدث أن شبّ* حريق في ديوان الكتخدا في* 18* يونيو* 1828م فأتي علي ما كان فيه من سجلات ووثائق*. ولذلك كله رأي محمد علي ضرورة إيجاد مكان آمن يحتفظ فيه بدفاتره وأوراقه،* ويكون صالحا لحمايتها من الحريق والسرقة والتلف،* وكانت القلعة هي المكان الأنسب لتحقيق هذه الأغراض،* فأمر الباشا بإنشاء* »الدفترخانة المصرية*« في عام* 1828م ليصبح أول دار للوثائق في العالم العربي وفي أفريقيا كلها وثاني دار وثائق في العالم بعد الأرشيف الوطني الفرنسي* Lصarchive National* 1790،*
وقبل أن تنشئ بريطانيا دار المحفوظات العام بلندن* Public Record Office* بعشر سنوات وقد بلغت نفقات إنشاء* »الدفترخانة المصرية*« نحو* 50000* قرش وكانت أول لائحة للدفترخانة تلك التي وضعها الخواجة يوحنا كاتب المصروف والتي أقرها* »المجلس العالي*« في* 24* رجب* 1425هـ*/ 19* يناير* 1830م،* وقد نصت تلك اللائحة علي تعيين راغب أفندي ناظر الضربخانة كأول أمين للدفترخانة المصرية،* كما نصت علي أن يقوم أمين الدفترخانة في نهاية كل عام مالي بجلب الدفاتر التي انتهي العمل فيها بالدواوين والأقاليم وحفظها في الدفترخانة،* وعليه التبليغ* عن أسماء النظار والكتاب الذين يتقاعسون عن إرسال دفاترهم وأوراقهم،* وكانت عقوبة هؤلاء حسب اللائحة الجلد* 100* سوط،* وكان نظام الحفظ يقوم علي أساس وضع السجلات والأوراق في صناديق خشبية ولكن لم تمض عدة سنوات حتي تكدست السجلات بالدفترخانة،* فصدرت الأوامر بإنشاء عيون خشبية بالمخازن،* فتم انشاؤها بتكلفة* 19636* قرشا*. وكانت الدفترخانة تابعة لقلم الخزينة التابع بدوره لديوان الخديو،* وفي عام* 1846م انتقلت تبعيتها الي ديوان المالية،* فاستعانت بالمسيو روسيه لكتابة تقرير عن نظم الحفظ الفرنسية،* للاهتداء بها في وضع لائحة جديدة* للدفترخانة،* وبعد أن قدم روسيه تقريره قامت* »الجمعية العمومية*« بوضع لائحة جديدة صدرت في* 7* ذي الحجة* 1262هـ*/ 6* ديسمبر* 1846م،* وقد نصت تلك اللائحة علي إنشاء دفترخانات في المديريات،* وميزت بين أنواع الوثائق والدفاتر ومدد حفظ كل منها في المديرية ومتي يجب نقلها الي الدفترخانة،* فنصت علي بقاء دفاتر الاستحقاقات والأشوان في يد الكتاب لمدة عامين،* ثم تسلم الي دفترخانة المديرية،* فتبقي فيها لمدة عشر سنوات،* ثم تنقل الي الدفترخانة العمومية بالقلعة*. وتعد دار المحفوظات العمومية حاليا واحدة من أهم وأغني أوعية الوثائق بمصر إن لم تكن أهمها وأغناها علي الإطلاق،* فهي تحتوي علي كم هائل من الوثائق والملفات التي تتنوع وتختلف لتغطي كافة أنشطة الكيان الرسمي للدولة ويقدر البعض محتويات الدار بما يقارب ثلاثة مليارات ورقة،* وهي بذلك تعتبر من أهم مصادر البيانات والمعلومات لكل فئات المجتمع سواء للمواطن العادي أو للباحثين أو حتي لبعض الجهات الرسمية بالدولة،* وهي أيضا تحوي كما هائلا من الوثائق التاريخية،* ففيها محفوظات وزارة الداخلية،* التي تضم دفاتر عتق الرقيق ودفاتر قيد العربان،* وسجلات أحوال العمد والمشايخ وغيرها وفيها أيضا دفاتر مكلفات الأطيان وكل ما يخص الأرض الزراعية،* والعقارات وما طرأ عليها من تغيرات،* منذ أن كان الفلاح المصري مكلفا وليس مخيرا في زراعة أرضه،
* ولعل من أهم المجموعات المحفوظة بالدار هي ملفات خدمة الموظفين وتقدر بحوالي* 90* ألف ملف وتتباين أهميتها بأهمية الشخص صاحب الملف وتعد تلك الملفات من أهم وثائق الدار حيث يتضمن كل ملف تاريخ حياة الموظف صاحب الملف وكل ما يتعلق بالوظائف التي شغلها خلال حياته وما ربط له أو لورثته من بعده من معاش*. وتضم الدار مجموعة أخري من الوثائق المهمة ولكن علي مستوي آخر من الأهمية ومن أمثال ذلك دفاتر الطب الشرعي،* دفاتر قيد بيوت العاهرات،* دفاتر رخص محلات مقلقة للراحة ومضرة بالصحة،* أوراق الكتاتيب،* أوراق الجبايات،* أوراق السيرك،* دفاتر رخص الموسيقي والغناء،ويمكننا تقدير عدد باقي ملفات ووثائق الدار بحوالي* 70* نوعا من أنواع الملفات وهي تغطي كافة وزارات ومصالح الحكومة،* ولعلنا نستطيع أن نؤكد أننا ومن خلال محتويات دار المحفوظات نستطيع أن نعيد كتابة مصر الحديثة بشكل أكثر وضوحا وتفصيلا وعليه فإننا لن نكون مبالغين إن قلنا إن دار المحفوظات العمومية المصرية هي بحق من كبري دور الوثائق*.