كيف يمكن معالجة اضطراب القلق الاجتماعي؟

[المستشار الصحفى]

الصحف المصرية والعربية

نشرت مجلة "سايكولوجي توداي" تقريرا، تحدثت فيه عن أحدث الطرق الفعالة لمعالجة القلق الاجتماعي. وتتمثل هذه الآلية فيما يعرف بالسلوك الاجتماعي المعرفي. ويقتضي هذا العلاج محاولة فهم الأسباب وراء القلق المتزايد حيال أبسط المواقف وجعل الأشخاص يصرفون النظر عن تلك الأفكار، من خلال تحليل أسباب قلقهم.

وقالت المجلة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن الكثير من الأشخاص يشعرون بالقلق عندما يكونون على موعد أول مع أشخاص لا يعرفونهم. وفي الكثير من الأحيان، تثير فكرة مقابلة أشخاص لأول مرة الشعور بالقلق. وغالبا ما يكون الأشخاص، الذين يعانون من مستويات عالية من القلق الاجتماعي، عرضة لمثل هذه المشاعر حتى في الحالات العادية.

وأكدت المجلة أن الباحثين لدى جامعة سيدني، ماثيو موديني وماري أبوت، يعتقدان أن التفكير المستمر بحدث قد يثير قدرا من التوتر والانزعاج يغذي الشعور بالقلق الاجتماعي. ومع مرور الوقت، لا تسبب الأمور، التي يمكن أن لا تسير على النحو المطلوب، الشعور بالمزيد من القلق فحسب، بل قد تؤثر أيضا على سلوك الشخص وطريقة تعاطيه مع تلك الوضعيات بشكل فعلي. فعلى سبيل المثال، في حال كنت قلقا من أن لا تحسن سكب القهوة، فستنسكب حتما بعض القهوة على الصحن أو ملابسك. وفي هذه الحالة، سينتابك شعور سلبي حيال نفسك. وقد يتفاقم هذا الشعور في مناسبات مماثلة.

ونقلت المجلة على لسان الباحثين موديني وأبوت، أن "الاجترار السلبي يعتبر من العوامل المؤدية للدخول في حلقة مفرغة من القلق الاجتماعي. ويمكن تعريفه على أنه فحص دقيق ومفصل للنتائج السلبية المتوقعة لوضعية اجتماعية حرجة". وفي بعض الأحيان، لا يتوقف الاجترار السلبي مع تجاوز الوضعية الحرجة، بل قد يستمر بعد انتهاء الحدث بوقت طويل أو عندما تسترجعه الذاكرة.

وأضافت المجلة أن باحثي سيدني أكدا أنه على الرغم من مرور 20 سنة على اكتشاف تداعيات الاجترار السلبي، إلا أنه هناك عدد محدود من الأبحاث حول كيفية مساعدة الأشخاص الذين يعانون من القلق الاجتماعي، بما في ذلك أولئك الذين يعجزون عن الخروج من دائرة القلق.

وذكرت المجلة أن العلاج السلوكي المعرفي يٌعتبر علاجا فعالا بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من مراحل متقدمة من القلق الاجتماعي. ووفقا للباحثين موديني وأبولت، من غير الواضح أي جوانب في إطار هذا العلاج تعد الأكثر فعالية. وعندما يكون الأشخاص الذين يعانون من القلق الاجتماعي، يوصي الباحثين بأن يعملوا على تجنب الاجترار السالب. ويركز هذا العلاج على الأداء وتقييم المخاطر التي تقود الأشخاص المصابين بالقلق الاجتماعي إلى الاجترار السلبي.

وأفادت المجلة أن العلاج الذي يسعى الباحثان إلى اكتشافه يتضمن "الانتباه غير المتحيز"، ليس فقط للأفكار التي تتملك الأشخاص بشأن ما يمكن أن يحدث بشكل خاطئ في وضعية اجتماعية معينة، بل أيضا الاعتقادات الخاطئة التي تجتاح الإنسان، والتي تحيل إلى أن الاجترار السلبي قد يمنع التداعيات السلبية.

وذكرت المجلة أن الإنسان قد يعتقد أنه سيستفيد من التمرين الذهني على جميع السيناريوهات السيئة بشأن ما قد يحدث في وضعية حرجة. وإذا كان الباحثان الأستراليان محقي، ينبغي أن يدرك الأشخاص الذين يعانون من اضطراب القلق الاجتماعي أنهم في حاجة إلى التوقف عن الاجترار السلبي، خاصة وأن ذلك قد يعرقل قدرتهم الفعلية على اجتياز الموقف بنجاح.

وبينت المجلة أن الدراسة التي أجراها الباحثان موديني وأبوت لم تطل الأفراد الذين بلغوا مراحل متقدمة من القلق الاجتماعي، ولكن أجريت على طلاب جامعيين. وقد أبرزت البيانات أن عددا من الطلاب وقع تصنيفهم ضمن الأشخاص المصابين بالقلق الاجتماعي السريري.

وأبرزت المجلة أنه على مدار خمسة أيام من الدراسة، أعد المشاركون خطابا دام ثلاثة دقائق حول موضوع معين. وكانت التجربة في حد ذاتها موجزة، حيث أمضى المشاركون بين 15 و20 دقيقة في تعلم كيفية الانخراط في "الانتباه غير المتحيز". في الأثناء، تلقى المشاركون تعليمات مفادها: "إذا انتابك شعور مكثف بالقلق، أخبر نفسك أنك دخلت في مرحلة الاجترار السلبي، لكنني لن أنساق وراء ذلك، طالما أنني أعلم أنه غير مفيد".

وأبرزت المجلة أن الباحثين موديني وأبوت، وكما توقعا، لاحظا أن الأفكار الاجترارية انخفضت بين الطلاب المشاركين. بالإضافة إلى ذلك، شعر هؤلاء الطلاب أنهم يتحكمون بشكل أكبر في الأفكار الاستباقية بشأن تصرفاتهم، وشعروا بقدر من الضيق عندما كانوا بصدد اجترار أفكارهم. من جهة أخرى، لم يبدو أن مستويات القلق والمخاوف بشأن أدائهم قد انخفضت عند العلاج.

وفي الختام، أردفت المجلة أن الباحثين موديني وأبوت لاحظا أنه قبل يوم من إجراء الدراسة، شعر المشاركون بالكثير من الضيق وانتابهم اجترار وسواسي. ويرى هذين الباحثين أن أفضل طريقة لمواجهة القلق عند في مواقف معينة تتمثل في أن يحاول الشخص مجابهة ذلك من خلال ممارسة تجربة "الانتباه غير المتحيز".

مزيد من التفاصيل