لم يتنظر المجلس العسكري السوداني إلى حين تشكيلحكومة مدنية، لاتخاذ قرارات ربما ليست من اختصاصه، بل من اختصاص الوزارت ذاتالشأن، سواء على الناحية الاقتصادية، أو الاجتماعية.
ولم تلق قرارات المجلس العسكري الأخيرةمعارضة تذكر، في ظل غياب سلطة مدنية متفق عليها.
وكان المجلس العسكري أصدر عددا من القرارات،الأربعاء الماضي، من بينها البدء بسداد ديون البلاد الخارجية، واستجلاب خط جديد لمطبعةالعملة لحل أزمة السيولة، وتعليق عقد شركة عالمية للموانئ تمهيدا لإلغائه، وكلهاذات طابع اقتصادي.
على الجانب الاجتماعي، قرر المجلس العسكرياعتماد يوم الأحد، عطلة أسبوعية للمدارس المسيحية في البلاد، بدلا من عطلة السبت.
وأصدر قرارا كلف بموجبه المراجع العام بالشروع فورا في المراجعة المالية والإدارية للإدارة العامة للحج والعمرة.
من جانب آخر، قرر المجلس أيضا تجميد صناديق دعم السلام والإعمار بولايتيجنوب كردفان، والنيل الأزرق، وحل مجالس إدارتها، واستلام المقار.
على جانب الصحة، وجه المجلس بإعادة الكشف الموحد للأطباء.
ورأى مراقبون تحدثت معهم "عربي21"أن انشغال القوى المدنية بالخلافات، والتأخر بالوصول سلطة مدنية متفق عليها تتسلمإدارة البلاد، هو ما يترك المجال للمجلس العسكري باتخاذ قرارات مشابهة.
مقرر الجبهة الوطنيةللتغيير، محمود الجمل، إن المجلس العسكري وقف إلى جانب الشعب في التظاهرات، وكانواضحا حين صرح أنه لا يطمح للاحتفاظ بالسلطة، وإنه سيعمل على حفظ البلاد والأمن،لكن المشكلة في القوى المدنية التي تفاوض المجلس، ما يؤخر انتقال السلطة إلى جهةمدنية.
وأشارلـ"عربي21" إلى أن الحل لوقف إدارة المجلس العسكري للبلاد هو التوافقبين القوى المدنية، والسير نحو تسليم السلطات لحكومة مدنية، الأمر الذي تعرقلهجهات في داخل قوى الحرية والتغيير، لأنها تريد إقصاء باقي القوى السياسية منالمشهد السياسي.
ولفت إلى أن على القوىالسياسية إعادة ترتيب أوضاعها، للوصول إلى مجلس وزراء من الكفاءات وبدون انتماءاتسياسية.
وتابع بأن قوى إعلانالحرية والتغيير بدأت عداء مبكرا للقوى الأخرى وهنالك من يؤثر على تجمع المهنيينمن الداخل لإقصاء الآخرين والوصول إلى السلطة.
اقرأ أيضا: اجتماع لـ"العسكري" وقوى سودانية لبحث المرحلة الانتقالية
وتابع: "لا نريدتحميل المجلس العسكري المسؤولية لأنه طلب من القوى المدنية الاتفاق على سلطة مدنيةعلى أن يضطلع هو بالمهمة العليا فقط".
وأشار إلى أن من ينتقدالمجلس العسكري الآن، يتلقى نفسه انتقادات من الآخرين واتهامات بالإقصاء، ومحاولةأخذ السلطة كاملة في المرحلة الانتقالية واستغلالها لإقصاء الباقيين من القوىالسياسية.
وانتهى السبت، اجتماعاللجنة المشتركة بين المجلس العسكري الانتقالي السوداني، و"قوى إعلان الحريةوالتغيير"، لبحث ترتيبات المرحلة الانتقالية.
وقال مفاوض من تحالف المعارضةبالسودان، بعد المحادثات مع المجلس العسكري، إنه يتوقع التوصل إلى اتفاق بشأنتشكيل مجلس جديد يدير عملية الانتقال في البلاد.
وأضاف أيمن نمر وهومفاوض من قوى إعلان الحرية والتغيير: "اليوم تقدمنا بخطوات إيجابية ونتوقعالتوصل لاتفاق مرض لكل الأطراف".
من جهته قال نائب رئيسحزب الإصلاح الآن، حسن رزق، أن تصرفات المجلس العسكري وقراراته أمر طبيعي في غيابالسلطة التشريعية والتنفيذية، ويعتبر الآن هو المسؤول.
وأشار إلى أن الحليكمن في أن يسرع المدنيون المشغولون بخلافاتهم بالاتفاق على حكومة مدنية.
وتابع في حديثهلـ"عربي21" بأنه لا يبدو أن المدنيين سيتفقون في القريب العاجل، والجيشالذي اقتلع النظام، هو من أفرج عن السجناء، وينفذ الآن ما هو في مصلحته، إلى حينالإتيان بحكومة مدنية.
وأكد أن المطلوب منقوى إعلان الحرية والتغيير التنازل والتفاهم مع الآخرين بغية الوصول إلى حكومةمدنية، ومجلس تشريعي.
وأضاف أن الكل يدعيأنه يمثل السودانيين، وإن السودانيين اعتادوا بعد سقوط كل نظام، دخول المدنيين فيخلافات.
ونوه إلى أن المسألةفي السودان معقدة، وإن الصراع سيؤدي إلى أن يستقوي المجلس العسكري، وأن يأخذ منالسلطات أكثر مما ينبغي.
وتابع: "لن يكتفيالمجلس العسكري بالتفرج على الخلافات، بل سيتوى السلطات، وربما يشكل حكومة ويضعلها رئيسا دون الرجوع إلى أحد بحجة عدم الاتفاق".
وتخوف رزق من الوصولإلى تمزق في بنية المجتمع السوداني.
مزيد من التفاصيل