طرح تشكيل قوى سياسية وقبلية،تكتلا جديدا في محافظة المهرة ( شرق اليمن)، تساؤلات عدة حول دلالته وتوقيته، وما يمكنأن يضيفه للمشهد المعقد في البلاد.
يذكر أن المهرة التي كانت مسرحالحراك شعبي مناهض للوجود العسكري السعودي منذ ما يزيد عن عام ونصف.
التكتل الجديد الذي تم الاعلانعنه في اليومين الماضيين، في مدينة الغيظة عاصمة المهرة، باسم "مجلس الانقاذ الوطنيالجنوبي"، جاء بعد موجة احتجاجات واسعةمناهضة للوجود السعودي في محافظتهم ووصفهه له بـ"الاحتلال".
"إنقاذ ما يمكن إنقاذه"
من جانبه، قال رئيس مجلس"الانقاذ الوطني الجنوبي" اللواء أحمد قحطان، إن التدخل الخارجي وما تسببمن وضع مزري في اليمن، فرض الحاجة إلى التحركالجاد والعمل على "إنقاذ ما يمكن إنقاذه من وطننا".
وأضاف في تصريح لـ"عربي21"أن هناك تدميرا وتقويضا للبنية التحتية واستباحة لسيادة البلد وانتهاك لحقوق اليمنيينوحرياتهم، وضرب نسيجه الاجتماعي لخدمة ما وصفه بـ"تحالف العدوان الخارجي".
وبحسب اللواء قحطان فإن هذاالمجلس يسعى إلى إصلاح "هذه الاختلالات الخطيرة ودرئها عن وطننا ومجتمعنا دوناقصاء أو استثناء".
وأكد أن المجلس سيعمل على مضاعفةالجهود لحماية البلد وسيادته والتوفيق بين مختلف الفرقاء السياسيين لإنهاء حالتي الانقساموالتشظي التي تعصفان بالمشهد السياسي في البلاد.
"تأطير الحراك الشعبي"
من جانبه، رأى الكاتب والمحللالسياسي، عبدالرقيب الهدياني أن تشكيل مجلس إنقاذ وطني في المهرة يأتي في إطار تنظيموتأطير الحراك الشعبي الذي اندلع منذ أكثر من عام.
وقال في حديث لـ"عربي21":"اليوم يتطور ويتأطر في إطار مكون اجتماعي وسياسي يضم ويجمع قطاعا أكبر وائتلافقوى سياسية مثل حزب المؤتمر والحزب الناصري واتحاد القوى الشعبية، والتي أعلنت انضواءهافي هذا التكتل".
وأشار الهدياني إلى أن هناكفي الجنوب مجالس انفصالية تشكلت مدعومة بالأسلحة والقوة، مثل "المجلس الانتقالي"،و"مؤتمر حضرموت الجامع" الذي يتبني استقلال حضرموت، أكبر محافظات البلاد.
لكنه استدرك قائلا: "مجلسالانقاذ في المهرة لا يتصادم مع الدولة، ويؤكد على سيادة الدولة، ويقدم خطابا جديداغير الذي كان يتردد عبر الاحتجاجات الشعبية منذ أكثر من عام في تلك المحافظة الواقعةعلى بحر العرب".
وأضاف: "كانت القوى التيتقود الحراك الشعبي في المهرة، تتمترس بالدولة وبالشرعية خلال الفترة السابقة".
لكنها اليوم، وفقا للكاتب اليمني،"وسعت السقف، فهي تبحث عن شراكة ترتكز على قاعدة رفض الاحتلال، أي السعودي والاماراتيالذي تدخل بشكل سافر في المهرة، وعلى قاعدة ايقاف الحرب وحماية السيادة، والاستعدادللتعامل مع كل المكونات اليمنية".
ولفت إلى أن اللغة الشعبية التيانتهجتها قوى المهرة في اطار الشرعية لم تجد نفعا، بل قوبلت بمعاداة ورفض وقمع من قبلالسلطة الشرعية والسعودية المتواجدة هناك. معتبرا ذلك "خسارة للشرعية التي لمتحسن توظيف الاحتجاجات الشعبية أو احتوائها لمصلحتها".
وأوضح أنه لا يمكن إغفال"الدور الخارجي وعلاقته بسلطنة عمان التي تتمتع بنفوذ في المهرة وتعتبرها عمقااستراتيجيا و جزءا من أمنها القومي". مبينا أن "الدور العماني سيكون فاعلاوداعما كبيرا لهذا المجلس".
ونوه الهدياني إلى أن تشكيلمجلس الاإقاذ في المهرة، يأتي في إطار المحاصصة السياسية، وما يجري تداوله عن تشكيلحكومي قادم سيستوعب مكونات جنوبية مثل "الانتقالي ومؤتمر حضرموت الجامع والائتلافالجنوبي ومجلس الحراك الثوري الجنوبي".
فيما يتشكل المجلس اليوم ليقول: أنا هنا واملك مقومات ما لا تمتلكه مكوناتأخرى.
"نقلة نوعية"
وفي هذا السياق، قال الصحفيوالناشط السياسي عبدالجبار الجريري إن مجلس الإنقاذ الوطني الجنوبي، "يمثل نقلةنوعية في الطرح السياسي اليمني السائد".
وتابع في حديث لـ"عربي21":" المجلس الجديد يعد المكون الوحيد الذي ينادي بدعم الشرعية وفي نفس الوقت يطالببإخراج القوات الأجنبية من اليمن، ورفض الهيمنة الخارجية عليه، بالإضافة إلى مطالبهبرفع الحصار ووقف الحرب التي لم تعد الشرعية لليمن ولم تساهم في دعم البلد".
وبحسب الجريري فإن "الصوتالذي ينادي به مجلس الإنقاذ الوطني صوت حر يدافع عن سيادة وكرامة اليمن التي أصبحتمستباحة من قبل السعودية والإمارات".
وأشار إلى أن كثيرا من أبناءاليمن، ظلوا يحلمون بوجود تيار سياسي قوي ينادي بالحفاظ على سيادة اليمن، وهذا ما يقدمهالتكتل الذي تشكل مؤخرا في المهرة.
وذكر الناشط السياسي اليمنيأن كل القوى السياسية التقليدية في اليمن دأبت على الصمت إزاء تجاوزات السعودية والإمارات،ولذلك فإن مجلس الانقاذ الوطني، ينتهج مسارا جديدا "للحفاظ على سيادة البلد منأي مساس ويرفض سياسات التحالف القائمة على الانفراد بأجزاء من أرض الوطن".
وفي بيان إشهار المجلس أكد أنهيهدف إلى وقف الحرب ورفع الحصار وإنقاذ البلاد من حالة الانقسام والتشظي والتردي فيمختلف المجالات والمستويات من خلال الدعوة للحوار والشراكة بين كل الأطراف السياسيةوالاجتماعية الفاعلة والوقوف على مسافة واحدة من الجميع.
وعبر عن رفضه للتواجد العسكريالأجنبي في اليمن والتدخل في شؤونه الداخلية ورفض اقتطاع أي جزء من أراضيه أو جزرهاو بحاره أو حقوقه التاريخية.
كما أكد بيان الإشهار أن الشعب صاحب السلطة ومصدرها، لذلك لا يجوز فرضأي مشاريع سياسية وسيادية من قبل أي طرف ما لم تكن عبر الوسائل الديمقراطيةالشرعية المتعارف عليها من خلال انتخاب ممثلين شرعيين، أو من خلال الاستفتاءاتالمباشرة والحرة والنزيهة، أو على أساس التوافق بين كل الأطراف دون استثناء، بعدزوال كل موانع الحرية وعلى رأس ذلك التدخل الأجنبي.
مزيد من التفاصيل