الضفة الغربية - المركز الفلسطيني للإعلام
بالرغم من مرور ما يقارب الأسبوعين على تحرر الشاب معتصم سمير سقف الحيط (26 عاماً)، من سجن جنيد بنابلس، إلا أنه ما زال يتذكر تلك اللحظات العصيبة من التحقيق والتعذيب القاسي التي تعرض له في سجني جنيد بنابلس وسجن أريحا خلال فترة اعتقاله على خلفية سياسية لدى أجهزة السلطة والتي استمرت لشهر كامل.
وضمن الحلقة الأولى من سلسلة "مذكرات معتقل سياسي"، يعرض "المركز الفلسطيني للإعلام" الجزء الأول من شهادة الشاب معتصم سقف الحيط، حيث يسرد من خلالها ما تعرض له منذ اعتقاله بتاريخ 13 يناير 2015 وأبرز المحطات التي عايشها خلال هذه الفترة.
بداية الاعتقال
يقول معتصم: في يوم 13-1-2015 وبعد أن وصلني استدعاء لمراجعة مقر المخابرات في مدينة نابلس في منطقة المخفية، وبعد ساعتين من الاستجواب في مقر المخابرات، تم تحويلي إلى سجن جنيد.
ويضيف "المحقق في سجن جنيد بدأ تحقيقه دون الحديث عن شيء محدد، فقد قال لي: هيا تكلّم بما عندك، قلت: ما عندي شيء لأقوله، فردَّ: أنت تعرف لماذا استدعيناك تكلّم، قلت: كلا لا أعرف، وهنا استغل المحقق عدم إجابتي، للتهديد القولي أولاً، ومن ثم التنفيذ، حيث قال لي: ملفك ستنهيه وتتحدث بما فيه، باللين أو بالقوة يجب أن تنهيه".
ويتابع معتصم بالقول: "سألني المحقق: كم هي أطول فترة تحقيق جلستها بحياتك في السجون، قلت: تم التحقيق معي باعتقالات سابقة بمركز تحقيق الجلمة وبيتح تكفا و جهاز الوقائي، فقال أنا سأحطم معك الرقم القياسي، في أطول فترة تحقيق أمضيتها وسأريك".
الشبح العاري والعاصفة هدى
ويروي معتصم أنه: "فيما يقارب الساعة الثانية ظهراً من أول يوم للتحقيق، وكانت فلسطين وقتها تعيش المنخفض الثلجي (هدى)، قال لي المحقق: سأبدأ معك بخطة: أنا سأسألك كل نصف ساعة سؤالا، فإذا أجبت عليه رضيت، وإذا لم تجب، ستخلع قطعة من ملابسك، وبدأ يسأل أموراً لا علاقة لي بها، وبدأ في كل نصف ساعة يطرح سؤالاً، ويطالبني بخلع قطعة من ملابسي، حتى لم يتبقَّ عليَّ إلا القطعة السفلى من الملابس الداخلية".
ويؤكد سقف الحيط: "ورغم أني كنت أرتجف من البرد، ذهب المحقق وأحضر دلواً من الماء وسكبه عليّ، وقام بفتح النافذة والباب لإحداث تيار هواء بارد، وأنا أرتجف من البرد، ولم يكتف بذلك، بل نادى بعدها على أحد العساكر، وطلب منه إحضار مروحة هواء، فقال له العسكري: لا يوجد عندنا في القسم أية مروحة، فذهب المحقق ليبحث عنها بنفسه في الأقسام الأخرى، وقال لي مهدداً، والله لأحولك إلى خرقة جافة، والله لأنشفك الليلة".
ويضيف معتصم: "بدأت وأنا عارٍ في وجه هواء العاصفة البارد، أشعر بتشنجات في جسدي، في ظهري ويداي ولم أستطع تحريكهما، وواصل المحقق تحقيقه معي وأنا على هذه الحالة، بقصص يختلقها من عقله، ليجد مبرراً لتعذيبي بها، فكان يصفعني على وجهي تارة، ويلكمني بقبضة يده بقوة على وجهي تارة أخرى، إضافة لقيامه بعجن لحم جسدي بيديه بقوة".
وأشار معتصم سقف الحيط: "إن من الأساليب التي استخدمها المحقق لإيجاد مبرر للضرب، أنه كانت معه صورة لكشف حسابي في البنك، وبه بضعة آلاف من الشواقل، لا يتجاوز مجموعها الألفي دولار، وقال لي من أين لك هذا، فقلت له هذه رواتبي من السلطة لكوني أسير محرر، وهنا استشاط غضباً، وقال لي: أنتم حشرات هذه رواتبنا، كيف لكم أن تأخذوا رواتب من السلطة، وانقضَّ عليَّ بمسطرة حديدية، وبدأ يضربني بها على مختلف أنحاء جسدي العاري".
كيس بلاستك بالرأس
ويضيف معتصم: "بعد مغرب ذلك اليوم في التحقيق، جاء بكيس بلاستيكي، وأدخله في رأسي، وربطه ليخنقني، وبعد خمس دقائق شعرت أني سأموت، بعد أن التصق النايلون على فمي وأنفي نتيجة لتعرق وجهي، ولما بدأت بالصراخ والغضب قام بنزعه".
ويضيف: "وبعدها أبقاني مشبوحاً ويداي إلى الوراء، قبالة الشباك والباب، عرياناً حتى الثانية ليلاً، وقتها سمح لي بارتداء ملابسي، وأبقاني مشبوحاً وحافياً على الأرض المبللة بالماء الذي رشقني به، وظل طيلة الساعات التالية، يغيب فترة من الزمن، ويعود لضربي وإهانتي وشتمي وشتم حركة حماس، ثم يغادر، وهكذا كل نصف ساعة أو ساعة من الوقت، حتى طلوع الفجر.
الشعور بالسّادية
ويشير معتصم: "أن المحقق وبعد أن أنهك من التعب، قال لي سأتركك تنام، ولكن يجب قبلها أن تسقط على الأرض، فقلت له ولمَ؟ ، قال حتى أشعر بالانتصار؟!!، فقد تعبتُ كثيراً ولا يمكن أن أنهي التحقيق معك، دون أن أشعر بالانتصار، فقلت له: لن أسقط، فأنا مستعد للبقاء أياماً ولا أسقط مهاناً على الأرض، وهنا استشاط غضباً، وأبقاني في التحقيق مشبوحاً حتى الصباح، وهو يشتم قيادات حماس ونوابها تارة، ويهينني ويضربني تارة أخرى، وقد طلبت منه أكثر من مرة السماح لي بأداء صلاة العشاء والفجر، لكنه رفض، وعند السادسة صباحاً أرسلني إلى الزنزانة، وأبقاني مشبوحاً حتى الثامنة صباحاً، وقت انتهاء دوامه".
الحرمان من النوم
ويواصل معتصم سقف الحيط رواية فترة التعذيب التي تعرض لها بالقول: "بقيت في الزنزانة التي لا يتجاوز طولها المترين وعرضها المتر الواحد، حافياً بلا فرشة أو غطاء، أجلس على الأرض الشديدة البرودة، وأنا أشعر بالبرد كالمسامير تنخر عظامي".
ويضيف: "بعد يومين، جاء أحد العساكر وسألني منذ كم وأنت بلا نوم، فقلت: منذ ثلاثة أيام، فقال لي يمكنك الآن النوم، وكانت الساعة وقتها تقريباً تقترب من السادسةِ مساءً، وعند الصباح جاؤوا وسحبوا مني الفرشة والغطاء، وأخذوني إلى التحقيق ثانيًة، وبدأ المحقق بتهديدي بالشبح لأسبوع كامل، وقال إن لدينا قراراً، بإبقاء بعض عناصر حماس في السجن، لنوصل رسائل إلى غزة".
https://www.palinfo.com/site/pic/new...?itemid=172115