وصف اقتصاديون مصريون بيان وزيرة التخطيط المصريةهالة السعيد عن ارتفاع معدل النمو الاقتصادي خلال الربع الثاني من العام الماليالحالي 2018/2019، إلى 5.5 بالمئة مقارنة بـ5.3 بالمئة عن نفس الفترة من العامالسابق، ومقارنة بـ3.5 بالمئة لمعدل النمو العالمي، بأنه نمو مخادع ومشوه تقودهقطاعات ريعية لا تعكس حقيقة الوضع في القطاعات الرئيسية للاقتصاد المصري.
وحسب بيان وزارة التخطيط والتنمية الذي أصدرته صباحالخميس فإن معدل النمو المستهدف للعام الحالي هو 5.6 بالمئة، مؤكدة أن الفترةنفسها شهدت انخفاضا بمعدل البطالة إلى 10 بالمئة، كما احتل قطاع الاتصالات مقدمةمعدلات النمو حيث بلغ 16.4 بالمئة، يليه قطاعات الاستخراجات البترولية والغاز الذيبلغ 13.2 بالمئة، وقطاع التشييد والبناء بنسبة 8.9 بالمئة وقطاع قناة السويس بنسبة8.6 بالمئة، في حين بلغت معدلات النمو بقطاعات الزراعة 3.5 بالمئة والصناعة 2بالمئة فقط.
وفي تعليقه على الأرقام التي أعلنتها الوزارة حولمعدلات النمو، أكد مدير مركز دراسات الدول النامية بجامعة القاهرة الدكتور مصطفيكامل السيد، أن هذه الأرقام تعد الأفضل منذ عام 2011، كما أنها الأعلى في منطقةالشرق الأوسط، ولكن المهم هو من أين يأتي هذا النمو؟
وأوضح السيد في تحليله للأرقام عبر صفحته على "فيسبوك"،أن القطاعات القائدة لهذا المعدل هي الاتصالات والاستخراج (غاز طبيعي ونفط)والتشييد والبناء وقناة السويس، والتي بلغت معدلات نموها 16 بالمئة و13 بالمئة و9 بالمئة و9 بالمئة بالترتيب،بينما كانت الزراعة والصناعة هي الأقل نموا بمعدلات تبلغ 3.5 بالمئة و2 بالمئة علىالتوالي.
ويشير السيد إلى أن المعدلات المتواضعة جدا فيقطاعات الزراعة والصناعة لا تحقق نقلة نوعية للاقتصاد المصري، ولا تسهم في تقليلالواردات ولا توفر فرص عمل كريمة، كما أنها لا يمكن أن تضع مصر في صف الدولالصناعية الجديدة مثل كوريا الجنوبية أو الصين أو الهند، داعيا صناع القرار بمصرلتعديل مسار الاقتصاد المصري حتى يحقق معدل نمو حقيقي.
الأموال الساخنة
من جانبه، يصف المستشار الاقتصادي السابق بالأممالمتحدة إبراهيم نوار ما أعلنته الحكومة المصرية من أرقام عن معدلات النمو بأنهنمو مشوه تقوده قطاعات ريعية، وتدفقات أموال ساخنة، وقروض بمسميات مختلفة، بينمامحركات النمو الحقيقية المتمثلة في تراجع الصناعات التكنولوجية والتحويليةالمتقدمة، والمجالات الزراعة المتنوعة، بالإضافة لزيادة معدلات الفقر، تعني أنهناك فساد واضح في الحديث عن معدلات النمو.
ويضيف نوار لـ"عربي21" أن مقياس الناتجالمحلي الإجمالي لم يعد هو المؤشر الوحيد لقياس معدلات النمو، خاصة وأن الناتجالمحلي قد يزيد فعلا، ولكن هذه الزيادة لا تعني انخفاض نسبة الفقراء، أو تراجعمعدلات التفاوت، أو تحسن ظروف الحياة للمواطنين.
اقرأ أيضا: "النقد الدولي" يخفض توقعاته للنمو بالشرق الأوسط في 2019
ويضيف نوار أن الناتج المحلي الإجمالي قد يزيد أيضابسبب كثافة الاستثمار في قطاعات أولية أو ريعية او صناعية لا تولد الكثير من فرصالعمل، وهو ما يزيد معها معدل البطالة، كما أن الناتج قد يزيد بسبب زيادة قطاعاتمملوكة للأجانب كليا او جزئيا، مثل قطاعات التمويل والنفط والغاز، وبعض الخدماتالمفتوحة تماما للاستثمار الأجنبي، فتكون النتيجة هي زيادة الحصة المملوكة للأجانبمن عوائد الناتج المحلي على حساب القطاع الوطني.
وفيما يتعلق بتزامن ارتفاع معدلات النمو مع انخفاضسعر الدولار مقابل الجنيه، لأول مرة منذ تحرير سعر الصرف في 2016، يؤكد الخبيرالأممي أن ما يحدث هو نتيجة طبيعية لتدفق أموال الأجانب بمبلغ يقدر بمليار دولارلشراء أدوات الدين المصرية ذات العائد والفائدة المرتفعة، بعد تسعة شهور من الخروجالمتواصل لهذه الأموال من مصر.
ويشير نوار إلى أن هذه الحالة يطلق عليها اقتصاديا"الأموال الساخنة" التي تبحث عن كل مليم في سوق المال وأدوات الدينوالبورصة، وفي النهاية يواصل الدين ارتفاعه ويجب على المصريين أن يسددوا هذهالفوائد المتزايدة. أي أن الامر ليس متعلقا بتحسن في زيادة الصادرات أو تقليلالواردات، بل هو متعلق بمضاربات مالية، لا تشير لاتجاه حقيقي عن ارتفاع سعر الجنيهمقابل الدولار.
خداع متعمد
في إطار متصل، يؤكد الخبير الاقتصادي كامل المتناويلـ"عربي21" أن الحكومة المصرية تخترع معدلات نمو مختلفة عن العالم، فهيتعتبر أن الاقتصاد الريعي معيار النمو، بينما التجارب الناجحة قديما وحديثا، تعتمدعلى الاقتصاد التنموي والإنتاجي والصناعي، الذي يُحدِث الفارق بحياة المواطن، سواءفي الحصول على فرص عمل، أو الخدمات التي تقدمها الحكومة كانعكاس إيجابي لهذاالنمو، وهو ما لا يتوافر بالحالة المصرية.
ويشير المتناوي أن الحكومة تحاول خداع المواطنينوتتلاعب بأرقام النمو الاقتصادي، في تناقض واضح لتصريحات رئيس نظام الانقلاب عبدالفتاح السيسي خلال مؤتمره مع الرئيس الفرنسي بأنه لا يستطيع أن يوفر فرص عمللمليون خريج كل عام، ما يشير لفشل الخطط التنموية للحكومة التي تعتمد في نشاطهاالاقتصادي على المشروعات العقارية التي أصبحت تعاني هي الأخرى من ركود شديد نتيجةتراجع الحالة الاقتصادية بشكل عام للمصريين.
مزيد من التفاصيل