حكاية ميدان التحرير - منتديات المطاريد
بسم الله الرحمن الرحيم
وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَٰهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَٰهٌ ۚ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ (84) وَتَبَارَكَ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَعِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (85) "الزخرف"

منتديات المطاريد | الهجرة الى كندا | الهجرة الى استراليا

 


DeenOnDemand


BBC NEWS

    آخر 10 مشاركات

    Arabic Discussion Forum with a Special Interest in Travel and Immigration

    Immigration to Canada, Australia, and New Zealand

    Egypt and Middle East Politics, History and Economy

    Jobs in Saudi Arabia, USA, Canada, Australia, and New Zealand

    العودة   منتديات المطاريد > سياسة واقتصاد > ثورة مصر ... 25 يناير 2011 > ميدان التحرير

    ميدان التحرير

    حكاية ميدان التحرير


    الهجرة إلى كندا والولايات المتحدة واستراليا

    مواقع هامة وإعلانات نصية

    إضافة رد
     
    أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
    قديم 7th March 2011, 12:13 PM مصرية غير متواجد حالياً
      رقم المشاركة : 1
    Platinum Member
     





    مصرية has a reputation beyond reputeمصرية has a reputation beyond reputeمصرية has a reputation beyond reputeمصرية has a reputation beyond reputeمصرية has a reputation beyond reputeمصرية has a reputation beyond reputeمصرية has a reputation beyond reputeمصرية has a reputation beyond reputeمصرية has a reputation beyond reputeمصرية has a reputation beyond reputeمصرية has a reputation beyond repute

    مصرية's Flag is: Egypt

    افتراضي حكاية ميدان التحرير

    أنا : مصرية




    عبدالرحمن يوسف يكتب «يوميات ثورة الصبار» (١) .. ٢٥ يناير.. الشرارة الأولى للثورة

    ٧/ ٣/ ٢٠١١

    وصل الغضب فى مصر إلى أقصى الحدود منذ سنوات، وكنت – أنا وغيرى – نشير إلى ذلك فى شتى كتاباتنا، ولكن بعد نجاح ثورة تونس فى منتصف يناير ٢٠١١، تغير الوضع، وأصبح التغيير أقرب مما نتصور، على الأقل فى نظرى.

    لقد وصل المصريون إلى درجة من درجات اليأس المطبق، وفقدوا الثقة فى كل شىء جميل، وفى أى غد مشرق، والأهم من ذلك أنهم فقدوا الثقة فى أنفسهم، فأصبحوا ينظرون إلى أنفسهم على أنهم مجموعة من «السكّان»، وليسوا شعبا عريقا عظيما.
    وبسبب هذا اليأس، تعامل البعض مع الدعوة التى خرجت إلى التظاهر فى عيد الشرطة الذى يوافق ٢٥ يناير ٢٠١١ بشكل روتينى، فقالوا إنها ستكون مناسبة مثل كل المناسبات، وإن المبالغة فى تصويرها وكأنها ثورة محددة الموعد يعتبر تسطيحا لأمر شديد الأهمية!

    لذلك هاتفت بعض الناشطين لكى يغيروا نظرتهم لهذه المناسبة، وكانت حجتى فى ذلك أن ما حدث فى تونس جعل الملايين من المصريين يصدقون أن إرادة الشعوب لا تقهر، وأن هناك احتمالا أن نرى مفاجأة كبيرة فى هذا اليوم، وقد استجاب لى أغلب الناشطين الذين حدثتهم، وقرروا إعادة النظر فى المشاركة فى هذا اليوم.

    قررت أن أشترك فى هذا اليوم مع مجموعة من خيرة شباب مصر يمثلون «الحملة الشعبية لدعم البرادعى ومطالب التغيير»، تلك الحركة الشبابية النقية التى شرفت بالمشاركة فى تأسيسها، وشرفت بأن أكون منسقها العام لعام كامل انتهى فى ديسمبر ٢٠١٠، وقد اختار الشباب أن يقيموا وقفة احتجاجية أمام نقابة الأطباء «دار الحكمة»، وكان الترتيب يقتضى بأن يكون المكان سرياً، لذلك لم أعلم بمكان التجمع إلا قبل الوقفة بحوالى ساعة، وقد أخبرت عشرات الناشطين الذين أرادوا أن ينضموا لهذه الوقفة أن يتصلوا بى صباح الثلاثاء ٢٥ يناير لكى أخبرهم بمكان الوقفة.

    هذا التخطيط نتج عنه أننا حين وصلنا إلى نقابة الأطباء لم نجد أى شرطة، بل وجدنا المكان خاليا لنا تماما، مما أتاح لنا فرصة التجمع، وتكوين نواة لمظاهرة كبيرة، وبالفعل.. تكونت هذه النواة من عدة مئات، ثم استمرت فى التضخم حتى بلغت ما يقرب من حوالى ألفى متظاهر، غالبيتهم العظمى من الشباب، بنين وبنات.

    بعد أن بدأنا بالهتاف حضرت الشرطة، وقامت بعمل كردون أمنى (محترم) من حولنا، بل إنهم أغلقوا حركة سير السيارات فى شارع قصر العينى.

    بدأت الهتافات: «عيش، حرية، كرامة إنسانية».. وأنا ابتكرت هتافين، الأول: «يا أهالينا انضموا لينا، قبل بلدنا ما تغرق بينا»، والثانى: «يا عسكرى يا أبوبندقية، إنت معايا ولاَّ علىّ، إنت بتحمى فى الحرامية»! وهو هتاف مقتبس من أغنية كتبها الشاعر إبراهيم عبدالفتاح. وكنت أنظر فى عيون المجندين والضباط، خصوصا عند جملة: انت بتحمى فى الحرامية، فأرى فى عيونهم حزنا وخجلا يصل لدرجة الخزى...!

    حضر الوقفة مجموعة من الرموز والمثقفين، من أهمهم د. عبدالمنعم أبوالفتوح، والكاتب الساخر بلال فضل، والسيناريست محمد دياب، والمخرج عمرو سلامة، والمطرب المتميز حمزة نمرة، وغيرهم .

    كانت الهتافات مركزية، يقودها الناشط محمود عادل، مؤسس جروب «البرادعى رئيسا».

    ثم بدأنا بإلقاء الكلمات: بدأت أنا، وكانت الكلمة فى أغلبها موجهة إلى هؤلاء الزبانية الأغبياء الواقفين أمامنا، يحمون قاتلَهُم، من مخلِّصِهم!

    ثم توالت الكلمات، عبدالمنعم أبوالفتوح، وبلال فضل، الذى ألقى كلمة شديدة التأثير.
    بعد مرور ما يقرب من ساعتين اتضح أننا أصبحنا فى فخ، فلا نحن نستطيع الحركة، لأن الحصار الأمنى كبير جدا، ولا حتى نستطيع أن نزيد حجم المظاهرة، وذلك بسبب منع الناس من السير فى الشارع سواء بسياراتهم، أو راجلين!

    وبدأت تصلنا أخبار من أماكن شتى، كلها تشير إلى أن آلاف المتظاهرين يزحفون من أماكن مختلفة إلى ميدان التحرير، لذلك اقترحت أن نكسر الطوق الأمنى ونتجه إلى الميدان، وكان ذلك قرارا صعبا، لأننا نرى أمامنا جنودا مدججين بالسلاح والغباء، جاهزين للفتك بنا إن حاولنا التحرك.

    فى النهاية، بدأت – أنا وغيرى – ممن نفد صبرهم من هذا الوضع المتجمد بكسر الحصار، وكانت النتيجة أننا اشتبكنا مع الأمن، وحدثت بعض الإصابات، وحين انكسر الطوق جرى الجميع باتجاه ميدان التحرير.

    وكان من أهم الأشخاص الذين أصيبوا المخرج السنيمائى عمر سلامة، إذ أمسك به رجال الأمن، وأوسعوه ضربا، وكانت إصاباته بالغة السوء، بل أظنه كاد يقتل فى مدخل إحدى العمارات فى شارع قصر العينى.

    حين بدأنا بالجرى، وجدنا أمامنا تشكيلات ضخمة جدا من شرطة مكافحة الشغب، وكان ذلك طبيعيا ومتوقعا، لأننا نسير فى اتجاه مبنى مجلس الشعب، لذلك لم نجد خيارا سوى أن ننحرف يسارا إلى ضاحية جاردن سيتى، لنصل بعد أن نعبرها إلى الكورنيش، ومنها إلى ميدان التحرير.

    ولكن ما حدث، أن شرطة مكافحة الشغب حاصرتنا فى محطة للوقود، وتجمعنا عدة مئات، وأمامنا جيوش من الشرطة بهراواتهم السوداء يقفون مستعدين للفتك بنا.

    مع بداية الحصار حاول بعض ضباط أمن الدولة بملابسهم المدنية أن يضربوا المتظاهرين، وفوجئوا بمقاومتنا الشديدة، أنا شخصيا ضربت أحدهم وهو يضرب أحد الشباب بعصا غليظة فى يده، إذ أخذت العصا منه وضربته بها، مما تسبب فى حالة من التجمد فى الموقف، فالشرطة لم تكن تصدق أن هناك من يجرؤ على مقاومتها بهذه البسالة، ونتج عن ذلك أن تمكن الشباب من الصعود إلى مبنى موجود فى المحطة، وظللت أنا وعدة أفراد واقفين أمام طابور الشرطة.

    وفجأة، قفز رجل من العاملين فى المحطة محذرا الجميع من أننا نقف على خزان البنزين الرئيسى فى المحطة، وأننا جميعا فى خطر كبير!

    كان ذلك مخرجا لنا، فجاء الفنان المصرى (عباس أبوالحسن) وتفاوض مع الضابط بشأن خروجنا، هو وأحد الأصدقاء الأعزاء (وهو من أقارب شخص مهم جدا فى النظام الحاكم)، ونجحت المفاوضات، وخرجنا من المحطة إلى ضاحية جاردن سيتى.

    وعند خروجنا، حصل بينى وبين ضابط شاب احتكاك لا أدرى كيف بدأ، ولكننى أظن أن كتفى لمسه وأنا أسير خارجا، فما كان منه إلا أن دفعنى بقوة، فوقفت، ونظرت إليه فى عينيه، فسبنى بالأم!

    حينها قلت له بكل أدب وغضب: هل تعرف أمى؟
    فسبها مرة أخرى: فقلت له ما معناه إنك شخص تافه وأنا أقترب منه، وفى يده هراوة، ووقفت أمامه قائلا: لو كنت راجل... إضرب!
    فوقف متسمرا وهو رافع عصاه، ويده ترتجف دون أن يتمكن من أن يضرب، وبعدها أتى عباس أبوالحسن، وصديقى الذى ذكرت، ومشينا.

    أذكر هذه الحادثة الآن وكأنها إرهاصات الهزيمة النفسية لجهاز الشرطة، ذلك الجهاز الذى كان يعتمد على خوف الناس، وعلى تراجعهم أمامه، وحين تجرأ الناس انهارت كل أجهزة الشرطة فى وقت قياسى.

    استغرقت رحلتنا إلى ميدان التحرير حوالى ساعة، وكانت محفوفة بالمخاطر، لأننا كنا تائهين فى ضاحية جاردن سيتى، وكنا نحاول أن نتجنب العديد من المصائب فى رحلتنا، أهمها مبنى السفارة الأمريكية، وكذلك السفارة الكندية، والبريطانية!

    كنا خائفين أن نحتك بأى شكل من الأشكال مع الحراسات المخصصة لهذه الأماكن الحساسة.

    وبفضل الله، وجدت ضمن المتظاهرين الدكتورة مديحة دوس، وهى من سكان جاردن سيتى فتمكنت من إرشادنا إلى كيفية الوصول إلى الكورنيش عبر متاهات جاردن سيتى، وسرنا حتى وصلنا إلى ميدان الشهداء (التحرير سابقا)، من أسفل كوبرى قصر النيل.
    بالنسبة لى... كانت هذه اللحظة من أعمق لحظات عمرى!

    لقد كان منظر الميدان وهو ممتلئ بعشرات الآلاف من المتظاهرين يبشر بالفجر الذى طال انتظاره، وحين دخلت الميدان ووجدت الشباب يهتفون فرحا بقدوم فوج جديد إليهم، ويستقبلوننى بالبشر والسرور.

    حينها بكيت!

    وبدأت أصرخ بشكل هستيرى: «مصر عظيمة، نحن شعب عظيم، أى كلب يقول إننا لا نثور سنضربه بالحذاء، ما أجمل مصر».

    كل ذلك وأنا أبكى، وحولى مجموعة صغيرة من الشباب الذين اشتركوا معى فى هذه اللحظة الممتدة.

    الميدان فى تلك اللحظة كان ملكا لنا، لا حركة سيارات، ولا شرطة مكافحة شغب فى داخله، الشرطة تقف على مداخل الميدان، دون أن تهاجمنا، أو بعد أن هاجمتنا وصددنا هجومها، وقد تم توثيق هروب الشرطة أمام المتظاهرين عبر كاميرات المحمول، ونشر ذلك على الفيس بوك، مما كان له أبلغ الأثر فى مظاهرات جمعة الغضب بعدها بأيام.
    من أغرب ما حدث فى هذا اليوم، أننا حين وصلنا إلى الميدان، قرر العقل الجمعى للشعب المصرى العبقرى أن يحول الهتاف من (عيش.. حرية.. كرامة إنسانية)، إلى هتافات سياسية بحتة تطالب برحيل الرئيس، وسقوط النظام!

    بعد أن تجمعنا فى الميدان بدأت المشاكل.

    المشكلة الأولى: هى الاتصالات، فأصبح استخدام التليفون المحمول صعبا جدا، وذلك بسبب تشويش من عربات مخصصة لذلك يستخدمها جهاز أمن الدولة، مما صعب من تواصلنا مع بعضنا البعض كناشطين فى مناطق مختلفة، ولكن الخبر كان قد انتشر، وأصبح ميدان التحرير قبلة جميع المتظاهرين فى ذلك اليوم، فجاء المتظاهرون من المهندسين، ومن شبرا، ومن ناهيا ومناطق الجيزة المختلفة، وبعد العشاء اكتمل العدد، وقد وصل إلى ما أقدره بحوالى أربعين ألفا.

    المشكلة الثانية: كانت فى كيفية التعامل مع كل هذه الحشود التى لا يربط بينها رابط، فأغلب الحاضرين كانوا من غير المسيسين، وكان الجميع لا يعرف ما الذى ينبغى عمله بعد ذلك! لذلك، كلفت الشباب بشراء سماعات وميكروفون فورا، وأخرجت من جيبى الخاص مبلغ ١٢٠٠ جنيه، وبالفعل ذهب (محمود عادل) الناشط المعروف ومؤسس جروب «البرادعى رئيسا» إلى باب اللوق واشترى سماعة ضخمة، وميكروفونا، مع عدة كهرباء.

     

    الموضوع الأصلي : حكاية ميدان التحرير     -||-     المصدر : منتديات المطاريد     -||-     الكاتب : مصرية

     

     


     
    رد مع اقتباس


    Latest Threads By This Member
    Thread Forum Last Poster Replies Views Last Post
    2013 كل سنة وإنتوا طيبيين ترحيبات ... مناسبات ... علاقات عامة ديما 8 2150 31st December 2012 11:56 AM
    رجاء بمناسبة الدعوة لمظاهرات غدا الثلاثاء شؤون مصر الداخلية hanipal 10 2788 26th November 2012 06:56 AM
    في حب الرسول مع الحبيب علي ومعز مسعود شؤون إسلامية مصرية 8 2170 21st September 2012 07:01 PM
    يعني إيه براجماتي وامبريالي؟ مناقشات وحوارات جادة m.sherif 6 4969 10th July 2012 04:42 PM
    للتاريخ: توثيق مراسم تسليم السلطة يومي 29 و30... إنتخابات الرئاسة مصرية 4 1769 2nd July 2012 05:07 PM

    قديم 8th March 2011, 05:29 PM مصرية غير متواجد حالياً
      رقم المشاركة : 2
    مصرية
    Platinum Member
     





    مصرية has a reputation beyond reputeمصرية has a reputation beyond reputeمصرية has a reputation beyond reputeمصرية has a reputation beyond reputeمصرية has a reputation beyond reputeمصرية has a reputation beyond reputeمصرية has a reputation beyond reputeمصرية has a reputation beyond reputeمصرية has a reputation beyond reputeمصرية has a reputation beyond reputeمصرية has a reputation beyond repute

    مصرية's Flag is: Egypt

    افتراضي

    أنا : مصرية





    عبدالرحمن يوسف يكتب «يوميات ثورة الصبار» (٢)

    ٨/ ٣/ ٢٠١١

    كل طبقات المجتمع كانت ممثلة فى «ميدان التحرير»

    كنا نحتاج لصوت قوى بعد أن وصلنا إلى ميدان التحرير وتجمعت هناك الحركات المشاركة فى الثورة لذلك أرسلت لشراء السماعات والميكروفون لنتمكن من توجيه هذا الجمهور، بدلاً من أن يظل بلا هدف.

    وقررنا أن نأخذ كهرباء من عمود النور بجوار إشارة المرور المطلة على الميدان باتجاه مطعم «هارديز» وحين احتجنا كهربائياً، وجدنا العديد من الكهربائيين ضمن المتظاهرين.

    كنت فى قمة السعادة، فهذا التجمع يضم طبقات متعددة، طلبة فى الجامعة الأمريكية، وفى الجامعات المصرية، ومهنيين، وفلاحين، فقراء وأغنياء، بنين وبنات، وهذه ظاهرة جديدة فى الحياة السياسية المصرية، فالمتظاهرون من طبقات شتى، ولا يعرفون بعضهم البعض.

    لقد مللنا من المظاهرات التى نلتقى فيها بكل الوجوه التى نعرفها، تبدأ المظاهرة وعددنا ألف شخص، وتنتهى دون أن تصبح ألفاً وواحداً.

    المهم.. جاءت المعدات، وفشلنا فى أن نجهزها للعمل.

    ولكنى صممت على تنفيذ الفكرة، فقلت للناشط المعروف د.مصطفى النجار المنسق العام للحملة الشعبية لدعم البرادعى ومطالب التغيير بضرورة أن يحضر أجهزة أخرى وقد كان، فأخرج من جيبه ما يقرب من ١٥٠٠ جنيه، وتم شراء عدة أخرى ونجح الفنيون فى تركيبها.

    أمسكــت بالميكـــروفون، وقلت:

    بســــم اللــــه الرحــمن الرحيم
    يا شباب مصر.
    أعلن عن بدء إذاعة التغيير ومقرها ميدان التحرير بالقاهرة.

    فانفجر جمهور الحاضرين بالتصفيق والهتاف.

    ثم أكملت كلامى: يعد برامجها ويحررها ويقدمها شباب مصر الثائر المعتصم بميدان التحرير.

    بدأت بتحميس الشباب، وبتوجيههم إلى ضرورة الصمود فى أماكنهم مهما كان الثمن، وبأننا إذا صمدنا حتى صباح الغد واستيقظت القاهرة ووجدتنا فى الميدان فمعنى ذلك أننا سنبدأ صفحة جديدة فى الحياة السياسية فى مصر.

    وبالفعل، امتلأ الجميع حماسة وتصميماً على البقاء فى الميدان حتى الصباح.
    أعلنا كذلك عن فتح الباب للحديث فى الإذاعة لمن يريد أن يلقى قصيدة أو أغنية أو كلمة، وبدأنا بتلقى الطلبات من الجمهور، ووعدنا الجميع بأن تكون الإذاعة ملكاً للجميع، وقد كانت كذلك بالفعل، لمدة ساعتين!

    وكان من ضمن ما أشعل الحماس أننى أعلنت أن هذه الثورة قد بدأت بدفع ثمن الحرية وذلك بشهيدين فى السويس!

    كانت التجربة المطبوعة فى ذهنى مؤلمة جداً!

    وأعنى بها تجربة حدثت فى مارس ٢٠٠٣، بعد أن بدأت أمريكا بضرب العراق، فاعتصمنا فى الميدان بنفس الطريقة، وعند الفجر، هجم الأمن المركزى وطرد من طرد، واعتقل من اعتقل.

    كان المنظر مختلفاً، فالعدد هذه المرة أضعاف العدد الموجود فى ٢٠٠٣، وأهم من ذلك أن الهمم والمعنويات مختلفة تماماً.

    بدأنا بفعاليات الإذاعة، وبدأ المتحدثون بالحديث، أذكر أن أول المتحدثين كان الدكتور علاء الأسوانى، وتحدثت أيضاً السيدة جميلة إسماعيل، والدكتور عبدالجليل مصطفى، والنائب الإخوانى محمد البلتاجى، وغيرهم.

    وكنت الوحيد الذى لم يتحدث، فقد شعرت بحرج أن ألقى أشعارى على الحضور وأنا المسؤول عن الإذاعة، برغم أن المئات من الحضور أمامى كانوا يطالبوننى بذلك، ولكنى تحرجت، وانتهى اليوم دون أن ألقى قصيدة واحدة، بل قدمت الآخرين فقط.

    قبل انتصاف الليل، كانت تحركات الشرطة أصبحت مريبة، لذلك وجهت جموع الحاضرين إلى التفرق على مداخل الميدان المختلفة لتأمينها جميعاً، وكان لذلك أثر طيب قلل الخسائر عند اقتحام الشرطة للميدان.

    هذه التوجيهات لم تكن اجتهاداً منى بقدر ما كانت استجابة للشباب النابه من حولى.

    بعد انتصاف الليل كان صوتى قد بلغ به الإرهاق حدًا رهيبًا، فلم أتمكن من مواصلة إدارة الإذاعة، فتركتها للشباب، وبدأت بالتجول على مداخل الميدان المختلفة لأتأكد من أن جميعها قد تم تأمينه، وكان معى فى هذه الجولة د. مصطفى النجار.

    وفجأة، وبدون أى سابق إنذار، بدأ الهجوم الوحشى القذر من الأمن المركزى..! سقطت القنبلة الأولى على الإذاعة مباشرة..!

    المدرعات تتقدم، وأصوات القنابل تدوى، والقنابل المسيلة للدموع تنطلق عاليًا وتسقط فى وسط الميدان حيث الحديقة.

    كان من الصعب أن نصمد هذا اليوم، لذلك قرر العقل الجمعى للشعب المصرى أن يغادر الميدان.

    فى هذه اللحظة، كان مصطفى النجار أمامى، وخطر فى بالى خاطر، هل أمشى معه، أم أنصرف لوحدى؟

    وأخذت القرار، وانصرفت وحيدًا، واختفيت بين الجموع الهاربة، وكان ذلك قرارًا حكيمًا، ذلك أن مصطفى قد قبض عليه، ولو كنت قد مشيت معه لقبض علينا معًا!

    من ضمن ما حدث أثناء الهروب أن سقطت بجوارى قنبلة مسيلة للدموع، فحاولت التقاطها بشكل شديد السذاجة، فكدت أختنق بالدخان، ولولا أن بعض الشباب عرفونى وساعدونى فى الهروب لكنت قد سقطت من شدة الإعياء..!

    كانت خطة الشرطة أن يجبرونا على الخروج من الميدان، لذلك تركوا لنا بعض الطرق للخروج، أنا خرجت فى جمع غفير من شارع (شامبليون)، وكان الشباب يهتفون بمنتهى الحماس، يسقط يسقط حسنى مبارك، الشعب يريد إسقاط النظام. وحين اقترب منى بعض الشباب سائلين: هل خسرنا المعركة بانصرافنا؟

    جاوبتهم بكل ثقة: هذا الجمع ما فر إلا ليكر..!

    وقلتها بالعامية: إحنا مش هاربانين، إحنا ماشيين علشان نرجع بعدد أكبر..! وهو ما حدث بعدها بأيام.

    مشيت مع المظاهرة مسافة كبيرة، فمشينا عبر شارع الجلاء، ومنه إلى بولاق، ثم ركبت سيارة أجرة إلى منزلى، لكى أتابع ما الذى حدث، لأننى كنت منفصلا تماما عن العالم بسبب فراغ بطارية هاتفى.

    وصلت منزلى فى تمام الثالثة والنصف صباحا، وبدأت الاتصالات، وأدركت أننا أمام هجوم وحشى تأذى فيه الكثيرون، وعند الصباح بدأت الأخبار تتوالى حول اعتقال مصطفى النجار.

    بعد خروج مصطفى من السجن بحوالى يوم ونصف تبين أننا حين كنا نسير معا فى الميدان لحظة الهجوم كنا مراقبين من أشخاص لا نراهم، وأنهم ساروا خلف مصطفى النجار، واستغلوا أنه تعب من الغازات المسيلة للدموع، وتظاهروا بمساعدته، ثم قاموا بخطفه فى سيارة مجهولة إلى مبنى أمن الدولة فى لاظوغلى.

    كان القبض على مصطفى النجار لسببين، الأول: أنه المسؤول عن أول دعوة للتظاهرة، فقد أصدرت الحملة بيانا قالت فيه:

    تدعو الحملة الشعبية لدعم البرادعى ومطالب التغيير جموع الشعب المصرى إلى الخروج فى تظاهرات سلمية يوم كذا بشكل كذا.. إلخ..!

    والسبب الثانى: الإذاعة التى كانت فى الميدان..!

    لذلك عومل بقسوة شديدة فى سجنه، وضرب ضرباً شديداً، ولم يفرج عنه إلا لأنه كاد يموت فى الحجز، وذلك لأنه مصاب بمرض فى رئته يتسبب فى حالات ضيق تنفس واختناق، ونظرا لأنه كان مكمما طوال فترة حجزه، فقد تسبب ذلك فى إصابته بنوبة اختناق، كادت تودى بحياته، فرموه فى الشارع لكى لا يموت عندهم!

    من أهم ما جرى فى السجن أن جهاز أمن الدولة لم يكن يتخيل أن يتحرك الشعب المصرى!

    حين أخبرهم مصطفى أن الحاضرين فى الميدان لا انتماء لهم، ضربوه بعنف، وحاولوا أن يجبروه على التوقيع على اعترافات ملخصها أن ما حدث كان خطة متفقا عليها بين د. البرادعى، وبين الإخوان المسلمين..!

    وكانوا رافضين تماما لأى حديث عن حركة عفوية للناس، وكان من أسباب ضرب «مصطفى» فى سجنه أنه رفض التوقيع على هذه الاعترافات المفبركة رفضاً تاماً.
    خصوصاً أنها كانت مدعمة بالصور، وبالصوت والصورة، إذ تم تصويرنا ونحن نتحدث فى الإذاعة، التى أقمناها فى الميدان.

    حين حكى لى مصطفى ما حدث، شعرت بأن النهاية اقتربت، لأن أعراض غرور هذا الجهاز أصبحت أكبر من أن يعيش معها، إن غرور أمن الدولة كان من أهم أسباب القضاء على هذا الجهاز الخسيس.

    خرج مصطفى النجار مصاباً، فهو يعرج بسبب ضرب مبرح فى ركبته، وكذلك كان مصاباً بشرخ فى أحد أضلاع صدره، بالإضافة للإرهاق الذى تسبب فيه تكميمه طوال فترة اعتقاله، مما أدى إلى نوبة ضيق التنفس التى أصابته.

    استمرت المظاهرات حتى يوم الجمعة، وهو يوم جمعة الغضب الذى دعونا إليه أول ما دعونا من خلال الإذاعة، التى كانت فى ميدان التحرير!

    بعد أن تم فض الاعتصام هاتفنى أصدقاء لم أسمع أصواتهم منذ سنوات وسنوات، ليعرفوا كيفية الانضمام لهذه الحركة.

    كان الشعور الغالب عند من يتصل بى، أنه قد فاته شرف الاشتراك فى التظاهرة الكبرى فى ميدان التحرير، وأنه يريد أن يعوض ما فاته.

    وخلال اليومين التاليين (الأربعاء، والخميس) استمرت المظاهرات فى عشرات الأماكن فى القاهرة الكبرى، كانت مظاهرات صغيرة، أو متوسطة، ولكنها استدعت حشد قوات الأمن المركزى، مما تسبب فى إرهاق شديد لهذه القوات، وبالتالى كانت المهمة سهلة يوم الجمعة، فقد كنا نحارب جيشاً منهكاً تمام الإنهاك.

    ليلة الجمعة وصل الدكتور محمد البرادعى إلى القاهرة، بعد أن قطع سفره، خصيصاً لينضم إلى التظاهرات.

    وعقدنا اجتماعاً معه فى منزله فور وصوله، وكان من ضمن الحاضرين الدكتور عبدالجليل مصطفى، والأستاذ على البرادعى، والدكتور عصام العريان، والدكتور سعد الكتاتنى، والدكتور مصطفى النجار، والناشط عبدالمنعم إمام.

    من أهم ما دار فى الاجتماع أن الإخوان المسلمين قد اتخذوا الموقف الصحيح، وكان كلام الدكتور العريان والدكتور الكتاتنى يدل على أن الجماعة قد قررت النزول للشارع وأن تلتحم مع الشعب المصرى فى ثورته.

     

     


     
    رد مع اقتباس

    قديم 9th March 2011, 07:36 AM مصرية غير متواجد حالياً
      رقم المشاركة : 3
    مصرية
    Platinum Member
     





    مصرية has a reputation beyond reputeمصرية has a reputation beyond reputeمصرية has a reputation beyond reputeمصرية has a reputation beyond reputeمصرية has a reputation beyond reputeمصرية has a reputation beyond reputeمصرية has a reputation beyond reputeمصرية has a reputation beyond reputeمصرية has a reputation beyond reputeمصرية has a reputation beyond reputeمصرية has a reputation beyond repute

    مصرية's Flag is: Egypt

    افتراضي

    أنا : مصرية





    عبدالرحمن يوسف يكتب «يوميات ثورة الصبّار» (٣)

    ٩/ ٣/ ٢٠١١


    معركة الماء والقنابل والبصل والخَلّ

    سألنى الدكتور البرادعى عن رأيى فيما يحدث، قلت إننا لابد أن نفهم أننا لا نتعامل مع وزارة الداخلية، وأن هذا الوضع الذى نحن فيه يعتبر أكبر تهديد للنظام الجمهورى منذ قيامه عام ١٩٥٢، وبالتالى هذا الأمر أكبر بكثير من أن يديره وزير داخلية أيا كان، وأننا نتعامل حاليا مع النواة الصلبة للنظام، وأن هناك غرفة عمليات فى مكان ما تدير المسألة، وتعطى أوامرها لوزارة الداخلية لكى تنفذ.

    ودللت على ذلك بأن النظام فعل ذلك عند أزمة القضاة، وشكّل غرفة عمليات تدير الأزمة، وتعطى الأوامر لوزارة الداخلية لتنفذها فقط، ولا دور لوزارة الداخلية سوى التنفيذ.

    وكان من ضمن ما قلته إن أكبر خطر يهددنا هو أن يطول أمد المعركة، وأننا لابد أن نكون حذرين جدا فى إدارة عمر المعركة، لأننا لا نضمن إلى أى حد سيطول نَفَس الجموع معنا، ولا ينبغى أن نرهق الجموع فى معركة طويلة الأمد دون أن نتأكد من قدرة الناس على الاستمرار، وقد قدرت الزمن الذى ينبغى أن نحسم فيه المعركة بحوالى أسبوعين.

    وقد تبين بعد ذلك أن الشعب المصرى أعظم وأقوى مما نظن، فقد طالت المعركة أكثر من ذلك، ولم يقل الزخم، ولم تفتر عزيمة المعتصمين.

    ويبدو أن النظام بلغ أيضا من الغرور والغباء بحيث أوكل إدارة هذه المعركة لوزير الداخلية الفاشل لوحده.

    كنا نتوقع أن يكون عدد المتظاهرين من مليون إلى مليونى متظاهر فى مصر كلها، وكان تخوفنا أن يكون العدد أقل من مليون متظاهر، وكنا نعتبر أن نزول مليونى متظاهر كفيل بأن يهز النظام هزة قد تنهيه تماما.

    كانت الخطة أن نصلى الجمعة مع الدكتور محمد البرادعى فى مسجد الاستقامة الواقع فى ميدان الجيزة، تم إعلان ذلك على الـ«فيس بوك»، واتصل بى عشرات المواطنين والناشطين يتساءلون عن مكان صلاة الدكتور، وأخبرتهم.

    كانت الأخبار تتواتر لدينا بنية الحكومة فى قطع جميع أشكال الاتصال، من محمول، وإنترنت، لذلك اتفق جميع الناشطين على أماكن لقائهم بدقة لأنهم يعلمون أن التواصل غدا قد يكون مستحيلا.

    فى صباح يوم الجمعة حدث أمر غريب، وخلاصته أن الدكتور مصطفى النجار اضطر أن يتحرك من مسكنه فى مدينة السادس من أكتوبر إلى ميدان التحرير لكى يوصل غرضا معينا، وكان تحركه فى حدود التاسعة صباحا، وقد اتصل بى وهو فزع، وقال لى:

    (الجيش شكله حينزل)...!

    فاستغربت، وسألته عن السبب، فأجاب بأنه لا يرى شرطيا واحدا فى أى شارع من شوارع القاهرة منذ انطلق من مدينة السادس من أكتوبر وحتى وصوله إلى وسط المدينة!

    أعدت عليه السؤال، فكرر الإجابة مؤكدا، وأخبرنى أنه فى ميدان التحرير، ولا يوجد أى شرطة لمكافحة الشغب، بل إن شرطة المرور اختفت من الشوارع...!

    اتصلت ببعض الأصدقاء أسألهم عن دلالة ذلك، وكان من ضمنهم الصديق العزيز الأستاذ حسين عبدالغنى الإعلامى الشهير، وأذكر أنه قال لى: (دى مش موجودة فى الكتاب يا عبدالرحمن!)، ويقصد أنه أمر غريب مريب لا تفسير له.

    تبيّن بعد ذلك أن ما حدث أمر من اثنين، إما أن الشرطة كانت مختبئة وظهرت فى وقت الصلاة، وهو احتمال أستبعده.

    وإما أن شرطة مكافحة الشغب قد تعبت بعد ثلاثة أيام من العمل المتواصل، فعادت إلى معسكراتها ليلة الجمعة وذلك فى محاولة لمنح هذه القوات قسطا من الراحة، ثم جلبت إلى مواقعها مع صلاة الجمعة، وهذا ما أرجحه.

    وصلتنا أخبار صباح الجمعة أن الأمن سيمنع الصلاة فى مسجد الاستقامة، وبالتالى قلنا للجميع «أحضروا معكم سجاجيدكم لكى نصلى فى الشارع».

    قبل العاشرة والنصف بدأت شبكات المحمول بالتأثر، وخلال عدة دقائق تعطلت الشبكات الثلاث، وانقطع الناس عن بعضهم البعض تماما، وانقطع كذلك الاتصال بالشبكة العنكبوتية، مما جعل مصر جزيرة منعزلة عن العالم، وأصبح شكل الاتصال الوحيد المتاح هو الاتصال عن طريق الهاتف الأرضى.

    كان الاتفاق أن نلتقى أمام منزل الدكتور أحمد شكرى، وهو ابن أخت الدكتور البرادعى، ويسكن أمام حديقة الحيوان بالقرب من ميدان الجيزة، وتقابلنا هناك فى حدود الحادية عشرة صباحا، وكان هناك جمع من الرموز على رأسهم الدكتور عبدالجليل مصطفى، والدكتور أبوالغار، ومصطفى النجار، التقيت يومها السيدة هبة صالح مراسلة الفاينانشيال تايمز للمرة الأولى، وذلك بعد علاقة (لاسلكية) استمرت عدة شهور، وكان من الحاضرين كذلك د.أسامة الغزالى حرب، والصحفى الأستاذ إبراهيم عيسى.

    وصل الدكتور البرادعى متأخرا قليلا، وبعد أن كنا بدأنا بالقلق عليه، وتحركنا فور وصوله إلى مسجد الاستقامة فى مسيرة بالسيارات، ووقفنا قبل الوصول للمسجد فى مكان متفق عليه، حيث كان ينتظرنا عشرات الشباب لكى يقوموا بالتحلق حول الدكتور لحمايته من أى أذى.

    تحلق الشباب حول الدكتور، وبدأت المسيرة التى لم تستغرق سوى دقائق ونحن نهتف «تحيا مصر»، حتى وصلنا إلى المسجد، وكانت الخطبة قد بدأت، وكان المسجد غاصا بالمصلين.

    حاولت الدخول إلى المسجد فلم أتمكن، ولكنى صليت أمام باب المسجد.

    أما الدكتور البرادعى ومن معه، بسبب كثرة المحيطين به، فلم يتمكنوا من الوصول إلى باب المسجد من الأساس، لذلك صلوا فى الشارع.

    المكان محاصر بآلاف الجنود من الأمن المركزى، والجو فيه قلق وتوتر يكاد يشمه المرء فى الهواء.

    حاولت التركيز فى خطبة الجمعة لأعرف رأى المؤسسة الدينية فيما يحدث، فوجدت الخطبة متوازنة.

    المسجد الذى اخترناه تابع للجمعية الشرعية، وقد قال الخطيب فى خطبته، إن الجمعية الشرعية أصدرت بيانا من ثلاث نقاط، النقطة الأولى تدعو الحكومة إلى رد المظالم، والنقطة الثانية تؤكد فيه على حق المتظاهرين فى التعبير عن رأيهم، والنقطة الثالثة تدعو المتظاهرين إلى عدم الاعتداء على أى ممتلكات عامة أو خاصة.

    بعد أن سلم الإمام تسليمته الثانية انطلقت الهتافات من المصلين بشكل عفوى، تحيا مصر، ومن جهة أخرى هتافات تقول التغيير التغيير، ولكن حين هتف شخص قائلا:

    يسقط يسقط حسنى مبارك، توحدت كل الحناجر كأنها سيل عرم، أو كأنها رعد من السماء، وظل المصلون يرددون هذا الهتاف ضد مبارك ويكررونه دون أى كلل أو ملل.

    فى هذه الأثناء غيرت موقعى لكى أحاول الوصول للدكتور البرادعى، فرأيت مشهدا لن أنساه، لقد بدأت المدرعات برش المياه على المصلين برغم أنهم لم يتحركوا بعد من أماكنهم، ونظراً لأن الدكتور البرادعى لم يتمكن من دخول الجامع، فقد كان خرطوم المياه موجهاً نحوه مباشرة!

    حاول الشباب أن يحموه، ولكنى شاهدت الماء يخبطه هو شخصيا فى رأسه وجسده، وهو مستكين صابر كعادته، كل ما فعله أن حمى نظارته من السقوط بيديه، ثم أخذه الشباب إلى داخل المسجد، لكى يتمكنوا من حمايته، وانضم له فى المسجد كل الكبار الذين كانوا معه.

    كان أمامى ثلاثة خيارات، الخيار الأول: التوجه مع مجموعة من المصلين إلى جامعة القاهرة.

    والخيار الثانى: أن أحتمى بالمسجد مع الدكتور البرادعى والناشطين الذين معه.

    والخيار الثالث: أن أخوض المعركة مع المتظاهرين المتجمهرين هنا فى ميدان الجيزة.

    وقد اخترت الخيار الثالث، لكى أبقى على مقربة من الدكتور البرادعى لو حدث أى تطور، ولكى لا يفوتنى شرف المشاركة فى هذا اليوم العظيم.

    بدأت المعركة برش المياه على المتظاهرين، وقد كنت من ضمن مجموعة حاولت أن تحمس الناس لكى يتشجعوا ويدخلوا باتجاه الجنود، وقد قمت بالاشتباك مع بعض الجنود، وخطفت عصا من يد واحد منهم، وكنت سعيداً بها جدا، ولكنها ضاعت منى فى أحداث المعركة بعد ذلك!

    حين اشتبكت مع الجنود أصابنى خرطوم المياه الخارج من المدرعة إصابة مباشرة من قمة رأسى إلى أخمص قدمى، فصار منظرى كأننى خرجت من البحر لتوى!

    كنت ألبس بنطلون (جينز)، وكنزتين من الصوف، وذلك لحماية جسمى من الهراوات، التى قد تسقط عليه، وصار كل ذلك مبتلاً تماما، كل ما ألبسه من ملابس، حتى الداخلية صارت مبتلة تماما، وظلت مبتلة لساعات، حتى إننى بعد أن صليت العصر كنت ما زلت أعصر ملابسى فتنز الماء نزا!

    بدأت المعركة بالماء، ثم بعد أن ابتعد المتظاهرون- بسبب الماء- مسافة معقولة بدأت القنابل المسيلة للدموع بالانطلاق.

    لقد ألقى علينا مئات من القنابل!

    كان عدد المتظاهرين يزداد كل دقيقة، وكان المتظاهرون يأتون من مناطق الجيزة المختلفة، حتى يصلوا إلى ميدان الجيزة، فينضموا إلينا.

    كان المتظاهرون قد فهموا اللعبة، وعرفوا كيفية التعامل مع القنابل المسيلة للدموع، فالعلاج هو الخل، مناديل مبتلة بالخل، وكذلك أن يشم المصاب بصلا، أو أن يغسل وجهه بالبيبسى أو ما شابه ذلك من المشروبات، بالإضافة إلى حماية الوجه بقناع طبى، وحماية العيون بنظارة مائية أو ما شابه ذلك، وقد تعلمنا ذلك من خلال التواصل مع الشباب التونسى على الـ«فيس بوك».

    كنت قد حصنت نفسى ببعض هذه الأشياء، وخضت المعركة مع شباب الجيزة الذين أظهروا شجاعة مذهلة!

    كانوا يقفزون إلى القنابل المسيلة قفزا، ثم يمسكونها بيديهم، ويركضون بسرعة إلى رجال الشرطة، ثم يلقونها ناحيتهم، وقد ساعدهم فى ذلك أن الله شاء أن يتغير اتجاه الريح فيصبح باتجاه الشرطة لا باتجاهنا.

    فى هذه المعركة.. عرفت أن التغيير أصبح واقعاً...!

    لم أر فى حياتى كلها المصريين يحبون بعضهم بهذا الشكل!

    البصل والخل يتساقط علينا من الشرفات، كلما تعب شخص وجد عشرة يحملونه ويساعدونه، وجدت من المتظاهرين من اشترى قطرات العيون وظل يعالج بها عيون المصابين بالقنابل، ووجدت من يشترى البيبسى لكى يساعد المصابين!

    كان حوارى الداخلى يقول: (هؤلاء هم المصريون، المصريون الذين يقتلون بعضهم البعض من أجل عشرة جنيهات، هؤلاء هم المصريون الذين يقترفون جميع الموبقات، هؤلاء هم الذين يدفعون الرشى والإكراميات، ولا يتقنون أعمالهم، ويعيشون عالة على الأمم وعلى أنفسهم.. هاهم يستخرجون أفضل ما فى أنفسهم بعد أن قرروا أن يكونوا قادة أنفسهم)!


     

     


     
    رد مع اقتباس

    قديم 10th March 2011, 01:47 PM مصرية غير متواجد حالياً
      رقم المشاركة : 4
    مصرية
    Platinum Member
     





    مصرية has a reputation beyond reputeمصرية has a reputation beyond reputeمصرية has a reputation beyond reputeمصرية has a reputation beyond reputeمصرية has a reputation beyond reputeمصرية has a reputation beyond reputeمصرية has a reputation beyond reputeمصرية has a reputation beyond reputeمصرية has a reputation beyond reputeمصرية has a reputation beyond reputeمصرية has a reputation beyond repute

    مصرية's Flag is: Egypt

    افتراضي

    أنا : مصرية




    عبدالرحمن يوسف يكتب «يوميات ثورة الصبّار» (٤)

    ١٠/ ٣/ ٢٠١١

    .. وبدأت «معركة الصبر»

    (هاهم يستخرجون أفضل ما فى أنفسهم بعد أن قرروا أن يكونوا قادة أنفسهم)!

    وكان من المشاهد المؤثرة التى شاهدتها رجل مع امرأته الحامل يخوضان المعركة مع المتظاهرين!

    شاهدت أطفالا صغارا لا تتجاوز أعمارهم العاشرة يشاركون فى المعركة، وشاهدت سيدات كبيرات، وفتيات صغيرات.

    كانت الغالبية العظمى من الشباب الذين لم يُتموا الثلاثين.

    كنت أشعر أن البلد يولد من جديد، كنت أشعر بطاقة حب غريبة!

    بالرغم من اشتعال المعركة كان الجميع يواصلون الهتاف: «يسقط يسقط حسنى مبارك»، وكلما شاهدوا شابا أو رجلا فى شرفة من الشرفات يتفرج على المظاهرة هتفوا له وهم يؤشرون له بالنزول: (انزل انزل خليك راجل.. حسنى مبارك راحل راحل!).

    فى هذه الأثناء أذن العصر، وبدأ الناس بأداء الصلاة جماعات جماعات تحت الجسر، ورغم مرور كل هذا الوقت إلا أن ملابسى ما زالت تقطر ماء بسبب المدرعة اللعينة التى أغرقتنى بمائها، وبدأت أشعر بإجهاد شديد بسبب البرودة النسبية لذلك اليوم، بالإضافة إلى الغازات والمجهود الذى يبذله المرء فى الكر والفر.

    انضممت إلى جماعة وصليت العصر، ثم أكملت الجموع معركتها مع الشرطة.

    لقد كان الوعى الذى يحرك المتظاهرين فى غاية الروعة، لدرجة أننى كنت أحمل فى يدى حجرا على سبيل الاحتياط، فوجدت من ينبهنى إلى ضرورة التزام الشكل السلمى للتظاهرة.

    وبقدر الوعى الذى كان فى المتظاهرين، بقدر ما كانت خسة رجال الشرطة، فقد أحرقوا سيارة مدنية خاصة واقفة فى الشارع عمدا أمام أعيننا، وحين حاول البعض إطفاء الحريق أطلقوا نحوهم القنابل، ثم أطلقوا عليهم الرصاص المطاطى.

    وفى منتصف المعركة توقفت الشرطة عن إطلاق القنابل حتى أُوحى إلينا أن المعركة انتهت، ولهذا بدأ المتجمهرون بالاقتراب من الشرطة، وبعد أن أصبحنا فى مواجهتهم انهالت علينا القنابل من المدرعات، ومن فوق الجسر، وتسبب ذلك فى إصابات كثيرة، وأصبت حينها باختناق شديد، وفقدت العصا التى غنمتها من الجندى، ولولا مساعدة أحد الناشطين الذين يعرفوننى (كريم الجهينى) لكنت قد فقدت وعيى.

    بعدها بدا واضحا أن التشكيلات التى أمامنا من مكافحة الشغب قد باتت فى وضع محرج، فهى تتراجع، وتقلل مما تقذفه علينا.

    كان رأيى أن هناك أمرا ما قد جاء لهذه التشكيلات، إما بالكف عن الضرب، أو بالانسحاب، والبعض رأى أن ذخيرتهم من القنابل قد فرغت!

    وأنا الآن أظن أن الأمر مزيج من الاثنين.

    بعد أن أفسحت لنا شرطة مكافحة الشغب طريقنا حدث مشهد فى منتهى الروعة!

    لقد بدأ المتظاهرون بالسلام على عساكر وضباط الشرطة، بل إن البعض بدأ بتقبيلهم والحديث معهم بما يرفع معنوياتهم، وبما يرفع الحرج عنهم، كلام من نوعية: «والله العظيم عاذرينكم، عارفين إنه مالكوش ذنب، منه لله اللى بيخليكوا تعملوا فينا كده»!

    وفى هذه اللحظة صعد بعض المتظاهرين أعلى الكوبرى وبدأوا برشق الشرطة بالحجارة، فما كان من جموع المتظاهرين إلا أن تكتلت أمام تشكيلات الأمن المركزى كدرع بشرية، مع هتاف موحد يدوى فى السماء: «سلمية.. سلمية»!

    كان هناك بائع (سميط) فى المظاهرة، يبيع وهو يصرخ: (بنص جنيه)، وحين انتصرت الجموع على الأمن رأيت هذا البائع يصرخ فرحا: (ببلاش ببلاش ببلاش)!

    وبدأ الناس يأخذون بضاعته مجانا، ويقبلون عليها من شدة التعب وهو راض بذلك، فجاء شاب ثلاثينى سمح الوجه، وقال للبائع: (بتتكلم جد؟) فأجاب البائع بثقة: (أيوه.. اتفضل)، فما كان من الشاب إلا أن أخرج من جيبه ورقة نقدية بمائتى جنيه، وأعطاها للبائع فى يده، قائلا له: (برافو عليك)..!

    كان هذا الموقف وما شابهه إرهاصة لما سوف يحدث فى الميدان، أعنى بذلك ظهور أخلاق جديدة، وسلوك مختلف من المصريين، بسبب اللحظة التاريخية التى يعيشونها.

    وبهذا المشهد الرائع انتهت معركة ميدان الجيزة، وتحركت الجموع إلى ميدان التحرير.

    كنت فى غاية الإجهاد، لذلك مشيت مع الماشين حتى وصلت لسيارتى عند حديقة الحيوان، وقررت أن أذهب إلى منزلى فى السادس من أكتوبر لتبديل ملابسى.

    استغرقت رحلتى إلى المنزل ما يزيد على ساعتين، ذلك أن انسحاب الشرطة من الشوارع قد بدا واضحا، لذلك كلما سلكت طريقا وجدته مغلقا إما بالمظاهرات وإما بالبلطجية!

    كان الطريق الدائرى (من جهة المنيب) مغلقا بالبلطجية، وكانوا يمنعون السيارات من المرور مع التلويح بالعصى والسكاكين، وكذلك كل الطرق التى تمر بمنطقة وسط البلد، لذلك اضطررت للعودة والدخول من حى المنيل إلى منطقة سور مجرى العيون ثم عبر القلعة إلى أن ارتقيت كوبرى ٦ أكتوبر من طريق صلاح سالم، ثم مشيت إلى أن وصلت إلى كوبرى ١٥ مايو، وعندها وجدت قوات مكافحة الشغب تتصدى لجموع قادمة من جهة شبرا، وجموع أخرى قادمة من بولاق، وجموع قادمة من الزمالك، وكلها تريد الوصول إلى ميدان التحرير.

    فى هذه المنطقة وقفت ما يقرب من ربع ساعة، ثم تجمعت بعض السيارات ففتح الأمن المركزى لنا الطريق وعبرنا بسرعة من خلال كوبرى ١٥ مايو من فوق الزمالك حتى وصلت إلى المهندسين، وفى ميدان سفنكس كانت هناك اشتباكات عنيفة جدا بين المتظاهرين والشرطة، وكادت سيارتى تدمر بسبب القنابل والحجارة التى يلقيها الطرفان.

    من أهم مميزات رحلتى الطويلة إلى المنزل أننى رأيت المظاهرات فى أجزاء كثيرة من القاهرة، خصوصا حين قطعت المسافة من شرق القاهرة عبر كوبرى ٦ أكتوبر إلى المهندسين، ثم إلى السادس من أكتوبر.

    رأيت مناطق مثل العباسية، وغمرة، ورمسيس، وشارع الجلاء، وبولاق، وكورنيش شبرا، والزمالك.. كل هذه المناطق كانت غاصة بالبشر.

    ما رأيته بنفسى فى هذا اليوم لا يقل عن نصف مليون متظاهر بأى حال من الأحوال.

    طوال الطريق كنت أستمع إلى إحدى محطات الإذاعة الرسمية، وعلى مدار ساعة ونصف كانت الإذاعة تحاول أن توضح أن الأمور مستقرة، وأن الاحتجاجات محدودة جدا، وأنها محصورة فى محافظات قليلة.

    هذه الرسالة الإعلامية المزورة جاءت على لسان محافظى الفيوم والغربية والسويس وقنا وأسيوط وغيرهم، وبعض هؤلاء المحافظين بالغ فى صفاقته حتى زعم أن الشرطة تحمى المتظاهرين، وتؤمن مسيرتهم لا أكثر!

    وعند الخامسة والنصف، كانت نشرة الأخبار تعلن نزول القوات المسلحة بأمر من مبارك بصفته الحاكم العسكرى، وتفرض حظر التجول، وغير ذلك من الإجراءات، وذلك من أجل حماية ممتلكات الدولة والمواطنين من اعتداءات الغوغاء على الفنادق والبنوك وغيرها.

    حينها قلت فى نفسى: يا لغبائهم!

    نفس الراديو كان يعلن منذ دقائق أن الأمور مستقرة، وفجأة اتخذت كل هذه الإجراءات من أجل حماية البلد من الغوغاء..!

    كانت رائحة القنابل فى كل مكان، كلما فتحت شباك السيارة فى أى مكان فى القاهرة تقريبا دخلت هذه الرائحة الخانقة.

    واصلت طريقى إلى منزلى، ووصلت بعد المغرب، فخلعت ملابسى وأنا منهك تماما، وجسلت أمام محطات التليفزيون، وأعلن التليفزيون المصرى عن كلمة سيلقيها مبارك بعد قليل.

    بعدها أُعلن أن السيد فتحى سرور قد صرح بأن هناك قرارات مهمة سيتم الإعلان عنها!

    كان انطباعى أن هناك صراعا فى غرفة القيادة على كيفية إعلان خروج مبارك من الحكم!

    لقد وصل المتظاهرون إلى مبنى التليفزيون!

    والحرائق ممتدة بدءا من أقسام الشرطة، وصولا إلى المتحف المصرى، مرورا بمقر الحزب الوطنى الحاكم!

    لقد سقط مبارك، ونحن فى انتظار خطاب التنحى!

    ما عرفناه بعد ذلك أن الوحدات التى جاءت إلى منطقة وسط البلد كانت من الحرس الجمهورى، وكان الهدف منها أن تؤمن مبنى ماسبيرو، وهذا ما حدث، وتم إقناع المتظاهرين (وهم بالمئات) بالخروج من المبنى، ولم يلتفت أحد من هؤلاء القادة إلى ما يحدث فى المتحف المصرى، فأمّنوا التليفزيون والإذاعة، وتركوا المتحف ينهب، وتركوه أيضا معرضا للاحتراق بسبب الحريق الذى شب فى مبنى الحزب المجاور له!

    جلست أتابع وأنا فى انتظار خطاب التنحى، وبعد منتصف الليل، خرج علينا بوجهه العكر، ليعلن بقاءه، ويعلن تعيين نائب، وإقالة الحكومة!

    شعرت بصفعة على وجهى!

    يا له من عُتل غبى!

    قلت فى نفسى: (والله لن أبيت فى منزلى هذه الليلة!)، فقمت من فورى، ولبست ملابسى مرة أخرى، وتوجهت فورا إلى الميدان!

    كانت الطريق سالكة، فوصلت بسرعة كبيرة.

    فوجئت حين وصلت بأن عدد الشباب المرابطين فى الميدان قليل جدا، أظنه لا يصل لخمسة آلاف شاب!

    بدأت بجولة تفقدية للميدان، فوجدت عددا كبيرا من الشباب يحرس المتحف المصرى، وقد قبضوا على بعض ضباط وأفراد الشرطة وهم يحاولون العبث به، وكان ذلك استجابة لنداء المخرج السينمائى خالد يوسف عبر شاشات التلفاز.

    الدبابات تمركزت على مداخل الميدان كلها، ولا وجود للشرطة نهائيا، اللهم إلا بعض سيارات الشرطة المحترقة، وبعض الغنائم التى غنمها المتظاهرون، كالخوذات والعصى!

    ومن أغرب ما شاهدته مدرعة محترقة من مدرعات الجيش، فسألت الشباب عنها، فأخبرونى أنها مدرعة تابعة للحرس الجمهورى، وأن المتظاهرين أحرقوها لأنها كانت تنقل الذخيرة لقوات مكافحة الشغب!

    وكذلك ضُبِطَتْ سيارة إسعاف تنقل ذخيرة لهم، ولهذا تم منع أى سيارات تعبر من الميدان إلا بعد أن يتم تفتيشها.

    لم أجد أى شخص معروف فى الميدان، ولم أجد أى قيادى من القيادات الشبابية أو التاريخية، وكنت قلقا جدا، لأن العدد كان قليلا، ولو أراد النظام تفريغ الميدان ممن فيه الآن لتمكن من ذلك!

    حين حاولت أن أنشئ إذاعة أخرى مثل التى أنشأتها فى الخامس والعشرين من يناير لم أتمكن، فجميع المتاجر مغلقة.

    حاولت بعد ذلك (فى صبيحة اليوم التالى) أن أشترى سماعات من بعض منظمى الأفراح، ولكنهم بالغوا فى الأسعار، ولم يكن معى ما يكفى من المال، وحين وجدت بعض الشباب أقاموا الإذاعة ارتحت، وكذلك قام شباب الإخوان بعمل إذاعة صغيرة تأتى بها سيارة، ثم تطورت هذه الإذاعة، وأصبح لها الصوت الأعلى فى الميدان.

    كان ظنى أن الناس قد تعبت من معركة البارحة، وأنهم سيرتاحون ويبدلون ثيابهم ثم يعودون، تماما كما فعلت أنا.

    وهذا ما حدث، إذ بدأت الجموع تتدفق على الميدان منذ الصباح الباكر، فكان العدد يفوق الخمسين ألفا عند التاسعة صباحا، وكان يفوق الربع مليون مع أذان الظهر.

    إذن.. فقد بدأت معركة الصبر!

    وللحديث بقية...

     

     


     
    رد مع اقتباس

    قديم 11th March 2011, 12:08 PM Farida غير متواجد حالياً
      رقم المشاركة : 5
    Farida
    Brigadier General
     





    Farida has a reputation beyond reputeFarida has a reputation beyond reputeFarida has a reputation beyond reputeFarida has a reputation beyond reputeFarida has a reputation beyond reputeFarida has a reputation beyond reputeFarida has a reputation beyond reputeFarida has a reputation beyond reputeFarida has a reputation beyond reputeFarida has a reputation beyond reputeFarida has a reputation beyond repute

    افتراضي يوميات ثورة الصبار : عبد الرحمن يوسف

    أنا : Farida




    !For Medical Professionals Only

    هذه اليوميات قرأتها فى المصرى اليوم اكثر من رائعه عيشتنى فى الثورة و كانى كنت معاهم بالضبط ادعو الجميع لقرأتها و الأحتفاظ بها لأولادنا و الجيال بعدنا بجد من حظنا اننا ربنا انعم علينا برؤيه ولاده مصر الجديده

    https://www.almasry-alyoum.com/articl...ticleID=289733

    اقتباس
    عبدالرحمن يوسف يكتب «يوميات ثورة الصبار» (١) .. ٢٥ يناير.. الشرارة الأولى للثورة

    ٧/ ٣/ ٢٠١١وصل الغضب فى مصر إلى أقصى الحدود منذ سنوات، وكنت – أنا وغيرى – نشير إلى ذلك فى شتى كتاباتنا، ولكن بعد نجاح ثورة تونس فى منتصف يناير ٢٠١١، تغير الوضع، وأصبح التغيير أقرب مما نتصور، على الأقل فى نظرى.
    لقد وصل المصريون إلى درجة من درجات اليأس المطبق، وفقدوا الثقة فى كل شىء جميل، وفى أى غد مشرق، والأهم من ذلك أنهم فقدوا الثقة فى أنفسهم، فأصبحوا ينظرون إلى أنفسهم على أنهم مجموعة من «السكّان»، وليسوا شعبا عريقا عظيما.
    وبسبب هذا اليأس، تعامل البعض مع الدعوة التى خرجت إلى التظاهر فى عيد الشرطة الذى يوافق ٢٥ يناير ٢٠١١ بشكل روتينى، فقالوا إنها ستكون مناسبة مثل كل المناسبات، وإن المبالغة فى تصويرها وكأنها ثورة محددة الموعد يعتبر تسطيحا لأمر شديد الأهمية!
    لذلك هاتفت بعض الناشطين لكى يغيروا نظرتهم لهذه المناسبة، وكانت حجتى فى ذلك أن ما حدث فى تونس جعل الملايين من المصريين يصدقون أن إرادة الشعوب لا تقهر، وأن هناك احتمالا أن نرى مفاجأة كبيرة فى هذا اليوم، وقد استجاب لى أغلب الناشطين الذين حدثتهم، وقرروا إعادة النظر فى المشاركة فى هذا اليوم.
    قررت أن أشترك فى هذا اليوم مع مجموعة من خيرة شباب مصر يمثلون «الحملة الشعبية لدعم البرادعى ومطالب التغيير»، تلك الحركة الشبابية النقية التى شرفت بالمشاركة فى تأسيسها، وشرفت بأن أكون منسقها العام لعام كامل انتهى فى ديسمبر ٢٠١٠، وقد اختار الشباب أن يقيموا وقفة احتجاجية أمام نقابة الأطباء «دار الحكمة»، وكان الترتيب يقتضى بأن يكون المكان سرياً، لذلك لم أعلم بمكان التجمع إلا قبل الوقفة بحوالى ساعة، وقد أخبرت عشرات الناشطين الذين أرادوا أن ينضموا لهذه الوقفة أن يتصلوا بى صباح الثلاثاء ٢٥ يناير لكى أخبرهم بمكان الوقفة.
    هذا التخطيط نتج عنه أننا حين وصلنا إلى نقابة الأطباء لم نجد أى شرطة، بل وجدنا المكان خاليا لنا تماما، مما أتاح لنا فرصة التجمع، وتكوين نواة لمظاهرة كبيرة، وبالفعل.. تكونت هذه النواة من عدة مئات، ثم استمرت فى التضخم حتى بلغت ما يقرب من حوالى ألفى متظاهر، غالبيتهم العظمى من الشباب، بنين وبنات.
    بعد أن بدأنا بالهتاف حضرت الشرطة، وقامت بعمل كردون أمنى (محترم) من حولنا، بل إنهم أغلقوا حركة سير السيارات فى شارع قصر العينى.
    بدأت الهتافات: «عيش، حرية، كرامة إنسانية».. وأنا ابتكرت هتافين، الأول: «يا أهالينا انضموا لينا، قبل بلدنا ما تغرق بينا»، والثانى: «يا عسكرى يا أبوبندقية، إنت معايا ولاَّ علىّ، إنت بتحمى فى الحرامية»! وهو هتاف مقتبس من أغنية كتبها الشاعر إبراهيم عبدالفتاح. وكنت أنظر فى عيون المجندين والضباط، خصوصا عند جملة: انت بتحمى فى الحرامية، فأرى فى عيونهم حزنا وخجلا يصل لدرجة الخزى...!
    حضر الوقفة مجموعة من الرموز والمثقفين، من أهمهم د. عبدالمنعم أبوالفتوح، والكاتب الساخر بلال فضل، والسيناريست محمد دياب، والمخرج عمرو سلامة، والمطرب المتميز حمزة نمرة، وغيرهم .
    كانت الهتافات مركزية، يقودها الناشط محمود عادل، مؤسس جروب «البرادعى رئيسا».
    ثم بدأنا بإلقاء الكلمات: بدأت أنا، وكانت الكلمة فى أغلبها موجهة إلى هؤلاء الزبانية الأغبياء الواقفين أمامنا، يحمون قاتلَهُم، من مخلِّصِهم!
    ثم توالت الكلمات، عبدالمنعم أبوالفتوح، وبلال فضل، الذى ألقى كلمة شديدة التأثير.
    بعد مرور ما يقرب من ساعتين اتضح أننا أصبحنا فى فخ، فلا نحن نستطيع الحركة، لأن الحصار الأمنى كبير جدا، ولا حتى نستطيع أن نزيد حجم المظاهرة، وذلك بسبب منع الناس من السير فى الشارع سواء بسياراتهم، أو راجلين!
    وبدأت تصلنا أخبار من أماكن شتى، كلها تشير إلى أن آلاف المتظاهرين يزحفون من أماكن مختلفة إلى ميدان التحرير، لذلك اقترحت أن نكسر الطوق الأمنى ونتجه إلى الميدان، وكان ذلك قرارا صعبا، لأننا نرى أمامنا جنودا مدججين بالسلاح والغباء، جاهزين للفتك بنا إن حاولنا التحرك.
    فى النهاية، بدأت – أنا وغيرى – ممن نفد صبرهم من هذا الوضع المتجمد بكسر الحصار، وكانت النتيجة أننا اشتبكنا مع الأمن، وحدثت بعض الإصابات، وحين انكسر الطوق جرى الجميع باتجاه ميدان التحرير.
    وكان من أهم الأشخاص الذين أصيبوا المخرج السنيمائى عمر سلامة، إذ أمسك به رجال الأمن، وأوسعوه ضربا، وكانت إصاباته بالغة السوء، بل أظنه كاد يقتل فى مدخل إحدى العمارات فى شارع قصر العينى.
    حين بدأنا بالجرى، وجدنا أمامنا تشكيلات ضخمة جدا من شرطة مكافحة الشغب، وكان ذلك طبيعيا ومتوقعا، لأننا نسير فى اتجاه مبنى مجلس الشعب، لذلك لم نجد خيارا سوى أن ننحرف يسارا إلى ضاحية جاردن سيتى، لنصل بعد أن نعبرها إلى الكورنيش، ومنها إلى ميدان التحرير.
    ولكن ما حدث، أن شرطة مكافحة الشغب حاصرتنا فى محطة للوقود، وتجمعنا عدة مئات، وأمامنا جيوش من الشرطة بهراواتهم السوداء يقفون مستعدين للفتك بنا.
    مع بداية الحصار حاول بعض ضباط أمن الدولة بملابسهم المدنية أن يضربوا المتظاهرين، وفوجئوا بمقاومتنا الشديدة، أنا شخصيا ضربت أحدهم وهو يضرب أحد الشباب بعصا غليظة فى يده، إذ أخذت العصا منه وضربته بها، مما تسبب فى حالة من التجمد فى الموقف، فالشرطة لم تكن تصدق أن هناك من يجرؤ على مقاومتها بهذه البسالة، ونتج عن ذلك أن تمكن الشباب من الصعود إلى مبنى موجود فى المحطة، وظللت أنا وعدة أفراد واقفين أمام طابور الشرطة.
    وفجأة، قفز رجل من العاملين فى المحطة محذرا الجميع من أننا نقف على خزان البنزين الرئيسى فى المحطة، وأننا جميعا فى خطر كبير!
    كان ذلك مخرجا لنا، فجاء الفنان المصرى (عباس أبوالحسن) وتفاوض مع الضابط بشأن خروجنا، هو وأحد الأصدقاء الأعزاء (وهو من أقارب شخص مهم جدا فى النظام الحاكم)، ونجحت المفاوضات، وخرجنا من المحطة إلى ضاحية جاردن سيتى.
    وعند خروجنا، حصل بينى وبين ضابط شاب احتكاك لا أدرى كيف بدأ، ولكننى أظن أن كتفى لمسه وأنا أسير خارجا، فما كان منه إلا أن دفعنى بقوة، فوقفت، ونظرت إليه فى عينيه، فسبنى بالأم!
    حينها قلت له بكل أدب وغضب: هل تعرف أمى؟
    فسبها مرة أخرى: فقلت له ما معناه إنك شخص تافه وأنا أقترب منه، وفى يده هراوة، ووقفت أمامه قائلا: لو كنت راجل... إضرب!
    فوقف متسمرا وهو رافع عصاه، ويده ترتجف دون أن يتمكن من أن يضرب، وبعدها أتى عباس أبوالحسن، وصديقى الذى ذكرت، ومشينا.
    أذكر هذه الحادثة الآن وكأنها إرهاصات الهزيمة النفسية لجهاز الشرطة، ذلك الجهاز الذى كان يعتمد على خوف الناس، وعلى تراجعهم أمامه، وحين تجرأ الناس انهارت كل أجهزة الشرطة فى وقت قياسى.
    استغرقت رحلتنا إلى ميدان التحرير حوالى ساعة، وكانت محفوفة بالمخاطر، لأننا كنا تائهين فى ضاحية جاردن سيتى، وكنا نحاول أن نتجنب العديد من المصائب فى رحلتنا، أهمها مبنى السفارة الأمريكية، وكذلك السفارة الكندية، والبريطانية!
    كنا خائفين أن نحتك بأى شكل من الأشكال مع الحراسات المخصصة لهذه الأماكن الحساسة.
    وبفضل الله، وجدت ضمن المتظاهرين الدكتورة مديحة دوس، وهى من سكان جاردن سيتى فتمكنت من إرشادنا إلى كيفية الوصول إلى الكورنيش عبر متاهات جاردن سيتى، وسرنا حتى وصلنا إلى ميدان الشهداء (التحرير سابقا)، من أسفل كوبرى قصر النيل.
    بالنسبة لى... كانت هذه اللحظة من أعمق لحظات عمرى!
    لقد كان منظر الميدان وهو ممتلئ بعشرات الآلاف من المتظاهرين يبشر بالفجر الذى طال انتظاره، وحين دخلت الميدان ووجدت الشباب يهتفون فرحا بقدوم فوج جديد إليهم، ويستقبلوننى بالبشر والسرور.
    حينها بكيت!
    وبدأت أصرخ بشكل هستيرى: «مصر عظيمة، نحن شعب عظيم، أى كلب يقول إننا لا نثور سنضربه بالحذاء، ما أجمل مصر».
    كل ذلك وأنا أبكى، وحولى مجموعة صغيرة من الشباب الذين اشتركوا معى فى هذه اللحظة الممتدة.
    الميدان فى تلك اللحظة كان ملكا لنا، لا حركة سيارات، ولا شرطة مكافحة شغب فى داخله، الشرطة تقف على مداخل الميدان، دون أن تهاجمنا، أو بعد أن هاجمتنا وصددنا هجومها، وقد تم توثيق هروب الشرطة أمام المتظاهرين عبر كاميرات المحمول، ونشر ذلك على الفيس بوك، مما كان له أبلغ الأثر فى مظاهرات جمعة الغضب بعدها بأيام.
    من أغرب ما حدث فى هذا اليوم، أننا حين وصلنا إلى الميدان، قرر العقل الجمعى للشعب المصرى العبقرى أن يحول الهتاف من (عيش.. حرية.. كرامة إنسانية)، إلى هتافات سياسية بحتة تطالب برحيل الرئيس، وسقوط النظام!
    بعد أن تجمعنا فى الميدان بدأت المشاكل.
    المشكلة الأولى: هى الاتصالات، فأصبح استخدام التليفون المحمول صعبا جدا، وذلك بسبب تشويش من عربات مخصصة لذلك يستخدمها جهاز أمن الدولة، مما صعب من تواصلنا مع بعضنا البعض كناشطين فى مناطق مختلفة، ولكن الخبر كان قد انتشر، وأصبح ميدان التحرير قبلة جميع المتظاهرين فى ذلك اليوم، فجاء المتظاهرون من المهندسين، ومن شبرا، ومن ناهيا ومناطق الجيزة المختلفة، وبعد العشاء اكتمل العدد، وقد وصل إلى ما أقدره بحوالى أربعين ألفا.
    المشكلة الثانية: كانت فى كيفية التعامل مع كل هذه الحشود التى لا يربط بينها رابط، فأغلب الحاضرين كانوا من غير المسيسين، وكان الجميع لا يعرف ما الذى ينبغى عمله بعد ذلك! لذلك، كلفت الشباب بشراء سماعات وميكروفون فورا، وأخرجت من جيبى الخاص مبلغ ١٢٠٠ جنيه، وبالفعل ذهب (محمود عادل) الناشط المعروف ومؤسس جروب «البرادعى رئيسا» إلى باب اللوق واشترى سماعة ضخمة، وميكروفونا، مع عدة كهرباء.

     

     


     
    رد مع اقتباس

    قديم 11th March 2011, 12:18 PM Farida غير متواجد حالياً
      رقم المشاركة : 6
    Farida
    Brigadier General
     





    Farida has a reputation beyond reputeFarida has a reputation beyond reputeFarida has a reputation beyond reputeFarida has a reputation beyond reputeFarida has a reputation beyond reputeFarida has a reputation beyond reputeFarida has a reputation beyond reputeFarida has a reputation beyond reputeFarida has a reputation beyond reputeFarida has a reputation beyond reputeFarida has a reputation beyond repute

    افتراضي

    أنا : Farida




    الحلقه الثانيه

    اقتباس
    عبدالرحمن يوسف يكتب «يوميات ثورة الصبار» (٢)

    ٨/ ٣/ ٢٠١١كل طبقات المجتمع كانت ممثلة فى «ميدان التحرير»
    كنا نحتاج لصوت قوى بعد أن وصلنا إلى ميدان التحرير وتجمعت هناك الحركات المشاركة فى الثورة لذلك أرسلت لشراء السماعات والميكروفون لنتمكن من توجيه هذا الجمهور، بدلاً من أن يظل بلا هدف.
    وقررنا أن نأخذ كهرباء من عمود النور بجوار إشارة المرور المطلة على الميدان باتجاه مطعم «هارديز» وحين احتجنا كهربائياً، وجدنا العديد من الكهربائيين ضمن المتظاهرين.
    كنت فى قمة السعادة، فهذا التجمع يضم طبقات متعددة، طلبة فى الجامعة الأمريكية، وفى الجامعات المصرية، ومهنيين، وفلاحين، فقراء وأغنياء، بنين وبنات، وهذه ظاهرة جديدة فى الحياة السياسية المصرية، فالمتظاهرون من طبقات شتى، ولا يعرفون بعضهم البعض.
    لقد مللنا من المظاهرات التى نلتقى فيها بكل الوجوه التى نعرفها، تبدأ المظاهرة وعددنا ألف شخص، وتنتهى دون أن تصبح ألفاً وواحداً.
    المهم.. جاءت المعدات، وفشلنا فى أن نجهزها للعمل.
    ولكنى صممت على تنفيذ الفكرة، فقلت للناشط المعروف د.مصطفى النجار المنسق العام للحملة الشعبية لدعم البرادعى ومطالب التغيير بضرورة أن يحضر أجهزة أخرى وقد كان، فأخرج من جيبه ما يقرب من ١٥٠٠ جنيه، وتم شراء عدة أخرى ونجح الفنيون فى تركيبها.
    أمسكــت بالميكـــروفون، وقلت:
    بســــم اللــــه الرحــمن الرحيم
    يا شباب مصر.
    أعلن عن بدء إذاعة التغيير ومقرها ميدان التحرير بالقاهرة.
    فانفجر جمهور الحاضرين بالتصفيق والهتاف.
    ثم أكملت كلامى: يعد برامجها ويحررها ويقدمها شباب مصر الثائر المعتصم بميدان التحرير.
    بدأت بتحميس الشباب، وبتوجيههم إلى ضرورة الصمود فى أماكنهم مهما كان الثمن، وبأننا إذا صمدنا حتى صباح الغد واستيقظت القاهرة ووجدتنا فى الميدان فمعنى ذلك أننا سنبدأ صفحة جديدة فى الحياة السياسية فى مصر.
    وبالفعل، امتلأ الجميع حماسة وتصميماً على البقاء فى الميدان حتى الصباح.
    أعلنا كذلك عن فتح الباب للحديث فى الإذاعة لمن يريد أن يلقى قصيدة أو أغنية أو كلمة، وبدأنا بتلقى الطلبات من الجمهور، ووعدنا الجميع بأن تكون الإذاعة ملكاً للجميع، وقد كانت كذلك بالفعل، لمدة ساعتين!
    وكان من ضمن ما أشعل الحماس أننى أعلنت أن هذه الثورة قد بدأت بدفع ثمن الحرية وذلك بشهيدين فى السويس!
    كانت التجربة المطبوعة فى ذهنى مؤلمة جداً!
    وأعنى بها تجربة حدثت فى مارس ٢٠٠٣، بعد أن بدأت أمريكا بضرب العراق، فاعتصمنا فى الميدان بنفس الطريقة، وعند الفجر، هجم الأمن المركزى وطرد من طرد، واعتقل من اعتقل.
    كان المنظر مختلفاً، فالعدد هذه المرة أضعاف العدد الموجود فى ٢٠٠٣، وأهم من ذلك أن الهمم والمعنويات مختلفة تماماً.
    بدأنا بفعاليات الإذاعة، وبدأ المتحدثون بالحديث، أذكر أن أول المتحدثين كان الدكتور علاء الأسوانى، وتحدثت أيضاً السيدة جميلة إسماعيل، والدكتور عبدالجليل مصطفى، والنائب الإخوانى محمد البلتاجى، وغيرهم.
    وكنت الوحيد الذى لم يتحدث، فقد شعرت بحرج أن ألقى أشعارى على الحضور وأنا المسؤول عن الإذاعة، برغم أن المئات من الحضور أمامى كانوا يطالبوننى بذلك، ولكنى تحرجت، وانتهى اليوم دون أن ألقى قصيدة واحدة، بل قدمت الآخرين فقط.
    قبل انتصاف الليل، كانت تحركات الشرطة أصبحت مريبة، لذلك وجهت جموع الحاضرين إلى التفرق على مداخل الميدان المختلفة لتأمينها جميعاً، وكان لذلك أثر طيب قلل الخسائر عند اقتحام الشرطة للميدان.
    هذه التوجيهات لم تكن اجتهاداً منى بقدر ما كانت استجابة للشباب النابه من حولى.
    بعد انتصاف الليل كان صوتى قد بلغ به الإرهاق حدًا رهيبًا، فلم أتمكن من مواصلة إدارة الإذاعة، فتركتها للشباب، وبدأت بالتجول على مداخل الميدان المختلفة لأتأكد من أن جميعها قد تم تأمينه، وكان معى فى هذه الجولة د. مصطفى النجار.
    وفجأة، وبدون أى سابق إنذار، بدأ الهجوم الوحشى القذر من الأمن المركزى..! سقطت القنبلة الأولى على الإذاعة مباشرة..!
    المدرعات تتقدم، وأصوات القنابل تدوى، والقنابل المسيلة للدموع تنطلق عاليًا وتسقط فى وسط الميدان حيث الحديقة.
    كان من الصعب أن نصمد هذا اليوم، لذلك قرر العقل الجمعى للشعب المصرى أن يغادر الميدان.
    فى هذه اللحظة، كان مصطفى النجار أمامى، وخطر فى بالى خاطر، هل أمشى معه، أم أنصرف لوحدى؟
    وأخذت القرار، وانصرفت وحيدًا، واختفيت بين الجموع الهاربة، وكان ذلك قرارًا حكيمًا، ذلك أن مصطفى قد قبض عليه، ولو كنت قد مشيت معه لقبض علينا معًا!
    من ضمن ما حدث أثناء الهروب أن سقطت بجوارى قنبلة مسيلة للدموع، فحاولت التقاطها بشكل شديد السذاجة، فكدت أختنق بالدخان، ولولا أن بعض الشباب عرفونى وساعدونى فى الهروب لكنت قد سقطت من شدة الإعياء..!
    كانت خطة الشرطة أن يجبرونا على الخروج من الميدان، لذلك تركوا لنا بعض الطرق للخروج، أنا خرجت فى جمع غفير من شارع (شامبليون)، وكان الشباب يهتفون بمنتهى الحماس، يسقط يسقط حسنى مبارك، الشعب يريد إسقاط النظام. وحين اقترب منى بعض الشباب سائلين: هل خسرنا المعركة بانصرافنا؟
    جاوبتهم بكل ثقة: هذا الجمع ما فر إلا ليكر..!
    وقلتها بالعامية: إحنا مش هاربانين، إحنا ماشيين علشان نرجع بعدد أكبر..! وهو ما حدث بعدها بأيام.
    مشيت مع المظاهرة مسافة كبيرة، فمشينا عبر شارع الجلاء، ومنه إلى بولاق، ثم ركبت سيارة أجرة إلى منزلى، لكى أتابع ما الذى حدث، لأننى كنت منفصلا تماما عن العالم بسبب فراغ بطارية هاتفى.
    وصلت منزلى فى تمام الثالثة والنصف صباحا، وبدأت الاتصالات، وأدركت أننا أمام هجوم وحشى تأذى فيه الكثيرون، وعند الصباح بدأت الأخبار تتوالى حول اعتقال مصطفى النجار.
    بعد خروج مصطفى من السجن بحوالى يوم ونصف تبين أننا حين كنا نسير معا فى الميدان لحظة الهجوم كنا مراقبين من أشخاص لا نراهم، وأنهم ساروا خلف مصطفى النجار، واستغلوا أنه تعب من الغازات المسيلة للدموع، وتظاهروا بمساعدته، ثم قاموا بخطفه فى سيارة مجهولة إلى مبنى أمن الدولة فى لاظوغلى.
    كان القبض على مصطفى النجار لسببين، الأول: أنه المسؤول عن أول دعوة للتظاهرة، فقد أصدرت الحملة بيانا قالت فيه:
    تدعو الحملة الشعبية لدعم البرادعى ومطالب التغيير جموع الشعب المصرى إلى الخروج فى تظاهرات سلمية يوم كذا بشكل كذا.. إلخ..!
    والسبب الثانى: الإذاعة التى كانت فى الميدان..!
    لذلك عومل بقسوة شديدة فى سجنه، وضرب ضرباً شديداً، ولم يفرج عنه إلا لأنه كاد يموت فى الحجز، وذلك لأنه مصاب بمرض فى رئته يتسبب فى حالات ضيق تنفس واختناق، ونظرا لأنه كان مكمما طوال فترة حجزه، فقد تسبب ذلك فى إصابته بنوبة اختناق، كادت تودى بحياته، فرموه فى الشارع لكى لا يموت عندهم!
    من أهم ما جرى فى السجن أن جهاز أمن الدولة لم يكن يتخيل أن يتحرك الشعب المصرى!
    حين أخبرهم مصطفى أن الحاضرين فى الميدان لا انتماء لهم، ضربوه بعنف، وحاولوا أن يجبروه على التوقيع على اعترافات ملخصها أن ما حدث كان خطة متفقا عليها بين د. البرادعى، وبين الإخوان المسلمين..!
    وكانوا رافضين تماما لأى حديث عن حركة عفوية للناس، وكان من أسباب ضرب «مصطفى» فى سجنه أنه رفض التوقيع على هذه الاعترافات المفبركة رفضاً تاماً.
    خصوصاً أنها كانت مدعمة بالصور، وبالصوت والصورة، إذ تم تصويرنا ونحن نتحدث فى الإذاعة، التى أقمناها فى الميدان.
    حين حكى لى مصطفى ما حدث، شعرت بأن النهاية اقتربت، لأن أعراض غرور هذا الجهاز أصبحت أكبر من أن يعيش معها، إن غرور أمن الدولة كان من أهم أسباب القضاء على هذا الجهاز الخسيس.
    خرج مصطفى النجار مصاباً، فهو يعرج بسبب ضرب مبرح فى ركبته، وكذلك كان مصاباً بشرخ فى أحد أضلاع صدره، بالإضافة للإرهاق الذى تسبب فيه تكميمه طوال فترة اعتقاله، مما أدى إلى نوبة ضيق التنفس التى أصابته.
    استمرت المظاهرات حتى يوم الجمعة، وهو يوم جمعة الغضب الذى دعونا إليه أول ما دعونا من خلال الإذاعة، التى كانت فى ميدان التحرير!
    بعد أن تم فض الاعتصام هاتفنى أصدقاء لم أسمع أصواتهم منذ سنوات وسنوات، ليعرفوا كيفية الانضمام لهذه الحركة.
    كان الشعور الغالب عند من يتصل بى، أنه قد فاته شرف الاشتراك فى التظاهرة الكبرى فى ميدان التحرير، وأنه يريد أن يعوض ما فاته.
    وخلال اليومين التاليين (الأربعاء، والخميس) استمرت المظاهرات فى عشرات الأماكن فى القاهرة الكبرى، كانت مظاهرات صغيرة، أو متوسطة، ولكنها استدعت حشد قوات الأمن المركزى، مما تسبب فى إرهاق شديد لهذه القوات، وبالتالى كانت المهمة سهلة يوم الجمعة، فقد كنا نحارب جيشاً منهكاً تمام الإنهاك.
    ليلة الجمعة وصل الدكتور محمد البرادعى إلى القاهرة، بعد أن قطع سفره، خصيصاً لينضم إلى التظاهرات.
    وعقدنا اجتماعاً معه فى منزله فور وصوله، وكان من ضمن الحاضرين الدكتور عبدالجليل مصطفى، والأستاذ على البرادعى، والدكتور عصام العريان، والدكتور سعد الكتاتنى، والدكتور مصطفى النجار، والناشط عبدالمنعم إمام.
    من أهم ما دار فى الاجتماع أن الإخوان المسلمين قد اتخذوا الموقف الصحيح، وكان كلام الدكتور العريان والدكتور الكتاتنى يدل على أن الجماعة قد قررت النزول للشارع وأن تلتحم مع الشعب المصرى فى ثورته.

     

     


     
    رد مع اقتباس

    قديم 11th March 2011, 12:19 PM Farida غير متواجد حالياً
      رقم المشاركة : 7
    Farida
    Brigadier General
     





    Farida has a reputation beyond reputeFarida has a reputation beyond reputeFarida has a reputation beyond reputeFarida has a reputation beyond reputeFarida has a reputation beyond reputeFarida has a reputation beyond reputeFarida has a reputation beyond reputeFarida has a reputation beyond reputeFarida has a reputation beyond reputeFarida has a reputation beyond reputeFarida has a reputation beyond repute

    افتراضي

    أنا : Farida




    الحلقة الثالثه

    اقتباس
    عبدالرحمن يوسف يكتب «يوميات ثورة الصبّار» (٣)

    ٩/ ٣/ ٢٠١١معركة الماء والقنابل والبصل والخَلّ
    سألنى الدكتور البرادعى عن رأيى فيما يحدث، قلت إننا لابد أن نفهم أننا لا نتعامل مع وزارة الداخلية، وأن هذا الوضع الذى نحن فيه يعتبر أكبر تهديد للنظام الجمهورى منذ قيامه عام ١٩٥٢، وبالتالى هذا الأمر أكبر بكثير من أن يديره وزير داخلية أيا كان، وأننا نتعامل حاليا مع النواة الصلبة للنظام، وأن هناك غرفة عمليات فى مكان ما تدير المسألة، وتعطى أوامرها لوزارة الداخلية لكى تنفذ.
    ودللت على ذلك بأن النظام فعل ذلك عند أزمة القضاة، وشكّل غرفة عمليات تدير الأزمة، وتعطى الأوامر لوزارة الداخلية لتنفذها فقط، ولا دور لوزارة الداخلية سوى التنفيذ.
    وكان من ضمن ما قلته إن أكبر خطر يهددنا هو أن يطول أمد المعركة، وأننا لابد أن نكون حذرين جدا فى إدارة عمر المعركة، لأننا لا نضمن إلى أى حد سيطول نَفَس الجموع معنا، ولا ينبغى أن نرهق الجموع فى معركة طويلة الأمد دون أن نتأكد من قدرة الناس على الاستمرار، وقد قدرت الزمن الذى ينبغى أن نحسم فيه المعركة بحوالى أسبوعين.
    وقد تبين بعد ذلك أن الشعب المصرى أعظم وأقوى مما نظن، فقد طالت المعركة أكثر من ذلك، ولم يقل الزخم، ولم تفتر عزيمة المعتصمين.
    ويبدو أن النظام بلغ أيضا من الغرور والغباء بحيث أوكل إدارة هذه المعركة لوزير الداخلية الفاشل لوحده.
    كنا نتوقع أن يكون عدد المتظاهرين من مليون إلى مليونى متظاهر فى مصر كلها، وكان تخوفنا أن يكون العدد أقل من مليون متظاهر، وكنا نعتبر أن نزول مليونى متظاهر كفيل بأن يهز النظام هزة قد تنهيه تماما.
    كانت الخطة أن نصلى الجمعة مع الدكتور محمد البرادعى فى مسجد الاستقامة الواقع فى ميدان الجيزة، تم إعلان ذلك على الـ«فيس بوك»، واتصل بى عشرات المواطنين والناشطين يتساءلون عن مكان صلاة الدكتور، وأخبرتهم.
    كانت الأخبار تتواتر لدينا بنية الحكومة فى قطع جميع أشكال الاتصال، من محمول، وإنترنت، لذلك اتفق جميع الناشطين على أماكن لقائهم بدقة لأنهم يعلمون أن التواصل غدا قد يكون مستحيلا.
    فى صباح يوم الجمعة حدث أمر غريب، وخلاصته أن الدكتور مصطفى النجار اضطر أن يتحرك من مسكنه فى مدينة السادس من أكتوبر إلى ميدان التحرير لكى يوصل غرضا معينا، وكان تحركه فى حدود التاسعة صباحا، وقد اتصل بى وهو فزع، وقال لى: (الجيش شكله حينزل)...!
    فاستغربت، وسألته عن السبب، فأجاب بأنه لا يرى شرطيا واحدا فى أى شارع من شوارع القاهرة منذ انطلق من مدينة السادس من أكتوبر وحتى وصوله إلى وسط المدينة!
    أعدت عليه السؤال، فكرر الإجابة مؤكدا، وأخبرنى أنه فى ميدان التحرير، ولا يوجد أى شرطة لمكافحة الشغب، بل إن شرطة المرور اختفت من الشوارع...!
    اتصلت ببعض الأصدقاء أسألهم عن دلالة ذلك، وكان من ضمنهم الصديق العزيز الأستاذ حسين عبدالغنى الإعلامى الشهير، وأذكر أنه قال لى: (دى مش موجودة فى الكتاب يا عبدالرحمن!)، ويقصد أنه أمر غريب مريب لا تفسير له.
    تبيّن بعد ذلك أن ما حدث أمر من اثنين، إما أن الشرطة كانت مختبئة وظهرت فى وقت الصلاة، وهو احتمال أستبعده.
    وإما أن شرطة مكافحة الشغب قد تعبت بعد ثلاثة أيام من العمل المتواصل، فعادت إلى معسكراتها ليلة الجمعة وذلك فى محاولة لمنح هذه القوات قسطا من الراحة، ثم جلبت إلى مواقعها مع صلاة الجمعة، وهذا ما أرجحه.
    وصلتنا أخبار صباح الجمعة أن الأمن سيمنع الصلاة فى مسجد الاستقامة، وبالتالى قلنا للجميع «أحضروا معكم سجاجيدكم لكى نصلى فى الشارع».
    قبل العاشرة والنصف بدأت شبكات المحمول بالتأثر، وخلال عدة دقائق تعطلت الشبكات الثلاث، وانقطع الناس عن بعضهم البعض تماما، وانقطع كذلك الاتصال بالشبكة العنكبوتية، مما جعل مصر جزيرة منعزلة عن العالم، وأصبح شكل الاتصال الوحيد المتاح هو الاتصال عن طريق الهاتف الأرضى.
    كان الاتفاق أن نلتقى أمام منزل الدكتور أحمد شكرى، وهو ابن أخت الدكتور البرادعى، ويسكن أمام حديقة الحيوان بالقرب من ميدان الجيزة، وتقابلنا هناك فى حدود الحادية عشرة صباحا، وكان هناك جمع من الرموز على رأسهم الدكتور عبدالجليل مصطفى، والدكتور أبوالغار، ومصطفى النجار، التقيت يومها السيدة هبة صالح مراسلة الفاينانشيال تايمز للمرة الأولى، وذلك بعد علاقة (لاسلكية) استمرت عدة شهور، وكان من الحاضرين كذلك د.أسامة الغزالى حرب، والصحفى الأستاذ إبراهيم عيسى.
    وصل الدكتور البرادعى متأخرا قليلا، وبعد أن كنا بدأنا بالقلق عليه، وتحركنا فور وصوله إلى مسجد الاستقامة فى مسيرة بالسيارات، ووقفنا قبل الوصول للمسجد فى مكان متفق عليه، حيث كان ينتظرنا عشرات الشباب لكى يقوموا بالتحلق حول الدكتور لحمايته من أى أذى.
    تحلق الشباب حول الدكتور، وبدأت المسيرة التى لم تستغرق سوى دقائق ونحن نهتف «تحيا مصر»، حتى وصلنا إلى المسجد، وكانت الخطبة قد بدأت، وكان المسجد غاصا بالمصلين.
    حاولت الدخول إلى المسجد فلم أتمكن، ولكنى صليت أمام باب المسجد.
    أما الدكتور البرادعى ومن معه، بسبب كثرة المحيطين به، فلم يتمكنوا من الوصول إلى باب المسجد من الأساس، لذلك صلوا فى الشارع.
    المكان محاصر بآلاف الجنود من الأمن المركزى، والجو فيه قلق وتوتر يكاد يشمه المرء فى الهواء.
    حاولت التركيز فى خطبة الجمعة لأعرف رأى المؤسسة الدينية فيما يحدث، فوجدت الخطبة متوازنة.
    المسجد الذى اخترناه تابع للجمعية الشرعية، وقد قال الخطيب فى خطبته، إن الجمعية الشرعية أصدرت بيانا من ثلاث نقاط، النقطة الأولى تدعو الحكومة إلى رد المظالم، والنقطة الثانية تؤكد فيه على حق المتظاهرين فى التعبير عن رأيهم، والنقطة الثالثة تدعو المتظاهرين إلى عدم الاعتداء على أى ممتلكات عامة أو خاصة.
    بعد أن سلم الإمام تسليمته الثانية انطلقت الهتافات من المصلين بشكل عفوى، تحيا مصر، ومن جهة أخرى هتافات تقول التغيير التغيير، ولكن حين هتف شخص قائلا: يسقط يسقط حسنى مبارك، توحدت كل الحناجر كأنها سيل عرم، أو كأنها رعد من السماء، وظل المصلون يرددون هذا الهتاف ضد مبارك ويكررونه دون أى كلل أو ملل.
    فى هذه الأثناء غيرت موقعى لكى أحاول الوصول للدكتور البرادعى، فرأيت مشهدا لن أنساه، لقد بدأت المدرعات برش المياه على المصلين برغم أنهم لم يتحركوا بعد من أماكنهم، ونظراً لأن الدكتور البرادعى لم يتمكن من دخول الجامع، فقد كان خرطوم المياه موجهاً نحوه مباشرة!
    حاول الشباب أن يحموه، ولكنى شاهدت الماء يخبطه هو شخصيا فى رأسه وجسده، وهو مستكين صابر كعادته، كل ما فعله أن حمى نظارته من السقوط بيديه، ثم أخذه الشباب إلى داخل المسجد، لكى يتمكنوا من حمايته، وانضم له فى المسجد كل الكبار الذين كانوا معه.
    كان أمامى ثلاثة خيارات، الخيار الأول: التوجه مع مجموعة من المصلين إلى جامعة القاهرة.
    والخيار الثانى: أن أحتمى بالمسجد مع الدكتور البرادعى والناشطين الذين معه.
    والخيار الثالث: أن أخوض المعركة مع المتظاهرين المتجمهرين هنا فى ميدان الجيزة.
    وقد اخترت الخيار الثالث، لكى أبقى على مقربة من الدكتور البرادعى لو حدث أى تطور، ولكى لا يفوتنى شرف المشاركة فى هذا اليوم العظيم.
    بدأت المعركة برش المياه على المتظاهرين، وقد كنت من ضمن مجموعة حاولت أن تحمس الناس لكى يتشجعوا ويدخلوا باتجاه الجنود، وقد قمت بالاشتباك مع بعض الجنود، وخطفت عصا من يد واحد منهم، وكنت سعيداً بها جدا، ولكنها ضاعت منى فى أحداث المعركة بعد ذلك!
    حين اشتبكت مع الجنود أصابنى خرطوم المياه الخارج من المدرعة إصابة مباشرة من قمة رأسى إلى أخمص قدمى، فصار منظرى كأننى خرجت من البحر لتوى!
    كنت ألبس بنطلون (جينز)، وكنزتين من الصوف، وذلك لحماية جسمى من الهراوات، التى قد تسقط عليه، وصار كل ذلك مبتلاً تماما، كل ما ألبسه من ملابس، حتى الداخلية صارت مبتلة تماما، وظلت مبتلة لساعات، حتى إننى بعد أن صليت العصر كنت ما زلت أعصر ملابسى فتنز الماء نزا!
    بدأت المعركة بالماء، ثم بعد أن ابتعد المتظاهرون- بسبب الماء- مسافة معقولة بدأت القنابل المسيلة للدموع بالانطلاق.
    لقد ألقى علينا مئات من القنابل!
    كان عدد المتظاهرين يزداد كل دقيقة، وكان المتظاهرون يأتون من مناطق الجيزة المختلفة، حتى يصلوا إلى ميدان الجيزة، فينضموا إلينا.
    كان المتظاهرون قد فهموا اللعبة، وعرفوا كيفية التعامل مع القنابل المسيلة للدموع، فالعلاج هو الخل، مناديل مبتلة بالخل، وكذلك أن يشم المصاب بصلا، أو أن يغسل وجهه بالبيبسى أو ما شابه ذلك من المشروبات، بالإضافة إلى حماية الوجه بقناع طبى، وحماية العيون بنظارة مائية أو ما شابه ذلك، وقد تعلمنا ذلك من خلال التواصل مع الشباب التونسى على الـ«فيس بوك».
    كنت قد حصنت نفسى ببعض هذه الأشياء، وخضت المعركة مع شباب الجيزة الذين أظهروا شجاعة مذهلة!
    كانوا يقفزون إلى القنابل المسيلة قفزا، ثم يمسكونها بيديهم، ويركضون بسرعة إلى رجال الشرطة، ثم يلقونها ناحيتهم، وقد ساعدهم فى ذلك أن الله شاء أن يتغير اتجاه الريح فيصبح باتجاه الشرطة لا باتجاهنا.
    فى هذه المعركة.. عرفت أن التغيير أصبح واقعاً...!
    لم أر فى حياتى كلها المصريين يحبون بعضهم بهذا الشكل!
    البصل والخل يتساقط علينا من الشرفات، كلما تعب شخص وجد عشرة يحملونه ويساعدونه، وجدت من المتظاهرين من اشترى قطرات العيون وظل يعالج بها عيون المصابين بالقنابل، ووجدت من يشترى البيبسى لكى يساعد المصابين!
    كان حوارى الداخلى يقول: (هؤلاء هم المصريون، المصريون الذين يقتلون بعضهم البعض من أجل عشرة جنيهات، هؤلاء هم المصريون الذين يقترفون جميع الموبقات، هؤلاء هم الذين يدفعون الرشى والإكراميات، ولا يتقنون أعمالهم، ويعيشون عالة على الأمم وعلى أنفسهم.. هاهم يستخرجون أفضل ما فى أنفسهم بعد أن قرروا أن يكونوا قادة أنفسهم)!

     

     


     
    رد مع اقتباس

    قديم 11th March 2011, 12:20 PM Farida غير متواجد حالياً
      رقم المشاركة : 8
    Farida
    Brigadier General
     





    Farida has a reputation beyond reputeFarida has a reputation beyond reputeFarida has a reputation beyond reputeFarida has a reputation beyond reputeFarida has a reputation beyond reputeFarida has a reputation beyond reputeFarida has a reputation beyond reputeFarida has a reputation beyond reputeFarida has a reputation beyond reputeFarida has a reputation beyond reputeFarida has a reputation beyond repute

    افتراضي

    أنا : Farida




    الحلقه الرابعه

    اقتباس
    عبدالرحمن يوسف يكتب «يوميات ثورة الصبّار» (٤)

    ١٠/ ٣/ ٢٠١١.. وبدأت «معركة الصبر»
    (هاهم يستخرجون أفضل ما فى أنفسهم بعد أن قرروا أن يكونوا قادة أنفسهم)!
    وكان من المشاهد المؤثرة التى شاهدتها رجل مع امرأته الحامل يخوضان المعركة مع المتظاهرين!
    شاهدت أطفالا صغارا لا تتجاوز أعمارهم العاشرة يشاركون فى المعركة، وشاهدت سيدات كبيرات، وفتيات صغيرات.
    كانت الغالبية العظمى من الشباب الذين لم يُتموا الثلاثين.
    كنت أشعر أن البلد يولد من جديد، كنت أشعر بطاقة حب غريبة!
    بالرغم من اشتعال المعركة كان الجميع يواصلون الهتاف: «يسقط يسقط حسنى مبارك»، وكلما شاهدوا شابا أو رجلا فى شرفة من الشرفات يتفرج على المظاهرة هتفوا له وهم يؤشرون له بالنزول: (انزل انزل خليك راجل.. حسنى مبارك راحل راحل!).
    فى هذه الأثناء أذن العصر، وبدأ الناس بأداء الصلاة جماعات جماعات تحت الجسر، ورغم مرور كل هذا الوقت إلا أن ملابسى ما زالت تقطر ماء بسبب المدرعة اللعينة التى أغرقتنى بمائها، وبدأت أشعر بإجهاد شديد بسبب البرودة النسبية لذلك اليوم، بالإضافة إلى الغازات والمجهود الذى يبذله المرء فى الكر والفر.
    انضممت إلى جماعة وصليت العصر، ثم أكملت الجموع معركتها مع الشرطة.
    لقد كان الوعى الذى يحرك المتظاهرين فى غاية الروعة، لدرجة أننى كنت أحمل فى يدى حجرا على سبيل الاحتياط، فوجدت من ينبهنى إلى ضرورة التزام الشكل السلمى للتظاهرة.
    وبقدر الوعى الذى كان فى المتظاهرين، بقدر ما كانت خسة رجال الشرطة، فقد أحرقوا سيارة مدنية خاصة واقفة فى الشارع عمدا أمام أعيننا، وحين حاول البعض إطفاء الحريق أطلقوا نحوهم القنابل، ثم أطلقوا عليهم الرصاص المطاطى.
    وفى منتصف المعركة توقفت الشرطة عن إطلاق القنابل حتى أُوحى إلينا أن المعركة انتهت، ولهذا بدأ المتجمهرون بالاقتراب من الشرطة، وبعد أن أصبحنا فى مواجهتهم انهالت علينا القنابل من المدرعات، ومن فوق الجسر، وتسبب ذلك فى إصابات كثيرة، وأصبت حينها باختناق شديد، وفقدت العصا التى غنمتها من الجندى، ولولا مساعدة أحد الناشطين الذين يعرفوننى (كريم الجهينى) لكنت قد فقدت وعيى.
    بعدها بدا واضحا أن التشكيلات التى أمامنا من مكافحة الشغب قد باتت فى وضع محرج، فهى تتراجع، وتقلل مما تقذفه علينا.
    كان رأيى أن هناك أمرا ما قد جاء لهذه التشكيلات، إما بالكف عن الضرب، أو بالانسحاب، والبعض رأى أن ذخيرتهم من القنابل قد فرغت!
    وأنا الآن أظن أن الأمر مزيج من الاثنين.
    بعد أن أفسحت لنا شرطة مكافحة الشغب طريقنا حدث مشهد فى منتهى الروعة!
    لقد بدأ المتظاهرون بالسلام على عساكر وضباط الشرطة، بل إن البعض بدأ بتقبيلهم والحديث معهم بما يرفع معنوياتهم، وبما يرفع الحرج عنهم، كلام من نوعية: «والله العظيم عاذرينكم، عارفين إنه مالكوش ذنب، منه لله اللى بيخليكوا تعملوا فينا كده»!
    وفى هذه اللحظة صعد بعض المتظاهرين أعلى الكوبرى وبدأوا برشق الشرطة بالحجارة، فما كان من جموع المتظاهرين إلا أن تكتلت أمام تشكيلات الأمن المركزى كدرع بشرية، مع هتاف موحد يدوى فى السماء: «سلمية.. سلمية»!
    كان هناك بائع (سميط) فى المظاهرة، يبيع وهو يصرخ: (بنص جنيه)، وحين انتصرت الجموع على الأمن رأيت هذا البائع يصرخ فرحا: (ببلاش ببلاش ببلاش)!
    وبدأ الناس يأخذون بضاعته مجانا، ويقبلون عليها من شدة التعب وهو راض بذلك، فجاء شاب ثلاثينى سمح الوجه، وقال للبائع: (بتتكلم جد؟) فأجاب البائع بثقة: (أيوه.. اتفضل)، فما كان من الشاب إلا أن أخرج من جيبه ورقة نقدية بمائتى جنيه، وأعطاها للبائع فى يده، قائلا له: (برافو عليك)..!
    كان هذا الموقف وما شابهه إرهاصة لما سوف يحدث فى الميدان، أعنى بذلك ظهور أخلاق جديدة، وسلوك مختلف من المصريين، بسبب اللحظة التاريخية التى يعيشونها.
    وبهذا المشهد الرائع انتهت معركة ميدان الجيزة، وتحركت الجموع إلى ميدان التحرير.
    كنت فى غاية الإجهاد، لذلك مشيت مع الماشين حتى وصلت لسيارتى عند حديقة الحيوان، وقررت أن أذهب إلى منزلى فى السادس من أكتوبر لتبديل ملابسى.
    استغرقت رحلتى إلى المنزل ما يزيد على ساعتين، ذلك أن انسحاب الشرطة من الشوارع قد بدا واضحا، لذلك كلما سلكت طريقا وجدته مغلقا إما بالمظاهرات وإما بالبلطجية!
    كان الطريق الدائرى (من جهة المنيب) مغلقا بالبلطجية، وكانوا يمنعون السيارات من المرور مع التلويح بالعصى والسكاكين، وكذلك كل الطرق التى تمر بمنطقة وسط البلد، لذلك اضطررت للعودة والدخول من حى المنيل إلى منطقة سور مجرى العيون ثم عبر القلعة إلى أن ارتقيت كوبرى ٦ أكتوبر من طريق صلاح سالم، ثم مشيت إلى أن وصلت إلى كوبرى ١٥ مايو، وعندها وجدت قوات مكافحة الشغب تتصدى لجموع قادمة من جهة شبرا، وجموع أخرى قادمة من بولاق، وجموع قادمة من الزمالك، وكلها تريد الوصول إلى ميدان التحرير.
    فى هذه المنطقة وقفت ما يقرب من ربع ساعة، ثم تجمعت بعض السيارات ففتح الأمن المركزى لنا الطريق وعبرنا بسرعة من خلال كوبرى ١٥ مايو من فوق الزمالك حتى وصلت إلى المهندسين، وفى ميدان سفنكس كانت هناك اشتباكات عنيفة جدا بين المتظاهرين والشرطة، وكادت سيارتى تدمر بسبب القنابل والحجارة التى يلقيها الطرفان.
    من أهم مميزات رحلتى الطويلة إلى المنزل أننى رأيت المظاهرات فى أجزاء كثيرة من القاهرة، خصوصا حين قطعت المسافة من شرق القاهرة عبر كوبرى ٦ أكتوبر إلى المهندسين، ثم إلى السادس من أكتوبر.
    رأيت مناطق مثل العباسية، وغمرة، ورمسيس، وشارع الجلاء، وبولاق، وكورنيش شبرا، والزمالك.. كل هذه المناطق كانت غاصة بالبشر.
    ما رأيته بنفسى فى هذا اليوم لا يقل عن نصف مليون متظاهر بأى حال من الأحوال.
    طوال الطريق كنت أستمع إلى إحدى محطات الإذاعة الرسمية، وعلى مدار ساعة ونصف كانت الإذاعة تحاول أن توضح أن الأمور مستقرة، وأن الاحتجاجات محدودة جدا، وأنها محصورة فى محافظات قليلة.
    هذه الرسالة الإعلامية المزورة جاءت على لسان محافظى الفيوم والغربية والسويس وقنا وأسيوط وغيرهم، وبعض هؤلاء المحافظين بالغ فى صفاقته حتى زعم أن الشرطة تحمى المتظاهرين، وتؤمن مسيرتهم لا أكثر!
    وعند الخامسة والنصف، كانت نشرة الأخبار تعلن نزول القوات المسلحة بأمر من مبارك بصفته الحاكم العسكرى، وتفرض حظر التجول، وغير ذلك من الإجراءات، وذلك من أجل حماية ممتلكات الدولة والمواطنين من اعتداءات الغوغاء على الفنادق والبنوك وغيرها.
    حينها قلت فى نفسى: يا لغبائهم!
    نفس الراديو كان يعلن منذ دقائق أن الأمور مستقرة، وفجأة اتخذت كل هذه الإجراءات من أجل حماية البلد من الغوغاء..!
    كانت رائحة القنابل فى كل مكان، كلما فتحت شباك السيارة فى أى مكان فى القاهرة تقريبا دخلت هذه الرائحة الخانقة.
    واصلت طريقى إلى منزلى، ووصلت بعد المغرب، فخلعت ملابسى وأنا منهك تماما، وجسلت أمام محطات التليفزيون، وأعلن التليفزيون المصرى عن كلمة سيلقيها مبارك بعد قليل.
    بعدها أُعلن أن السيد فتحى سرور قد صرح بأن هناك قرارات مهمة سيتم الإعلان عنها!
    كان انطباعى أن هناك صراعا فى غرفة القيادة على كيفية إعلان خروج مبارك من الحكم!
    لقد وصل المتظاهرون إلى مبنى التليفزيون!
    والحرائق ممتدة بدءا من أقسام الشرطة، وصولا إلى المتحف المصرى، مرورا بمقر الحزب الوطنى الحاكم!
    لقد سقط مبارك، ونحن فى انتظار خطاب التنحى!
    ما عرفناه بعد ذلك أن الوحدات التى جاءت إلى منطقة وسط البلد كانت من الحرس الجمهورى، وكان الهدف منها أن تؤمن مبنى ماسبيرو، وهذا ما حدث، وتم إقناع المتظاهرين (وهم بالمئات) بالخروج من المبنى، ولم يلتفت أحد من هؤلاء القادة إلى ما يحدث فى المتحف المصرى، فأمّنوا التليفزيون والإذاعة، وتركوا المتحف ينهب، وتركوه أيضا معرضا للاحتراق بسبب الحريق الذى شب فى مبنى الحزب المجاور له!
    جلست أتابع وأنا فى انتظار خطاب التنحى، وبعد منتصف الليل، خرج علينا بوجهه العكر، ليعلن بقاءه، ويعلن تعيين نائب، وإقالة الحكومة!
    شعرت بصفعة على وجهى!
    يا له من عُتل غبى!
    قلت فى نفسى: (والله لن أبيت فى منزلى هذه الليلة!)، فقمت من فورى، ولبست ملابسى مرة أخرى، وتوجهت فورا إلى الميدان!
    كانت الطريق سالكة، فوصلت بسرعة كبيرة.
    فوجئت حين وصلت بأن عدد الشباب المرابطين فى الميدان قليل جدا، أظنه لا يصل لخمسة آلاف شاب!
    بدأت بجولة تفقدية للميدان، فوجدت عددا كبيرا من الشباب يحرس المتحف المصرى، وقد قبضوا على بعض ضباط وأفراد الشرطة وهم يحاولون العبث به، وكان ذلك استجابة لنداء المخرج السينمائى خالد يوسف عبر شاشات التلفاز.
    الدبابات تمركزت على مداخل الميدان كلها، ولا وجود للشرطة نهائيا، اللهم إلا بعض سيارات الشرطة المحترقة، وبعض الغنائم التى غنمها المتظاهرون، كالخوذات والعصى!
    ومن أغرب ما شاهدته مدرعة محترقة من مدرعات الجيش، فسألت الشباب عنها، فأخبرونى أنها مدرعة تابعة للحرس الجمهورى، وأن المتظاهرين أحرقوها لأنها كانت تنقل الذخيرة لقوات مكافحة الشغب!
    وكذلك ضُبِطَتْ سيارة إسعاف تنقل ذخيرة لهم، ولهذا تم منع أى سيارات تعبر من الميدان إلا بعد أن يتم تفتيشها.
    لم أجد أى شخص معروف فى الميدان، ولم أجد أى قيادى من القيادات الشبابية أو التاريخية، وكنت قلقا جدا، لأن العدد كان قليلا، ولو أراد النظام تفريغ الميدان ممن فيه الآن لتمكن من ذلك!
    حين حاولت أن أنشئ إذاعة أخرى مثل التى أنشأتها فى الخامس والعشرين من يناير لم أتمكن، فجميع المتاجر مغلقة.
    حاولت بعد ذلك (فى صبيحة اليوم التالى) أن أشترى سماعات من بعض منظمى الأفراح، ولكنهم بالغوا فى الأسعار، ولم يكن معى ما يكفى من المال، وحين وجدت بعض الشباب أقاموا الإذاعة ارتحت، وكذلك قام شباب الإخوان بعمل إذاعة صغيرة تأتى بها سيارة، ثم تطورت هذه الإذاعة، وأصبح لها الصوت الأعلى فى الميدان.
    كان ظنى أن الناس قد تعبت من معركة البارحة، وأنهم سيرتاحون ويبدلون ثيابهم ثم يعودون، تماما كما فعلت أنا.
    وهذا ما حدث، إذ بدأت الجموع تتدفق على الميدان منذ الصباح الباكر، فكان العدد يفوق الخمسين ألفا عند التاسعة صباحا، وكان يفوق الربع مليون مع أذان الظهر.
    إذن.. فقد بدأت معركة الصبر!
    وللحديث بقية...

     

     


     
    رد مع اقتباس

    قديم 18th August 2012, 05:34 AM eman_ema غير متواجد حالياً
      رقم المشاركة : 9
    eman_ema
    Member






    eman_ema is a splendid one to beholdeman_ema is a splendid one to beholdeman_ema is a splendid one to beholdeman_ema is a splendid one to beholdeman_ema is a splendid one to beholdeman_ema is a splendid one to beholdeman_ema is a splendid one to behold

    افتراضي

    أنا : eman_ema




    وللحديث بقيه

     

     


     
    رد مع اقتباس

    إضافة رد

    مواقع النشر (المفضلة)

    الكلمات الدلالية (Tags)
    ميدان, التحرير, حكاية

    حكاية ميدان التحرير

    « الموضوع السابق | الموضوع التالي »

    الانتقال السريع

    المواضيع المتشابهه
    الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
    حكاية حرامي و إيده طويله (حكاية غرامي) Mzohairy ثورة مصر ... 25 يناير 2011 7 7th August 2011 06:17 PM
    صور ميدان التحرير .. بعد التحرير !! Lidooooo !! موضوعات عامة ... موضوعات خفيفة ... منوعات 10 17th March 2011 12:06 AM
    الدعوة لإقامة صلاة الجمعة في ميدان التحرير وبدء التجمع في ميدان التحرير منذ صباح غد د. يحي الشاعر شهود على العصر 2 3rd February 2011 04:24 PM

    Currency Calculator
    Your Information
    RSS RSS 2.0 XML MAP HTML


    Powered by vBulletin® Version 3.8.8
    .Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
    (جميع الأراء والمواضيع المنشورة تعبِّر عن رأي صاحبها وليس بالضرورة عن رأي إدارة منتديات المطاريد)
    SSL Certificate   DMCA.com Protection Status   Copyright  


    تنبيه هام

     يمنع منعاً باتاً نشر أى موضوعات أو مشاركات على صفحات منتديات المطاريد تحتوى على إنتهاك لحقوق الملكية الفكرية للآخرين أو نشر برامج محمية بحكم القانون ونرجو من الجميع التواصل مع إدارة المنتدى للتبليغ عن تلك الموضوعات والمشاركات إن وجدت من خلال البريد الالكترونى التالى [email protected] وسوف يتم حذف الموضوعات والمشاركات المخالفة تباعاً.

      كذلك تحذر إدارة المنتدى من أى تعاقدات مالية أو تجارية تتم بين الأعضاء وتخلى مسؤوليتها بالكامل من أى عواقب قد تنجم عنها وتنبه إلى عدم جواز نشر أى مواد تتضمن إعلانات تجارية أو الترويج لمواقع عربية أو أجنبية بدون الحصول على إذن مسبق من إدارة المنتدى كما ورد بقواعد المشاركة.

     إن مشرفي وإداريي منتديات المطاريد بالرغم من محاولتهم المستمرة منع جميع المخالفات إلا أنه ليس بوسعهم إستعراض جميع المشاركات المدرجة ولا يتحمل المنتدى أي مسؤولية قانونية عن محتوى تلك المشاركات وإن وجدت اى مخالفات يُرجى التواصل مع ادارة الموقع لإتخاذ اللازم إما بالتبليغ عن مشاركة مخالفة أو بالتراسل مع الإدارة عن طريق البريد الالكترونى التالى [email protected]