مقدمة:
لو كان بإيدى الأمر لأعدمت مبارك الف مرة فالفساد والفقر والجهل (ده غير ملايين المتعلمين الغير متعلمين) الذى ضرب البلد فى جذورها هو الذى سوف يقود البلد إلى المجهول وإلى التفاصيل...
الإخوان والثورة محاولة للفهم:
نتيجة لقمع الأنظمة السابقة والضربات الأمنية المتوالية على جماعة الإخوان فقد أثر ذلك على طبيعة وبنية التنظيم الفكرية والنفسية وبالتالى على ديناميكية التحرك داخل التنظيم وأدى هذا إنغلاق ذاتى داخل التنظيم وأصبح الولاء التام والثقة ومبدأ السمع والطاعة هو المعيار الوحيد لترسيخ التماسك الداخلى للجماعة بالإضافة إلى عدم وجود مراجعة للقرارات التى تأتى من فوق وغياب الكفاءات التى لم ولن يسمح لها بأن تعيش وسط هذه الأجواء فقد أدى هذا إلى بطبيعة الحال لعدم تجديد فى الأفكار والمشروع داخل الجماعة وبالتالى مرفوض أيضاً أى أفكار خارجية والإكتفاء بالتمترس حول القديم البالى منها حتى ولو عفى عليها الزمن وثبت عدم صحتها.
ولأن الجماعة هى أيضاَ جزء من المجتمع الذى أصابه الفساد فقد غُلبت المصالح على التربية والتقرب لأصحاب النفوذ المالى داخل الجماعة على إختيار الصالح منه وهو ماأدى لغياب قيادة محترمة على شاكلة القيادات التاريخية للجماعة وأخرهم كان عمر التلمسانى.
الإخوان على عكس السلفيين تملك مخزون كبير من الأعضاء منعدمى أو متوسطى الثقافة وتجد الكثير بمكتب إرشاد الجماعة (إنظر لكثير من قيادتهم ومتحدثيهم كالأخ غزلان على سبيل المثال)، وقد روعى ذلك دائماً فى التنظيم حتى يكون الولاء للفكرة وليس للإشخاص مع إضفاء نوع من القداسة على من فى القيادة حت يتسنى لجمهور الجماعة طاعتهم والاقتناع بقراراتهم ووجهات نظرهم وان خالفت مايقبله العقل.
حكم الإخوان مصر فى فترة استثنائية وفارقة فى تاريخ مصر حيث أنهم كانوا الأكثر تنظيماً وإستعدادا على الأرض مقابل تعدد وتفرق مرشحى الثوار لذا لم يكن أمام الناس سوى إختيارهم أمام المرشح الأخر وممثل النظام القديم والذى كاد أن ينجح فى إنتاج نفسه من جديد ولو تحت إسم جديد. وللأسف حين تسلم الإخوان أدارو الأمور بعقلية التنظيم المغلق وإنتقلت أفات ومساوئ التنظيم إلى عقول من أداروا الحكم، فلا ثقة بأحد من الخارج، لا مشروع حقيقى ببرامج محددة ..هى مجرد طنطنات فارغة لما سمى بالنهضة ، تناقض مابين المعتقد والتطبيق (موضوع القروض) ...الخ
الخلاصة: غياب الكفاءات فى الجماعة والتى تمكنها من إدارة شئون الدولة ورفض الكثير من الكفاءات من خارجها أن تتعاون معها وكثرة أخطاء من بالحكم كان كفيل بإسقاط الجماعة سياسياً خاصة وأنها تملك عوامل فشلها من داخلها ...!
على الجانب الأخر :
نخبة فاشلة وإقصائية فهى لم تتربى فى معترك السياسة لذا ينقصا الكثير الكثير من أبجديات السياسة لتتعلمه، وكيف لا ونحن ليس لدينا فى مصر أحزاب بمعنى الكلمة فهى تملك مقرات تستعملها كمكلمة وصحف لاغير والبعض منها كان يمثل ديكور ديمقراطى للنظام السابق والحديث منها قد أنشأ على عجل -ولابأس فى ذلك- قائم على أفراد ذو كاريزما معينة وتجد سرعان مادبت الخلافات والإنشقاقات بينهم ...!
عموماً أهم صفات مشتركة تجمع الفريق الأخر:
- عدم وضوح الرؤية لديها وإنعدام البرامج الحقيقية أوالأليات لتكون بديل جاهز لمن هم فى الحكم ...!
-عدم وجود قيادة يجمع الجميع عليها ...!
- تفرق وتشرذم الحركات الشبابية والمجموعات الثورية التى كانت عماد الثورة !
- تواجد مكثف للنخبة فى برامج التوك شو والفضائيات والصراخ والصوت العالى بينما لايوجد تواجد حقيقى بين الناس على الأرض
- الفشل فى الدخول وإختراق الكتل الإنتخابية التى يستحوذ عليها منافسيهم من تيار الإسلام السياسى
- دخول أتباع النظام السابق وسطهم مما أفقدهم من مصداقيتهم الكثير
- عدم إنكارهم للعنف ومصاحبة البلطجية لتظاهرتهم
الأخر يقول أنه جمع 15 مليون توقيع على إستمارة تمرد هذا معناه أن فى صفه 15 مليون صوت إنتخابى (بإعتبار كل من يحمل بطاقة صوت إنتخابى) ...! اليس هذا أكثر من ثلثين الكتلة الإنتخابية فى مصر ؟ مما يجعل هذا الفريق يفوز فى الإنتخابات القادمة وحسب الدستور يحد من صلاحيات الرئيس حتى إختيار الرئيس القادم وذلك بمجرد إختيار رئيس وزراء ؟ وأيضاَ بإستطاعته تعديل مواد الدستور ؟
كان بإستطاعة هذا الفريق أن يضغط للحصول على ظروف إنتخابات أفضل حتى ولو بإشراف دولى أم هو كرسى الرئاسة فقط لاغير أم هو الغباء السياسى الذى لم يعد حكراً على الإخوان فقط ...!
الخلاصة: كان المفروض على النخبة التى تدعى الفهم والمعرفة (لذا هى ذنبها أكبر) أن تلتقط هذه اللحظة الإستثنائية فى تاريخ البلد وتساعد على دفع عجلة الديمقراطية الوليدة بأن تأخذ بأيدى الفرق الأخرى والتيارات التى تختلف معها عقائدياً ويتعلما سوياً كيفية الوصول والإتفاق على الحد الأدنى المشترك بينهم وإعلاء مصلحة البلد العليا على الخلاف السياسى وكان المفروض على عقلاء الأمة إن كان بها عقلاء أن تسعد بدخول التيارات المحظورة سابقاً مجال السياسة بل وتشجعها حتى تخفف من غلوائها (أنظر ماحدث مثلاً من تطور فى مفاهيم حزب النور السلفى)
يدرك أصحاب العقل والمنطق أن مشاكل مصر وخاصة الإقتصادية والإجتماعية منها هى مشاكل هيكلية ومتراكمة من سنين طويلة ولن يستطيع فريق واحد مهما كان حلها ولكى يتسنى حلها فلابد من هدوء سياسى وتكاتف من الجميع ..! ولكن أين هم أصحاب العقل والمنطق فى بلد جُرف وإستنزف فيه العقل وتاهت عن أبناؤه الحكمة وأصبح الجميع بلابصر وبلابصيرة !
ولأن الجماعات والنخب السياسية فاشلة ومتخلفة وجاهلة فهى لاتستطيع أن تجلس سوياً على طاولة واحدة وتتفاهم وتتناقش وهى الف باء الساسة فكان ولا بد أن يحدث هذا الصدام والإستقطاب وهذا الإحتراب المرير الذى وجد بيئة ملائمة وممتازة وتشجيع من أساطين الفساد وأصحاب المال الحرام الذين إغتنوا من أموال هذا الشعب المسكين ولم يكتفوا بالمال الحرام فهم يريدون أن يعيدوا النظام الذى رعاهم وكان سبب سعدهم. هذا التحالف الغير مقدس بين بعض شيوخ الخليج والفاسدين فى مصر هو من يمول البلطجية الذين سيقودون الأحداث القادمة...!
مصر إلى أين مرحباً مرة أخرى بالعسكر؟
ببساطة شديدة إنها الورطة الكبرى والأسوء قادم:
- لو فشل تمرد 30 يونيو ونتج عن الأمر شوية عنف وحرائق وحرق مقرات كما وقع فى أحداث سابقة ... هل يهدأ الثوار وأصدقائهم من الفلول؟ بالطبع لأ ...!
- وماذا عن الجماعة التى ستتغول على الجميع وسيخرج مرسى أقوى من الأول !
- مخططى 30 يونيو لابديل لديهم سوى إسقاط مرسى! ولن يسقط مرسى إلا بحريق كبير فى البلد ودماء كثيرة وغزيرة وقد نجد أنفسنا وقد وإستُدرج أو أُستُدعى الجيش من جديد للحلبة السياسية ...! فهل سيسكت من كان بالحكم ؟ وهل سيسكت حلفائهم من الإصوليين الذين كانوا يعدون أنفسهم للإنتصار البرلمانى القادم فى ظل صراع الفريقين الكبيرين؟
كنا لانتمنى النموذج الباكستانى الذى تكلمنا عنه فى هذا الموضوع ؟، (كانت رفاهية فكر)، فهل نقع لاقدر الله فى النموذج الجزائرى وأنا أراه أمام عينى قريب ....!
26 ...27 ...28 ...29 ....إنه العد التصاعدى للجحيم ...فليهنأ أصدقاء تل أبيب !
ياترى ماذا سيقول عنا التاريخ ؟
مثلاً مثلاً يعنى : كان فيه شعب قام بثورة على نظام فاسد من العسكر (كان يقبع على أنفاسه 60 عاماً عاش فى هزائم وجوع وفقر وجهل) ..قوم إيه عمل إنتخابات وكاد أن يعيد من ثار عليه ولكن ربنا ستر...قوم إيه معرفش الشعب ده يقعد مع بعضه ويتفاهم ويحكم نفسه بنفسه زى خلق ربنا التانية.... قوم إستسهل وسلم بنفسه لجامه مرة أخرى للعسكر ! يالها من مسخرة ...!
اللهم ماإحمى مصر من أبنائها قبل أعدائها ...أمين!
-