كتـاب يدحـض النفـي
أســرى مصــر قتلــوا
حلمي موسى
انتقلت إسرائيل من الدفاع إلى الهجوم في قضية قتل الأسرى المصريين في حرب حزيران ,67 وطلبت من القاهرة رسميا وقف التحريض ضدها مدعية أن «الهستيريا» المصرية لا تستند إلى أساس. غير أن فيلم «روح شاكيد»، الذي عرض لعملية قتل الجنود المصريين والفلسطينيين في الحرب، يستند إلى كتاب أقدمت وزارة الدفاع الإسرائيلية على نشره. والغريب أن النفي الإسرائيلي الرسمي لقتل الأسرى يأتي في ظل إغفال حقيقة أن رواية قتل المصريين موجودة أيضا على موقع انترنت لتخليد وحدة «شاكيد» وتحت مسؤولية وزارة الدفاع الإسرائيلية أيضا.
واستدعت وزارة الخارجية الإسرائيلية امس القائم بأعمال السفير المصري في الدولة العبرية للتحادث معه رسميا بشأن التوتر بين الدولتين على خلفية «المزاعم» بإطلاق النار على أسرى مصريين أثناء حرب حزيران. وفي أثناء هذا الحديث، طلبت إسرائيل رسميا من مصر تهدئة الخواطر ووقف عملية التحريض الجارية ضدها.
ونقلت وسائل الإعلام الإسرائيلية عن الرسالة التي أبلغت للمندوب المصري أن «إسرائيل تنظر بخطورة إلى حملة التحريض في البرلمان ووسائل الإعلام المصرية. وكذلك الحال مع ذلك التهجم الشخصي على السفير الإسرائيلي في مصر، والذي أباح دمه».
والمسؤول الإسرائيلي الذي اجتمع بالدبلوماسي المصري هو رئيس شعبة الشرق الأوسط والعملية السلمية في الخارجية الإسرائيلية، يعقوب هداس، مشددا أمامه على أن فيلم «روح شاكيد» لا يتضمن أي اقتباسات أو تلميحات حول قتل القوات الإسرائيلية لأسرى مصريين.
من جهته، أبلغ السفير الإسرائيلي في القاهرة شالوم كوهين مدير إدارة إسرائيل في الخارجية المصرية أحمد اسماعيل أمس ان تل أبيب لن تستجيب طلب مصر فتح تحقيق حول القضية، «لانه لا يوجد شيء يمكن التحقق بشأنه»، معتبرا ان الرسالة التي نقلها الى المصريين «لقيت آذانا صاغية».
وتابع أن «دبلوماسيين في السفارة المصرية في تل أبيب شاهدوا بالفعل المقاطع ذات الصلة من هذا الفيلم الوثائقي ولم يكن في ما تم عرضه عليهم أي شيء على الاطلاق يشير من قريب أو بعيد لقتل جنود مصريين، كما أن أحدا في الفيلم لم يقل ذلك على الاطلاق» متعهدا بأن تقوم السلطات الإسرائيلية بتزويد القاهرة بمعلومات ووثائق بخصوص هذه القضية، بالإضافة إلى الفيلم.
وأجرت إدارة وزارة الخارجية الإسرائيلية أمس مداولات مكثفة حول سبل مواجهة الحملة المصرية، تم في خلالها مشاهدة الفيلم وتحليل المقاطع التي تم استغلالها في مصر. ويشير الفيلم إلى تشكيك أحد الجنود بضرورة قتل جنود مصريين جرى الادعاء أنهم قتلوا في معركة. ولا يشير الفيلم إلى قتل أسرى مصريين.
كما أن المدير العام لسلطة الإذاعة، مردخاي شكلار، أصدر بيانا قال فيه إن «الفيلم يصف أحداث نهاية حرب الأيام الستة، عندما كلفت الوحدة بمطاردة وتصفية الكوماندوس المصريين الذين كانوا في قطاع غزة وحاولوا الوصول إلى سيناء» مضيفا «في المطاردة أحصي نحو 250 جندي كوماندوس قتيلا، يقول المخرج في التلاوة. قدامى الوحدة الذين شاركوا في المطاردة يترددون في الفيلم في ما إذا كانت العملية ضرورية. لا أحد منهم يدعي أن هؤلاء كانوا أسرى. ويطرح السؤال إذا كان هؤلاء الجنود عرضوا للخطر قواتنا أم لا». وجاء في بيان شكلار أيضا ان «قائد الوحدة في حينه بنيامين بن اليعزر يقول في الفيلم إن هذه كانت كتيبة كوماندوس عانت منها الوحدة وإسرائيل في صراعها ضد الفدائيين في غزة».
غير أن القصة الحقيقية ليست ما ورد فقط في الفيلم بل ما أورده الكتاب الذي أعده، بتكليف من الجيش الإسرائيلي، مايك ألدار وصدر في العام 1994 بعنوان «الوحدة ,424 قصة وحدة شاكيد» والذي يتضمن تفاصيل قتل حوالى 250 جنديا مصريا ممـــن كانوا فارين وغير مسلحين يحاولون النجاة بأرواحهم إثر هزيمة جيشهم في سيناء.
ويروي موقع وحدة «شاكيد» على شبكة الانترنت ما يلي: «كانت فترة انتظار كتيبة شاكيد في الوادي محبطة. فقوات الجيش الإسرائيلي واصلت قتالها، وبقيت هذه الوحدة عاطلة عن العمل. ولكن عند انتهاء الحرب تبين أن كتيبة من الفدائيين وكتيبة كوماندوس فلسطينية هربتا من قطاع غزة واختبأتا في تلال قرب رفح، وأطلقتا النار على آليات إسرائيلية. وألقيت مهمة تطهير المنطقة على وحدة شاكيد. ووضعت تحت إمرة بنيامين بن أليعزر طائرات استطلاع عديدة من طراز «فايبر»، وانضم عاموس سمحوني للمهمة وحام مع عدد من الضباط في طائرات الاستطلاع. وحاولت الطائرات اكتشاف القوة المصرية وأطلقت نيران رشاشاتها الثقيلة على مناطق مناسبة للاختفاء. وبعد وقت قصير جرى اكتشاف مجموعات من الجنود المصريين، الذين كانوا يسيرون على الأقدام باتجاه قناة السويس. وكان قسم منهم يحمل سلاحا، في حين كان آخرون يرتدون الجلابيات أو حتى بألبستهم الداخلية وغير مسلحين.
وتم اكتشاف جنود مصريين في حفر جرى تظليلها بجريد النخيل. وتم نقل الخبر لقيادة الكتيبة، وجرى إرسال قوة بالمروحيات. ولم يجازف القادة والجنود: وتم إطلاق النار بكثافة على كل كومة جريد نخل، وألقيت عليها قنابل يدوية. وفي النهاية تم الإبلاغ عن قتل حوالى 250 من الفدائيين ورجال الكوماندوس الفلسطيني في ثلاثة أيام».
ومما لا ريب فيه أن الخلط مقصود في هذه الرواية بين المصري والفلسطيني، خاصة أن كتابة الرواية تمت بعد أكثر من عقد على توقيع معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل. تجدر الإشارة إلى أن كتاب تاريخ الوحدة صدر بعد وقت قصير من الضجة التي أثارها في حينه اعتراف العميد آريه بيرو بقتل العشرات من الأسرى المصريين في حرب العام .1956