ليس فقط لاعب شاب يحمل الجنسية الإنجليزية ومركزه وسط ملعب لا يعرفه سوى مشجعي فريق بولتون وقليل ممن تعمقوا في الدوري الإنجليزي، بل أصبح فابريس موامبا -23 عاما- ظاهرة لابد أن نقف عندها.
سقط موامبا في مواجهة توتنام بكأس الاتحاد الإنجليزي في الدقيقة 41 بشكل خلع قلوب من تابع اللقاء سواء في المدرجات أو الشاشات، وسرعان ما تدخل الجهاز الطبي للفريقين في محاولة لإنقاذ الموقف.
ولن أقف كثيرا لرواية ما حدث، وأكتفي بأمنياتي له بالشفاء والتركيز الأكبر على الأجواء المحيطة باللاعب الإنجليزي الشاب، إذ حضرت عشرة مشاهد "إنسانية" مختلفة أربكت رؤيتي الشخصية باعتبارها مفقودة في الوسط الذي نعتبر جزء منه، أردت تسجيلها واستعراضها.
المشهد الأول، لحظة سقوط موامبا وتسارع المسعفين "فقط" على اللاعب من جانب الفريقين.
هناك مش كل واحد فاهم في كل حاجة، والأولوية لمن له الدور فكان طبيب بولتون بجانب زميله لتوتنام مع بعض رجال الإسعاف جاهزون بالمحفة وباقي اللاعبين يراقبون الأمر من بعيد وسط دموع منهارة.
وأظن إن لاقدر الله كان ذلك في الملاعب المصرية لانهال كل لاعب على زميله المريض وتوترت الأجواء وسط بعض من كلمات من الدكتور – إن وجد- "هوا يا جماعة لو سمحتو"!
المشهد الثاني، الحكم الإنجليزي هاورد ويب لم ينتظر قرار مراقب المباراة والاتصال بالسير زاهر رئيس الاتحاد الإنجليزي لمعرفة هل يستكمل المباراة بهدف إرسال رسالة للعالم بأن الأمور مستقرة في إنجلترا.
فمع وضع كرامة الإنسان أولوية أولى فلا يصح بالنسبة لويب أن يأخذ وقتا لتقرير استئناف المباراة دون الاطمئنان على حالة اللاعب.
المشهد الثالث، الإخراج التلفزيوني للحدث، فعند مشاهدتي للفيديو كاملا لحظة خروج موامبا على محفة كدت أشعر أنه فيلم سينمائي بطله لاعب بولتون ومشجعي الفريقين بمثابة المشاهدين المتأثرين بما يحدث، ولا أذكر سوى أننا حتى آخر مباراة أقيمت في مصر بأنني لم أتأكد من صحة أو خطأ تسلل تم احتسابه!
المشهد الرابع، جمهور توتنام.. اللاعب يخرج من البساط الأخضر وسط تصفيق حاد منتظم من جمهور توتنام نفسه يعلو تدريجيا، رغم أن موامبا لاعب المنافس، وهذا بالتأكيد ليس خوفا من أن يقال عليهم بلد الــ "بيج بن ماجبتش واد جن".
المشهد الخامس، علم كيفية إدارة الأزمة! كيف احتوى مسؤولو بولتون ومديرهم الفني أوين كويل الأمر وتداوله النادي عبر وسائل الإعلام بشكل سليم دون خروج شائعات.
وكالعادة، عندما تنتشر شائعة تصبح واقعا في مصر، وغالبا تكون على الاختيار الأسوأ، فقد قرر العديد من المتابعين في وطننا الحبيب جعل اللاعب في عداد الوفيات، على الرغم من أنه لا يوجد مصدر إعلامي إنجليزي نشر شيئا مشابه.
اللاعب يخرج من البساط الأخضر وسط تصفيق حاد منتظم من جمهور توتنام نفسه يعلو تدريجيا، رغم أن موامبا لاعب المنافس، وهذا بالتأكيد ليس خوفا من أن يقال عليهم بلد الــ "بيج بن ماجبتش واد جن".
المشهد السادس، المستشفى التي حل بها موامبا وكيفية إخراج الأمر للمتابعين بشكل دوري منتظم سواء بتحسن أو تدهور حالته دون زيادة: "إحنا عملنا اللي علينا والباقي على ربنا"، أو نقصان: "ممنوعين من التصريح".
المشهد السابع، الموقع الرسمي لبولتون الإنجليزي والذي ينشر تحديثا يوميا أو أكثر موجزا "وفيه المفيد" منذ تدهور حالته ووصفها بأنها حالة "حرجة" ثم التطور النسبي الذي وصل لانتظام دقات قلبه دون حاجة لأجهزة طبية مع قدرته على تحريك أطرافه أثناء وجوده في العناية المركزة، ومازلنا في مصر نحاول فك طلاسم جملة "الموقع الرسمي لنادي.."!
المشهد الثامن، تضامن نجوم إنجلترا وإسبانيا متمثلين في تشيلسي وبرشلونة مع اللاعب الشاب بارتداء قمصان تحمل الدعاء لموامبا، وقد شاهدنا مثلها في الملاعب المصرية ممثلة في شارات سوداء وقمصان داخلية تخرج في حالة التسجيل.
المشهد التاسع، مباراة بولتون وتوتنام بتاريخ 17 مارس في كأس الاتحاد، وكان أمامه مواجهة مع أستون فيلا بالدوري الإنجليزي مقررا لها أن تُلعب اليوم 21 مارس.
ولكن عندما يتضامن الجميع حول أزمة والتفكير لا ينصب سوى على العنصر الأهم وهو الإنسان، ليس على توقف المسابقة أو إلغاءها أو إعلاناتها، فقد قرر مسؤولو الاتحاد الإنجليزي تأجيل المباراة فورا إلى أجل غير مسمى حتى "يشم بولتون نفسه" عقب الحادث المروع، وذلك بموافقة فورية من مسؤولي فيلا.
ومازال اتحاد الكرة المصري يبحث إقامة بديل الدوري الممتاز من أجل الإعلانات، وسط تخبط بين الأندية من المشاركة أو رفض الدورة التنشيطية.
المشهد العاشر، وحتى تصبح الرواية مثالية من كل جوانبها، يتبقى أن يكون المشهد الأخير تعافي موامبا – بإذن الله - وانتظامه في تدريبات بولتون وسط استقبال جماهيري حافل.
**بالنسبة للعنوان، انتشرت كثيرا كلمة "كام لايك لـ .. أي حاجة" على موقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك) ولم أفهم معناها الحقيقة غير أنها توحي بالاستجداء، والعجيب أنني أجد تفاعلا يتزايد بعد كتابة هذه الجملة السحرية، رغم أنني لا أتذكر أنني نفذت رغبة من كتبها سابقا!
ولكن ها قد استخدمتها لأن المشاهد الإنسانية السابقة قد تبدو طبيعية في أوروبا والدول المتقدمة، ولكننا مازلنا نحاول أن نستوعبها، لذا فهي بالفعل تحتاج إلى "لايك".
https://new1.filgoal.com/Arabic/News.aspx?NewsID=87750