مسيرة اليوم 19 فيفري، لم تقل عن سابقتها من حيث الإثارة، الشد والجذب والقمع، فقد بدأت الشرطة بمختلف مكوناتها بالتحضير لها منذ إعلان التنسيقية الوطنية من أجل التغيير قرارها تنظيم مسيرات كل يوم سبت، من خلال التواجد الدائم والمكثف لمصالح الأمن في معظم أحياء العاصمة.
وعملت الشرطة على تطويق ساحة أول ماي والأحياء التي تصب إليها، مثل بلكور و شارع حسيبة، بطريقة تجعل التنقل يكون صعبا، وذلك منذ الساعات الأولى من صبيحة اليوم السبت، وفي حدود التاسعة ونصف، بدا تجمع لشباب بالقرب من ساحة أول ماي، قالوا إنهم لا ينتمون لأي تيار سياسي وليسوا من التنسيقية الوطنية من اجل التغيير والديمقراطية، بل هم مجموعة شباب من الناشطين في الموقع الاجتماعي "الفايس بوك" ينادون بالتغيير الجذري للنظام الجزائري، وبتمكين الشباب الجزائري من ممارسة حقه في التعبير، غير أن قوات مكافحة الشغب عزلتهم وشتتهم.
وبدأت من حينها في منع أي تجمع للمواطنين يزيد على 3 أشخاص، خاصة في شارع بلكور وفي ساحة أول ماي، فبمجرد أن التقت مجموعة من الصحافيين بالنائب عن الارسيدي، طاهر بسباس، حتى طلبت منهم الشرطة الانصراف والتفرق، وهو ما جعل النائب بسباس يدخل في ملاسنة حادة مع رجال الشرطة، وكانت الشرطة تحاصر كل الأحياء والطرق بقوات أمنية أكثر بكثير من مسيرة يوم السبت الماضي 12 فيفري.
ثم بعدها بقليل، وفي حدود العاشرة ونصف، بدأت تتوالى محاولات تنظيم المسيرة، كان يتزعمهم في البداية النائب عن الارسيدي، محسن بلعباس، غير أن قوات الأمن حشدت أعدادا هائلة لم يستطع المتظاهرون مقاومتها، مما أرغمهم في كل مرة على التراجع إلى شارع بلكور، ولم يتمكنوا من بلوغ ساحة أول ماي، إضافة إلى هذا فان الشرطة كانت متمركزة بشكل مكثف خلف أطواقا أمنية دائرية على ساحة أول ماي والشوارع المؤدية لها، وكذلك موقف الحافلات، مما صعب التقاء المتظاهرين وتجمعهم.
وما يميز مسيرة اليوم، هو أن الشرطة عملت على تكثيف أعدادها، ومحاولة تشتيت المتظاهرين، عوض تمكينهم من دخول ساحة أول ماي، وبالتالي الدخول في مشادات واعتقالات، فطيلة اليوم، ورغم حالات التوتر التي ظهرت على المتظاهرين وسكان ساحة أول ماي، وكذا المعارضين للمسيرة، إلا أن الشرطة لم تقم باعتقال الناشطين الذين كانوا في هذه المرة يهتفون بمختلف الشعارات أمام الشرطة، دون أن يتعرضوا للاعتقال كما في المرة السابقة.
إلى جانب غياب العنصر النسوي من صفوف قوات الأمن تماما، ففي المسيرة السابقة وجد العنصر النسوي بكثافة، وكانت مهمتهم هي اعتقال وتوقيف المتظاهرات، مما يؤكد أن الشرطة عملت على تنفيذ مخطط خاص لإجهاض المسيرة وتوقيفها، من خلال العمل على تشتيت المتظاهرين، بفضل التعزيزات الأمنية غير المسبوقة، دون الدخول في شجار مع المواطنين أو اعتقالهم، أو ضربهم.
إضافة إلى أن السلطات العمومية لزمت الصمت التام، وهو ما يظهر محاولات النظام لتلطيف الجو وعدم الاحتكاك بالمواطنين لتفادي أي تشنجات أو أعمال ترغم الشارع على الانتفاضة، متفادية أيضا للتغطية الإعلامية السلبية بالنسبة لها، والتي قد تؤلب بقية الشعب على منارة المتظاهرين.
الجزائر تايمز / صحف