الاتصالات السرية بين بريطانيا والإخوان خلال العدوان الثلاثى للإطاحة بعبد الناصر
ثروت الخرباوى يكشف ما جرى فى السفارة«5».. أئمة الشر.. الإخوان والشيعة
نشر: 23/5/2013 3:56 ص – تحديث 23/5/2013 3:56 ص
ثروت الخرباوى يكشف ما جرى فى السفارة«5».. أئمة الشر.. الإخوان والشيعة
عبد الناصر
نشر: 23/5/2013 3:56 ص – تحديث 23/5/2013 3:56 ص
الاتصالات السرية بين بريطانيا وقيادات الإخوان خلال العدوان الثلاثى للإطاحة بعبد الناصر أو اغتياله
أنتونى إيدن قال فى مذكراته: الهضيبى كان حريصًا على علاقات ممتازة معنا على عكس ناصر
اليوم: الثامن والعشرون من شهر مارس.
العام: 2008.
الشخص: كين لفنجستون.
الوظيفة: عمدة لندن وأحد أقطاب حزب العمال البريطانى وأحد الأسماء البارزة فى سماء اليسار الأوروبى الداعم لعديد من القضايا العربية والإسلامية.
المشهد: خرج كين لفنجستون من مكتبه ليقف أمام عشرات من الصحفيين، وبعد أن تحدث معهم عن بعض الشؤون الخاصة بالعاصمة لندن سأله أحد الصحفيين عن خطر الجماعات الإسلامية الأصولية، فقال لهم مطمئنًا: «جماعة الإخوان كبرى هذه الحركات تربطنا بها علاقة جيدة، وقد كانت تتلقى تمويلا ماليا من الخارجية البريطانية منذ بداية نشأتها، فهى ليست بعيدة عنا إذن، وقد استخدمنا هذه الجماعة لسنوات طويلة وكانت مخلصة لنا، فقد كان نظام عبد الناصر خطرًا علينا، وعلى الجانب الآخر مثلت هذه الجماعة خطرا كبيرا على عبد الناصر ونظامه».
ورغم أن هذا التصريح كان مثِّل قنبلة فإن أحدًا عندنا فى الشرق لم يلتفت كثيرا له، كانت التبريرات التى خرجت من بعض قيادات الجماعة فى موقعهم الإلكترونى تذهب إلى أن «هذا العمدة رجل موتور حاقد كاره للإسلام وهو شيوعى قح فماذا تنتظرون منه؟ كما أن كلامه لم يكن موثَّقا، وهذا وحده كفيل بهدم كلامه».
النتيجة: لم تَلْقَ تصريحات لفنجستون العناية الكافية من الباحثين فى المنطقة العربية، ولم يصل صداها إلى الجماهير.
يكتب الكاتب الأمريكى روبرت دريفوس كتابه الشهير «لعبة الشيطان» عن دعم الولايات المتحدة الأمريكية للجماعات الأصولية وفى القلب منها جماعة الإخوان، ويقول فيه: «تأسست حركة الإخوان المسلمين على يد حسن البنا بمنحة من شركة قناة السويس البريطانية، وخلال ربع القرن التالى تتلقى تلك الجماعة الدعم الكامل من الدبلوماسيين البريطانيين والمخابرات البريطانية».
ثم يقول أيضًا: «كانت هذه الجماعة هى القوة الوحيدة فى الشرق الأوسط التى تمثل ثقلا كبيرا فى عملية تحقيق التوازن ضد القوى المناهضة لبريطانيا وهى القوميين واليسار العلمانى».
استمر دريفوس فى الكتاب قائلا: «كان الدبلوماسى الأمريكى هيرمان إيلتس صديقا لحسن البنا وقد التقاه كثيرا»، وينقل دريفوس على لسان إلتس: «أعرف أحد زملائى فى السفارة الأمريكية كان يلتقى بشكل دورى مع حسن البنا وذلك لأغراض التقارير».
قد يكون دريفوس مبالغا، فلربما كانت فى نفسه مَوْجِدة من الإخوان، ولربما كان حاقدًا على حسن البنا، ولكن الوثائق لا تحقد، ولا تميل، ولا تحمل موجدة إنما تحمل حقائق وتروى تاريخا، لذلك كانت هناك أهمية بالغة لكيرتس، الذى أطلقت عليه كيرتس الرهيب.
يقول الكاتب الصحفى علاء عزمى فى بحث له منشور فى مجلة «آخر ساعة» عدد 16/8/2010: «مارك كيرتس كاتب بريطانى مثير للجدل، ارتبط اسمه بالكشف عن العديد من الفضائح السياسية والتاريخية لبلاده وقد بدأ مارك كيرتس دراسته فى مدرسة لندن للاقتصاد، ثم عمل باحثا لدى المعهد الملكى للشؤون الدولية، كما سبق له العمل كمدير بالحركة الإنمائية العالمية وأيضًا كمدير ومشرف على إدارات الشؤون السياسية بعدد من المنظمات غير الحكومية المعروفة، مثل كريستيان إيد وأكشن إيد، وعين من قبل باحثا زائرا بالمعهد الفرنسى للعلاقات الدولية فى باريس والمعهد الألمانى للسياسة الخارجية ببون، وهو مصنف كأحد كبار الباحثين فى شؤون الشرق الأوسط، ويعيش الآن كصحفى حر وله العديد من الإسهامات الصحفية والبحثية التى تجد نوافذ للنشر فى عدد من المجلات والصحف العالمية والعربية كالجارديان، وريد بيبر، والإندبندنت، وزنيت، وفرونتلاين، والشرق الأوسط، والأهرام».
ذات يوم وفى أثناء بحث كيرتس فى وثائق وزارة الخارجية البريطانية وقع على مجموعة من الوثائق أذهلته وغيرت مسار تفكيره، كان كيرتس مهتمًّا بالشأن العربى والجماعات الإسلامية، وكان يعرف وفقا للظاهر أن الشيخ حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان هو داعية مصرى أنشأ جماعة الإخوان التى أثارت جدلا كبيرا واشتبكت مع كل الحكومات التى حكمت منذ عهد الملك فاروق حتى عهد حسنى مبارك، ولكن نهمه للبحث والتقصى وعقليته البحثية قادته إلى أروقة هيئة الأرشيف الوطنى البريطانى، ظل كيرتس يتردد على هذه الهيئة أربع سنوات كاملة عثر فيها على كنز من الأسرار يصعب أن يقع عليه باحث، وهناك وهو جالس وسط «الكنز المعلوماتى البريطانى» كان قراره: «سأكتب كتابا أضع فيه عشرات من هذه الوثائق، يجب أن يعلم العالم الصورة الحقيقية المختبئة فى الأرشيف، فليس كل ما كان يحدث فى العالم عفويًّا أو من وحى خاطر أصحابه، ولكن صناعة الحدث كانت هى لعبة المخابرات فى عشرات الحوادث التى مرت على العالم».
فكان أن كتب كتابه الأشهر «العلاقات السرية.. تواطؤ بريطانيا مع الأصوليين الإسلامين المتشددين».
كان هذا الكتاب كارثة وقعت على رأس الإخوان ولكنهم تجاهلوها ودفنوا رؤوسهم فى الرمال، كأن شيئا لم يحدث على الإطلاق، وكيف يعقبون على هذا الكتاب وقد احتوى على «وثائق الحقائق» التى تكشف التعاون الكبير بينهم وبريطانيا؟ وكيف يكذبونها وهى تحمل أخبار الأموال التى كانت تُدفع بالتنسيق مع القصر لمؤسس الجماعة الشيخ حسن البنا بغرض السيطرة عليه وعلى أتباعه؟
إنك لا تستطيع أن تضع كتابا فى كتاب، ومن الظلم للحقيقة أن تجتزئ منه فقرات وتترك باقى الفقرات، لذلك كان من الأصوب أن نلجأ إلى الترجمة التى قام بها البعض، ومنهم الكاتب والباحث علاء عزمى، لننقل ملخصًا عن الكتاب:
«لسنوات عدة ظل كتاب (الخداع الأكبر.. القوة الأنجلو-أميركية والنظام العالمى) هو أشهر أعمال كيرتس على الإطلاق، لا سيما وأنه قد كشف سر العلاقات الأمريكية البريطانية فى حقبة ما بعد الحرب الباردة، حيث ظلت المملكة المتحدة (بريطانيا) شريكا محوريا فى جهود الولايات المتحدة لتعزيز هيمنتها عالميا، إلا أن كتابه الجديد (العلاقات السرية...) بات هو الأهم والأخطر بين كل ما كتب، وفيه يؤكد كيرتس مستندًا إلى قائمة طويلة من الوثائق السرية التى اطلع عليها (تم إيداعها هيئة الأرشيف الوطنى البريطانى) أن صناع القرار السياسى فى بريطانيا قد اعتادوا التعاون مع مجموعة من الحركات الإسلامية الراديكالية من أمثال جماعة الإخوان، ورغم علم لندن أن هذه المجموعات معادية للغرب على طول الخط، فإنها ذلك تعاونت معها من أجل تحقيق أهداف تكتيكية قصيرة المدى، مثل الحفاظ على المصادر والثروات الطبيعية كالنفط أو الإطاحة بالحكومات القومية التى كانت تمثل تهديدًا للإمبراطورية البريطانية وكذا للمشروع الغربى الرأسمالى ككل فى حقبة زمنية ما، لافتا إلى أن التركيز البريطانى على مد يد العون والدعم لمثل هذه المجموعات والتيارات ذات الطابع الدينى المنغلق لم يعد مقتصرا على منطقة الشرق الأوسط، وإنما تخطاها إلى مناطق أخرى دون الأخذ فى الاعتبار العواقب طويلة المدى لمثل هذا التعاون، مؤكدا أن التهديد الإرهابى الحالى لبريطانيا هو نكسة إلى حد ما ناجمة عن شبكة من العمليات البريطانية السرية مع الجماعات الإسلامية المتشددة ممتدة عبر عقود.
فبريطانيا هى التى دعمت آية الله سيد كاشانى، مُعلِّم رمز الثورة الإسلامية فى إيران آية الله الخومينى، فى إطار سعيها للتخلص من حكومة الدكتور مصدق التى كانت تحظى بشعبية جارفة وقامت بتأميم صناعة النفط فى إيران فى الخمسينيات، أما بخصوص علاقة بريطانيا بجماعة الإخوان المسلمين فإن وثائق الكتاب التى وقع عليها كيرتس فإنها خاصة بالفترة التى تبدأ من عام 1942 لا قبلها وإن كان هناك العديد من الوثائق السابقة على هذه الفترة يقول كيرتس إنه يعكف عليها حاليا لإتمام بحثه وإفراغه فى جزء آخر للكتاب.
يكشف كيرتس عن وثيقة مؤرخة عام 1942، حيث جاء فى تقرير بريطانى رسمى ما نصه: «سيتم دفع الإعانات لجماعة الإخوان المسلمين سرًّا من جانب الحكومة المصرية، وفقا للاتفاق بيننا وبين القصر، وسيطلبون بعض المساعدات المالية فى هذا الشأن من السفارة البريطانية.. وستقوم الحكومة المصرية بالزج بعملاء موثوق بهم داخل جماعة الإخوان للإبقاء على مراقبة وثيقة لأنشطتها.. ما يجعلنا (السفارة البريطانية) نحصل على المعلومات من هؤلاء العملاء، ومن جانبنا، سنجعل الحكومة مطلعة على هذه المعلومات التى تم الحصول عليها من مصادر بريطانية».
...
......
...
- يتبع -
د.يحي الشاعر