بعد وفاةالسيناتور الأمريكي جون ماكين، يثار التساؤل حول مدى خسارة المعارضة المصرية بالخارجلأحد الشخصيات الهامة التي طالما انتقدت النظام العسكري الحاكم منذ انقلاب تموز/ يوليو2013.
وإثرالانقلاب العسكري على الرئيس محمد مرسي، واصل ماكين، حملة انتقاداته الإعلامية وداخلالكونغرس للجنرال عبدالفتاح السيسي، وذلك قبل أن يعلن من القاهرة بأن ما حدث بمصر انقلابعسكري.
وردا على سؤال أحد الصحفيين المصريين: "لماذايصف ما حدث بأنه إنقلاب وليس ثورة؟"، قال بسخرية: "لست هنا لتعريف ما حدثمن القاموس، سموها ما شئتم؛ لكن إذا كانت تمشي كالبطة وتصدر صوت البطة فهي ببساطة بطة".
وفي2013، علق ماكين، على صورة للسيسي، قائلا عبر مواقع التواصل الاجتماعي: "السيسيظن نفسه زعيما كجمال عبد الناصر".
المرشحالأسبق للرئاسة الأمريكية السيناتور الجمهوري الكاره لمصر حسب وصف الإعلام المصري،كان قد أصدر بيانا في 25 كانون الثاني/ يناير 2018، دان "القمع" الذي يمارسهالسيسي ضد المعارضين السياسيين، واعتقال مرشحين لانتخابات الرئاسة وشكك بإمكانية إجراءانتخابات حرة، وقال "على مدار السنوات السبع الماضية، شاهدنا مصر تتراجع بشكلخطير. قمع السيسي للنشاط السياسي وحقوق الإنسان الأساسية أدى لسجن عشرات آلاف المعارضين،بينهم 19 مواطنا أمريكيا، وحوالي 3500 شاب".
ماكين،انتقد أيضا ملف مصر بحقوق الإنسان بحوار لصحيفة "الغارديان"، قائلا:"شهدنا بعض الاتجاهات المثيرة للقلق بمصر، واحتجاز عشرات الآلاف من السجناء السياسيين،وقمع المنظمات الإعلامية والمجتمع المدني، والتصديق على التشريعات التي تفرض أنظمةصارمة على المنظمات غير الحكومية، وتثير هذه الإجراءات مخاوف كبيرة بشأن مستقبل التحولالديمقراطي بمصر واستعداد السيسي لضمان احترام حقوق جميع المصريين".
وفي آب/أغسطس2017، ومن داخل الكونغرس طالب ماكين بتقليل المعونة الأمريكية لمصر ومنع 96 مليون دولارمن المساعدات، وتأخير 195 مليون دولار من التمويل العسكري، وقال: "مصر لم تلبالمعايير الديمقراطية التي حددها الكونغرس وظروف حقوق الإنسان للمساعدات الأمريكية،والحد من التمويل مهم لضمان أن تظل حكومة مصر ملتزمة بالتزاماتها الدولية بمجال حقوقالإنسان والإصلاح السياسي".
وفي أيلول/سبتمبر2017، انتقد السيناتور الجمهوري المحاكمات الجماعية في مصر، داعيا الكونغرس لفرض معاييرأكثر شدة تربط المساعدات لمصر بوجوب احترامها لحقوق الإنسان.
وفي حزيران/يونيو 2017، شن ماكين هجوما ضد قانون الجمعيات الأهلية الصادر عن السلطات المصرية،مؤكدا أنه "أحدث إشارة على تزايد القمع ضد حقوق الإنسان والمعارضة السلمية فيمصر".
وحولتأثير موت ماكين على ملف مصر والمعارضة المصرية، أكد نائب رئيس الفيدرالية الدوليةلحقوق الإنسان ورئيس المنظمة العربية للإصلاح الجنائى محمد زارع، أن "ماكين ليسفردا؛ بل إنه يمثل وجهة نظر يتشاركها مع آخرين، ومن المؤكد أن رحيله كسياسي ومعارضكبير ومؤثر له تأثير بلا شك".
ولكنالحقوقي المصري، أشار بحديثه لـ"عربي21" إلى أنه "برغم أن ماكين، أعلنمعارضته لسياسات النظام المصري وانتقده منذ 2013، إلا أنه في النهاية لم يؤثر في تغييروجهة نظر الولايات المتحدة الرسمية بحق النظام المصري".
زراع،أكد أن "انتقادات ماكين، كان لها تأثير قوي وداعم ولكن في النهاية هناك مؤسساترسمية وسياسات أمريكية تقول إن العلاقات أفضل ما تكون مع النظام المصري"، مشيرالعودة كامل المعونات العسكرية الأمريكية لمصر بعد اقتطاع جزء منها.
وبينأن هذا يؤكد "عدم وجود خلاف بين القاهرة وواشنطن؛ بل إن علاقاتهما تشهد توافقابوجهات النظر الرسمية وتبادلا للمصالح، ما يعني أن وفاة ماكين لن تؤثر بالشكل المطلوبلأن انتقاده لم يؤثر أيضا على سياسات بلاده تجاه النظام".
وقالزارع، إن "ماكين كان معارضا صلبا وسياسيا مهتما بحقوق الإنسان وفي النهاية بعدموته يظل هذا الصوت موجودا بالولايات المتحدة، ولكن المصالح الأمريكية لها معايير أخرىحيث أن سياستها الثابتة هي الاستعانة بحلفائها بالمنطقة للحفاظ على مصالحها بغض النظرعن ملفات تلك الأنظمة بحقوق الإنسان"، مضيفا "يفترض أن تهتم واشنطن بحقوقالإنسان بالتوازي مع اهتمامها بتحقيق مصالحها السياسية، ولكن أمريكا الرسمية شيء وأمريكاالمعارضة شيء آخر".
المعارضالمصري بالولايات المتحدة مصطفى الدسوقي، يرى أن المعارضة لم تخسر بموت ماكين، لأن"المعارضة للأسف متناحرة فيما بينها ولا يوجد كيان معارض قوى يملك إحداث أي تغييرملموس ولا آلياته" على حد قوله.
الدسوقي،أكد لـ"عربي21"، أن "موقف ماكين من الانقلاب معروف وموثق بلقاء صحفىمسجل بالقاهرة بعد الانقلاب ووصف ماحدث بأنه انقلاب منذ حدوثه"، مشيرا إلى أنه"رفض 3 دعوات من السيسي، لزيارة مصر بعد اغتصابه للحكم لأنه لم يعترف بشرعيته"،مضيفا أنه "رفض أيضا استقبال السيسي بمكتبه في آب/سبتمبر 2017، أثناء حضور الأخيراجتماعات الأمم المتحدة".
وحول دور ماكين في انتقاد النظام، أكد الدسوقي، أنه"ضغط على الكونغرس لإدانة الانقلاب بملف انتهاكات المعتقلين وحقوق الإنسان، مماأدى لتجميد جزء من المعونة العسكرية لمصر ولكن بسبب مرضه الشديد وعدم تواجده على الساحةقرر دونالد ترامب الإفراج عن 195 مليون دولار المجمدة".
وحولمقابلات ماكين للمعارضة بأمريكا، أوضح المعارض المصري، أنه "كان من المقرر مقابلتهولكنه اضطر لإلغاء المقابلة بسبب حالته الصحية"، مضيفا "ولكننا التقينا أكثرمن مرة مع مديرة مكتبه وهي على دراية كاملة بالوضع في مصر ودونت كل ما طالبنا به وأبلغتبه ماكين".
مزيد من التفاصيل