--------------------------------------------------------------------------------
بداية حركة التحرير المنظمة فى قناة السويس سنة 1951
بواسطة يحى الشاعر في الثلاثاء مايو 23, 2006 10:36 am
جلس "... السيد العربى ..." فى قهوة جيانولا ، وسرح بأفكاره بعيدا ..... خمسون عاما للوراء ...!!!
لم يلاحظ بأن خمسة من شباب المدينة قد اخذوا مقاعدهم ليجتمعوا حول مائدته فى دائرة انتبه أليها الموجودون فى المقهى الراقى
.... لم يودوا أن يقاطعوا "... سرحــانه .. " وانتظروا فى أدب واضح ... حتى يبدأ سرد أفكاره بصوت هادىء ....
كان السيد العربى ، يسرح ويتذكر ، كيف أن قناة السويس ، قد مرت فى أطوار مختلفة خلال الزمن ، وكان للدول ألأخرى الدور الكبير فى خلقها – رغم أن الفراعنة كانوا اول من بنوا أول قناة ربطت بين البحرين - وتمعن " السيد العربى " فى الأحوال ، وكيف تم السيطرة عليها ، ولم يصب مصر فى الماضى سوى الغرم وتحمل الأيذائات والشرور ، فلقد كانت القناة مصدر رفاهية وغنى للعالم أجمع .... ما عدا مصر
أتى جارسون المقهى ، ليجذب إنتباه السيد العربى الى فنجان القهوة الذى وضعه أمامه من دقائق ، وسأله مستجبا ، اذا كانت القهوة مش تمام .. ؟؟
انتبه "...السيد العربى ..." الى وجود الشباب حوله والى الجارسون أمامه ، والى فنجان القهوة الموضوع أمامه ... "
... لأ كويس ، .... معلهش ... ، كانت أفكار السيد العربى قد سرحت فى ........"
نظرة للخلف فى منطقة القناة
فقد ساعد على تفاقم أزمة النظام السياسى فى مصر ، عجزه عن التعامل مع بريطانيا لتعديل معاهدة 1936 ، وكانت بريطانيا قد قررت منذ نهاية عام 1948 ـ وقد اشتدت حدة الحرب الباردة بين المعسكرين الشرقى والغربى ـ عدم التخلى عن مراكزها فى الشرق الأوسط ، وقواعدها الجوية فيه وبخاصة بعد انسحابها من فلسطين ، ولكن مصر لم تكن على استعداد لقبول بقاء قاعدة السويس فى اطار التحالف مع بريطانيا
فكان حزب الوفد قد شكل وزارته عام 1950 ، والتزم تحت الضغط الوطنى إلى تحقيق مطلب الشعب بالغاء معاهدة 1936، ولم تنجح المفاوضات التى بدأت فى خريف عام 1950 وعدم نجاح مصطفى النحاس باشا رئيس الوزارة وقتئذ ورئيس حزب الوفد فى الحصول على ما سبق أن حصل عليه صدقى باشا فى مفاوضاته مع بيفين ، ولذا وتحت وطأة الضغط الشعبي أعلنت حكومة حزب الوفد فى مساء يوم 18 أكتوبر 1951 عن الغائها من جانب مصر لمعاهدة 1936 التى ابرمت بين مصر وإنجلترا ، وكانت ذلك لحظات اشتعل فيها حماس الشعب ، وفى الحال تحركت المشاعر الوطنية فى نفوس الشعب، فى جميع أنحاء الوطن المصرى وخاصة فى منطقة ومدن القناة وتبعت هذا القرار إجراءات عملية تستهدف شل فاعلية القاعدة
وتأهب الشعب المصري وبالأخص أبناء مدن القناة للاحتمالات السلبية بعد الغاء معاهدة 1936 التي قد يتخذها المحتل البريطاني المرابط على امتداد قناة السويس
بداية حركة التحرير المنظمة فى قناة السويس سنة 1951
انسحب العمال المصريين الذين كانوا يعملون بالمعسكرات البريطانية وقدروا بحوالي 60 ألف عامل وموظف وقاطع العمال ".... المصريون ...." العمل فى القواعد البريطانية بمنطقة القناة كما قاطع سائقوا القطارات وعمال السكة الحديد خدمة القوات البريطانية وبدأت معارك المقاطعة السلبية التى تطورت بعد ذلك إلي الكفاح المسلح الذى يستهدف شل فاعلية القاعدة
فقد إمتلأت مدن القناة وقراها ، بالعديد من الجماعات ألفدائية ( ألتى تنتمى لمختلف ألأحزاب ولجماعة الأخوان المسلمون ) وكان أكثر الفدائيون من طلبة الجامعات ، وبدأت الجماعات ألفدائية تشن غاراتها البومية على المعسكرات والمستودعات البريطانية فى منطقة القناة، وسقط الكثير من الشهداء فى بورسعيد وألإسماعيلية والسويس وفى باقى منطقة ألقناة ولكن هذا العمل كان يتطلب تنظيما وتنسيقا معينا من حكومة الوفد، ألأمر الذى أدى إلى قيام القوات البريطانية بإجراءات فعالة لمواجهته ، كالتفتيش الدقيق لقطارات السكة الحديدية والسيارات المتجهة برا الى مدن ألقناة ، ثم السيطرة الكاملة على المعابر والكبارى المؤدية إلى سيناء وزادت داورياتهم المسلحة فى المدن ، وأنتشرت دشن الرمل على مداخل المعسكرات ، وأضيئت أسوار المعسكرا بأضواء كشافة قوية وبلغت أزمة العلاقات بين البلدين ذروتها .... وسدى جو توتر على الحياة فى مدنها وقراها ، ولم تستثنى بورسعيد من تلك الأجراءات
لم ييخلف الجيش أو البوليس "الشرطة" عن القيام بدورهما ، فتم التقاء نخبة من ضباط الجيش والبوليس والمدنيين لتتشكيل بعض المنظمات الخاصة لمهاجمة أفراد قوات الاحتلال التى ماكانت موجودة فى قواعدهم على امتداد منطقة القناة بكاملها وذلك لإجبار الحكومة البريطانية على قبول وتوقيع معاهدة الجلاء عن القناة
ويبين البكباشى عبدالفتاح أبو الفضل بعض خبائا هذه المرحلة ، فى مذكراته التفصيلية عن دوره فى المقاومة السرية بعد إلغاء المعاهدة في أكتوبر 1951 إ فقد ".... بدأ تجمع وتجنيد الفدائيين من طلبه الجامعات والموظفين لتكوين المقاومة السرية الملحة ضد قوات الاحتلال بمنطقة القناة ومهاجمة معسكراتهم ، وقد دربهم عدة ضباط وفى مقدمتهم الصاغ محمد كمال الدين رفعت ومحمود حسين عبدالناصر وسعد عبدالله عفرة وسمير غانم ، كما شاركهم بعض ضباط الجيش المصرى والبوليس علاوة على بعض العناصر العسكرية وبعض العناصر المدنية وساهموا جميعا فى تدريب طلبه الجامعات و الموظفين في صحراء الفيوم علي الأسلحة والتكتك وحرب المقاومة السرية وتحدد لكل منهم منطقة لنشاطه للتحضير لعمل المقاومة السرية ضد قوات الاحتلال البريطانى وبدا حرب المقاومة ضد قوات االاحتلال البريطانية فى منطقة قناة السويس
ويذكر مثلا ابوالفضل فى مذكراته ".... بأن زميله سعد ، ويقصد به (الصاغ أ ح سعد عبدالله عفرة) كان الناظر العسكري لمحطة أبوسلطان فى القنال فى الأعوام السابقة وكانت له مدة خدمة طويلة بالمنطقة وله معارف فى كل مكان وفى القرى المحيطة ومندوبين فى المناطق الاخرى لمقاومة البريطانيين ومنهم ضياء الدين حسنين فى الاسماعيلية ملازم أول يحيى راشد فى فايد والملازم أول عبد القادر عبد العظيم السويس والشيخ حسن اللق (شيخ البلد) الصالحية
اما فى بورسعيد فكان المسؤلون عن تشكيل المقاومة ضد معسكرات الجيش البريطانى قبل اتفاقية الجلاء كل الصاغ يحيى القاضى واليوزباشى مصطفى كمال الصياد وابراهيم عبد الغفار ومحمد الشاعر ...."
ويكفينا شرف، ما يذكره رئيس مارشالات الجو البريطانى سير دافيد لى فى كتابه من العديد عن تفاصيل وشراسة المقاومة المصرية وحركة التحرير فى قناة السويس خلال عام 1951 لتسجيل صحة تاريخ قسوة هذه المرحلة ، الأمر الذى أدى إلى قيام القوات البريطانية بإجراءات قاسية ، وقد وصل الأمر الى القيام بإختطاف جنود وضباط بريطانيون ، وقتل أو إختطاف البعض من الذين جرأوا على التعاون مع جنود الأحتلال الأنجليزى ومنهم على سبيل المثال " الخائن صبر كنج" المشهور .....
......!!!!!
انتظر الشباب ، ليواصل "السيد العربى سرد أفكاره بصوت يسمعونه ، ولمن فنجان القهوة قد فرغ ..فنهض ، وانصرف فى هدوء لأ واعدا لهم بالحضور مرة أخرى
د. يحى الشاعر