أعمال قتال القوات الإسرائيلية
غرب وشرق القناة 18 ـ 28 أكتوبر 1973
|
اقتباس |
|
|
|
|
|
|
|
|
ثانياً: أعمال القتال يوم 18 أكتوبر 1973 (اُنظر شكل أعمال قتال يوم 18 أكتوبر)
بدأت وحدات الجنرال آدن في العبور اعتباراً قبل منتصف الليل بقليل، يتقدمها مجموعة قتال صغيرة ثم مجموعة قيادة آدن ثم اللواء 460 مدرع، ثم اللواء 600 مدرع وكل منهم بقوة 70 دبابة، وبقي اللواء 217 شرق القناة كاحتياط لتأمين عبور المجموعة وقد عبر في اليوم التالي. وواجهت قوات آدن مصاعب عديدة أثناء عبورها، إذ تعرضت لقصف مركز من المدفعية المصرية، أحدثت خسائر في اللواء 460 (لواء المقدمة) ودمر أجزاء من الجسر استغرق إصلاحه وقتاً غالياً.
وفي أول ضوء، صباح يوم 18 أكتوبر 1973، أصبح لإسرائيل ثلاث ألوية مدرعة، ولواء مظلات في الغرب، تحت قيادة الجنرال آدن.
1. صدي للهجوم المضاد المصري (معركة المجموعة الرقم 162 المدرعة)
أصدر الجنرال آدن أوامره إلى لوائي المدرعات بتوسيع رأس الجسر فوراً، والاستناد على الترعة الحلوة (ترعة السويس الموازية للقناة، وتبعد عنها حوالي 4 كم وقد صادف التقدم مقاومة من القوات المصرية، وخصوصاً محاولة عبور الترعة الحلوة من خلال الكباري أو "المخاضات"، حيث تعرضت بعض الدبابات إلى إصابات مباشرة من الصواريخ المصرية، من بعض الكمائن المختفية في المزروعات، وبين الأشجار. لذلك أمر الجنرال آدن بسحب المفارز ومقدمات الوحدات إلى شرق الترعة الحلوة، وخطط أن تقصف المدفعية الإسرائيلية من الضفة الشرقية للقناة "عيار 175 مم، و155 مم المنطقة أمامه.
حصلت عناصر الاستطلاع، ومصادر معلومات أخرى، عن معلومات عن تحرك لواء مدرع مصري من شرق القاهرة، إلى الجيش الثاني المصري في الغرب، لشن هجوم مضاد ضد القوات الإسرائيلية في منطقة الدفرزوار. أتخذ آدن قراره بوضع لواء جابي على اليسار، بمهمة صد الهجوم المضاد المصري، ولواء نتكا على اليمين، بمهمة تطويق اللواء المدرع المصري بعد صده، كما طلب مساندة من القوات الجوية، التي بادرت بالإغارة على اللواء أثناء تقدمه، وهو ما دفع قائد اللواء المصري للإسراع في اتجاه القوات الإسرائيلية، ليلتحم بها ويضعف من تأثير الهجوم الجوي الإسرائيلي على قواته. وقع اللواء المدرع المصري الرقم 23، في ستارة من الصواريخ المضادة للدبابات، مدعمة بالدبابات من لواء جابي، حيث أجبرته على التوقف، ليقع تحت نيران كثيفة من المدفعية الإسرائيلية في الشرق.
أما اللواء المدرع الإسرائيلي الآخر "لواء نتكا"، فقد تقدم إلى وصلة سرابيوم لتطويق القوات المصرية، فاصطدم بعناصر من اللواء 116 مشاة المصري (حوالي سرية مشاة) عند تقاطع طريقي سرابيوم والمعاهدة "موقع Arel كما يسميه الإسرائيليون، حيث دارت معركة غير متكافئة، تمكن اللواء خلالها من إحداث خسائر كبيرة في تلك السرية. ثم اتجه "نتكا" بلوائه جنوبا عبر طريق المعاهدة في اتجاه تقاطع وصلة أبو سلطان، حيث المواقع الرئيسية للواء 116 مشاة في منطقة "Tsach" كما كان يطلق عليها الإسرائيليون، ولم تكن معركته سهلة مثل المعركة السابقة، حيث تعرضت دباباته إلى نيران مركزة، اضطر معها إلى الاتجاه غربا متجنبا الهجوم على الموقع المصري.
2. معارك المظلات الإسرائيلية غرب القناة:
تحدد للواء المظلات الإسرائيلي، مهام أخرى لتأمين المحاور الشمالية من المعبر، حيث ستعمل قوات الجنرال شارون بعد عبورها حيث دارت معركة قاسية بين كتيبة مظلات إسرائيلية من اللواء 35 مظلات، وعناصر صاعقة مصرية كانت تؤمن تلك المحاور خسرت فيها كتيبة المظلات جزء غير يسير من قوتها بين قتيل وجريح، في معركة استمرت أربع ساعات، حتى تمكنت قوة نجدة من لواءها، من التدخل وتأمين انسحابها[5].
3. تدمير قواعد الصواريخ المصرية
أصدر الجنرال جونين أوامره إلى الجنرال آدن لدفع بعض وحداته للإغارة على مواقع الصواريخ أرض / جو المصرية، في منطقة جنوب الإسماعيلية، وقد شدد جونين على تلك المهمة الحيوية، حتى يمكن للطائرات الإسرائيلية تنفيذ مهامها. وعلى الفور أصدر الجنرال آدن أوامره، بتخصيص كتيبة مدرعات من كل لواء، للقيام بإغارات على مواقع الصواريخ في العمق. نجحت كتيبة لواء "نتكا" من تدمير موقعي صواريخ مصرية على عمق حوالي 20 كم، وعادت إلى لوائها قبل آخر ضوء، في الوقت الذي نجحت فيه كتيبة لواء "جابي" في تدمير موقع آخر على مسافة 10 كم واضطرت للارتداد بعد اشتباكها مع قوات مصرية. مكنت تلك الإغارات الطيران الإسرائيلي من تقديم معاونة فعالة إلى قوات آدن في صباح اليوم التالي، بحرية، لم تكن متاحة من قبل.
4. استكمال عبور القوات الإسرائيلية غرباً
بنجاح الجنرال آدن في صد الهجوم المضاد المصري، وتوسيع رأس الجسر، طلب من قائد القيادة الجنوبية الإسرائيلية، ضم اللواء المدرع التابع له، حتى يتسنى تحقيق المهام المخططة، وقد صدق الجنرال جونين على الطلب، وعبر اللواء 217 ليلة 18/19، وانضم على قوات آدن. وبذلك استكمل آدن مجموعته بالكامل، لتعمل غرب القناة، في اتجاه السويس.
في نفس الوقت فقد عبرت المجموعة الرقم 252 المدرعة بقيادة الجنرال كلمان ماجن، القناة غرباً، بقوة لواءين مدرعين اللواء 401 بقيادة "دان شمرون" ، اللواء 164 بقيادة "باروم" واللواء 166 آلي بقيادة "بنتشاس".
في شرق القناة، استمرت أعمال القتال لقوات الجنرال شارون حيث هاجم "لواء أمينون" المزرعة الصينية، وموقع الطالية (ميسوري) حيث واجهته مقاومة عنيفة، ونجح جزئياً في المزرعة الصينية، ولم يحقق أي نجاح في اتجاه الطالية.
ثالثاً: أعمال قتال يوم 19 أكتوبر 1973
بصباح يوم 19 أكتوبر 1973 كانت القوات الإسرائيلية غرب القناة تتكون من:
1. مجموعة عمليات الجنرال آدان بالكامل (ثلاثة ألوية مدرعة).
2. مجموعة عمليات الجنرال كلمان ماجن بالكامل، وتتكون من (لوائين مدرعين ـ لواء مشاة آلي).
3. مجموعة عمليات الجنرال شارون تتكون من لواء مدرع ولواء مظلات.
أي أن إجمالي القوات الإسرائيلية غرب القناة كانت ستة ألوية مدرعة، لواء مشاة آلي ولواء مظلي.
كان الموقف الإداري لتلك القوات صعب، فقد كانت أرتال التمويل متوقفة في منطقة الجسور، ولم تتمكن معظمها من العبور ليلة 18/19، مما وضع القوات المقاتلة في موقف حرج. كذلك فإن الكثيرين من الأفراد الإداريين تعرضوا لنيران المدفعية المصرية وحدثت فيهم خسائر كبيرة.
وقع العبء الرئيسي للقتال على وحدات آدن، التي قاتلت على محورين متوازيين في اتجاه الجنوب. إذ اندفع لواء نتكا في اتجاه الغرب شمال وصلة أبو سلطان "Sacranut" للوصول إلى الهيئات المرتفعة شمال شرق تقاطع وصلتي أبو صوير وأبو سلطان "Maktsera"، حيث اصطدم مع لواء مدفعية الميدان المصري التابع للفرقة 23 مشاة آلية، ودارت معركة لمدة ثلاث ساعات كاملة (من الساعة 1000 - 1300) استخدم فيها اللواء الإسرائيلي أسلوب الضرب على مسافات بعيدة مع الحركة، إطلاق ذخائر ضد الأفراد (حتى لا يتمكن لواء المدفعية من إطلاق دانات مباشرة ضد الدبابات الإسرائيلية). وقد انتهت المعركة بإحداث خسائر كبيرة في لواء المدفعية وانسحابه غربا في اتجاه موقع عثمان أحمد عثمان بعد أن ألحق خسائر محدودة في الدبابات الإسرائيلية، وآخرها عدة ساعات غالية.
بعدها انحرف لواء نتكا غرباً، عبر وصلة أبو صوير، المتجهة إلى طريق مصر / السويس فاصطدم بمقاومة عنيفة مرة أخرى عند تقاطع وصلة أبو صوير مع طريق فايد[6] "Miznefet" وحتى يتخلص نتكا من المعركة، فقد طلب من الجنرال آدن نجدة، حيث أرسل له كتيبة دبابات من اللواء الاحتياطي، لتثبيت الموقع المصري، بينما ترتد قوات نتكا، وقد نجحت تلك العملية تماماً، وتمكن نتكا من الاتجاه شرقاً مرة أخرى ليهاجم المقاومات المصرية المبعثرة في طريقه، جنوباً على محور طريق فايد ـ البحيرة المرة، حيث تمكن في نهاية اليوم من الاستيلاء على أرض هبوط فايد، والتي كانت ذات فائدة لإمداد القوات الإسرائيلية في الغرب.
أما اللواء الآخر، "لواء جابي"، فقد تقدم منذ الصباح في اتجاه الغرب متفاديا موقع كتيبة مشاة من اللواء 116، في تقاطع أبو سلطان مع طريق المعاهدة. وقد واجه هذا اللواء أول حادث إطلاق صاروخ أرض/ جو ضد الدبابات، وذلك عندما اقترب من أحد مواقع الصواريخ، فأطلق عليه الموقع، صاروخاً في خط مرور مسطح، ومر الصاروخ فوق القوة المدرعة، وأحدث ذعرا شديدا، ثم سقط بعيدا على مسافة حوالي 500مترا من مركز قيادة الجنرال آدن.
انطلق لواء جابي المدرع على طريق المعاهدة، بمحاذاة قناة السويس، في اتجاه فايد، بهدف الاستيلاء على المطار، ولكن المقاومات المصرية حالت دون تحقيق مهمة اللواء، ولم يتمكن من الوصول إلى المطار. قبل أن يحل الظلام، أمر الجنرال آدن اللوائين المدرعين بتأمين منطقة جبل جنيفة الذي يمثل منطقة حيوية رئيسية، وذلك خشية أن تصل إليه قوات مصرية، تعرقل تقدم القوات بعد ذلك. أما اللواء المدرع الثالث من قوات آدن، فقد ظل في الاحتياط، ولم يشترك في أعمال قتالية خلال هذا اليوم باستثناء كتيبة مدرعة واحدة، التي دعمت نتكا لفترة من الوقت.
1. أعمال قتال مجموعة العمليات الرقم 252 مدرع
كانت المهمة الأولى لتلك المجموعة، هو تطهير جيوب المقاومة المصرية التي يتركها آدن أثناء تقدمه السريع جنوباً، لذلك وجهت تلك القوات جهودها ضد تقاطعات محوري سرابيوم، وأبو سلطان مع طريق المعاهدة، وكانت تدافع عن تلك المناطق عناصر من اللواء 116 مشاة آلي المصري، ودارت معارك، انتهت لمصلحة القوات الإسرائيلية، التي كانت تملك تفوق كبير في القوات.
بانتهاء تلك المعارك، اندفعت المجموعة 252 عبر الأراضي المفتوحة، في اتجاه الجنوب، والجنوب الغربي، لحماية الجانب الأيمن ومؤخرة قوات آدن.
كان هدفها النهائي، هو قطع الطريق الرقم 12، شمال طريق القاهرة/ السويس، ثم قطع طريق القاهرة/ السويس الرئيسي. وبذا يتم عزل الجيش الثالث ومدينة السويس عن طريق إمداداتهما القادم من القاهرة.
2. أعمال قتال المجموعة الرقم 143 المدرعة
في الصباح عبر اللواء 14 مدرع "لواء آمنون"، لينضم إلى مجموعته ولتستكمل قوات شارون كل عناصرها، لتصبح لوائين مدرعين، ولواء مظلات. ويبقى لها في الشرق لواء مدرع + كتيبة دبابات تعمل كاحتياط لقائد الجبهة في الشرق.
كانت الخطة تقضي بأن يتم الضغط بقوات شارون من شرق القناة وغربها، على القوات المصرية (الجناح الأيمن للجيش الثاني المصري) بهدف تدميره، وإخلاء المنطقة حتى مدينة الإسماعيلية، والاستيلاء عليها.
وقد بوغت الجنرال شارون، بالأعمال القتالية الناجحة التي قام بها لواء المظلات 182 المصري، في اليوم السابق، واحتلاله لمصاطب الدبابات المسيطرة على ميدان المعركة شرق وغرب القناة. لذلك، كان المجهود الرئيسي للمجموعة 252 في هذا اليوم، السيطرة على مصاطب الدبابات على طول الضفة الغربية للقناة، وكلف اللواء 421 مدرع بهذه المهمة ومعه، واللواء 242 مظلي بقيادة "داني مات"، حيث شنوا هجوما عنيفا من الجنوب إلى الشمال ضد كل مصطبة منفردة بذاتها من أجل تطهيرها، يعاونهم جهود كثيفة من الطيران الإسرائيلي، والمدفعية، وقد نجح اللواءان في تطهير المصاطب حتى سرابيوم "منتصف المسافة ما بين الدفرزوار والإسماعيلية" بعد معارك طاحنة مع المظلات المصرية.
كذلك كان على المجموعة توسيع رأس الجسر الإسرائيلي غرب القناة، وامتداده شمالا وغربا، ومحاولة القضاء على القوات المصرية المنتشرة فيه[7]. اصطدم لواء آمنون بالعديد من المقاومات وتكبد خسائر كبيرة، ولم ينجح في التقدم سوى في المناطق الصحراوية الخالية، أما المناطق الزراعية، فلم يحقق فيها نجاحات تذكر.
وفي شرق القناة، تولت مسؤولية التأمين مفرزتين منفصلتين كل منهما تتكون من لواء مشاة آلي ولواء مدرع، حيث تولت مجموعة ساسون مهمة تأمين المنطقة من بورسعيد وحتى الطريق الأوسط في سيناء، ومجموعة "جراينت إسرائيل" تأمين المنطقة من الطريق الأوسط وحتى السويس. وكانت المهام الرئيسية لتلك المفارز هي تنشيط الدفاعات الرئيسية أمام القوات المصرية لشغلها، وعدم قيامها بمعاونة القوات التي تهاجم أو الاندفاع في ثغرة الاختراق لسدها.
في الوقت نفسه، استمر اللواء المدرع من قوات شارون في توجيه هجماته ضد الجانب الأيمن للفرقة 16 مشاة المصرية.
بنهاية يوم 19 أكتوبر 1973 كانت القوات الإسرائيلية في منطقة غرب القناة تتكون من سبعة ألوية مدرعة، لواء مشاة آلي، لوائين مظليين إذ عبر لواء مظلي "بقيادة العقيد أوزي عوزي" ليلة 18/19، وانضم إلى المجموعة الرقم 143 مدرع بقيادة الجنرال شارون، لتصبح الفرقة مكونة من لواءين مدرع، ولواءين مظلات.
حث الجنرال ديفيد أليعازر رئيس الأركان الإسرائيلي ـ أثناء زيارة للقوات الإسرائيلية في منطقة الدفرزوار ـ الجنرال شارون للاستيلاء على مدينة الإسماعيلية بأسرع ما يمكن. على اعتبار أن سقوطها سيكون له تأثير رئيسي في تحول مجريات الحرب لمصلحة إسرائيل، وحصار الجيش الثاني أيضا إلى جانب الجيش الثالث، وبالتالي تكون كل القوات المصرية محاصرة شرق القناة، ويمكن أسرها. وعلق شارون على تلك الخطة قائلا: "هذه حرب رهيبة لم يكن لها شيء مشابه من قبل. إن حرب الأيام الستة لم تكن إلا معركة واحدة فقط".
|
|
|
|
|
|
د. يحي الشاعر