«الضحية تنتصر لجلادها»: ترميم قاعدة تمثال ديليسبس الفرنسي يثير غضبا في مصر
29 - يونيو - 2020
تامر هنداوي
القاهرة ـ «القدس العربي» : أثارت عملية ترميم قاعدة تمثال ديليسبس على المدخل الشمالي لممر المجري الملاحي لقناة السويس حالة من الجدل الغضب في مصر، إذ اعتبرها نشطاء وسياسيون إهدارا لتضحيات 120 ألف مواطن مصري قضوا في أعمال السخرة في حفر قناة السويس.
وأعلن مثقفون وسياسيون رفضهم لإعادة تنصيب التمثال على قاعدته بعدما أزاحه عنها أفراد المقاومة الشعبية إبان العدوان الثلاثي عام 1956.
ووجه عدد من المثقفين والسياسيين، بينهم المرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي، خطابا إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي، لحث المسؤولين في محافظة بورسعيد على تفهم الدواعي الوطنية والحقائق التاريخية والاعتبارات الأخلاقية التي تمنع كل مصري من السعي لإعادة نصب تمثال فرديناند ديليسبس على قاعدته بعدما أزاحه عنها أبطال المقاومة الشعبية إبان العدوان الثلاثي عام 1956. مثقفون وسياسيون في خطاب للسيسي: إعادته إهدار لتضحيات 120 ألف مواطن
وقال الخطاب إن ذلك المسعى يأتي ليحدث شرخا كبيرا داخل الجماعة الوطنية، في توقيت تحتاج فيه مصر لتوسيع مساحة الإجماع الوطني والالتفاف لمواجهة التهديدات المحيطة بمصر شرقا وغربا وجنوبا.
وشدد المثقفون والسياسيون في خطابهم على أن هذا العمل يعد بمثابة إهدار لتضحيات 120 ألف مواطن مصري قضوا في أعمال السخرة في حفر قناة السويس، وتنكر لدماء شهداء الجيش والمقاومة الشعبية الذين منحوا بورسعيد مسمى الباسلة، حتى أضحت رمزا عالميا لمكافحة الاستعمار في كل دول العالم.
ولفت الخطاب إلى أن هذا الإجراء يسبغ على هذا الآفاق شرفا لا يستحقه ولا حتى في بلده التي أدانته وابنه بتهم السرقة والنصب، مثلما حكمت على حفيده بالإعدام بتهمة الخيانة العظمى.
حزب «تيار الكرامة» قال في بيان إن مشروع عودة التمثال إلى قاعدته يمثل اعتداء فجاً على تضحيات شهداء الجيش والمقاومة الفدائية والشعبية، ويمثل انكسارا وطنياً بالغا.
وأضاف الحزب في بيان:» ليس من المعقول أن ينتصر الضحية لجلاده بترميز دوره اللاأخلاقي في التدليس على البلاد من أجل توقيع عقد امتياز مجحف أدى إلى استخدام السخرة في أعمال الحفر، ومن ثم دفع أكثر من مئة وعشرين ألفاً من الفلاحين المصريين دماءهم وأرواحهم ثمنا في أعمال السخرة اللا إنسانية».
وزاد الحزب أن «ديليسبس الذي خان الجيش المصري، وحرض وشارك وسعى في تقزيمه عبر تقليص عدده إبان الاحتلال البريطاني، لا يستحق أن يتم تخليده بهذه الصورة التي تسيء إلى مصر وحراكها السياسي والشعبي الذي تصدى للاستعمار والاحتلال، وجعل من بورسعيد الباسلة رمزا للمقاومة والتضحية يشهد بها ولها العالم أجمع، كما أنه لا يمكن القبول بترميز مجرم أدانه القضاء الفرنسي وعددا من عائلته بجرائم النصب والاحتيال والخيانة، فكيف تسعى مصر الرسمية للعمل على إجلال وتقدير ذكراه السيئة المريعة في الوقت الذي تتنصل بلاده الأصلية من ممارساته الدنيئة».
وزاد الحزب: إذا كانت هناك ضرورة لخروج التمثال للنور من جديد، بعدما قضى أكثر من ستين عاما في مخازن ورش الترسانة البحرية لهيئة قناة السويس في مدينة بورفؤاد، فلتكن عودته إلى متحف قناة السويس باعتباره جزءا من تاريخ معاناة المصريين مع الاستعمار والاحتلال، أو إعادته إلى فرنسا، واثقين أن الشعب الفرنسي سوف يرفض تنصيبه هناك، في الوقت الذي يتعاطف خلاله مع إزالة تماثيل رموز العبودية والتفرقة.
وتداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو يوثق لحظة إسقاط تمثال ديليسبس من قاعدته في مدخل قناة السويس إبان العدوان الثلاثي عام 1956.
يشار إلى أن الفرنسي فرديناند ديليسبس صاحب فكرة حفر القناة، وظل التمثال في مكانه حتى قرر الزعيم الراحل جمال عبد الناصر تأميم القناة، شركة مساهمة مصرية، وتم العدوان الثلاثي الفرنسي البريطاني الإسرائيلي على مصر عام 1956 ، وقامت «المقاومة الفدائية والشعبية» بإزالة التمثال لأنه رمز يجسد «الاحتلال والاستعمار»، ووضعه في مخازن ورش الترسانة البحرية لهيئة قناة السويس في مدينة بور فؤاد شرق مصر.
د. يحي ألشاعر