عبد الناصر ورموز جماعة الإخوان المسلمين 4
كتب : عمرو صابح
ساند جمال عبد الناصر كل الدول العربية والإسلامية في كفاحها ضد الإستعمار.
كان الرئيس جمال عبد الناصر أكثر حاكم عربى ومسلم حريص على الإسلام ونشر روح الدين الحنيف في العدالة الاجتماعية والمساواة بين الناس.
سجلت بعثات نشر الإسلام في أفريقيا وأسيا في عهد الرئيس جمال عبد الناصر أعلى نسب دخول في الدين الإسلامى في التاريخ، حيث بلغ عدد الذين اختاروا الإسلام دينا بفضل بعثات الأزهر في عهد الرئيس جمال عبد الناصر 7 أشخاص من كل 10 أشخاص وهى نسب غير مسبوقة و غير ملحوقة في التاريخ حسب إحصائيات مجلس الكنائس العالمى.
في عهد عبد الناصر صدر قانون بتحريم القمار ومنعه، كما أصدر عبد الناصر قرارات بإغلاق كل المحافل الماسونية ونوادى الروتارى والمحافل البهائية، كما تم إلغاء تراخيص العمل الممنوحة للنسوة العاملات بالدعارة التى كانت مقننة في العهد الملكى وتدفع العاهرات عنها ضرائب للحكومة مقابل الحصول على رخصة العمل والكشف الطبى .
فى عهد عبد الناصر وصلت الفتاة لأول مرة إلى التعليم الديني كما تم افتتاح معاهد أزهرية للفتيات، وأقيمت مسابقات عديدة في كل المدن لتحفيظ القرآن الكريم، وطبعت ملايين النسخ من القرآن الكريم، وأهديت إلى البلاد الإسلامية وأوفدت البعثات للتعريف بالإسلام في كل أفريقيا و أسيا، كما تمت طباعة كل كتب التراث الإسلامى في مطابع الدولة طبعات شعبية لتكون في متناول الجميع، فيما تم تسجيل المصحف المرتل لأول مرة بأصوات كبار المقرئين وتم توزيعه على أوسع نطاق في كل أنحاء العالم
كان جمال عبد الناصر دائم الحرص على أداء فريضة الصلاة يومياً كما كان حريصاً أيضاً على أداء فريضة صلاة الجمعة مع المواطنين في المساجد.
توفى الرئيس جمال عبد الناصر يوم الاثنين 28 أيلول- سبتمبر 1970 والذى يوافق هجريا يوم 27 رجب 1390، صعدت روح الرئيس جمال عبد الناصر الطاهرة إلى بارئها في ذكرى يوم الإسراء والمعراج، وهو يوم فضله الدينى عظيم ومعروف للكافة .
وبخصوص الدين المسيحى كانت علاقة الرئيس جمال عبد الناصر ممتازة بالبابا كيرلس السادس، وكان جمال عبد الناصر هو الذى سأل البابا كيرلس السادس عن عدد الكنائس التى يرى من المناسب بناؤها سنويا، وكان رد البابا (من عشرين إلى ثلاثين)، وكان الرئيس عبد الناصر هو الذى أمر بأن يكون عدد الكنائس المبنية سنويا خمسا وعشرين كنيسة، وأن يكون التصريح بها بتوجيه من البابا نفسه إلى الجهات الرسمية .
وعندما طلب البابا كيرلس السادس من الرئيس عبد الناصر مساعدته في بناء كاتدرائية جديدة تليق بمصر، وأشتكى له من عدم وجود الأموال الكافية لبنائها كما يحلم بها، قرر الرئيس عبد الناصر على الفور أن تساهم الدولة بمبلغ 167 ألف جنيه في بناء الكاتدرائية الجديدة، وأن تقوم شركات المقاولات العامة التابعة للقطاع العام بعملية البناء للكاتدرائية الجديدة .
كما أنه بناء على أوامر الرئيس جمال عبد الناصر كان يعقد اجتماع أسبوعى كل يوم اثنين بين السيد/ سامى شرف - وزير شئون رئاسة الجمهورية - والأنبا /صمويل - أسقف الخدمات وسكرتير البابا - لبحث وحل اى مشاكل تطرأ للمسيحيين .
كما أولى الرئيس جمال عبد الناصر اهتماما شديدا بتوثيق العلاقات بينه وبين الإمبراطور هيلاسيلاسى حاكم الحبشة ( أثيوبيا ) مستغلا في ذلك كون مسيحيي أثيوبيا من الطائفة الأرثوذكسية، ودعا الإمبراطور هيلاسيلاسى لحضور حفل إفتتاح الكاتدرائية المرقسية في العباسية عام 1964، كما دعم توحيد الكنيستين المصرية والأثيوبية تحت الرئاسة الروحية للبابا كيرلس السادس، كان الرئيس عبد الناصر كعادته بعيد النظر في ذلك فقد أدرك أن توثيق الروابط بين مصر وأثيوبيا يضمن حماية الأمن القومى المصرى لأن هضبة الحبشة تأتى منها نسبة 85% من المياه التى تصل مصر.
للأسف الشديد بعد وفاة الرئيس عبد الناصر والانقلاب على الثورة في 13 مايو 1971 وما أعقب حرب أكتوبر 1973 من ردة شاملة على سياسات عبد الناصر، تدهورت العلاقات المصرية الأثيوبية في عهد الرئيس السادات،ومازالت متدهورة حتى الآن وأحتلت إسرائيل مكانة مصر في أثيوبيا، وفي أفريقيا كلها .
وفى عهد جمال عبد الناصر لم تقع حادثة واحدة طائفية بين المسلمين والمسيحيين، ولم تنتشر دعاوى تكفير الأخر ومعاداته.
لم يكن جمال عبد الناصر معاديا للدين ولم يكن ملحدا، بل كان أقرب حكام مصر فهما لروح الدين ودوره في حياة الشعوب وأهمية إضفاء المضمون الاجتماعى في العدالة والمساواة عليه .
لم يكن رموز جماعة الإخوان المسلمين شرفاء في خصومتهم مع جمال عبد الناصر وثورته، وتصوروا أن الخصومة السياسية مباراة رياضية تنتهى بالمصافحة وعفا الله عما سلف، حاولوا قتل جمال عبد الناصر أكثر من مرة، ودبروا أكثر من محاولة للإطاحة بنظام حكمه، وعندما فشلوا ودفعوا ثمن محاولاتهم الانقلابية وعداءهم للنظام الثورى، لم يكتفوا بذلك خرجوا من المعتقلات كالمتسول صاحب العاهة الذى يشحذ بعاهته، وبتحالفهم مع السادات والسعودية والمخابرات المركزية الأميركية تدفقت عليهم مئات الملايين من الدولارات وفتحت لهم المنابر لبخ سمومهم وأكاذيبهم عن أنبل وأشرف عربى في التاريخ الحديث، وعن عهده الذى يمثل استثناء لم يتكرر حتى الآن خلال ألف عام من التاريخ العربى، ولكن لآن الوثائق لا تكذب ولا تتجمل، والحقائق لابد أن تظهر مهما طال الزمن، كشفت أجهزة المخابرات التى عملوا لحسابها وتحالفوا معها أكاذيبهم وتدليسهم .
لقد زورت جماعة الإخوان المسلمين تاريخ جمال عبد الناصر وزيفت وعى أجيال من الشعوب العربية، ظنت أن جماعة تلصق باسمها صفة الإسلام لا يكذب قادتها ولا يزوروا وثائق ولا يتهموا الناس بالباطل ولا يتعاملوا مع مخابرات غربية ضد بلادهم.
لكى تفتح جماعة الإخوان المسلمين صفحة جديدة مع التيار الناصرى على قادتها الحاليين أن يصدروا كتبا تروى الحقيقة وأسباب صراعهم السياسى مع جمال عبد الناصر وليست تلك الهلاوس والادعاءات الكاذبة والحاقدة .
وكما أعتذر القيادى الناصري حمدين صباحى لجماعة الإخوان المسلمين عما يعتقد أنه حاق بهم من ظلم في عهد جمال عبد الناصر، نطالب قادة جماعة الإخوان المسلمين أن يعتذروا عن تشويهم عمدا وكذبا للرئيس جمال عبد الناصر وعهده، وعن اتهامهم الباطل له بالإلحاد ومحاربة الإسلام ولدى الجماعة المنابر ودور النشر وقنوات التليفزيون التى تمكنها من تقديم اعتذارها ليس لجمال عبد الناصر وعهده بل للأجيال التى زيفوا وعيها وللتاريخ ذاته .
.................................................. .......
عمرو صابح، كاتب وباحث عربي من مصر
المراجع:
1- Muslim Brotherhood in Europe
2- A Mosque in Munich: Nazis, the CIA, and the Rise of the Muslim Brotherhood in the West .
1- Mi6 : Inside The Covert World of her majesty,s secret
Intelligence Service، 2000.
ـ عبد الله امام، عبد الناصر والإخوان المسلمون
ـ الشيخ محمد الغزالي، "من معالم الحق في كفاحنا الإسلامي الحديث" ، الطبعة الثانية 1963
ـ وائل إبراهيم الدسوقى، الماسونية والماسون في مصر
ـ محمد حسنين هيكل، خريف الغضب
ـ عادل حمودة، سيد قطب من القرية إلى المشنقة
ـ سامى شرف، مذكرات سامى شرف - ج2
ـ اللواء/فؤاد علام، الإخوان وأنا
ـ لماذا أعدمونى؟ أقوال سيد قطب في قضية تنظيم الإخوان عام 1965
ـ زينب الغزالى، أيام من حياتى
ـ خالد زهران، مقال: من قادة الإخوان المسلمين
ـ حديث أبو العلا ماضى لمجلة الإذاعة والتليفزيون
ـ د.سمير محمود قديح، خطط المخابرات البريطانية لاغتيال عبد الناصر.
ـ موقع الفكر القومى العربى