رغم انخفاض الإنتاج المحلي للنفط الخاضع تحت سيطرةالنظام السوري إلى 24 ألف برميل يوميا، فإن الاهتمام الروسيبمجال الطاقة السورية يتزايد بشكل لافت، وفق ما ذكره تقرير لمجلة"انترناشيونال بوليسي دايجست" الإلكترونية.
وأشار التقرير الذي ترجمته "عربي21" إلىأن "النظام السوري اعتاد على شراء النفط من تنظيم الدولة عندما كان يسيطر علىالمحافظات الشرقية (الرقة ودير الزور)"، مؤكدا أن قوات بشار الأسد حاولتمرارا وتكرارا مهاجمة هذه المناطق وأيضا مناطق قوات سوريا الديمقراطية"قسد" للاستحواذ على النفط.
ولفت إلى أن مجموعة فاغنر الروسية حاولت الاستيلاءعلى معمل غاز كونيكو الواقع على بعد حوالي عشرين كم شمال شرقي مدينة دير الزور،وكذلك آبار إنتاج النفط القريبة من منطقة حقل طابية في المدينة ذاتها، إلا أن الروسواجهوا كارثة وتعلموا درسا قاسيا منها، عندما اصطدموا بحوالي 400 مقاتل مدعومين منالولايات المتحدة.
وأضافت المجلة أنه "مع ذلك فقد واصل النظام السوريشراء النفط من قوات سوريا الديمقراطية حتى بدأت واشنطن بالتدقيق في التجارة بشهرأيلول/ سبتمبر الماضي"، منوهة في الوقت ذاته إلى أن "هناك تقارير تفيدبمواصلة التجار المحليين بيع النفط لقوات النظام في المناطق المتاخمة".
اقرأ أيضا: ما شرعية اتفاقيات الأسد مع روسيا وإيران.. هل يمكن إلغاؤها؟
وذكرت أن "معظم نفط قوات سوريات الديمقراطيةيتم نقله الآن عبر شاحنات إلى الأجزاء الكردية من العراق"، مشيرة إلى أنسوريا كانت دولة مصدرة للنفط قبل عام 2011، بواقع 150 ألف برميل يوميا.
وأوضحت المجلة أن النظام السوري طلب المساعدةالإيرانية، وبالفعل قدمت طهران خطوط ائتمان لدمشق لصادراتها النفطية، لكن الوارداتمن إيران توقفت فجأة هذا العام، تاركة دمشق دون أي بدائل لتوفير ما يقرب من 100ألف برميل من الطلب المحلي.
وبينت أن أحد أسباب انقطاع الإمدادات الإيرانية هوتنامي السخط في طهران بسبب القروض غير المدفوعة بسبب الأزمة النقدية، إلى جانبتكتيك إيران لتصدير معظم نفطها إلى مشترييها الرئيسين وهما الصين والهند، قبلالتنازل عن الإمداد وتنفيذ خمس طرق مختلفة لتجاوز العقوبات التي تفرضها أمريكا فيالوقت الحالي.
وأشارت إلى أن "إحدى ناقلات النفط الإيرانيةأبحرت خلال الشهر الجاري بالقرب من ميناء بانياس السوري، لتفريغ شحنتها هناك بعدأزمة تصدير طهران للنفط في ظل الحصار الأمريكي"، مشددة على أن "هذه أولعملية تسليم للنفط الإيراني إلى سوريا منذ الأول من كانون الثاني/ يناير الماضي.
اقرأ أيضا: إيران أرسلت شحنة نفطية إلى سوريا لتخفيف أزمة الوقود
ورأت "إنترناشيونال بوليسي دايجست" أنالأسد يجب أن يعتمد على روسيا حليفته الغنية بالنفط، منوهة إلى أن الشركات الروسيةكانت موجودة تاريخيا منذ عام 2000 في صناعة الطاقة السورية.
وحول الوجود الروسي التاريخي، قالت المجلة إن "شركة Stroytransgaz الروسية أكملت خط الغاز العربي بين الأردن وسوريا في عام 2008، ماوسع تدفع الغاز إلى سوريا"، موضحة أن الشركة تعاونت مع شركة الغاز السوريةوساعدتها في زيادة إنتاجها وحصتها في توليد الطاقة.
وتابعت: "الشركة الروسية كثفت نشاطها في أعقابتعهد الأسد بتوفير المركز التفضيلي للشركات الروسية في قطاع الطاقة في بلده بعام2016"، مضيفة أن الشركة استأنفت إعادة بناء المحطة الثانية لمعالجة الغازبالقرب من الرقة في عام 2017، بينما فازت بعقود لتحديث أكبر مصافي سوريا في "بانياس"وحمص.
وكشفت المجلة أنه في الآونة الأخيرة وقعت شركة Stroytransgaz الروسية على عقد مدته 50 عاما، لتطوير حقول الفوسفات في تدمروتوسيع الميناء في طرطوس.
وعلى الرغم من أن دمشق ليست لاعبا هائلا للنفط أو الغاز، فقد أكدت المجلة أن الاهتمام الروسي المتزايد بالطاقة في سوريا مهم لأسباب عدة:
- لا تزال سوريا هي العنصر الرئيسي في محور روسيا الأخير بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حيث تلعب دبلوماسية الطاقة دورا مهما.
- تمتلك سوريا إمكانات واعدة في مجال النفط والغاز، خاصة في حوض شرق البحر المتوسط، الذي أصبح في ضوء سباق المياه الإقليمية في لبنان وقبرص والأراضي الفلسطينية المحتلة، أحد أكثر الأحواض الواعدة في العالم.
- الموقع الجغرافي لسوريا كونها تقع على حدود العراق الغني بالنفط، وتقع بالقرب من دول مجلس التعاون الخليجي وأوروبا.
اقرأ أيضا: ماذا وراء تزويد العراق للأسد بالمحروقات.. وما دور إيران؟
وأفادت المجلة بأنه "من الناحية الاقتصادية،تتعرض إيران لضغوط من أمريكا بفرض عقوبات صارمة، وكذلك روسيا، ويربط هذا العاملبين موسكو ودمشق في ساحة الطاقة الناشئة في شرق البحر المتوسط، وتتيح عقود روسيامع سوريا لعقد إيجار لمدة 49 عاما لميناء طرطوس والاستخدام غير المحدود لقاعدةالحميميم".
وختمت المجلة تقريرها بالقول إنه "يمكن لروسيامن سوريا أن تكون محور طريقها عبر بقية البحر المتوسط ومضيق جبل طارق، من خلالسلسلة من اتفاقيات الوصول إلى الموانئ والمطارات"، مضيفة أنه "من سوريايمكن لروسيا إبراز نفوذها البحري والجوي بطريقة غير متناظرة، لكن أولا وقبل كلشيء، تحتاج روسيا إلى دعم للطاقة السورية".
مزيد من التفاصيل