الغربة وسنينها (3)
* كلود مونيه : شروق الشمس soleil levant
إفتتاح:
خطوة للوراء ..!
خطوة للأمام .. !
لم نعد نستطيع قراءة.. اسمائنا فى الظلام ...لنعرف من نحن؟
ماذا نخبىْ بين ملامحنا.. وردةً أم حسام ...؟
لم نعد نستطيع .. اذابة ارواحنا فى الغمام و اليمام..
أهذا اليمام .. كان ملء الفضاء ... انطوى ميتاً فى الحطام
لم نعد نستطيع السكوت ...
لم نعد نستطيع الكلام ...
لم نستطع تبين موضع أقدامنا .. وسط التردد ...
حول المسافة .. بين الحلال وبين الحرام ...
وحدنا نسلك الان درب القنوط .. وحدنا فى فراغ الزحام...
لم نعد نستطيع البكاء ... لم نعد نعرف الابتسام...
يا تُرى .. هذة لحظة الابتسام .. لحظة الابتداء ... ام ترى لحظة الختام
"لعنة الكتب"
محظوظ هو ... هذا الجيل ... "جيل الإنترنت" ... الذى بضغطة زر تأتيه المعلومة وهو جالس مكانه, فعلى أيامنا كان على المرء إن أراد كتاباً, عليه أن يوفر ثمنه أولاً ثم يبحث عنه فى المكتبات... الشئ الغريب والذى مارسته وقد أصبح مايشبه العادة, هو أننى عمرى ماذهبت لشراء كتاب أحببت أن أحصل عليه إلا وقد إشتريت غيره !!!
لاأتذكر ماهى عدد الكتب ولانوعيتها بالضبط التى كانت لدىَّ قبل نهاية عام 1981 وهو العام الذى أستطيع أن أقول أننى بدأت فيه القراءة الممنهجة, وهو ذات العام الذى تخرجت فيه من الجامعة وتعينت فيها معيداً. لكن, ماأتذكره جيداً هو أننى بأول مرتب لى (كان 120 جنيهاً تقريباً) -, وكان يعتبر فى ذلك الوقت أفضل مقارنةًًً بأقرانى فى وظائف أخرى ,وأتذكر ذلك اليوم فى أحد أيام شتاء القاهرة البارد وبعدما شربت كوب من القهوة فى جرويى سليمان باشا, ذهبت لشراء كتاب كنت وصيت عليه محمد مدبولى وقد أصبحت زبوناً دائم له من فترة ليست بالطويلة, وكان كتاب قصة الحضارة بكل مجلداته, وأعتقد أنى إشتريت معه كتب أخرى وبعدما دفعت ثمنها إنتبهت أنه لم يعد معى نقود تكفى للتاكسى, فقد كان من محمد مدبولى أن أقرضنى كام جنيه حتى أستطيع الذهاب لبيتى.
والدتى كانت تكره شيئين, الكتب التى تجدها على سريرى والتى كان عليها الدور فى القراءة والموسيقى الكلاسيك, حيث كانت تعتقد أنهما سبب إنطوائى وإنعزالى عن العائلة فى غرفتى..وكانت تقول لى دائماً إن كثر قراءة الكتب "حتلحس لى" مخى , يبدوا أن كان عندها شئ من الروية الصحيحة. الغريب فى الأمر أن صباح اليوم التالى لليوم الذى أعود فيه محملاً بالكتب كنت أجد حافظة نقودى, والتى أضعها تحت مخدة سريرى, وقد إمتلأت ببعض النقود التى تعينى على مصروف الشهر, لايوجد أحن من " قلب الأم".
فى المانيا يوجد فى كل مدينة صغرت كانت أم كبرت مكتبة عامة يوجد بها الكتب والشرائط وحتى الألعاب ويمكن للمرء مقابل مبلغ سنوى زهيد أن يستعير الكتب لمدة أسبوعين قابلة للتجديد. أحد الزيارات الإجبارية للاولاد فى المدرسة الإبتدائية هى زيارة تلك المكتبة والمكوث يوماً للتعلم كيفية البحث عن كتاب. إبنى الكبير كان مولع من صغره بالقراءة وكان دائم الذهاب للمكتبة واحياناً يأتى بعشرة كتب أو أكثر وبعد إسبوع أجدنى مضطراً لأخده للمكتبة لإرجاع الكتب بناء على طلبه والعودة بكتب جديدة قد إختارها. فى البداية سألت أمه إن كان قرأها كلها فتجيبنى أعتقد ..! متى وكيف لا أعرف؟ فى يوم ذهبت لحجرته فى العاشرة مساء والمفروض أنه قد نام فى الثامنة والنصف فإذا بى أجده نائم ولكن ضوء بجواره مازال يعمل...! أغلقت الضوء بجواره ولكن هناك شئ ما غامض!!! هكذا حدثتنى نفسى ! فى اليوم التالى ذهبت هذه المرة بدون إحداث جلبة لأجد رأسه تحت الغطاء رافعاً جزء منه وكان يقرأ تقريباً فى الظلام فى إحدى الكتب.. هنا تذكرت السرير النحاسى إياه وماذا كنت أفعل تحته ..! وحرصاً على عينيه حرّمت أمه عليه القراءة ليلاً وبعد الثامنة مساءً. بعدها أصبح يستعير القليل من الكتب والكثير من الـ cd . وكعادتى فى التفتيش الليلى وجدته صاحى تحت الغطاء .. رفعت الغطاء وجدت سماعة فى أذنه وال cd PLAYER بجانبه, نهرته بشدة .. وكنت أظنه يسمع الموسيقى فوددت أن أعرف ماذا يسمع ؟ فإذ به أحد الكتب الإلكترونية المسموعة. بعدها لم أعد أراجعه فقد وصلته للأسف نفس الأفة ذاتها, نعم "هى بعينها بغبوتها.. بسلطتها وبابا غنوقها..., الكروموسومات الوراثية.
تذييل:
*
ماتقولش للندل ياعم ... ولوكان على السرج راكب
ولاحد خالى من الهم ... حتى قلوع المراكب... !
-------
* الفنان الفرنسي كلود مونيه، هو رائد مدرسة الانطباعية فى الرسم وأطلق الإسم الإنطباعية Impressionism بعد رسمه للوحته الشهير "إنطباع" التى رسم فيها كنيسة ويستمنسترالشهيرة وسط الضباب
* مثال للمربع وهو أحد أشكال الأدب الشعبى فى الغناء وخاصة فى صعيد مصر