سُجلت، اليوم الجمعة، عمليتا اقتحام جديدتين لمصرفين في لبنان؛ الأولى في بيروت والثانية في الجنوب، في مشهد هو الرابع هذا الأسبوع، وسط مخاوف من تحوّل استيفاء الحق بالذات وتحصيل المدخرات باليد إلى ظاهرة.
واليوم قرّر مودعان استيفاء حقهما بيديهما وبقوة السلاح، بعدما رفض المصرفان منحهما إياه، إذ تواصل المصارف احتجاز الودائع لديها منذ بدء الأزمة الاقتصادية في البلاد أواخر عام 2019.
واقتحم أحد المودعين بنك "بيبلوس" في منطقة الغازية جنوبي لبنان، حيث عمد إلى احتجاز الموظفين والزبائن الذين كانوا داخل المصرف رهائن، حتى تحصيل وديعته المصرفية، وهدّد الموجودين بسلاح حربي بينما كان يحمل أيضاً مادة البنزين.
#BREAKING
A scene becoming one of the Lebanese daily events, Muhammad Reda Korkmaz entered #ByblosBank in Ghazieh with a plastic gun, poured gasoline and threatened to burn the branch.
He was able to get $20,000 of his deposited money before surrendering to the security services pic.twitter.com/cF9a7QUejJ
— Rula El Halabi (@Rulaelhalabi) September 16, 2022
وتمكّن المودع الذي اقتحم المصرف مع ابنه من الاستحصال على مبلغ يقدّر بنحو 19 ألف دولار كجزءٍ من وديعته المصرفية وقد سلّمه إلى شخص كان ينتظره خارج البنك، قبل أن يسلّم نفسه إلى القوى الأمنية ومعه ابنه.
ونفّذ مودع آخر عملية اقتحام ثانية لمصرف "بلوم بنك" في منطقة الطريق الجديدة بالعاصمة بيروت، وقام باحتجاز رهائن حتى تحصيل وديعته المصرفية.
مودع يطالب باسترداد وديعته يدخل إلى بلوم بنك في الطريق الجديدة، ويحتجز الموظفين.
من صفحة جمعية صرخة المودعين #أخبار_الساحة #يسقط_حكم_المصرف pic.twitter.com/9g8m9beGUD
— أخبار الساحة (@Akhbaralsaha) September 16, 2022
ومشهد الاقتحامين هو الرابع هذا الأسبوع، بعد اقتحامين لمصرفين يوم الأربعاء الماضي، من قبل الشابة سالي حافظ التي تمكّنت أيضاً من الاستحصال على جزء من وديعتها المصرفية بالقوة من بنك "لبنان والمهجر" في بيروت، وذلك من أجل تأمين كلفة علاج شقيقتها المصابة بمرض السرطان، في حين اقتحم المواطن رامي شرف الدين "بنك ميد" في منطقة عاليه بمحافظة جبل لبنان، ونجح بدوره بالقوة في الاستحصال على جزءٍ من وديعته الدولارية.
وكانت عضو "رابطة المودعين" المحامية دينا أبو زور قد قالت لـ"العربي الجديد" إنّ "عمليات استيفاء الحق بالذات وتحصيل المدخرات باليد حتماً ستتحوّل إلى ظاهرة، والدليل أننا يوم الأربعاء كنا أمام عمليتين، وذلك في ظل استمرار السياسات المعتمدة من قبل السلطات السياسية والمصرفية وبعض الجهات القضائية التي تصرّ على محاباة النظام المصرفي الفاسد، وحماية الظالم والمعتدي على المودع المظلوم".
ولفتت أبو زور إلى أنّ "القانون يُدرج هذه الحالات ضمن خانة استيفاء الحق بالذات، وبالتالي، تصنَّف جنحة لا جناية، باعتبار أنّ الشخص لجأ إلى هذا الفعل بعدما احتجزت المصارف أمواله ولا تزال منذ 3 سنوات ترفض إعادتها له، من هنا نرفض اعتبار المودع مجرماً".
وناشدت جمعية المصارف في لبنان، أمس الخميس، في بيان لها، الدولة اللبنانية تحمّل أدنى مسؤولياتها إزاء تدهور الوضع الأمني وعدم التخاذل مع المخلّين به، وسوقهم إلى المحاكمة المختصة لكي يحاكموا محاكمة عادلة، متوعّدة بأنّ "المصارف لن تتأخر بعد اليوم عن ملاحقة المعتدين حتى النهاية".
وقالت إنه "على الجميع أن يعي أنّ هذه الاعتداءات ليست هي الحل، بل إنّ الحل يكمن في تحمّل الدولة مسؤوليتها في الإسراع في تأمين حلّ شامل وعادل لجميع المواطنين".
ويعاني لبنان منذ أواخر عام 2019 من أزمة اقتصادية حادة تدهورت فيها قيمة العملة الوطنية بشكل غير مسبوق في تاريخ البلاد، وذلك في وقت يتخطى فيه سعر صرف الدولار حاجز 38 ألف ليرة لبنانية وسعر الصرف الرسمي لا يزال 1507 ليرات، الأمر الذي انعكس بتدهور القدرة الشرائية عند المواطنين الذين باتوا محاصرين بغلاء شامل طاول حتى الخدمات الصحية والطبية والاستشفائية.
وارتفعت معدلات الجرائم في لبنان في هذه الفترة، ولا سيما السرقة والنشل، ما يجعل الأمن الاجتماعي في البلاد محطّ أنظار، وسط تحذيرات من فوضى أمنية، لا سيما مع اقتراب الاستحقاق الأكبر المتمثل بانتخاب رئيس للجمهورية عند انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون في 31 أكتوبر/ تشرين الأول المقبل.
مزيد من التفاصيل