"في الحقيقة ألمٌ لا يوصف.. ألمٌ يجعلك ناقما على هذا النظام وتريد الانتقام منه فردافردا.. ألمٌ لا تستطيع معه نسيانا أو غفرانا"، بهذه الكلمات عبرّ السياسيالمعارض بالخارج عمرو عبد الهادي، عن حجم الحنين وألم الفراق ووجع البعاد عن الوطنوالأهل في يوم العيد وبعد 5 سنوات على الخروج من مصر.
وبعد مرور نحو 5 سنوات على فرار الكثير من المصريينمن بطش النظام العسكري الحاكم؛ يعيش معظم المعارضين ورافضي الانقلاب وأبناؤهمونساؤهم حالة من الحنين للوطن ويشعرون بألم الفراق ويؤلمهم وجع البعاد عن لقاءالأهل وتراب الوطن.
هذا ما نفتقده
ويصف عبدالهادي مشاعره لـ"عربي21"، قائلا: "نفتقد يوم العيد الذي يتجمع فيه الإخوة على مائدة الأم، ويلعب فيه أولادنامع بعضهم البعض، وغيرها من الأشياء والمشاعر الدافئة التي حرمنا منها للعيد العاشرعلى التوالي".
المحامي الحقوقي، أضاف: "ناهيك عن الألم الذيتعيشه كل أم غاب عنها أبناؤها وحسرتها وهي لا تستطيع رؤية أولادها ولا أحفادها".
"الغربةكربة، هكذا قالوا بالأمثال (..)، ولكن في الحقيقة هي تربة (مقبرة) وليست كربة،خاصة لمن خرج قسرا وقهرا"، بتلك الكلمات عبرت الكاتبة الصحفية ماجدة أبو المجد،عن مشاعرها بالغربة في يوم العيد، مضيفة أننا "لم نكن نرغب بالخروج والتغريب،وببساطة فرضت علينا"، مؤكدة أن "كل طائرة تحلق في السماء يتجدد معها حق العودة، الذي لا يعلمأحد متى هو".
وقالت أبو المجد لـ"عربي21": "أشعردائما أنني عابر سبيل ليس له الحق في الإحساس بالاستقرار، فكل شيء حولي عابر ومهماارتبطنا بالأشياء والأشخاص والأماكن سنتركها"، موضحة أن "ذكريات الماضيوالحنين لمصر يغطي أي إحساس بجمال الأماكن حولك، وقد يكون هذا مرضا والشفاء منهليس سهلا، فالنبتة إذا ما اقتلعت من مكانها لتوضع بمكان آخر تأخذ وقتا حتى تورق منجديد، أما نحن فجذورنا بمصر الأم فكيف نورق في الغربة"، بحسب تعبيرها.
وأوضحت الصحفية التي تعيش وزوجها وأبناؤها مرارةالغربة عن الوطن، أن "كل من بالغربة يتجرع أهله بمصر مرارة الاعتقال وتهددهمالملاحقات الأمنية والاختفاء القسري أو صاروا تحت التراب"، مبينة أن"الغربة القسرية أصبحت تربة لا تستطيع الاطمئنان على أهلك وأحبابك؛ ومكالمةتليفونية منك قد تذهب بهم وراء الشمس كما حدث لأحد أصدقائنا".
اقرأ أيضا: أرقام في مجزرة فض اعتصام رابعة العدوية بمصر (إنفوغرافيك)
وقالت إن "كل الأحباب بشاطئ وأنت بآخر، تترقب أفراحهم وأتراحهم عن بعد أونلاين فلاتسطيع أن تشاركهم الفرحة أو تمسح دمعتهم"، مضيفة أنه "بالغربة القسريةلم تترك الأهل فقط بل تركت المال والبيت والعيال (..)، بالغربة أنت وحيد دون سندإلا من عون الله"، مستدركة بقولها إن "حلم العودة لا يزال يراوحمكانه".
ويقول البرلماني المقيم بالخارج طارق مرسي: "لقد مر 5 أعوام على الانقلاب الغاشم، وتركنا أهلنا وإخواننا ووطننا"،مؤكدا أن "البعد عن الأهل والوطن أصعب الآلام، وكلما أرى وأسمع ما يتم منتدمير للوطن وبيع لأرضه من هذا المجرم السفّاح يزداد ألمي".
مرسي أكد لـ"عربي21"، أن "حب الوطنعقيدة والدفاع عنه فريضة والموت لأجله شهادة (..)"، مضيفا أن "حب الوطنيعني نصرته والعمل على رقيه والانتقال به للقمة (..)، وحب الوطن هو المحافظة علىكل شبر من ترابه وعدم التنازل عن ذرة منه"، على حد قوله.
وذكر أنه "في الغربة كلما سمع ورأى تصفية شبابمصر ازداد ألمه، وكلما فارق ورحل عن الدنيا من يحب يزداد ألمه"، مستكملاحديثه بالقول إنه "رغم قسوة الظروف، نتعلم من رسولنا الكريم أن الأمل واليقينبنصر الله آتٍ، ونتعلم أن الأهداف ثابتة مهما واجهنا من صعوبات وقتل واعتقالاتوتهجير".
وأوضح أن "الهجرة أو البعد عن الوطن لا يكونللإفلات من بطش النظام فقط، إنما لحق الوطن وواجبه علينا في تأدية أمانته، وأنتكون لدينا نجاحات كبيرة مع وجود خطة ورؤية".
هذا ما يزيد الألم
وقال الإعلامي المقيم في إسطنبول أيمن جاد، إن"الحنين والبعد عن الوطن دوما موجود وغير مرتبط بوقت معين"، مشيرا إلىأنه "مع كل اتصال أقوم به عبر فضائية (وطن) مع أي مصري وكل صورة نعرضها منأرض الوطن يزداد لدينا الحنين".
وأضاف جاد لـ"عربي21" أن "أيام العيدتحديدا تستدعي ذكريات اعتصام (رابعة) والعيد فيها، وقبلها كنا نتذكر الأعياد في محافظاتمصر وكيف كنا نعيشها؛ ولكن حاليا نتذكر عيد رابعة وبعدها تأتي بقية الذكريات مع الأهلوالأصدقاء والشوارع والمساجد التي كانت عامرة وصارت خالية".
وتابعقائلا إن "ما يزيد الألم أن مصر التي تحن قلوبنا لكل ذرة رمل فيها مخطوفةومسروقة من نظام العسكر القاتل"، معربا عن أمله أن "تنتهي هذه الفترةقريبا وتعود مصر وأهلها ومساجدها وشوارعها وأعيادها لما كانت عليه قبل انقلاب (3يوليو) وفض اعتصامي رابعة والنهضة".
ووصف الكاتب الصحفي المعارض والمقيم في إيطاليامعاطي السندوبي، الأعياد بشكل عام في عهد السيسي للمصريين بالداخل أو بالخارجبأنها "جالبة للحزن والوجع"، مشيرا بحديثه لـ"عربي21" إلى أن "الفرحةستأتي عندما ينتهي حكمه".
الناشط المعارض المقيم بإسطنبول، أشرف الزندحي، قالإن "الشعور لا يوصف من الخواء الداخلي وتجمد المشاعر وإحساس كبير بالوحدةوالغربة"، مضيفا لـ"عربي21"، أن "النبي الكريم وصف السفر بأنهقطعة من العذاب، وأمر كل من انتهى عمله بالغربة أن يسارع بالعودة لبلده"،مؤكدا أن "هذا شعورنا حاليا".
مزيد من التفاصيل