الكريم تامر ... لك كل التقدير
.
.
الأخ الفاضل حشيش ...
أولاً : أعذرنا فقد نسينا أن ضيفك في بلاطنا المرة السابقة
عسى أن تروقك ...
ثانياً:
نعم أذكر أنني قرات لك هذا الموضوع من قرابة العامين أو أكثر...
.
.
أنت سألتني ( هل كل ما جاء في الصحيحين صحيح أم أن كتب
الصحاح تحتاج إلى تنقيتها من بعض الأحاديث القليلة
الموضوعة )؟
أقول لك ..
أنت خلطت بين الصحيحين و الصحاح وكلاهما له حكم مختلف ...
الصحاح :تتضمن الصحيحين وغيرهما مثل صحيح ابن خزيمة
والنسائي و الترمذي وابن ماجه و أبو داود و غيرها كثير ..
وهي ماعدا الصحيحين فيها الصحيح و الضعيف و الحسن والموضوع أيضا ...
وكل كتاب منهم تم بيان مافيه من مقبول ومردود من العلماء المتقدمين والمتأخرين طيلة 12 قرن ...
الصحيحن (البخاري و مسلم ) :تلقتهما الأمة بالقبول فكل ما فيهما صحيح
و الطعن في أي منهما طعن في الأمة قاطبة التي أجمعت على صحتهما ...
لذلك أي حد يحاول إنه يقلل من أهمية الحديث النبوي في أعين المسلمين، لازم في الأول
يهاجم أحاديث الصحيحين (البخاري ومسلم)
ليه؟
لأنه يعرف أنه إذا نجح في التشكيك في صحة أحاديثهما فنجاحه في التشكيك في دواوين
السنة الأخرى اللي هي أقل في درجة الصحة أهون...
لأنهما أصح الكتب بعد القرآن الكريم وقد تلقتهما الأمة بالقبول...
والكتاب الذي وصلت إلينا محتوياته بأسانيد معتبرة أشد الاعتبار
هو (صحيح البخاري) يليه صحيح مسلم،
لأن مؤلفه قام بتمحيص أسانيده بطريقة عجيبة
(سأشرح بعضا منها لاحقأ بإذن الله ) أكثر من أي مؤلف آخر.
لذلك أي مجترئ في الكلام على صحة أحاديث البخاري ومسلم
ينسب الجهل لأمة المسلمين على مدى اثنى عشر قرنا
لم يكن العلماء نائمون طيلة هذه الفترة ...
العلماء تداولوا الصحيحين بالشرح.. والمدارسة ..والاستدراك والتعقيب ..والاستخراج.. وكل كلمة رصيتها من الكلمات الخمسة اللي فاتوا دول تختلف في اصطلاحها عن الأخرى
و كل كلمة منهم لها متخصصوها و مؤلفاتها ....
البخاري لما ألف الصحيح
هل كان الوحيد في زمنه من المعتنين بالسنة ؟
لا كان في ألوف من العلماء في العلوم الإسلامية والسنة خصوصا
فلو كان اللي كتبه خطأ من عنده أو حتى تأليف لكان العلماء أنكروا عليه وحاسبوه
بل لو تعلم كم أوذي وواجه من حساده ومنافسوه (كعادة أي متميز بين أقرانه)
ومع ذلك لم يجرؤ أحد من حساده مثلا أن يطعن في صحة الصحيح
ليه ما أنكروش عليه و هم قد آذوه كثيرا
لماذا عند الصحيح توقفوا ....؟
.
.
طبعا لا يشك الفاضل حشيش أن كل الروايات في الصحيحين موضوعة مثلاً..
بدليل أنه سأل عن تنقية الأحاديث..
طيب وإذا كانت الأحاديث فرضا يعني منها الصحيح ومنها غير الصحيح... لازم نسأل : هل كان لدى البخاري ومسلم و غيرهم من علماء السنة منهج نقدي يميزون به بين الصحيح والضعيف؟
.
فإذا وجدنا منهجا مؤصلا بقواعد و شروط ده يخلينا نطمئن على السنة ... وأنه يمكن للعلماء بالسنة (كالبخاري و مسلم ) أن يميزوا لنا الثابت من الباطل....
.
أما أن ياتي أحدهم و يفترض عدم وجود منهج لنقد الأحاديث (مع إنه موجود)
وبعدين يبني على هذا الافتراض المغلوط تلك النتيجة الخطيرة
فهذا منهج لا يمت للعلم بصلة ...
لأنه مبني على افتراض خاطئ..
.
.
طيب
قد يقول قائل ان البخاري بشر و يخطئ وليس معصوما ومسلم مثله ...
أقول
مالذي يمنع (عقلا ) أن يكونا قد أصابا في صحيحيهما ولم يخطئا فيه؟؟؟
(مع إن البخاري ليه مؤلفات أخرى أخطأ فيها مثل الأدب المفرد مثلا لكنه في نفس الوقت لم يضع لها شروط مثل الصحيح) ...
هل معنى أن غير المعصوم لابد أن يخطئ في كل عمل ...
قطعا لا.. لأن من شان الإنسان أن يصيب و يخطئ ..
و البشرية مليئة بالأعمال المتقنة غاية الإتقان وتؤدي الغرض منها على أكمل وجه فلماذا ننكر أن يكون البخاريأو مسلم أخرجا كتابا متقنا صحيحا كله؟؟؟
أستاذي حشيش
كل هذه التشكيكات بدأت من أهل الاستشراق
وقد تعاملت معهم و خبرت أساليبهم ...و خططهم
وليست الأموال الضخمة التي تنفق عليهم خافية على أحد ...
هم يهدفون إلى الطعن في دين الله ...
ودين الله تعالى ليس إلا قرآن وسنة...
وطالما أن الطعن في القرآن أمر بعيد المنال
إذاً فهو الطعن في السنة
كيف؟
بالطعن في الصحيحين لأنه بسقوطهما تسقط السنة بأكملها و بالتالي يكون الطعن في القرآن نفسه
(وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ )
بقي أن أقول أنه من الأمانة أن لا يخوض المرء في علم يجهله ..
فكما لا يحق لي مناقشة أهل الرياضيات في نفي قاعدة فيساغورث مثلا أو التشكيك في الجينات و الهندسة الوراثيه طالما أني لست متعمقة فيها ...
كذلك لا يحق لأحد أن يخالف علماء السنة ما دام غير عارف بعلمهم ولا بدقائقه و أعماقه ..
الأخ حشيش لك كل التحية ...