استمرت المعارك بين المجموعات المسلحة المحلية في مختلف المدن الليبية في شرق البلاد وغربها وجنوبها في العام 2017، كما هو الحال في الأعوام السابق بسبب انتشار السلاح والصراع على السلطة، رغم الجهود المحلية والدولية لتفادي وقوع هذه النزاعات.
هذه الاشتباكات في ليبيا طوال العام الماضي ألقت بظلالها على المواطنين، وأدت إلى مقتل عشرات المدنيين وإصابة المئات، ناهيك عن الأضرار المادية الجسيمة التي لحقت بالمؤسسات العامة والخاصة جراء هذه المعارك.
حرب بنغازي
اندلعت معارك بنغازي في منتصف تشرين الأول/ أكتوبر 2014، وأخذت قوات الكرامة تسيطر على منطقة تلو الأخرى بالمدينة بدعم عسكري من دولتي مصر والإمارات، إلى أن أعلن آمر قوات الصاعقة ونيس بوخمادة، في 28 كانون الأول/ديسمبر سيطرة قواتهم على منطقة سيدي أخريبيش، وانتهاء العمليات العسكرية في بنغازي.
وكانت منطقة سيدي اخريبيش ومحيطها آخر معاقل قوات مجلس شورى بنغازي والتي تمركزت في داخلها لأكثر من سبعة أشهر، إلى أن أعلنت انسحابها منها متجهة نحو درنة شرق البلاد، بعد أن خلفت هذه الحرب آلاف القتلى والجرحى من الطرفين.
وأودت هذه الاشتباكات بحياة نحو 170 مدنيا بسبب انفجار الألغام الأرضية والمفخخات في مناطق القوارشة وقنفوذة وسوق الحوت والصابري في بنغازي التي شهدت معارك طاحنة خلال الأعوام الثلاثة الماضية، وفق تصريحات آمر فصيل الهندسة العسكرية التابعة لقوات عملية الكرامة عبد السلام المسماري.
وشهدت مدينة بنغازي في منتصف شهر تشرين الثاني/ نوفمبر منعرجا آخر من النزاع الذي نشب بين قوات خليفة حفتر بقيادة نجليه صدام وخالد من جهة، وقوات وكيل وزارة الداخلية فرج قعيم المكلف من رئيس حكومة الوفاق الوطني فائز السراج من الجهة الأخرى، والتي انتهت بسيطرة قوات حفتر على مقار فرج قعيم بالمدينة.
وفي بداية أذار/مارس تواصلت محاولات سرايا الدفاع عن بنغازي للدخول إلى المدينة، وفي الثالث من الشهر ذاته شنت سرايا الدفاع هجوما مسلحا على منطقة الهلال النفطي وأعلنت سيطرتها عليها، وفي منتصف مارس استعادة قوات عملية الكرامة تلك المنطقة مجددا بدعم من القوات الجوية المصرية والإماراتية.
الصراع على العاصمة
وشهدت بعض مناطق العاصمة طرابلس وقوع نزاعات مسلحة على فترات متقطعة طوال العام المنصرم، بين قوات تابعة لحكومة الوفاق الوطني وأخرى موالية للمؤتمر الوطني العام وحكومة الإنقاذ الوطني برئاسة خليفة الغويل، وكان أشد تلك النزاعات بين الطرفين في نهاية مايو.
وانتهت هذه المعارك التي استمرت لعدة أيام بإعلان الحكومة الوفاق الوطني سيطرتها على كامل العاصمة ومؤسسات الحكومية الرئيسية بالمدينة، وطرد الكتائب الموالية لحكومة الإنقاذ خارج طرابلس بكامل قواتها وعتادها، بعد أن خلفت هذه المعركة أكثر من 50 قتيلا ونحو 130 جريح.
الوفاق تبسط السيطرة
ونجحت حكومة الوفاق الوطني برئاسة فائز السراج في بسط سيطرتها على العاصمة طرابلس ومعظم مدن المنطقة الغربية في العام الماضي، رغم صعوبة المهمة وسط انتشار السلاح وتعدد المجموعات المسلحة الخارجة عن القانون، وفي ظل كتائب رافضة للاتفاق السياسي الليبي الموقع في مدينة الصخيرات.
وأعلنت قوات تابعة لحكومة الوفاق بقيادة اللواء أسامة الجويلي، في الثامن من تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، عن سيطرتها على منطقة رشفانة جنوب غرب طرابلس، بعد طردها لمجموعات مسلحة مؤيدة للنظام السابق وأخرى موالية لعملية الكرامة يقودها اللواء عمر تنتوش.
معركة صبراتة
وكانت مدينة صبراتة التي تبعد نحو 70 كيلو متر غرب العاصمة طرابلس إحدى المدن الليبية التي طالتها آفة المعارك المسلحة بين الكتائب والمجموعات المحلية في العام 2017، نتيجة لانتشار السلاح واستمرار الفوضى الأمنية التي شهدتها البلاد عقب ثورة فبراير 2011.
وعاشت المدينة في 17 سبتمبر وعلى مدار قرابة الأسبوعين على نغم الأسلحة بمختلف أنواعها جراء وقوع اشتباكات بين غرفة محاربة تنظيم الدولة في صبراتة والكتيبة 48 مشاة، بسبب تبادل الاتهامات بين الطرفين على ارتكاب تجاوزات أمنية داخل المدينة الساحلية.
وبعد تدخل رئيس الأركان العامة للجيش الليبي المكلف من حكومة الوفاق الوطني اللواء عبد الرحمن الطويل، جرى الإعلان في السادس من أكتوبر عن انتهاء العمليات العسكرية التي شهدتها صبراتة بسيطرة غرفة محاربة تنظيم الدولة على المدينة، وانسحاب الكتيبة 48 مشاة إلى خارج صبراتة.
ودفعت مدينة صبراتة ضريبة قاسية جراء هذه الاشتباكات التي خلفت نحو 39 قتيلا و300 جريح من الطرفين، بحسب ما صرحت به إدارة الإعلام في وزارة الصحة بحكومة الوفاق الوطني.
معارك الجنوب
لم تنجو مدن جنوب ليبيا من فوضى انتشار السلاح وتدهور الوضع الأمني في البلاد، وشهدت المنطقة وقوع اشتباكات بين مجموعات مسلحة وأخرى قبيلة بين فينة والأخرى خلال العام المنصرم، خلفت قتلى وجرحى بسبب غياب المؤسسات الأمنية والعسكرية الرسمية في المنطقة.
وكانت أشد تلك المعارك التي شهدتها المنطقة في الـ19 من أيار/مايو في قاعدة براك الشاطئ الجوية التي تبعد 60 كيلو متر شمال مدينة سبها، بين القوة الثالثة من جهة، وقوات اللواء 12 مجحفل بقيادة محمد بن نايل الموالية لعملية الكرامة من الجهة الأخرى، قتل على أثرها أكثر من 70 شخصا وجرح نحو 20 آخرين من وقوات اللواء 12 المتمركزة في القاعدة.
وفي 25 من الشهر نفسه، أعلنت القوة الثالثة بكامل قواتها وعتادها انسحابها من جميع مواقعها في الجنوب، وذلك حقنا للدماء وتجنبا وقوع المزيد من الضحايا بعد تحشيد قوات عملية الكرامة وتأليبهم للمدنيين في المنطقة، حسب قولها.
حصار درنة
فرضت قوات عملية الكرامة حصارا خانقا على درنة طوال العام الماضي وإغلاق جميع الطرق البرية والبحرية المؤدية إلى المدينة، في محاولة منها لجعل قوات مجلس الشورى الرضوخ لها وتسليم نفسها، وقد أدى هذا الحصار إلى التسبب في كوارث إنسانية وشدة الأزمة المعيشية نتيجة لمنع دخول الأدوية والمواد الغذائية والاحتياجات الأساسية مثل الوقود وغاز الطهي والدقيق.
مزيد من التفاصيل