شكلت المظاهرات المندلعة في عدد من المدن الإيرانيةلليوم السادس على التوالي، وما خلفته من قتلى وجرحى في المواجهات التي وقعت بينالمتظاهرين والسلطات الرسمية؛ تساؤلات عدة أبرزها، مدى استنزاف الميزانيةالإيرانية في التدخلات الخارجية على حساب الوضع الاقتصادي الداخلي.
وتبلغ نسبة البطالة في إيران 12.4 بالمئة في السنةالمالية الجارية، وهو ما يمثل ارتفاعا نسبته 1.4 بالمئة عن العام الماضي، إضافةإلى وجود 3.2 مليون عاطل عن العمل في الدولة التي يبلغ عدد سكانها 80 مليون نسمة،حسب تقرير رسمي لمركز الإحصاءات الإيرانية.
ولم يلمس الشعب الإيراني أثرا حقيقيا على الصعيدالاقتصادي، بعد توقيع الاتفاق النووي بين بلادهم والقوى العالمية في 2015، للحد منالبرنامج النووي الإيراني مقابل رفع أغلب العقوبات الدولية المفروضة عليها، وفق مايؤكده مختصون في الشأن الإيراني.
اقرأ أيضا: تصعيد واعتقالات بمظاهرات إيران والقتلى 20 بينهم 3 من الأمن
وفي هذا الإطار، يقول المختص في الشأن الإيرانيالدكتور نبيل العتوم إنه "لا شك أن وجود إيران في مداخل الأزمات الإقليميةاستنزف كثيرا من قدراتها الاقتصادية"، موضحا أن "إيران تضخ أكثر من 24مليار دولار في الأزمة السورية على وجه التحديد".
ويضيف العتوم في حديث خاص لـ"عربي21"، أن "الدعمالإيراني المباشر لحزب الله اللبناني يصل لأكثر من 1.1 مليار دولار، خصوصا أنالحزب أصبح أحد أدوات إيران الضاربة في الأزمة السورية إلى جانب الأزماتالأخرى".
ويشير إلى أن إيران شكلت "مليشيات موازية فيإطار سياستها لمليء الفراغ، وتشكيل شبكات الأمان للدفاع عنها"، متابعا قوله:"كل ذلك ضمن مساعيها لبناء المجال الحيوي لإنشاء الدولة الإقليمية العظمىبحدود 2030".
ويؤكد العتوم أن "الدعم الإيراني الخارجي للمليشياتفي سوريا والعراق واليمن، ساهم بشكل كبير في استنزاف قدراتها الاقتصادية الداخلية"،لافتا إلى أن "الموازنة الإيرانية تعاني من عجز يزيد عن 34 مليار دولار حسبالتقديرات الرسمية في إيران".
النظام الحاكم في إيران يسعى إلى أن تبقى هذه المظاهرات كجزر معزولة
وينوه المختص بشأن الإيراني إلى أن حكومة الرئيس حسنروحاني تريد تسديد هذا العجز من خلال بعدين، مبينا أن البعد الأول يعتمد على رفعالضرائب، والثاني من خلال رفع الدعم عن السلع الأساسية، معتبرا في الوقت ذاته أن"هذه الأمور ستكون شرارة أخرى ستؤدي لتوسيع الاحتجاجات".
ويشدد العتوم على أن "النظام الحاكم في إيرانيسعى إلى أن تبقى هذه المظاهرات كجزر معزولة من خلال حجب أكبر مواقع التواصلالاجتماعي، واقتصار استخدامها على القادة السياسيين لتدشين مواعظهمالإلكترونية"، حسب تعبيره.
ويرى أن "المظاهرات أن توصل رسائل إلى النظامالإيراني على رأسها الرسالة الاقتصادية وأن الأوضاع وصلت في البلد لوضع خطير نتيجةالتدخلات الخارجية والاهتمام في قضايا إقليمية على حساب قضايا داخلية".
ويستبعد أن تدفع هذه المظاهرات الحالية النظامالإيراني للتراجع عن توسيع نفوذه في المنطقة والتدخل في الدول المحيطة سواء سورياأو العراق أو اليمن، معللا ذلك أن "النظام يعتبر نفسه حقق إنجازات كبيرة علىصعيد التسلح الصاروخي وزيادة قوة حرسه الثوري الذي يدير مشاريع اقتصادية ومؤسساتذات موازنة تصل 150 مليار دولار".
اقرأ أيضا: إندبندنت: ما هي الأسباب الكامنة وراء تظاهرات إيران؟
ويستدرك العتوم قوله إنه "كل شيء يعتمد على حجمهذه التظاهرات، ففي حال انتقلت إلى طهران ستحد من سياسات إيران الخارجية، فيمحاولة من النظام لاستثمار مزيد من مواردها في الداخل".
ويؤكد أن "سياسة إيران هي تسيير احتجاجات مضادةللتأكيد على أن النظام يمتلك شرعية وجمهور عريض، ولكن في حال فشلت هذه السياسةسيعيد النظام حساباته وهو ما سيتضح خلال الأيام القادمة، وفي حال شهدنا اتساع فيهذه المظاهرات ستكون إيران مقبلة على صفيح ساخن".
من جهته، يتفق الكاتب الأحوازي يوسف عزيزي معاحتمالية أن تدفع المظاهرات النظام الإيراني عن التراجع خطوة في تدخلاته الخارجية،مضيفا أن "أي خطوة تخطوها النظم الاستبدادية بالتراجع، سيقابلها تقدم منالجماهير خطوتين أو ثلاث، وهذا ما سيؤثر على قرار النظام في التراجع".
العوامل الاقتصادية تعد العامل الأكبر في هذه التظاهرات والغضب الشعبي في إيران
ويبين عزيزي في حديث خاص لـ"عربي21" أنه "فيحال تراجع النظام في بعض التدخلات الخارجية، فإنه سيكون لأجل إنقاذ نفسه"،مؤكدا أن "الآلاف من الجماهير التي خرجت في المدن الإيرانية تطالب النظامبإرجاع أموالهم التي تضخ لصالح نظام الأسد وحزب الله والحوثيين في اليمنوالمليشيات العراقية".
ويتابع عزيزي قوله إن "المطالب الجماهيرية تهدفلإنقاذ الوضع الاقتصادي الداخلي الإيراني"، مشيرا إلى أن "حكومة روحانيحلت مشكلة واحدة فقط، وهي خفض مستوى التضخم في إيران، لكن البطالة لا تزال متفشيةبشكل رهيب في وسط الشباب والخريجين".
ويؤكد أن "العوامل الاقتصادية تعد العاملالأكبر في هذه التظاهرات والغضب الشعبي في إيران"، لافتا إلى أن أحدالاحتمالات التي يمكن أن تنقذ النظام من موجة الاحتجاجات الحالية، هي"التفاوض مع الدول المحيطة لحل المشاكل الإقليمية، إلى جانب التفاوض معالمجتمع الدولي لحل مشكلة الصواريخ الباليستية".
مزيد من التفاصيل