يزور نائب الرئيس الأمريكي، مايكل بنس،العاصمة الأردنية عمان، الأحد، في خضم جولة اقليمية تشمل مصر والأردن واسرائيل فيزيارة وصفها سياسيون التطمينية وجس النبض، للوصفة الأمريكية لعملية السلام، والتيعرفت اعلاميا بـ "صفقة القرن".
تتزامن الزيارة مع "فكفكة" ماعرف بـ"ازمة السفارة" بين عمان وتل أبيب، وعودة السفارة الإسرائيليةللعمل في عمان، عقب اعتذار اسرائيل عن قتلها لمواطنين أردنيين، وتقديم تعويضاتمالية لذويهم.
الأردن -الذي عانى من قرارات الإدارةالأمريكية، المنحازة لاسرائيل، ومحاولتها تحييد ملفين مهمين في المفاوضات هماالقدس، واللاجئين - يخشى أن تدفن الإدارة الأمريكية، حل الدولتين الذي دعمتهالمملكة في المحافل العربية والدولية، في ظل تغريد أصوات خارج السرب العربي،تنادي، بالقبول بـ "أبو ديس" عاصمة للدولة الفلسطينية، مع الغاء حقالعودة.
المحلل السياسي الأردني، لبيب قمحاوي، يرىأن الأردن لم يغير موقفه تجاه الإدارة الأمريكية، ولا تستطيع المملكة أن تأخذ مسارالقطيعة مع أمريكا، وتحاول أن تمشي في مسار الحد الأدنى الممكن، وكان تأجيل زيارةبنس للمنطقة يؤشر على أن الأردن لديه موقف سلبي من قرار ترامب بخصوص القدس، مضيفا:" لكن نأمل أن لا يكون هنالك تغيير في الموقف الأردني من هذا القرارتحديدا".
لكن هل يستطيع الأردن الوقوف بوجه القطارالأمريكي، أم انه سيلتحق بالقاهرة والرياض ويركب معهما في عربة القرن؟ يجيب قمحاوي في حديث لـ"عربي21"،"على الأردن أن لا يوافق على صفقة القرن التي تروج لها الإدارة الأمريكية،كون الحل سيكون على حساب الأردنيين والفلسطينيين، المملكة الأردنية ليست كمصروالسعودية، اللتين في منأى مباشر عن الإصابة من هذه الصفقة التي ستحل مشكلة اللاجئينعلى حساب المملكة".
و حسب ما نشر إعلاميا حول "صفقةالقرن"، تتضمن إقامة دولة فلسطينية تشتمل أراضيها على قطاع غزة والمناطق"أ" و"ب" وبعض أجزاء من منطقة "ج" في الضفة الغربيةوعاصمتها أبو ديس، مع تأجيل بحث ملف اللاجئين لمفاوضات أخرى.
ويصطدم "دفن" حل الدولتين؛ معمعاهدة السلام الأردنية الإسرائيلية "وادي عربة" التي وقعت في 25 تشرينالأول/ أكتوبر 1994، ونصت على أن "الأردن وإسرائيل سيتعاونان في حل قضيةاللاجئين"، ما أثار هواجس الوطن البديل من جديد لدى فئات سياسية في المملكة.
وزير التنمية السياسية الأردني الأسبق،صبري ربيحات، يعتقد أن على الأردن اعادة التموضع من جديد في الإقليم، لأسباب عديدةأحدها القضية الفلسطينية، ويجب استثمار زيارة بنس من خلال إرسال رسالة إلى منيعتقدون أنهم لاعبون وباستطاعتهم تهميش الأردن، بأن المملكة موجودة"، مؤكداأن موقف الأردن من حل القضية الفلسطينية ثابت، ولا يمكن للمملكة التخلي عنه، وهو"حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية ضمن حدود عام1967"، إلا أن الأردن -حسب ربيحات- مضطر للتعاطي والاشتباك مع المعطياتالجديدة بأقل أذى ممكن، لكن ليس من مصلحته أبدا أن يكون جزءا من صفقة القرن، ولاهو هو مؤهل لهذا الدور المغامر، كون المملكة بلد محافظ في سياساته".
وتأتي زيارة بنس الى عمان على وقعالاحتجاجات الشعبية والحزبية المتخوفة والرافضة للزيارة، اذ اعتصم ائتلاف الاحزابالقومية واليسارية مساء السبت احتجاجا على زيارة بنس رافعين شعار "لا أهلاولا سهلا بنائب الرئيس الأمريكي".
الأمين العام لحزب الشعب الديمقراطيالأردني، عبلة أبو علبة، تقول لـ"عربي21"، إن "القوى الحزبية التياعتصمت أرادت إيصال رسالة رفض لزيارة بنس إلى الأردن التي يراد من خلالها تكريسالقرارات الأمريكية في المنطقة، ونخشى أن يسارعوا لعقد مؤتمر إقليمي ليحصلوا علىموافقات عربية على هذه القرارات، وهذا يستلزم أن تقوم كل الدول العربية علىالمستوى الرسمي والشعبي، بمقاومة المشروع الأمريكي الذي يستهدف إعادة رسم خرائطالمنطقة من جديد على حساب الدول وشعوبها".
وتأمل أبو علبة أن "لا يكون هنالك أييتراجع عن الموقف الرسمي المعلن الذي عرفه الشعب الأردني". تقول "يجب أنتصل الرسالة الوطنية الأردنية إلى نائب الرئيس الأمريكي، بـأن الأردن سيتضرر كثيراوتقع عليه مخاطر من وراء المشروع الأمريكي في المنطقة".
ولاقى الموقف الرسمي الأردني الرافض لقرارترامب بخصوص الاعتراف بالقدس المحتلة عاصمة لإسرائيل، تأييدا شعبيا بعد أن قادتالمملكة حملة علاقات عربية-دولية-اسلامية، لرفض القرار، الى جانب السماح للأصواتالشعبية بالنزول إلى الشارع ودعم تلك الأصوات بشكل رسمي من خلال المؤسسات الحكوميةالتي شاركت في المسيرات الرافضة لقرار ترامب.
الا أن تخوفات "مشروعة" مناستدارة أردنية، بسبب ضغوط أمريكية على المملكة من أبرزها التلويح بقطع المساعداتالأمريكية، الأمر الذي يقلل مسؤولون أردنيون من أهميته مقابل قضية جوهرية تمسوصاية الهاشميين على المقدسات في القدس.
مزيد من التفاصيل