تعيش واشنطن حالة ترقب، مع توقع نشر مذكرة تتهم مكتب التحقيقات الفدراليبالانحياز في التحقيق حول تواطؤ روسي مع فريق دونالد ترامب الانتخابي، الأمر الذيزاد منسوب التوتر بين البيت الأبيض والشرطة الفدرالية.
وقال مسؤول في البيت الأبيض، لفرانس برس، الخميس، إن ترامب قرأ المذكرةالسرية، متوقعا صدور الضوء الأخضر بالنشر الجمعة "على الأرجح". وقال"الرئيس موافق. لا أعتقد أنه سيتم تنقيحها. بعدها سيصبح الأمر بيدالكونغرس".
بدورها، أفادت قناة "فوكس نيوز" ووسائل إعلام أخرى بأن ترامبقرر السماح بنشرها قبل نهاية الأسبوع.
أعد المذكرة المؤلفة من أربع صفحات النائب الجمهوري ديفين نونيس، رئيسلجنة الاستخبارات في مجلس النواب، وتهدف إلى تبيان أن وزارة العدل ومكتب التحقيقاتالفدرالي يتخذان مواقف مسيسة إلى درجة كبيرة ضد ترامب.
وسيشكل نشرها رفضا صريحا للتحذير الصادر، الثلاثاء، من مكتب التحقيقاتالفدرالي بعدم النشر، وهو وإن كان غير موقع، فإنه لا بد حظي بموافقة مدير المكتبكريستوفر راي، الذي ثبت في منصبه في آب/ أغسطس الماضي، وعارض صراحة نشر "مذكرةنونيس".
وقال مكتب "أف بي آي" إن "لدينا مخاوف جدية بشأن وجود إغفالاتمادية للوقائع تؤثر بصورة أساسية على دقة المذكرة".
ويضع قرار نشر المذكرة البيت الأبيض على خط الصدام المباشر مع وزارةالعدل التي عينها ترامب، ومجتمع الاستخبارات الأوسع، والمشرعين الديمقراطيين،والعديد من الجمهوريين.
ولم تجد الضغوط التي مارسها كل من كريستوفر راي ونائب وزير العدل رودروزنستاين على قادة الكونغرس والبيت الأبيض بعدم النشر.
عملية مكافحة التجسس
وتستند مذكرة نونيس إلى وثائق غاية في السرية تتعلق بالتجسس الروسي.
ويزعم نونيس أن تطبيق المذكرة يستند إلى "ملف روسيا"، وهيمعلومات حول حدوث اتصالات بين حملة ترامب وموسكو، جمعها عميل الاستخبارات البريطانيالسابق كريستوفر ستيل.
ولكن هذا الملف لا يزال مثيرا للجدل وغير مثبت، وموله جزئيا فريقالمرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون، وهي وقائع يقول نونيس إنها برهان على انحيازمكتب "أف بي آي" ووزارة العدل ضد ترامب وإساءة الائتمان.
ولكن الديمقراطيين ينظرون إلى جهود نونيس بصفتها تستهدف تقويض التحقيق، الذي يتولاه منذ أيار/ مايو 2017 المدعي المستقل روبرت مولر، حول تواطؤ محتمل بينفريق ترامب الانتخابي وموسكو، والذي اقترب من الرئيس نفسه.
ودعا السناتور الديمقراطي تشاك شومر والنائبة نانسي بيلوسي، الخميس، إلىإقالة نونيس من رئاسة لجنة الاستخبارات، لكن زعماء المجلس الجمهوريين رفضوا ذلكعلى الفور.
وكتب شومر في رسالة إلى رئيس مجلس النواب، بول راين، أن نونيس "كتبويسعى إلى نشر مذكرة تتمحور حول نظرية المؤامرة، يتم فيها وبعناية انتقاء معلوماتسرية بهدف تقويض صدقية العمل السابق لمكتب التحقيقات الفدرالي، وفي نهاية المطافالمدعي الخاص مولر".
في هذه الأثناء، أعرب أعضاء في مجتمع الاستخبارات الأوسع عن غضبهم من إمكاننشر نونيس وترامب وثيقة تتضمن معلومات مصنفة سرية تماما، وتتعلق بعمليات مكافحةالتجسس.
وهاجم مدير "سي آي إيه" السابق جون برينان، في تغريدة، الأربعاء، نونيس قائلا: "لقد خضتُ معارك عدة مع المشرعين الديمقراطيين علىامتداد سنوات بشأن مسائل الأمن القومي. لكني لم أشهد يوما مثل هذا السلوك المتهور الذي أراه اليوم من نونيس والنواب الجمهوريين. إن انعدام الأخلاق والقيادةالخلوقة في البيت الأبيض يغذيان هذه الأزمة الحكومية".
تحقيق مولر يضغط على البيت الأبيض
ومع الجدل الذي تثيره المذكرة، استعرت الحرب التي يشنها ترامب علىوزارة العدل التي تشرف على "أف بي آي" بشأن التحقيق الذي يجريه مولر حولدور روسيا.
ولا يزال ترامب ساخطا بشأن قرار "أف بي آي" عدم التوصيةبتوجيه تهم جنائية ضد هيلاري كلينتون في التحقيق المتصل باستخدامها الإيميل الشخصي، الذي جرى خلال انتخابات 2016.
وفي أيار/ مايو 2017، أقال ترامب جيمس كومي من إدارة "أف بيآي"، ومارس بعدها ضغوطا على نائب المدير أندرو ماكيب، بدعوى أنه كان متحيزا لصالح كلينتون ومعارضا لترامب. والاثنين، وافق ماكيب على الاستقالة، في حين لم يبقسوى شهرين قبل موعد تقاعده.
ويشتد التوتر مع تركيز تحقيق مولر على مزاعم بأن ترامب والبيت الأبيضسعيا إلى عرقلة التحقيق بشأن دور روسيا، في حين يتواصل فريق مولر مع البيت الأبيض؛ لإجراء مقابلة مع ترامب نفسه في هذه القضية.
وفي حال قرر مولر أن يوصي بتوجيه اتهامات بالعرقلة، قد يواجه ترامبمذكرة عزل في الكونغرس. ومن خلال تصوير تحقيق مولر ومكتب "أف بي آي" علىأنهما متحيزان إلى حد كبير، قد يسهل على الجمهوريين إحباط مثل هذه المذكرة.
ويدعو بعض الجمهوريين في الكونغرس إلى إنهاء تحقيق مولر استنادا إلىمذكرة نونيس.
وقال النائب مات غايتز لقناة "فوكس نيوز"، الجمعة: "كلتحقيق مولر قصة خيالية، وما كان يجب أن يبدأ".
ولكن رئيس مجلس النواب، بول راين، قال العكس تماما، مبررا نشر المذكرةبضرورة فرض رقابة تشريعية على السلطة التنفيذية. وقال راين: "هذه المذكرة ليستاتهاما لـ"أف بي آي" أو لوزارة العدل، ولا تشكك بتحقيق مولر".
مزيد من التفاصيل