شكك مراقبون في جدوى الدعوة التي أطلقتها حكومة رئيس الوزراء رامي الحمدالله في نهاية إجتماعها الثلاثاء الماضي، والتي نصت على تشكيل لجنة للشروع بخطوات فك الإرتباط مع دولة الاحتلال الإسرائيلي على المستويات السياسية والإدارية والاقتصادية والأمنية، بالإضافة لتشكيل لجنة لدراسة الانتقال من استخدام عملة الشيكل إلى أي عملة أخرى ودراسة إمكانية إصدار عملة فلسطينية.
وتأتي الدعوة في ظل حالة التوتر بين السلطة الفلسطينية والجانب الإسرائيلي ، والتي تأزمت بعد قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الإعتراف بالقدس عاصمة لدولة إسرائيل في 6 من كانون الأول/ ديسمبر الماضي.
تشكيل لجنة خبراء
وقال المتحدث باسم حكومة الوفاق، طارق رشماوي، أن "قرار الحكومة جاء بناء على تعليمات الرئيس محمود عباس بتنفيذ قرارات المجلس المركزي في إجتماعها الأخير في 15 من كانون الثاني/ يناير الماضي، كما أن هذه القرارات تأتي في سياق إعادة النظر في العلاقات بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل بما ينسجم مع التطورات السياسية الحالية".
وأضاف رشماوي في حديث لـ"عربي21" أنه "فور صدور بيان الحكومة تم تشكيل لجنة خبراء من المستويات السياسية والاقتصادية والأمنية تحت إشراف رئيس الوزراء لدراسة هذه التوصيات والعمل على تنفيذها بعد مصادقة الرئيس عليها"، دون أن يكشف عن مزيد من التفاصيل.
اقرأ أيضا : قناة إسرائيلية: اجتماع مرتقب بين الحمدالله ووزير إسرائيلي
ورغم أن بيان الحكومة لم يتطرق إلى ملف التنسيق الأمني مع دولة الاحتلال إلا أن محللين شككوا في مدى نجاح السلطة الفلسطينية في الإنفكاك الاقتصادي والسياسي عن إسرائيل.
معيقات اقتصادية
إلى ذلك قال مدير مؤسسة بال ثينك للدراسات الإستراتيجية والخبير الاقتصادي، عمر شعبان، أن "من حق السلطة الفلسطينية إعادة صياغة العلاقة مع الاقتصاد الإسرائيلي وتحويله من علاقة التبعية والإستحواذ إلى علاقة اقتصادية متكافئة."
وتابع؛ "لكن الظروف الحالية لا تسمح بتطبيق هذا التوجه لأن ملحق باريس الاقتصادي الموقع بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل يلزم الجانب الفلسطيني بإستخدام عملة الشيكل، ومن الناحية الفنية فإن افتقار الفلسطينيين لبنك مركزي يقف عائقا أمام إصدار عملة محلية بديلة عن العملة الإسرائيلية."
وأضاف المحلل الاقتصادي في حديث لـ"عربي21" أن "تداعيات اقتصادية خطيرة قد تلحق بالفلسطينيين في حال قرروا قطع العلاقات الاقتصادية مع إسرائيل نظرا لوجود ما يزيد عن 100 ألف عامل فلسطيني يعملون في السوق الإسرائيلي وهم يساهمون بنحو 25 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، كما أن السوق الفلسطيني لا يستطيع إستيعاب هذا العدد الضخم من العمال في حال قررت إسرائيل الإتسغناء عنهم.
بالإضافة إلى أن التوجه السلطة الفلسطينية لبناء شراكة تجارية مع دول الجوار كالأردن ومصر سيكون خيارا مكلفا لأن هذه الدول لا تتمتع بالإستقرار المالي الذي تحظى به إسرائيل والذي يؤثر على حركة التجارة بين البلدين."
معيقات سياسية
بدوره قال الدبلوماسي الفلسطيني وأستاذ العلاقات الدولية، علاء أبو عامر، أنه "لا يمكن للفلسطينيين أن يطبقوا خطة الانفكاك الاقتصادي والمالي عن الإسرائيليين، نظرا لتعقيدات الجغرافية السياسية في الضفة الغربية، حيث يلتهم الإستيطان أكثر من 50 في المئة من هذه المناطق كما أنه لا يوجد حدود جغرافية حقيقية في الضفة الغربية، أما في قطاع غزة فالوضع مختلف حيث بإمكان السلطة إبرام شراكة تجارية مع الدولة المصرية يتم بموجبها نقل البضائع بين الجانبين دون المرور بالجانب الإسرائيلي."
اقرأ أيضا : وفد فلسطيني يلتقي وفدا إسرائيليا في إيرلندا لبحث السلام
وأضاف في حديث لـ"عربي21" أن "القانون الدولي يعطي الحق لأحد الأطراف الموقعة على اتفاق مع دولة أخرى أن تنسحب منه، وفي الحالة الفلسطينية فإن إسرائيل لا تستطيع إلزام السلطة الفلسطينية بالعمل ضمن اتفاق باريس نظرا لأن صلاحيته إنتهت منذ العام 1999، وبذلك فعلى السلطة الفلسطينية أن تدرس جيدا هذه القرارات قبل إتخاذها".
تكلفة باهظة
أما أستاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح، نشأت الأقطش، فرأى في حديث لـ"عربي21" أنه في حال نفذت السلطة الفلسطينية تهديداتها فإنها ستكون أمام تحديات سياسية كبيرة أبرزها ردة فعل الولايات المتحدة الأمريكية والتي قد تكون بإلزام دول العالم بقطع تمويلها المالي عن السلطة وفي هذه الحالة فإن نموذج غزة المحاصرة سيطبق على الضفة الغربية، ومن ناحية أخرى فإن الإدارة الأمريكية قد تلجأ إلى إصدار قرار بإزالة الغطاء السياسي عن السلطة ومؤسساتها حول العالم، وهو ما يفقد السلطة الفلسطينية شرعيتها التي عملت لسنوات كثيرة للوصول لهذا الإنجاز.
مزيد من التفاصيل