مرت على ليبيا سبع سنوات من ثورة شباط/ فبراير التي أسقطت نظام العقيد الراحل معمر القذافي، إثر موجة اجتاحت دول مصر وتونس وسورية واليمن.
جاءت هذه الاحتفالات على وقع انقسام سياسي وعسكري وأمني واقتصادي، وتردي الأوضاع المعيشية، ةفشل في التوصل إلى اتفاق ينتهي باستفتاء على دستور دائم للبلاد، وإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية كمحطة أخيرة في المراحل الانتقالية التي تقلبت فيها ليبيا منذ ثورة فبراير.
إنجازات وإخفاقات
قال المحلل السياسي الليبي صلاح الشلوي: إنه لأول مرة في تاريخ ليبيا السياسي منذ تأسيس الدولة الوطنية المعاصرة في خمسينات القرن الماضي، تجري انتخابات حرة على قاعدة التعددية، يختار فيها الليبيون ممثليهم في المؤتمر الوطني العام، ثم مجلس النواب، والهيئة التاسيسية لصياغة مشروع الدستور.
وأضاف الشلوي في تصريح لـ"عربي21"، أن رغم التدخلات الإقليمية السلبية في الملف الليبي، إلا أنه تم التوصل إلى اتفاق سياسي في الصخيرات المغربية في كانون الأول/ ديسمبر، الذي جنب البلد المصير السوري واليمني، مما أدى إلى عدم انهيار الدولة بالكامل.
وعدّد المحلل السياسي التحديات التي تواجهها ليبيا بعد ثورة شباط/فبراير، التي من ضمنها الاستقطاب الحاد بين مختلف الأطراف السياسية، والتغير السريع في خارطة المصالح والتحالفات وتغير المواقف السياسية من جهة إلى أخرى، بسبب التدخلات الإقليمية.
وأكد الشلوي أن الخطاب الديني المتشدد من طرفي الأزمة الليبية، كان عاملا سلبيا مؤثرا على استقرار الدولة وإنجاز مسارها الديمقراطي، وكذلك الانفلات المني وتعدد المليشيات التي لا تنصاع للسلطة المركزية.
وانتهى المحلل السياسي إلى أن أهم إنجاز حققته ثورة ليبيا هو الحرية، حتى وإن كانت منفلتة وغير منضبطة، إلا أنه لا يمكن أن تخطئها عين المراقب للمشهد العام.
اقرأ أيضا: رئيس برلمان ليبيا: سيف الإسلام القذافي له حق الترشح للرئاسة
عجز
من جانبه أكد عضو المجلس الأعلى للدولة في ليبيا منصور الحصادي، أن ثورة فبراير، رغم نجاحها في إزاحة الديكتاتورية، إلا أنها عجزت عن تحقيق أهدافها في الوصول إلى دولة مدنية قائمة على التداول السلمي.
وقال الحصادي لـ"عربي21": إن مفسدات ومعوقات الثورة ظهرت مبكر على الساحة الليبية، والتي من أبرزها؛ انتشاء ونجاح الثورة المضادة في بلدان الربيع العربي، وكذلك الإعلام غير المهني الذي حرف أمزجة الشعوب باتجاه لعن التغيير، كما أن جماعات الإرهاب والتطرف التي نمت وترعرعت بعد الثورات كانت من ضمن مهددات نجاح الثورة في ليبيا.
وأرجع عضو الأعلى للدولة عجز قيام دولة في ليبيا بعد الثورة،إلى التناحر بين تيار فبراير، سواء أكان ذلك بين الإسلاميين والليبراليين، أو داخل كل تيار، مدللا على ذلك بقانون العزل السياسي الذي أقره المؤتمر الوطني العام في أيار/ مايو 2013، والذي جاء كنتيجة لعدم الخبرة وانعدام الرؤية المشتركة.
وبيّن الحصادي أن نجاح نموذج العسكر في دولة ربيعية كمصر، أغرى اللواء المتقاعد خليفة حفتر باستغلال بعض الإخفاقات السياسية والأمنية وانتشار الجماعات المتشددة، بتكرار نموذج الرئيس عبد الفتاح السياسي، الذي انقلب على الشرعية الانتخابية، مما كان له الأثر البالغ في تعثر واستنزاف الدولة ومقدراتها.
عناد ومرونة
إلا أن عضو فريق الحوار السياسي الليبي السابق، أشرف الشح يرى للأزمة الليبية جذور أخرى، وذلك أن الثورة التي كان من المفترض أن تصل إلى نهايتها بنظام سياسي يتفق فيه الفرقاء على الحد الأدنى من التوافق، المؤدي إلى الاستقرار السياسي والاقتصادي والمجتمعي، انحرفت إلى مسالك أخرى مجهضة.
وعلل الشح لـ"عربي21"، ذلك بأنه كلما كانت هناك فرص لإنهاء الأزمة وإبداء طرف مرونة في التعاطي مع الأزمة، يظهر الطرف الاخر عنادا مدعوما بدول إقليمية تهدف إلى جعل ليبيا في حالة غليان
دائم، مؤكدا أن مجلس النواب ومعكسر شرق ليبيا، تهمين عليه فكرة الانفراد ورفض الشراكة.
وشرح عضو فريق الحوار السياسي السابق، أنه كلما تأخر الوصول إلى حل سياسي، كلما كان ذلك عاملا مساندا في رفض الليبيين لفكرة التغيير والثورة، التي أنجزت أهم استحاق وهو إسقاط نظام شمولي متفرد بالحكم، أنهك مقدرات الدولة على مدى عقود.
مزيد من التفاصيل