فجر اللقاء الذي جمع وزير الداخلية التونسيلطفي براهم والملك سلمان في الرياض، موجة تساؤلات بين الأوساط السياسية في تونسوحتى خارجها، بين من رأى في أهداف الزيارة الغير معلنة وتوقيتها وخروجها عن "العرف الدبلوماسي" أمرامريبا ومثيرا للشكوك وبين من أدرجها ضمن العلاقات الأخوية بين البلدين وضمن التنسيقالأمني والخطط المشتركة لمقاومة الإرهاب.
وكانت وكالة الأنباء السعودية الرسمية"واس" قد نشرت، في 28 شباط/فبراير 2018، عبر حسابها على تويتر صوراجمعت الملك سلمان بوزير الداخلية التونسيوالوفد الأمني المرافق له بقصر اليمامة بالرياض.
واكتفى بيان الوكالة السعودية المقتضببالإشارة إلى أن لقاء وزير الداخلية التونسي بالملك سلمان والذي حضرها كل من وزيري الخارجية والداخلية السعوديين تندرجضمن العلاقات الثنائية بين البلدين وبين الرئيس التونسي ونظيره السعودي.
ولم تشر أي وسيلة إعلامية تونسية حكومية أوخاصة لهذه الزيارة ولم تنشر وزارة الداخلية ولا الخارجية التونسية أي تفاصيل عنها وسط صمت وصفه كثيرون بـ"المريب".
وزادت حدة التساؤلات والجدل حول كواليسوأهداف اللقاء بالتزامن مع نشر المدون السعودي المثير للجدل "مجتهد" سلسلسة من التغريدات عبر حسابه على تويتر الجمعة،و ماقال إنها معلوماتمثيرة عن زيارة وزير داخلية تونس لطفي براهم حاليا للمملكة والدور الحقيقي لابنعلي فيما يجري في تونس".
وأوضح مجتهد أن لقاء وزير الداخلية التونسيلطفي براهم -الذي لمح إلى أنه رجلالإمارات والسعودية في تونس- تأتي للتغطيةوالتمويه على الهدف الرئيسي الغير معلن منها وهو لقاء الرئيس المخلوع المقيم فيالسعودية منذ سبع سنوات زين العابدين بن علي ومطامع السعودية، ومن وراءها حليفتهاالإمارات في عودته مجددا إلى الحكم في تونس ودحر الإسلاميين الممثلين في حركةالنهضة خصمهم اللدود.
وأسهب مجتهد فيالحديث عن شخصية وتاريخ وزير الداخلية التونسي لطفي براهم الذي قال عنه في سلسلةتغريداته إنه: "كان قبل أن يعين وزيرا للداخلية آمراللحرس الوطني وهو القوة المكلفة بملف ما يسمى "الإرهاب" وتمت ترقيتهلوزارة الداخلية بعد "أن أثبت كفائته". وكانت تونس منذ الثمانينات تدعيأنها الرائدة في محاربة التطرف الإسلامي ويكرر قادتها أنها هي التي علمت السعودية"تجفيف المنابع".
وتابع بالقول في تغريدة أخرى :" لكن بعد الربيع العربيوحصول حركة النهضة على نصيب من الشراكة السياسية جرى تصنيفها من قبل محور الشر(السعودية/الإمارات/مصر) داعمة للربيع العربي رغم استمرار نفوذ الدولة العميقةوسيطرتها على الأمن والمال والإعلام. ثم جاءت أزمة الطيران الأخيرة مع الإمارات فأججتالمشكلة مع هذه الدول".
وأشار إلى أن وزير الداخلية التونسي تورط في جريمة"التمويه" على عملية إرهابية كاذبة وتمت ترقيته بدل محاسبته استجابةللضغوطات السعودية الإماراتية وبكونه أضحى وسيطا بينهم وبين بن علي حرصا منهما علىالاستعانة به لتنفيذ تعليمات بن علي "باعتباره أعرف منهم بقمع الإسلاميين وذلكبتدشين خط سري بينهم".
وشدد أن السعودية كانت حريصة على تأمين لقاءبين الرئيس المخلوع بن علي ووزير الداخلية التونسي بهدف إطلاعه على تفاصيل أدقللوضع في تونس ولضمان حسن سير التوجيهات التي وضعتها السعودية ضمن خطتها لعودة بنعلي للحكم.
سيناريو الانقلاب على الديمقراطية
وفي تعليقه على زيارة وزير الداخلية التونسي إلى السعودية، وصف النائب في البرلمان التونسي عن حزب"حراك تونس الإرادة" عماد الدايمي الزيارة بـ"المريبة في توقيتها ومدتها وتفاصيلها البروتوكولية".
وتابع في حديثه لـ"عربي21": "الزيارة توحي بأن وراءهامحاولة خارجية لمنح وزير الداخلية دعما خليجيا للعب دور أكبر في المرحلة القادمةواشتراط ذلك على التحالف الحاكم الآن-النهضة والنداء- مقابل بعض الدعم المالي الذي تحتاجه تونس في ظل الأزمةالمالية الخانقة".
اقرأ أيضا: تونس تواجه أزمة ديون خانقة.. والحكومة تبحث عن حلول
في المقابل أشار الدايمي إلى أن وزير الداخلية التونسي "أضعفبكثير من أن يلعب دورا أكبر من دوره الحالي"، مستبعدا أي سيناريو للانقلابعلى الخيار الديمقراطي في تونس.
وختم بالقول:"الوضع في البلاد غير مؤهل لأي خيارات غير ديمقراطيةبالنظر لتملك المواطنين للنظام الجمهوري وتمسكهم بالحريات و بالنظر للتغييراتالجوهرية التي حصلت في المؤسستين العسكرية والأمنية بشكل لن يسمح مطلقا بأيسيناريو انقلاب على المسار الديمقراطي".
النائب أكد في السياق ذاته أنه سيقومبمساءلة شفوية داخل قبة البرلمان لوزير الداخلية حول طبيعة وبرنامج زيارته إلىالسعودية، وتوجيه مراسلة إلى رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة في الغرض.
النهضة تعلق على الزيارة
من جانبه، قلل الناطق الرسمي باسم حركةالنهضة عماد الخميري في تصريح لـ"عربي21" من اللغط الدائر حول أهدافالزيارة للوزير التونسي، مستبعدا أي وجود لسيناريو ما يحاك ضد النهضة في تونس.
وأضاف:"العلاقات التونسية السعوديةمتينة ومميزة ونأمل كحزب حركة النهضة أن تتعزز أكثر بمثل هذه الزيارات لما يخدمالمصالح العليا لتونس والشعبين الشقيقين".
وحول ما كشفته تغريدات مجتهد عن تحضير كلمن السعودية والإمارات لانقلاب في تونس وتجهيز الأرضية الملائمة لعودة بن علي للحكم، استبعد المحلل السياسي وأستاذ التاريخ المعاصر، عبداللطيف الحناشي مثل هذه التخمينات وأكد فيتصريح لـ"عربي21" أن المسألة محسومة الآن لدى العدالة الانتقاليةوالقضاء في تونس وبأن التونسيون تجاوزوا فترة حكم بن علي وطووا صفحته إلى الأبد.
وأشار الحناشي إلى أن محور الزيارة يرتكزأساسا على التنسيق الأمني وسبل مكافحة الإرهاب سيما وأن تونس موجودة ضمن هذهالتحالفات العربية.لكنه لم ينف في المقابل الغموض الذي يحيط بكواليس هذه الزيارةالغير معلنة والتي علم بها الشارع التونسي عبر وكالة الأنباء السعودية الرسمية.
مزيد من التفاصيل