نجحت الحكومة المغربية بشكل جزئي في احتواءالاحتجاجات التي تشهدها عدة مناطق؛ لكن سرعان ما استؤنفت بفعل رفض حكومي لبعضقرارات المعتصمين.
وتوحد المغاربة في وجه الإجراءات الحكومية غيرالقادرة على التخفيف عن كاهل المواطنين، في ظل غلاء الأسعار الذي ارتفعت حدته العامينالأخيرين، إضافة إلى نسب البطالة المرتفعة.
بدوره، قال عالم الاجتماع المغربي أحمد شراك، إن الاحتجاجاتالأخيرة في بلاده تعبير عن روح المسألة الاجتماعية التي تشمل الغلاء والبطالة، وكلما يتعلق بوجود الإنسان المعيشي في مستوى الحد الأدنى.
وأكد أن الاحتجاجات في المغرب لم تتوحد على مستوىالفعل الاحتجاجي كما كان الشأن في الربيع العربي، لكن وحدتها بطريقة غير مباشرةوهي المسألة الاجتماعية.
ومؤخرا، شهدت عدد من المدن المغربية احتجاجات شعبية،أهمها مدينة جرادة التي تعيش على وقع احتجاجات متقطعة، منذ 22 من كانون الأول/ديسمبر 2017، عقب مصرع شابين شقيقين بمنجم للفحم الحجري، فيما لقي شاب ثالث مصرعهمطلع الشهر الماضي بمنجم آخر.
اقرأ أيضا: بنك المغرب يسجل ارتفاعا بقيمة الدرهم مقابل اليورو والدولار
يطالب النشطاء المحتجون بتوفير فرص عمل لشبابالمدينة، والعمل على تنميتها اقتصاديا واجتماعيا، وتحقيق مطالب المواطنينالاجتماعية والاقتصادية وإطلاق مشاريع بالمدينة.
كذلك، شهدت الحسيمة وعدد من مدن وقرى منطقة الريف،منذ تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، احتجاجات متواصلة، للمطالبة بالتنمية ورفعالتهميش ومحاربة الفساد.
وبدأت الاحتجاجات في أعقاب مصرع تاجر السمك محسنفكري، الذي قتل طحنا داخل شاحنة لجمع النفايات، خلال محاولته الاعتصام بها لمنعالسلطات من مصادرة أسماكه.
وعرفت مناطق أخرى احتجاجات في فترات متقطعة، مثلزاكورة للمطالبة بتوفير الماء الصالح للشرب.
واعتبر شراك، الذي ألف كتاب "سوسيولوجيا الربيعالعربي"، أن هذه الاحتجاجات امتداد لروح الربيع المغربي أو الربيع العربيبصفة عامة.
ولفت إلى أن أكثر ثورة أتى بها الربيع العربي هيانخراط المواطنين في الشأن العام عبر الاحتجاج.
ومطلع 2011، اندلعت ثورات الربيع العربي في عدد منالبلدان العربية، التي انطلقت شرارتها في تونس، وامتدت إلى دول أخرى.
اقرأ أيضا: تقرير: ربع المغاربة الذين تجاوزوا 15 عاما مصابون بالاكتئاب
وقال الكاتب والعالم المغربي، إن الاحتجاج هوالوسيلة الوحيدة للتعبير عن مطالب السكان الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، لذلكلم يتوقف الربيع العربي عن إيقاعه الاجتماعي وروحه النضالية المتوتبة نحو الأمام.
وتساءل: إذا كان الربيع العربي ومن ضمنه الربيعالمغربي، لم ينجح في كثير من مطالبه ورغباته انطلاقا من البعد الوطني، فالتساؤلالمطروح يتعلق بقدرة العقل الاحتجاجي المغربي على تغيير أسلوبه وطريقته بأن تكونالانطلاقة من المدن والمحافظات في أفق التعميم الوطني.
واستدرك بقوله: "هذا التساؤل ستجيب عنه الأيامالقادمة وإن كنت أميل إلى فرضية استمرارية الاحتجاج، حيث قد يبدأ جهويا وربماسيتحول عربيا".
وتابع: "ما دامت الديمقراطية في العالم العربيلم تستوف كل شروطها، والبطالة تشكل نسبة مهمة من الساكنة، والغلاء المعيشيوالأحوال الاجتماعية متدنية، فلابد أن الاحتجاج سيستمر ولن ينتهي".
بحسب أرقام لهيئة الإحصاء في المغرب، فإن معدلالبطالة بلغ 10.2 بالمائة، خلال 2017، و42 بالمائة، وسط فئة الشباب، بعدد عاطلينعن العمل فاق 1.2 مليون فرد.
وحول مستقبل الاحتجاجات، يقول "شراك" إنقضاء حاجات الإنسان لا تدرك، وحتى في البلدان الغربية توصف الاحتجاجات بـ"اللا انتهاء".
وفيما يتعلق بإمكانية إسكات الجماهير، قال شراك:"كان يمكن إسكاتها قبل الربيع العربي بامتصاص غضبها عبر مسكنات إيديولوجيةمتعددة المصادر والمراجع، تقوم بدور الشرطي والدركي، وأحيانا النهي والإخبارللرغبات سواء كانت مرئية أو غير مرئية".
مزيد من التفاصيل