تصادف وجود وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروفونظيره الأمريكي ريكس تيلرسون في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، في وقت واحد وفيالفندق ذاته، ولكن لم يلتقيا مع بعضهما البعض، في إشارات توحي لعدم استقرارالعلاقة بين البلدين.
ومنذ الاجتماع الأخير بين لافروف وتيلرسون، على هامشمجلس وزراء منظمة الأمن والتعاون الأوروبي في فيينا، في ديسمبر الماضي، تراكم بينروسيا والولايات المتحدة عدد كاف من المشكلات كي يناقشها رئيسا دبلوماسيتهما وجهالوجه.
وبحسب وكالة الأنباء الروسية، فإن تنظيم اللقاءبينهما واجه صعوبات مفاجئة، وكان الجانب الروسي هو صاحب المبادرة في عرض مكانوموعد اللقاء، بينما الأمريكان يبتدعون ذرائع واحدة تلو الأخرى لإحباط عقده.
إفريقيا ذريعة
وكانت بداية القصة الأسبوع الماضي، حينما خطط لافروفوتيلرسون لزيارة أفريقيا في وقت متزامن.
وأفاد نائب وزير الخارجية الروسي، سيرغي ريابكوف،آنذاك، بأن دعوة تم بعثها للجانب الأمريكي بشأن عقد اللقاء في إثيوبيا، إلا أنهاستدرك قائلا إنه لم يكن واضحا ما إذا كان ممكنا التوفيق بين جدولي أعمال الوزيرينالروسي والأمريكي.
لكن المتحدثة الرسمية باسم الوزارة الأمريكية، هيذرنويرت، أعلنت أن وزارتها لم تتلق أي دعوة، شفهية أو نصية، من موسكو.
وردا على هذه التصريحات، اتهمت السفارة الروسية فيواشنطن الوزارة الأمريكية بنشر معلومات كاذبة، مؤكدة أن طلب الإحاطة المعني تمتوجيهه إلى الجانب الأمريكي في 2 من آذار/ مارس الحالي، وقبل يومين من اللقاء المرتقب الذي كان يتوقع أنيُعقد في أديس أبابا في 8 من هذا الشهر، قالت السفارة الروسية إن كل محاولاتهاللحصول على توضيحات من الطرف الأمريكي باءت بالفشل.
وفي صباح يوم الـثامن من مارس اتضح أن الاجتماع مع لافروفلم يوجد له مكان في جدول الأعمال المنشور لتيلرسون.
اقرأ أيضا: تيلرسون يغادر أديس أبابا ولافروف ينهي جولته الأفريقية فيها
ووجد لافروف نفسه ضروريا أن يعلق على هذا الوضع،موضحا أنه بحث شخصيا مع تيلرسون، عبر الهاتف، إمكانية إجراء لقاء جديد بينهما،مضيفا: "عندما اتضح أننا سنكون معا في أديس أبابا، فقد وجهنا عرضا بهذا الشأن،وقال الأمريكان إنهم سيفكرون في هذا الموضوع".
وأخيرا، جاء الرد من تيلرسون نفسه، أثناء مؤتمرهالصحفي في العاصمة الإثيوبية، حيث اعترف بأنه لم يكن يعرف قبل يومين عن العرضالروسي الذي جاءه وهو في طريقه إلى إثيوبيا.
واختتم تيلرسون رده بعبارة ضبابية، قائلا: "إنجدول أعمالي قد تم وضعه، وإذا لم نستطع أن نلتقي هنا فلدينا إمكانية أن نرى بعضنابعضا في مختلف أنحاء العالم (..) عندنا أرقام بعضنا البعض ونحن نستخدمها".
اقرأ أيضا: تيلرسون بأول جولة أفريقية بعد وصف ترامب دولها بـ"الحثالة"
وفي نهاية المطاف، جددت هيذر نويرت، في موجز صحفييومي، في 7 آذار/ مارس، أن الجانب الأمريكي لم يتلق أي عرض من روسيا حول لقاءالوزيرين.
وفي ردها على سؤال عن ما إذا كان هذا الوضع يدل على أنالوزارة الأمريكية تعتبره غير مناسب في الوقت الحالي، ذكرت نويرت أن لافروفوتيلرسون التقيا تسع مرات، كما أنهما تحادثا عبر الهاتف أربع مرات خلال الأشهرالثلاثة الماضية.
وأصبح واضحا في اليوم التالي أن تيلرسون لم يجدإمكانية للقاء نظيره الروسي على الرغم من إقامتهما في الفندق نفسه.
المحاولة الثالثة
وليس صدفة أن يثير إخفاق عقد لقاء لافروف-تيلرسوناهتمام وسائل الإعلام العالمية، علما بأن الحديث يدور عن إضاعة ثالث فرصة متاحةلبحث المشاكل المتراكمة بين موسكو وواشنطن على المستوى الوزاري.
وكانت الفرصة الأولى هي مشاركة لافروف، في ينايرالماضي، في مشاورات نظمها مجلس الأمن الدولي حول عدم انتشار أسلحة الدمار الشاملوالأوضاع في أفغانستان وآسيا الوسطى، وكان السفير الأمريكي في روسيا، جونهانتسمان، أفاد حينذاك بأن العمل جار على تنظيم اللقاء بين وزيري الخارجية، لكنهلم يعقد.
أما الفرصة المفوتة الثانية في شباط/ فبراير الماضي،في مؤتمر ميونخ حول قضايا الأمن، والذي كان يتوقع أن يحضره تيلرسون، إلا أن ذلك لميحدث، إذ أوفدت واشنطن إلى ميونخ، بدلا منه، مساعد الرئيس الأمريكي هربرت ماكماستر.
وهناك أكثر من ملف "ساخن" واحد فيالعلاقات بين الجانبين، الأمر الذي يستدعي إجراء محادثات جادة بين لافروف وتيلرسون،وفي مقدمتها تفاقم الوضع الأمني في غوطة دمشق الشرقية وتطبيق القرار 2401 لمجلسالأمن الدولي حول الهدنة في سوريا.
اقرأ أيضا: تيلرسون قبيل زيارته لكينيا: لست بخير
وبرأي موسكو، فإن واشنطن لا تفعل شيئا للضغط علىالمسلحين الخاضعين لسيطرتها في الغوطة الشرقية، في الوقت الذي تتهم فيه واشنطندمشق، إلى جانب موسكو وطهران، بالانتهاكات.
والملف الثاني هو احتمال فرض الولايات المتحدةعقوبات جديدة على روسيا، تستهدف، هذه المرة، 13 مواطنا روسيا أدرجتهم واشنطن علىما تسمى "قائمة مولر" (للمشتبه بضلوعهم في التدخل الروسي المزعوم فيانتخابات الرئاسة الأمريكية).
أما الملف الثالث فهو قضية كوريا الشمالية، علما بأنالولايات المتحدة اتخذت مؤخرا خطوات "قوية" أحادية الجانب في هذاالمسار، دون أن تتعاون مع روسيا والصين، البلدين ذَوَي النفوذ التقليدي على كورياالشمالية.
وأخيرا، فإن هناك ملف التسوية في جنوب شرق أوكرانيا، حيث أعطتواشنطن ضوءا أخضر لبيع دفعة من منظومات Javelin المضادةللدبابات لكييف، الأمر الذي رأت فيه موسكو أن من شأنه أن يقود إلى تفاقم الأزمة فيالمنطقة.
المصدر: نوفوستي
مزيد من التفاصيل