مع إعلان الجانب المصري فتح معبر رفح البري بشكل مفاجئ يوم الجمعة الماضي لمدة يومين لمرور الحالات الإنسانية من وإلى قطاع غزة بعد أشهر على إغلاقه، بات المواطنون في غزة يشككون في مدى جدية السلطات المصرية بالتخفيف من أزمة العالقين على جانبي الحدود انطلاقا من تجاربهم السابقة في السفر عبر هذا المعبر التي لم يكتب لها النجاح.
وتحاول السلطات المصرية بين الفينة والأخرى أن تخطف الأضواء الإعلامية من خلال الإعلان عن فتح معبر رفح لعدة أيام وهو ما لا يسمح بمرور سوى العشرات من المواطنين الراغبين في السفر والمسجلين لدى كشوفات وزارة الداخلية الذين تخطى عددهم الـ 30 ألفا حتى بداية العام الحالي.
وتتذرع السلطات المصرية بإغلاق معبر رفح بحجة توتر الأوضاع الأمنية في سيناء، في حين تؤمن السلطات المصرية الحماية الكاملة لكشوفات "التنسيقات" المعروفة بـ(VIP) وهو تنسيق يتم من خلاله دفع المواطن سواء لمن يرغب بالعودة للقطاع أو يرغب بالخروج ما قيمته 3000 دولار أمريكي لقيادات وضباط مصريين يؤمنون له الوصول للمكان الذي يقصده بحماية أمنية مشددة.
عشرات المسافرين
بدوره قال مدير الإعلام بمعبر رفح، معتز دلول، أن "عدد المغادرين خلال يومي الجمعة والسبت وصل لـ 170 مسافرا فقط وهم الأن في صالة الانتظار في الجانب المصري من المعبر وقد سمح بمرور حالتين إنسانيتين نقلت عبر سيارة إسعاف إلى القاهرة، أما عن أعداد القادمين من الخارج للقطاع فقد وصل إلى 27 مسافرا."
وأضاف دلول في تصريح لـ"عربي21" أن "عدد من غادروا القطاع عبر كشوفات التنسيقات وصل إلى 107 مسافر، والعدد الباقي هم من كشوفات المسافرين المسجلين لدى وزارة الداخلية."
تجدر الإشارة إلى أنه منذ توقيع اتفاق المصالحة بين حركتي حماس وفتح في 12 من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي انخفضت أيام فتح معبر رفح مقارنة بالفترة السابقة تحت ذريعة العملية العسكرية الأمنية في سيناء.
ورصدت "عربي21" شهادات حية لمجموعة من المواطنين الذين ينتظرون السفر منذ ساعات صباح يوم أمس السبت.
وقال الشاب، زواري باشا (26عاما) يقيم في غزة منذ ثلاثة أعوام قادما من الأردن، لـ"عربي21" في "كل مرة كنت أحول فيها السفر أتفاجأ بإغلاق المعبر من الجانب المصري تحت ذرائع عديدة من بينها تأجيل اسمه من كشوفات المسافرين، أو إرجاعه لغزة بعد عبوره للجانب المصري من المعبر بحجة التوتر الأمني في سيناء، أو بحجة انتهاء صلاحية برقية دخوله للأردن (عدم الممانعة) التي تحتاج إلى 6 أشهر لاستخراج برقية أخرى وهو ما أفقدني وظيفتي في الأردن."
وأشار أحد المواطنين المحتجزين في الجانب المصري من المعبر رافضا الكشف عن هويته لـ"عربي21"، أن "العشرات من المواطنين يفترشون الأرض منذ صباح يوم الجمعة وحتى اللحظة وترفض السلطات المصرية أن توفر لنا ما يلزمنا من أغطية وغذاء باستثناء ما قام الهلال الأحمر المصري بتوفيره لنا من أغطية ووسائد وهي لا تكفى سوى لـ 30 شخصا فقط، كما تقوم سلطة الأمن باستغلال هذه المعاناة بإجبارنا على شراء مستلزماتنا بأسعار مرتفعة حيث تباع قارورة المياه (500 ملم) بـ 40 جنيها."
يأتي فتح معبر رفح البري تزامنا مع تطمينات مصرية لحركة حماس بأنها ستسهم في التخفيف من حدة الوضع الإنساني في غزة بعد تهديد الرئيس الفلسطيني محمود عباس باتخاذ عقوبات اقتصادية ومالية ضد قطاع غزة كرد على حادثة تفجير موكب رئيس الوزراء رامي الحمد لله في 13 من الشهر الجاري.
ابتزاز سياسي ضد حماس
بدوره قال الكاتب والمحلل السياسي من غزة، حسن عبدو، أنه "لا يمكن تصور الحديث عن الوعود التي قطعتها مصر أمام حركة حماس والفصائل الفلسطينية بمساندة غزة في أزماتها الاقتصادية عبر الإعلان على وسائل الإعلام أنها فتحت معبر رفح وأدخلت عدد من الشاحنات في حين الحقيقية على الأرض مختلفة تماما وهي أن عدد المسافرين الذين يسمح لهم بالسفر لا يتجاوز العشرات وجلهم من أصحاب التنسيقات الأمنية، كما أن البضائع والشاحنات التي تدخلها مصر لم تحقق أي مردود اقتصادي يذكر على اقتصاد القطاع."
وأضاف عبدو في حديث لـ"عربي21" أن "الهدف المصري من وراء هذه القضية هو ابتزاز غزة وحركة حماس لأقصى درجة ممكنة لإجبارها على تقديم تنازلات سياسية وأمنية في ملف المصالحة ومن غير المستبعد أن يجري ذلك بالتنسيق مع الرئيس محمود عباس."
مزيد من التفاصيل