نشرت صحيفة "غراتسيا" الناطقة باللغة الفرنسية حوارا،أجرته مع الطبيب الفرنسي، رافائيل بيتي، الناشط في المنظمات الإنسانية الطبية غيرالحكومية في سوريا، الذي استنكر فيه سلبية الحكومة الفرنسية أمام ما يحدث فيسوريا. ولازال هذا الطبيب الفرنسي يحمل معه أين ما ذهب خريطة بأهم عناوين ومواقعالمستشفيات السورية.
وقال رافائيل بيتي، في حواره الذي ترجمته "عربي21"، إنه غاضب بسبب الصمت الغربي تجاه ممارسات بشار الأسد وحلفائه. وتحدث الطبيبعن وهمية الهدنة التي لم تطبق على أرض الواقع. كما كشف عن المخاوف التي تنتابالحكومة الفرنسية من التدخل في سوريا خشية مواجهة الروس والإخلال بتوازن المنطقة.ولم يُخف بيتي حماسه بشأن تسليط عقوبات دولية على حلفاء بشار الأسد، أي كل منإيران وروسيا، لإجبارهم على التخلي عن دعم النظام السوري.
وذكر بيتي بعضا من المآسي التي عاينها في سوريا على غرار مئات الآلافمن القتلى، واستعمال الأسلحة الكيميائية، وحالات الاغتصاب، وملايين المهجرين،واستهداف المسعفين الطبيين والمستشفيات. وفي هذا السياق، أشار الطبيب الفرنسي إلىأنه "قد تم تجاوز جميع الخطوط الحمراء بالفعل في الحرب السورية. فقد وعد بشارالأسد في سنة 2015 بتدمير ترسانته من الأسلحة الكيميائية، إلا أنه استعملها فيمناسبة أخرى سنة 2017، وما يجب أن نستنكره هنا هو رضوخ الحكومات الغربية".
واعتبرت الصحيفة أن إقرار هدنة لبضع ساعات خلال شهر شباط/فبراير، كانبمنزلة خطوة نحو توافق منظمة الأمم المتحدة من جديد. مع ذلك، يحمل رفائيل بيتيوجهة نظر مخالفة، حيث يعتبر هذه الهدنة بمنزلة الطعم، ولم يتم تفعيلها على أرضالواقع.
وفي إجابته على سؤال الصحيفة حول ما يمنع عدة دول غربية من التدخل،نوه الطبيب الفرنسي إلى أن "أغلبهم ينتابه الخوف من أن يجعل من روسيا عدوة لهفي حال تدخل في الوضع. كما أنهم ينظرون إلى الحرب السورية من منظور جيوستراتيجي،ما يعني أنهم يتجنبون تعميق الصراع، في الوقت الذي يجب فيه أن ينظر إلى الصراعالسوري على أنه أزمة إنسانية وليس أزمة سياسية".
وطالب رافائيل بيتي بفرض عقوبات عاجلة على كل من روسيا وإيران وليسعلى النظام السوري، حيث يعتبر بشار الأسد رجلا ميتا، كما أن نظامه ليس له سلطة ولامال. وأضاف قائلا: "يعتبر نظام بشار الأسد مجرد دمية بين يدي قُوتيْن، وفيحال تخلّتا عنه، فسينهار من دون شك. ولذلك، أطالب باتخاذ عقوبات اقتصادية ضد كل منثبت تورطه من قريب أو من بعيد في الأزمة الإنسانية الحاصلة في سوريا. وعلى سبيلالمثال، يمكننا فعل ذلك من خلال مقاطعة كأس العالم لكرة القدم الذي سينعقد فيروسيا هذا الصيف".
ونادى الطبيب الفرنسي بأن تكف حكومة بلاده عن الإيمان بأن القوةالدبلوماسية يمكنها تغيير الأوضاع في سوريا. وفي هذا الموضوع، أفاد رافائيل بيتيأن "الصوت الوحيد الذي يمكن أن يغير شيئا، يتمثل في الصوت الأوروبي المشترك.فنحن، أي الأوروبيون، أفضل من الولايات المتحدة اقتصاديا. ولو كنا نحظى بقوةعسكرية مشتركة، فسنكون أقوى منهم أيضا. ولكن، متى اجتمع وزراء خارجية الاتحادالأوروبي مع بعضهم البعض؟".
وأورد الطبيب أن "وزير خارجية فرنسا، جان إيف لودريان، قد كانسخيفا عندما أدى زيارة إلى موسكو من أجل التفاوض معها خلال منتصف شباط/فبرايرالماضي، حيث أراد أن يوهمنا بأنه من الممكن فتح باب الحوار مع فلاديمير بوتين، إلاأن الرئيس الروسي لا يهتم بلودريان، وروسيا لا تهتم بفرنسا". علاوة على ذلك،لا يعتبر الطبيب الفرنسي الزعماء الأوروبيين سذجا، بل "منافقين"، كما يحملهممسؤولية عرقلة بناء أوروبا موحدة".
وطرحت الصحيفة على ضيفها سؤالا تمثل في: "هل كنا أكثر حساسيةتجاه القضايا الإنسانية في القرن العشرين مقارنة بالقرن الحالي؟" وقد أجابرافائيل بيتي أن "القرن العشرين شهد تقدما حقيقيا مع ظهور ما يسمى بحقالتدخل. ولكن، اكتشفنا أن هذه التدخلات ليست سوى مصالح شخصية، حيث إننا نعيش فيمطلع القرن الحادي والعشرين في عهد زعماء من قبيل دونالد ترامب وفلاديمير بوتين.لذلك، من المهم جدا أن تصدح أصوات أخرى منادية بضرورة تقاسم أراضينا وثرواتنا.وأنا، من جهتي، أشيد بالشباب الذي لا يعتبر المال أحد أهم أساسيات النجاح، الذييدرك مدى أهمية التطوع والالتزام والتعاون".
وأكد رافائيل بيتي، الذي تحدث عن المشاعر التي غمرته خلال عمله فيسوريا، أنه "عندما ترى الأطفال والأمهات يبكون، تسأل نفسك: "يا إلهي،إلى متى سننتظر؟" كما دعا الطبيب الفرنسي العالم الغربي إلى التظاهر عوضا عننقر زر "إعجاب" على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، فضلا عن الوقوف فيوجه البلديات في الدول الغربية التي تضع مقاعد عمومية وتمنع المشردين من الجلوسعليها.
مزيد من التفاصيل