ثمان واربعين ساعة عاصفة عاشتها الصحافة المصرية، ففيالوقت الذي أمرت فيه النيابة بحبس رئيس تحرير موقع مصر العربية عادل صبري 15 يومابعد إغلاق موقعه، تم إقالة رئيس تحرير جريدة المصري اليوم محمد السيد صالح،والتهمة لكليهما هي نشر أخبار أساءت للانتخابات الأخيرة.
وفي الإطار ذاته منعت "المصري اليوم" نشرالمقال اليومي للكاتب الصحفي المعارض "عبد الناصر سلامة" دون توضيح الأسباب،كما منعت الجمعة نشر المقال الأسبوعي للفقيه القانوني محمد نور فرحات والذي كان ينتقدفيه دعوات تعديل الدستور، كما تم منع مقال الكاتب عمار علي حسن والذي تحدث فيه عنالانتخابات الماضية.
وطبقا لما نقله خالد البلشي مقرر لجنة الحريات السابق بنقابةالصحفيين عن عدد من المحامين، فقد تم مساء الخميس اعتقال المصور الصحفي بجريدة الشروقأحمد عبد الجواد، كما ظهر زميله "وجدي خالد" في قسم شرطة القرية الذكية بالجيزةبعد اختفائه منذ أيام، بينما ما زال زميله المصور "عادل عيسى" مختفيامنذ مساء الخميس مع تأكيدات باعتقاله، أما فجر الجمعة فقد تم اعتقال "محمدأوكسجين" صاحب مدونة أوكسجين الشهيرة، كما تم اعتقال المصور الصحفي بموقع مصرالعربية بلال وجدي ووالده من منزلهما عقب صلاة الجمعة.
اقرأ أيضا: الأمن المصري يداهم مقر موقع إخباري ويعتقل رئيس تحريره
وطبقا لعضو بمجلس النقابة محسوب على الجناح المعارض، فإننقيب الصحفيين عبد المحسن سلامة رفض عقد اجتماع طارئ لمجلس النقابة لمناقشةالتطورات التي شهدتها الأسرة الصحفية خلال الساعات الماضية.
عضو المجلس أكد لـ"عربي21" أن النقابة تحولت لسكرتاريةتابعة لمكتب السيسي، وأصبح ضابط الأمن الوطني الذي يتابع أعمال النقابة هو المديرالحقيقي لشؤون المهنة، وبات النقيب وسكرتير النقابة لا يتحركان إلا بعد الحصول علىتعليماته.
هذه الحالة التي تعيشها النقابة أثارت تساؤلات عن تراجعدورها في الدفاع عن الحريات، وكيف استطاع رئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي السيطرةعليها وإدخالها في بيت طاعته.
اقرأ أيضا: تغريم صحيفة وموقع إلكتروني على خلفية تغطية "رئاسيات مصر"
من جانبه أكد الكاتب الصحفي سليم عزوز لـ"عربي21"أن الحكم العسكري أدخل كل مؤسسات الدولة ببيت الطاعة، وكان طبيعيا أن تكون النقابةهدفاً له، كما كانت هدفاً لانقلاب جمال عبد الناصر بعد موقف الجماعة الصحفية المنحازلعودة الجيش إلى ثكناته في أزمة آذار/ مارس 1954، ولذلك وبعد أن انتصر عبد الناصرفي معركته قام بحل مجلس النقابة، وعين الصاغ صلاح سالم نقيباً للصحفيين، ونقل كبارالكتاب للعمل في شركة "باتا" للأحذية.
ويضيف عزوز أنه بعد ثورة كانون الثاني/ يناير 2011 كانمجلس نقابة الصحفيين جزءاً من الثورة المضادة ضد الرئيس محمد مرسي، وكان ضياءرشوان نقيب الصحفيين وقتها عراب لحركة تمرد وقام بتقديمها للعسكر، ضمن خطةالانقلاب عن طريق غطاء مدني، رغم أن مرسي حقق حلم الصحفيين وألغى الحبس الاحتياطيفي قضايا النشر.
ويشير عزوز أن حرية الصحافة خلال حكم مرسي لم يكن لهاسقف، ومع ذلك كان مجلس النقابة من الداعين للانقلاب العسكري، وتحولت النقابة لحزبسياسي، ولذلك كان إسقاط رشوان في أول انتخابات بعد الانقلاب رسالة لا تخطئ دلالتهامن عموم الصحفيين، ومن هنا بدأت خطوات تأديب النقابة، التي تم اقتحامها للمرةالأولى في تاريخها لا لشيء إلا لإهانة النقيب المعارض يحيي قلاش.
ويؤكد عزوز أن دعم الدولة ووقوفها خلف عبد المحسن سلامة منافسقلاش في الانتخابات الأخيرة، كان استكمال لخطتها في السيطرة على النقابة ونزعالدسم منها، وبالفعل تحولت النقابة ذيلا للمجلس الأعلى للإعلام الذي ليس له أيسلطة على النقابة طبقا للقانون والدستور، وبالتالي انتهى الدور التاريخي لنقابةالصحفيين، ولم يعد يزعج مجلسها مصادرة الصحف، أو سجن الصحفيين.
ويضيف المتخصص في علم الاجتماع السياسي الدكتور سيفالدين المرصفاوي لـ"عربي21" أن النظام العسكري لم يكن يسمح لنقابةالصحفيين أن تستكمل دورها في الدفاع عن الحريات، وكان هدف الانقلاب منذ أيامهالأولى هو تحطيم رمزية سلالم النقابة التي كان لها دور بارز خلال السنوات العشرالتي سبقت ثورة يناير 2011.
ويشير المرصفاوي أن نقابتي الصحفيين والمحامين من أبرزالنقابات التي تدافع عن الحريات وكان نظام مبارك يسمح لهما بمساحات في هذا الإطار،ولكن هذه المساحات لم يقبلها السيسي، ولأنه يري أن السيطرة على المؤسسات الإعلاميةمن قنوات وصحف قومية ومستقلة ومعارضة، ليس كافيا، فكان لابد له من تدمير حصنالحريات، حتى لا يكون هناك أي طريق للدفاع عن حرية الرأي والتعبير طالما خالفتتوجهات نظامه العسكري.
مزيد من التفاصيل