تقف السياسية الرسمية الأردنية حائرة وهي تحاول إمساك العصا من المنتصف في موقفها من الأزمة الخليجية، حيرة زادتها أصوات أردنية تعالت مستهجنة عودة السفير الإسرائيلي الى العاصمة عمان يوم الاثنين الماضي، في وقت تغلق فيه الأبواب الرسمية أمام السفير القطري، ما دفع شخصيات نيابية وإعلامية، لدعوة الحكومة لاعادة النظر بتخفيض التمثيل الدبلوماسي مع قطر.
وطالب رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأردني، رائد الخزاعلة، الحكومة الأردنية يـ"توحيد الصف العربي"، قائلا لـ"عربي21"، "نحن مستاؤون كثيرا من الحاصل حاليا في دول الخليج، لكن بالنهاية سلامتهم تعتبر من سلامتنا، ونتمنى أن تمر هذه الازمة على خير، وأن تعود المياه الى مجاريها، ويعود الوطن العربي متماسكا أكثر من الفترة التي مضت".
واتخذت الحكومة الأردنية، في تموز/ يونيو 2017 قرار بتخفيض التمثيل الدبلوماسي مع قطر، بعد يومين على إعلان السعودية والإمارات قطع العلاقات مع دولة قطر،كما ألغت الأردن تصريح قناة الجزيرة، ما أثار استياء في الشارع الأردني، وطرح سؤالا حول حجم الضغوط التي مورست على الأردن لتقدم على هذا القرار.
اقرأ أيضا: هل خضعت الأردن للضغوط الخليجية تجاه قطر؟
ويرى النائب الخزاعلة، أن الموقف الرسمي الأردني، له حسابات مختلفة عن الموقف الشعبي، "فهناك مجموعة ما يسمى بدول المقاطعة تربط المملكة فيها علاقات كبيرة، ويتفهم الجانب القطري ذلك أكثر من الاردنيين انفسهم، ولمست ذلك من خلال لقائي مع الملحق القائم بالأعمال القطرية في الأردن، وهو يعي الجوانب السياسية للقرار الأردني".
ونشطت الساحة النيابية الأردنية مؤخرا، بمطالبة الحكومة والملك عبد الله الثاني باعادة النظر بقرارها بخصوص السفير القطري، اذ رئيس كتلة الإصلاح النيابية عبد الله العكايلة، في حديث سابق لـ"عربي21" العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني إلى إعادة النظر في قرار تخفيض التمثيل الدبلوماسي مع قطر.
واستذكر وقوف قطر إلى جانب الأردن، قائلا إن "قطر هي الدولة الوحيدة التي هبت لنجدتنا، في حين كل الدول الأخرى اعتذرت عن تقديم فلس واحد لنا، وكانت في أيام الشيخ خليفة رحمه الله مقولة مشهورة للمرحوم، عندما قال للملك حسين رحمه الله: نقتسم معك رغيف الخبز، وقام بتقديم مساعدة مالية للأردن، لقطر تاريخ مشرف معنا لا بد أن نقدره، ولا بد أن نعيد النظر في مسألة تخفيض التمثيل الدبلوماسي، فنحن الخاسرون في مثل هذه الحالة".
العكايلة: لمسنا تحركا من أشقائنا لعزل الدور الأردني في القدس
وينضم النائب خليل عطية للأصوات التي تستهجن عودة السفير الإسرائيلي الى العاصمة الأردنية عمان، وعدم السماح للسفير القطري، رغم "الممارسات الإسرائيلية المتكررة ضد أهلنا في فلسطين وانتهاك إسرائيل معاهدة وادي عربة وخصوصاً فيما يخص القدس، وتلطخ ايدي الصهاينة بدماء مواطنين اردنيين".
وتساءل في حديث لـ"عربي21"، "اليس من باب أولى أن يعود السفير القطري الشقيق الى الأردن عوضا عن العدو الصهيوني؟".
وتأتي عودة السفير الإسرائيلي الى عمان عقب "حادثة السفارة" التي هزت الرأي العام الأردني، وقتل فيها حارس أمن اسرائيلي مواطنين أردنيين في تموز الماضي، داخل سكن وظيفي تابع للسفارة، لتقدم اسرائيل على اثرها اعتذارا للحكومة الأردنية عن الحادثة وعن حادثة استشهاد القاضي الأردني رائد زعيتر الذي قتل على المعبر بين البلدين في آذار (مارس) 2014، كما قدمت الحكومة الإسرائيلية تعويضا ماليا قدره 5 ملايين دولار لأسر الشهداء الثلاثة.
الأردن يميل لحل الأزمة الخليجية
الكاتب الصحفي، إسلام العياصرة، يرى أن "عودة السفير الإسرائيلي، تأتي ضمن مصالحة سياسية، وان كانت شكلية بوضعها العام، ولم تقدم الحكومة الاردنية اية براهين عليها، أما بالنسبة للسفير القطري هناك ارادة سياسية من الممكن القول بأنها محكومة قليلا بفعل دول الجوار والاتكال على المساعدات الخارجية".
ويقول، لـ"عربي21"، من المعروف دوما بان موقف الأردن حتى السياسي دوما هو لعب دور الوساطة أو دور المحايد من المواقف المتأزمة، لكن اليوم الموقف من الازمة الخليجية كان للأردن دور مشوب قليلا بالحركة السعودية، والضغط الاماراتي، الى جانب ان الأردن تعتمد لسنوات طوال على حجم المساعدات المالية التي تقدمها الدول الخليجية، وع ذلك ما زال الأردن يحافظ على بوتقة العلاقة مع قطر أي أن هناك رسائل تهاني باليوم الوطني، ويقوم القائم باعمال السفير القطري بكافة مهمات السفارة، كما لو كان السفير موجودا".
وأضاف أن " السياسة العامة في الأردن تكون أقرب للحل مع قطر، خاصة أن هناك 45 ألف موظف أردني يعملون في قطر، العلاقات لم تقطع مع قطر بل جمدت وتم تخفيضها بالمصطلح السياسي من مستوى السفير وهو التمثيل القائم بالأعمال، كما أن البعثات القطرية وزوار المملكة الاردنية من قطر والراغبين بتلقي العلاج على دوام التواصل وكل يوم هناك رحلات جوية بين البلدين".
وتربط الأردن وقطر مصالح تجارية، إلى جانب العمالة الأردنية، إذ يقرب حجم التبادل التجاري بين قطر والأردن من الـ400 مليون دولار سنويا، بحسب أرقام غرفة صناعة الأردن. ويميل الميزان التجاري إلى صالح قطر التي تستورد منها المملكة مدخلات إنتاج معدنية وكيميائية في أصولها النفطية.
مسؤول أردني: قطر تفتح أبوابها للسلع الأردنية بلا استثناء
بينما، يقرأ الكاتب الصحفي، محمود أبو هلال الموقف الأردني من قطر ببعد إقليمي يرى في حديث، لـ"عربي21" أن "الموقف الاردني من الأزمة الخليجية، يأتي بسبب دخول الأردن في تحالف إقليمي، مع السعودية والإمارات، ومصر في مواجهة تركيا وقطر، على خلفية، من يتزعم العالم السني الى جانب انحياز قطر للثورات العربية".
يقول "حاولت السعودية حاولت إحباط ثورات الربيع العربي، في وقت تحالفت قطر وتركيا مع جماعة الإخوان المسلمين، هنا تبنى الأردن الموقف السعودي، وحاولت المملكة عدم اخذ موقف عدائي كامل ضد قطر، واكتفت فقط بتخفيض التمثيل الدبلوماسي".
رسميا، تعتمد الحكومة الاردنية "سياسة الصمت" تجاه موقفها من عودة السفير القطري، ويصوم مسؤولون أردنيون عن التصريح في هذا الموضوع، بسبب "حساسيته"، الا أن مصادر حكومية قالت لمواقع محلية أردنية في شباط الماضي إن "لا مساعي أو توجهات حكومية لاعادة السفير القطري، كما أنه لم يبحث هذا الموضوع في الأوساط الرسمية الأردنية'.
مزيد من التفاصيل