تعد الساحة اللبنانية مركز لصراع القوى الإقليمية،وعلى رأسها النزاع بين السعودية وإيران لأجل توسيع نفوذهما والهيمنة الأكبر علىالمنطقة، وهو ما ظهر بشكل جلي من خلال الأزمة التي أحدثها رئيس الحكومة اللبنانيةسعد الحريري بإعلان استقالته من العاصمة الرياض، في فترة شهدت تصعيدا كلاميا منالمملكة ضد إيران وحزب الله.
وشهدت الانتخابات النيابية اللبنانية اقتراعا بنسبةبلغت 49.20 بالمئة، وتمثلت النسبة الأعلى في دائرة الشمال الثانية، والأقل فيدائرة بيروت الأولى، وحقق التكتل الوطني الحر 29 مقعدا، وحزب الله وحركة أمل 29مقعدا، وتيار المستقبل 21 مقعدا، والقوات اللبنانية 17 مقعدا، والحزب التقدميالاشتراكي 8 مقاعد.
وعلى ضوء تقدم حزب الله اللبناني وحلفاءه فيالانتخابات البرلمانية التي شهدتها البلاد، للمرة الأولى منذ تسعة أعوام، بمقابلتراجع لتيار المستقبل الذي يتزعمه رئيس الحكومة سعد الحريري؛ يتبادر للأذهان تساؤلبارز، حول مدى انعكاس نتائج الانتخابات على الصراع الإقليمي القائم بين السعوديةوإيران.
بدوره، يستبعد المحلل السياسي اللبناني شارل جبور،أن تؤثر نتائج الانتخابات اللبنانية على الصراعات السعودية الإيرانية، قائلا:"لا أعتقد أن هناك أي انعكاس لا من قريب ولا من بعيد"، مرجعا ذلك:"لأن ميزان القوى السياسي في لبنان لا زال على ما هو عليه".
اقرأ أيضا: تعرف على الفائزات الست الوحيدات بالانتخابات اللبنانية (صور)
ويضيف جبور في حديث خاص لـ"عربي21"، أنه"لم تجري الانتخابات على من هو مع الرياض ومن هو مع طهران"، معتبرا أن"حزب الله لم يحقق أي تقدم فعلي، فقط هو حصل على مقاعد إضافية، لن تغير شيئافي المعادلة السياسية اللبنانية ولن يستطيع أن يفعل أي شيء لوحده"، بحسبتعبيره.
ويؤكد جبور أنه "لن تتغير الخارطة السياسية بعدنتائج الانتخابات النيابية، وستستمر جهود البحث عن تشكيل حكومة وحدة وطنية"،مقللا من "إمكانية ذهاب الأطراف والأحزاب اللبنانية إلى القطيعة السياسية، بلسيكون هناك حيوية سياسية داخلية".
في المقابل، يرى الباحث في مركز عمران للدراساتالاستراتيجية معن طلاع، أن "نتائج الانتخابات اللبنانية تؤكد أن الدولةاللبنانية لا تزال مخطوفة من قبل الأذرع الإيرانية في المنطقة وعلى رأسها حزبالله"، مبينا أن "المعادلات الحاكمة في لبنان باتت تقتصر اليوم بينالسعودية وإيران".
ويتوقع طلاع في حديث خاص لـ"عربي21"، أن"تسحب السعودية بعد هذه النتائج، جزء من الدعم المالي الخاص بالدولةاللبنانية وتحصرها في أشخاص"، مستدركا قوله: "لكن على المدىالاستراتيجي، لن تتغير سياسة الرياض الخارجية وانخراطها في قضايا عدة فيالمنطقة".
اقرأ أيضا: نصر الله: المقاومة انتصرت.. والجميع يحتاج الجميع (شاهد)
ويعتقد طلاع أن "نتائج الانتخابات النيابية فيلبنان سينعكس لصالح إيران على حساب النفوذ السعودي"، مضيفا أن "حزب اللهسيعمل على إخضاع مؤسسة البرلمان ككل في القضايا الخارجية، بما يتوافق مع مشروعهالسياسي".
ويرجع طلاع "تراجع تيار المستقبل في هذهالانتخابات، إلى صفقته الأخيرة ومرونته السياسية التي أبداها رئيسه سعد الحريريلتجاوز الاستعصاء الذي كان يسيطر على الحياة الدستورية في لبنان"، موضحا أن"هذه الخطوات جعلت حلف 14 آذار ينحاز إلى وجهة منفردة غير متناسقة معالتحالف، وهذا ما انعكس على نتائج الانتخابات"، وفق تقديره.
ويضيف أن "الخارطة السياسية مع سيطرة حزب اللهعلى الكتلة البرلمانية الأكبر، مرشحة للتغيير، خاصة في التعاطي مع الملفاتالداخلية أو الخارجية".
يشار إلى أن كاتب إسرائيلي في صحيفة"هآرتس"، توقع قبيل إجراء الانتخابات، أن "ميزان الردع بين إسرائيلوحزب الله، لن يتأثر بغض النظر عن نتيجة الانتخابات".
اقرأ أيضا: هكذا علق الحريري على نتائج الانتخابات البرلمانية اللبنانية (شاهد)
ورأى تسفي برئيل في مقال ترجمته "عربي21"أن "السعودية وإيران تعتبران لبنان ساحة نضال حيوية، لذلك فإن هناك تداعياتلمكانة لبنان في الساحة الدولية عقب الانتخابات"، منوها إلى أن"السعودية تقترح تحرير خط الاعتماد الذي يبلغ مليار دولار، كإشارة إلى الرخاءالمتوقع للبنان إذا صوت مواطنوه للحريري والقوائم المؤدية له".
واستدرك قائلا: "لكن بالنسبة لإيران التي تساعدبشكل كبير حزب الله ومؤيديه، فإن ولي العهد السعودي أثبت أنه عندما لا يكون قادراعلى القيام بعمليات سياسية، فإنه ينطوي على نفسه"، بحسب تعبير الكاتبالإسرائيلي.
وأكد أن "إيران لا تستطيع السماح لنفسها بأنترفع يدها عن لبنان، لأنها نجحت في بناء ميزان ردع أمام إسرائيل بواسطة حزبالله"، معتقدا أن "البنية السياسية في لبنان وقوة الشيعة إلى جانبالنسيج الهش في العلاقة بين الطوائف، تمنح إيران رافعة تأثير فريدة من نوعها فيدولة عربية".
اقرأ أيضا: كيف ستؤثر نتائج الانتخابات اللبنانية على إسرائيل؟
مزيد من التفاصيل