تطبخ تشكيلة الحكومة اللبنانية الجديدة على نار هادئة وسط ثقة الأطراف الأساسية المعنية بتأليفها بسرعة إنجازها وتجاوز العراقيل والتي ذلّل قسم كبير منها فور الإعلان عن نتائج الانتخابات النيابية.
وتشير بوصلة التكهنات الى مسافة أسبوعين على أبعد تقدير للإفصاح عن أسماء الحكومة الجديدة، والمتوقع أن تضمّ المكونات السياسية الأساسية وفق أحجامها الجديدة التي أفرزتها نتائج الانتخابات التشريعية.
ولم يعد خافيا على أنّ حزب الله يضع عينه على وزارات وازنة بعد أن كان يزهد في مسألة الحقائب، والتغير الجديد ليس مرده فرض الهيمنة على الداخل اللبناني لأنه فاعل في ذلك منذ سنوات بحكم تفوقه "بالسلاح" كما يقول خصومه.
التفاهمات قائمة
وعلى النسق السياسي السابق، يرى الكاتب والمحلل السياسي جورج علم أن "الأمور باتت جاهزة للإعلان عن الحكومة الجديدة"، موضحا أن "التفاهمات التي أفضت الى انتخاب العماد عون ما زالت قائمة، كما أن الكتل السياسية حافظت على حضورها وإن اختلفت نسب بعضها، غير أن ثقلها حافظ على هذه التركيبة".
واستبعد علم في تصريحات لـ"عربي21" وجود عقد كبيرة في مرحلة التأليف، قائلا: "التشاور يدور حول حقائب وأحجام وهذا أمر طبيعي، لكن أعتقد أن الأمور لا تحمل معوقات تحول دون تأليف الحكومة بالسرعة المطلوبة خصوصا أن الأطراف كلها تدعو الى ضرورة الإعلان عن الحكومة كي تواجه التحديات الثقال التي تحدق بلبنان".
ورأى علم أن "ثمة تفاهما كبيرا بين رئيسي الجمهورية ميشال عون والحكومة سعد الحريري وكذلك مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، ما يوضح بأن المسار السياسي الرسمي مستقر ولا محل لأي تخوفات من اضطرابات على مستوى القمة السياسية في لبنان".
اقرأ أيضا : حزب الله يبدي استعداده للمشاركة في حكومة الحريري
وتواجه الحكومة الجديدة تحديات اقتصادية كبيرة في ظل تفاقم الأزمة المعيشية في لبنان، والضغوطات المترتبة على ملف اللاجئين السوريين في البلاد، وسط مطالبات بإعادتهم الى ديارهم بعد أن استكانت المعارك في سوريا.
وانطلق علم من هذه التحديات ليؤكد بأن "لا مصلحة لأحد أن يأخذ تشكيل الحكومة وقتا كبيرا"، متوقعا أن "يعلن الرئيس الحريري عن حكومته الجديدة في مسافة لا تزيد عن أسبوع أو عشرة أيام كحد أقصى".
وأشار الى أن مرحلة التأليف ستكون حاسمة يومي الإثنين والثلاثاء القادمين على أن توضع التركيبة بصورتها النهائية في لقاء بين عون والحريري، ليتم بعدها إصدار المراسيم مباشرة".
وشدد علم على أن "الإسراع في التشكيل مطلب للرؤساء الثلاث لمنع أي تدخلات خارجية، وعليه فإن أي طرف معترض ومصرّ على نسبته وحصصه سيتم تجاوزه بموافقة الرؤساء الثلاث والطلب منه العمل في إطار المعارضة".
حكومة الوحدة
وعلى الموجة نفسها، أكد القيادي في حركة أمل حسن قبلان أن "التوجه في تسريع التشكيلة أمر متفق عليه، حتى أن حزب الله أوصى بضرورة الإسراع في تأليف الحكومة منعا لأي ارتدادات خارجية على المشهد اللبناني".
ولفت في تصريحات لـ"عربي21" الى أن "ظروف لبنان الحالية تحتم وجود حكومة وحدة وطنية، وإن كان التأليف تعترضه بعض التعقيدات لجهة نسب المستوزرين من الكتل البرلمانية"، لافتا الى أن "الظرف الحالي مختلف عن الحكومات السابقة في عهدي الرئيسين نجيب ميقاتي وتمام سلام حيث استغرق تأليف الحكومة أشهرا في ظل التباينات الموجودة لدى الأطراف السياسية".
اقرا أيضا : حزب الله: السعودية تتدخل بتشكيل الحكومة بهدف إقصائنا
وحول إمكانية تحقيق الحكومة إنجازات على المستويين الاقتصادي والمعيشي، قال قبلان: "علينا أن نخرج من نمطية النكد السياسي، فلا يستطيع أي طرف أن يقصي الآخر ومما لاشك فيه أن الحكومة تواجه تحديا كبيرا في ملف أزمة النفايات والكهرباء، كما أن أزمة النزوح السوري خطيرة للغاية من الناحية الوجودية في لبنان.
فمع نشوب الأزمة السورية كان الحضور السوري يقارب مليونا ونصف المليون لاجىء يعيشون في انعزال عن الواقع اللبناني، أما الآن فالحضور السوري وازن في كل المفاصل الاقتصادية والتجارية في لبنان، لا بل باتوا العصب الرئيس في الانتاج اللبناني"، متابعا: "على الحكومة مقاربة هذا الملف والعمل على الإعادة الكريمة للاجئين السوريين حفاظا على المصالح اللبنانية".
وحذر قبلان من أن "الوضع الاقتصادي في لبنان بلغ الخط الأحمر"، مطالبا بخطة "اقتصادية شاملة تعيد التوازن الى المؤسسات التجارية والمالية، وتلحظ أيضا ضرورة تعزيز قطاعي الزراعة والصناعة وانتاج فرص عمل للقرى للحد من نزوحهم الى بيروت بحثا عن العمل".
مزيد من التفاصيل