سنوات مع عبد الناصر
الــوجــه الآخــر لـلـمــيـدالــيــة
الحـقـائـق والأسـرار من أجــل التاريخ وليس من أجل عبدالناصر
اليكم وإلينا وإلى كل غيور على وطنه ،حتي لا تتكر هذه المهزلة مرة أخرى .....
حـقـائـق وتفاصيل وأسـرار الحرب والخرائط على الجبهات
من يوم 5 يونيو ـ 10 يونيه 1967
الحرب على الجبهة الجنوبية الجبهة المصرية
"قرار الانــســـحــــــاب يوم 6 يـونية 1967 ألتطورات وألفوضي وألخسائر
https://yahia-al-shaer.square7.ch//Y...-RETREAT-1.htm
".........
البحث العاشر
الحرب على الجبهة المصرية "قرار الانسحاب"
أولاً: قرار الانسحاب (يوم 6 يونيه 1967)
خيمت أحداث 5، 6 يونيه 1967، بظلالها على فكـر القيادات العسكرية، وشكلت صدمة عنيفة لم تمكن هذه القيادات من رؤية بصيص ضوء في ظلام دامس صنعته تلك الأحداث وقد لخص الفريق أول محمد فوزي في كتابه حرب الثلاث سنوات لحظات اتخاذ قرار الانسحاب أسبابه، وتطوراته وردود فعله، ونظرا لموقعه كرئيس أركان حرب القوات المسلحة في تلك المرحلة فإننا ننقل أجزاء منها كشهادة للتاريخ ونذكر منها الأتي:
ظهرت أول نية للمشير بانسحاب القوات من سيناء عندما صدرت إشارة لاسلكية من القيادة العليا إلى قائد منطقة شرم الشيخ في الساعة 5.50 صباح يوم 6/6/1967 يطلب فيها وضع خطة كاملة لانسحاب قواته من شرم الشيخ إلى غرب القناة. وقد طلبني المشير بعد ظهر يوم 6/6/1967، قائلا لي:
"عاوزك تحط لي خطة سريعة لانسحاب القوات من سيناء إلى غرب قناة السويس، ثم أضاف أمامك 20 دقيقة فقط".
فوجئت بهذا الطلب، إذ أنه أول أمر يصدر إلي شخصيا من المشير، الذي كانت حالته النفسية والعصبية منهارة، بالإضافة إلى أن الموقف لم يكن يسمح بالمناقشة أو الجدل، أو معرفة دوافع التفكير في مثل هذا الأمر. فقد كانت القوات البرية في سيناء عدا قوات الفرقة 7 مشاة متماسكة حتى هذا الوقت، ولم يكن هناك ما يستدعي إطلاقا التفكير في انسحابها.
أسرعت إلى غرفة العمليات حيث استدعيت الفريق "أنور القاضي" رئيس الهيئة، واللواء "تهامي" مساعد رئيس الهيئة وجلسنا فترة قصيرة نفكر في أسلوب وطريقة انسحاب القوات، بعد أن أعطيت طلب المشير إلى كليهما. وانتهى تقدير الموقف إلى وضع خطوط عامة جدا، وإطار واسع لتحقيق الفكرة، ودوّنها اللواء "تهامي" في ورقة، وكان هذا الإطار يحدد خطوط انسحاب القوات وتوقيت التمركز على هذه الخطوط.
توجهنا نحن الثلاثة إلى المشير، وكان منتظرا واقفا خلف مكتبه. واضعا إحدى ساقيه على كرسي المكتب، ومرتكزا بذقنه على ساقه الموضوعة فوق الكرسي.
بادرت المشير بقولي: "على قدر الإمكان، وقدر الوقت، وضعنا خطوطا عامة لتحقيق فكرة سيادتك، ونرجو الإذن بأن يقرأها اللواء "تهامي"، وبدأ اللواء "تهامـي" في القراءة بقوله: ترتد القوات إلى خط كذا يوم كذا ثم إلى خط كذا يوم كذا وأن يتم ارتداد القوات بالتبادل على هذه الخطوط لحين وصولها إلى الخط الأخير غرب قناة السويس بعد أربعة أيام من يوم البدء في الانسحاب - أي أن يتم الانسحاب في أربعة أيام وثلاث ليالي".
عندما سمع المشير الجملة الأخيرة الخاصة بتحديد مدة الانسحاب، رفع صوته قليلا موجها الحديث لي: "أربعة أيام وثلاث ليال يا فوزي، (أنا أعطيت أمر الانسحاب خلاص). ثم دخل إلى غرفة نومه التي تقع خلف المكتب مباشرة بطريقة هستيرية، بعد أن كان وجهه قد ازداد احمـرارا أثناء توجيه الحديث، بينما انصرفنا نحن الثلاثة مندهشين من حالة المشير. بعد ذلك وصـلت الأخبار من سيناء عن طريق الإسماعيلية "قيادة القناة" أن المشير قد أصدر أمره إلى قائد قوات العريش بانسحاب قواته بأسلحتها الشخصية فقط إلى غرب القناة في ليلة واحدة. والغريب أنه لا يمكن وصول هذه المعلومات عن قرار الانسحاب بعد ظهر يوم 6/6/1967، أي حوالي الساعة الخامسة مساء، إلا إذا كان الأمر قد صدر فعلا قبل الظهر من المشير، إلى قائد ما، لم نكن نستطيع حتى تلك اللحظة الاستدلال عليه.
وقد قام هذا القائد بتنفيذ الأمر بالنسبة لشخصه، وفرقته فقط، دون أن يخطر قيادته العليا والقوات التي تجاوره، وهذا عمل من الأعمال التي تحرم عسكريا في جميع القوانين العسكرية إذا أنه يمس أمن وسلامة بقية القوات مسا مباشرا.
الغريب أن الفريق أول "مرتجي" قائد الجبهة قد عرف بأمر الانسحاب، من القوات المنسحبة نفسها، وقرر أن مدير الشـرطة العسكرية توجه إلى قيادته، وأخبره بالأمر مدللا على ذلك بأنه الوحيد الموجود في الموقع بعد انسحاب القوات فعلا، أي لم يتم إخطاره لا من القيادة العليا ولا من الجيش الميداني، كما قرر أنه سأل الضابط عن مصدر الأمر فرد عليه الضابط بأنه أمر المشير شخصيا. وهنا أعود لنتذكر أن كلمة "أمر المشير" لها فعل السحر والطاعة، ولقد نفذ الفريق أول "مرتجي" بالفعل هذا الأمر وعاد بقيادته إلى الإسماعيلية.
كما قرر لي عند مقابلته في الإسماعيلية يوم 7/6/1967، أن المواصلات الداخلية بين قيادته وبين قيادة الجيش، وبين قيادته وبين التشكيلات والمحاور كانت مقطوعة من ليلة 5/6/1967، غير أن الفريق أول "مرتجي" قرر فيما بعد أنه اتصل بالمشير شخصيا وكلمة يوم 5/6/1967 مرتين بخصوص موقف القوات البرية.
أما قائد الجيش الميداني، الفريق "صلاح محسن" فكان على اتصال بالفريق "أنور القاضي"، والمشير شخصيا طوال النهار يوم 5/6/1967 مرة مباشرة وبقية المرات عـن طـريق اللواء "نصر الديب" في العريش، وقد عرض على الفريق "أنور القاضي" فكرته الابتدائية عن ارتداد القوات إلى النطاق الثاني، ولكنه طلب التصديق من المشـير قبل أي تنفيذ.
ولأهمية الاتصالات في ذلك اليوم 6/6/1967 الذي أصدر فيه المشير أمر الانسحاب إلى غرب قناة السويس، وفي ليلة واحدة فسنوردها كما رواها القادة كالآتي:
1. الساعة 11.30 صباحا تم اتصال بين "المشير" وبين الفريق أول "مرتجي" تكلم فيه الأخير عن اقتراحاته بالنسبة لانتقال القوات إلى خط الدفاع الثاني وموقف الفرقة الرابعة، كاحتياطي عام"
2. الساعة 3.30 بعد الظهر تم اتصال تليفوني بين الفرق "صلاح محسن"، والفريق أول "مرتجي"، أخطره فيه أن المشير يطلب قيام الفرقة الرابعة المدرعة بهجوم مضاد لفك حصار القسيمة,
3. الساعة 4 مساء، صدر أمر المشير الشفوي بالانسحاب إلى غرب القناة لمن؟ لا أحد يعلم,
4. الساعة 30ر4 مساء كلفني المشير بوضع اقتراح أو مشروعا لانسحاب القوات.
ـ يتبع ـ
د.يحي ألشاعر