بدأ حياته بطلاً فى "المصارعة".. أبكى "عبد الناصر" بسورة "الإسراء" فأهداه طبقًا من فضة
«لا ينبغى على القارئ أن يقرأ فى مكان واحد، فرسالة مصر والأزهر نشر القرآن فى مختلف دول العالم الإسلامي».. كانت هذه هى رسالة الشيخ محمود على البنا فى نشر القرآن.
ولد البنا فى السابع عشر من شهر ديسمبر عام 1926م، بقرية «شبرا باص» فى المنوفية، وبدأ فيها رحلته مع القرآن، بعد أن وهبه أبواه للقرآن، فهو الولد الرابع الذى ظل على قيد الحياة بعد ثلاثة أولاد ذكور غيبهم الموت.
أثرت هذه الواقعة فى حياة البنا وجعلته «هبة أبويه لله»، حيث قال فى حوار إذاعى أجراه معه الإعلامى عمر بطيشة، فى أواخر السبعينيات: "كان ليا أخوات كتير بيموتوا قبل مني"، لذلك دعا والدى الله وقال: "إذا ربنا خلالى ابنى محمود هاوهبه للقرآن"، ما جعله يصف حرص والديه على إرساله لـ«كُتاب القرية» بقوله: «اعتبرا تعليمى القرآن نذرًا لله».
تقدم فى سن 11 عامًا، إلى المعهد الدينى بشبين الكوم، الذى أعلن قبوله لكل من يحفظ القرآن للالتحاق به، إلا أن مسئولى المعهد رفضوا طلبه بقولهم: «مش هنقبل أقل من 12 سنة»، ليتجه بعدها إلى معهد المنشاوى فى مدينة طنطا، الذى لا يشترط سنًا للالتحاق، وتعلم هناك أحكام التلاوة وقواعد النحو والصرف، وهناك أيضًا بدأت شهرته فى التلاوة، إذ كان يطلب منه الشيوخ، القراءة خلال استراحات الدروس.
كانت ميوله أدبية وكان دائما «بيسقط» فى الرياضيات والهندسة والعلوم، بحسب ما رواه فى حواره الإذاعي، وتزامن ذلك مع تعيينه قارئًا للقرآن بمسجد «أحمد البدوي» خلال الفترة من 1959 حتى 1980، ثم انتقل لقراءة القرآن فى مسجد «الحسين» حتى وفاته، وسافر «البنا» لمختلف دول العالم وقرأ القرآن داخل المسجد الأقصى، والمسجد الأموي، والحرمين المكى والمدني.
العجيب أن البنا كان مع جمال صوته الذى يجذب عشرات الآلاف يوميًا التحق فى فترة الأربعينيات بفريق «المصارعة» بجمعية الشبان المسلمين.
وعن ذكريات سفره للبلدان العربية فى شهر رمضان، قال إن التليفزيون والإذاعة العراقية كانا يرسلان إليه «سيارة خاصة» لنقله من الفندق المقيم به فى بغداد، ليقرأ القرآن قبل المغرب ثم يؤذن لصلاته، من داخل القصر الجمهورى هناك.
أما الأردن فكان يسجل الحفل قبل صلاة العصر ثم تذاع الثامنة مساءً، فيما كان يؤم المصلين فى صلاة التراويح على الهواء مباشرة بالكويت.
وفى ليبيا وبعد اندلاع الثورة هناك كان يقرأ يوميًا لمدة نصف ساعة، ومن فرط عشق المستمعين لصوته همس له المذيع على الهواء بالاستمرار فى التلاوة رغم مضى المدة المحددة.
حاصره المعجبون فى إحدى رحلاته فى إندونيسيا، وأصروا على الاستماع إليه فلبى طلبهم وظل يقرأ 6 ساعات متواصلة، كما اقترح بعد «نكسة يونيو» أن يسافر على رأس وفد من الأزهر للدول العربية والإسلامية، لجمع تبرعات وإعادة بناء ما دمره العدوان، إلا أن الدولة رفضت طلبه آنذاك.
عرف عن الشيخ محمود انتماؤه للفكر الناصرى، وإعجابه بأداء الرئيس جمال عبد الناصر وانحيازه للفقراء، لذا ظل محافظًا على تلاوة القرآن فى بيت «الزعيم» خلال كل ذكرى لوفاته، وحظى بتكريم «ناصر» نفسه، إذ سلمه عام 1967 هدية تذكارية عبارة عن طبق من الفضة يحمل توقيع الزعيم.
توفى الشيخ محمود على البنا فى 3 من ذى القعدة 1405 هـ، 20 يوليو 1985م، ودفن فى ضريحه الملحق بمسجده بقريته شبرا باص، وقد منحه الرئيس المصرى الأسبق حسنى مبارك وسام العلوم والفنون.
مزيد من التفاصيل