لطالما رددت قيادات وأعضاء جماعة "الإخوان المسلمين"، عبارات الشكوى من التعرض للظلم والاضطهاد في ظل كل الأنظمة الحاكمة التي تعاقبت عليها منذ تأسيسها قبل 90 عامًا، وأنها دفعت فاتورة ذلك غاليًا من حريات، وحياة المنتمين إليها، والمتبنين لأفكارها.
ودأبت الجماعة على رفض الاعراف بأي من أخطائها التي ارتكبتها عبر مسيرتها الطويلة، بدءًا منذ قتل "الخازندار" في حقبة الأربعينيات، محاولة اغتيال الرئيس الأسبق جمال عبدالناصر في عام 1954، وصولًا إلى الفترة التي أمضتها في حكم مصر لمدة عام عقب وصولها إلى السلطة في عام 2012، وما ترتب عليها من الإطاحة الرئيس الأسبق محمد مرسي، والتي أسفرت عن اضطرابات غير مسبوقة في تاريخ البلاد.
فكرة "مظلومية" التي تروجها الجماعة على مدار تاريخها، جعلتها في موضع نقد كبير حتى داخل التيار الإسلامي نفسه خلال الفترة الأخيرة، عبر انتقادات وجهها أكثر من قيادي إسلامي، بسبب سلوكها السياسي، ورفضها التعاطي مع كثير من المقترحات لتفادي الأزمة التي عصفت بالبلاد.
جماعة "الإخوان"، وعلى لسان متحدثها الرسمي، اعتبرت أن "كافة هذه المطالبات لا تمثل أي شيء بالنسبة لها، وأنها تطالب الجميع بتقديم اعتذار لها ولذوي الدم، الذين سقطوا ذووهم في ميداني رابعة العدوية والنهضة، وحبس وملاحقة الآلاف من أعضائها، وبالتالي فإنها غير مطالبة باعتذار من الأساس.
في السياق، قال إسلام الكتاتني، القيادي السابق بجماعة "الإخوان"، والباحث في الحركات الإسلامي إن "جماعة الإخوان وقادتها تعاني من حالة استكبار وليست مظلومية حقيقية، ولا يمكن أن يقبل منهم الشعب المصري ذلك، مع كل الفرص التي حصلوا عليها دون تقديم أي شيء حقيقي، سواء للدعوة أو للشعب المصري، الذي رفضت قادة الجماعة تقديم اعتذار له عن ما بدر منها من أحداث شغب تسببت في سقوط دماء".
وأضاف الكتاتني لـ"المصريون": "الإخوان لا تقبل بتطبيق العدالة الانتقالية، في الوقت الذي تطالب فيه بتطبيقها على الأحزاب المدنية والإسلامية والنظام الحالي، وتتناسى كافة الأخطاء الكبيرة التي ارتكبتها خلال فترة توليها حكم الدولة المصرية، عاثت خلالها في الأرض فسادًا، ولم تحترم أي رغبات من الملايين من أبناء الشعب المصري في إجراء انتخابات رئاسية مبكرة".
وتابع الكتاتني: "جماعة الإخوان مطالبة بتقديم اعتذار وتغيير كافة قياداتها الموجودين على رأس الجماعة في الوقت الحالي، وأن يعتذروا حتى لأبنائهم من الشباب المغرر بهم، الذين يدفعون الثمن الحقيقي لما بدر عنها من أخطاء قاتلة بحق الحركة الإسلامية والحياة السياسية في مصر، بالإضافة إلى الإساءة إلى شخصيات مدنية دافعت عن الجماعة مثل محمد البرادعي، والذي استقال بسبب ما حدث في رابعة في الوقت الذي لا يتوانى فيه الإخوان عن إهانته في كافة قنواتهم".
من جهته، قال عمرو عبدالمنعم، الباحث في الحركات الإسلامية، إن "جماعة الإخوان المسلمين مطالبة بتقديم اعتذار للأمة المصرية وليس للنظام فقط، بالإضافة إلى إجراء محاكمة لقادة الجماعة داخل التيار الإسلامي، قبل أن يتم محاكمتهم قانونيًا أمام القضاء الطبيعي، بسبب كم الإساءات التي ارتكبوها في حق التيار الإسلامي والتخوين الذي روجوه عن بعض القادة البارزين المطالبين بضرورة إجراء مراجعات شاملة على أفكارها".
وأضاف لـ"المصريون": "فكرة المظلومية التي تروجها جماعة الإخوان المسلمين، لا يمكن الإيمان بها أو تمريرها في كل مرة، خاصة مع امتلاكها حوالي 5 قنوات تبث للدفاع عنها بأطقم إعلامية عملاقة، مع وجود أكثر من 25 مركزًا بحثيًا وعشرات المواقع الإخبارية المتحدثة باسمهم".
وتابع: "مع التصديق بأن أعضاء الجماعة أكثر من 3 ملايين شخص، فكيف يكون حبس 30 ألف شخص بالرقم الكبير قياسًا إلى عددها، حسب الادعاءات التي يروجها قادة جماعة الإخوان المسلمين".
وأكمل "عبد المنعم"، أن الإخوان تحالفوا مع كافة الأنظمة السياسية للوصول إلى الحكم، واستفادوا من الرئيس عبد الفتاح السيسي نفسه، والذي قرر الإفراج عن 300 محبوس منتمين لأعضاء الجماعة مع أمر بعدم إعادة الاعتقال، ونفس الأمر مع الرئيس حسني مبارك، والذي أعفى عن اثنين من أبرز قادتهم، ومع ذلك يعلن الإخوان المظلومية في كل وقت وحين ويتهربون من إبداء أي اعتذار عن أخطائهم.
مزيد من التفاصيل